خصائص الحوار عند الشهيد مطهري[1]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
من هذا المجلس المبارك نهدي روح الشهيد ثواب قراءة الفاتحة رجاء أن تكون معنا في
إحياء طريقيه طريق المعرفة وطريق نشر الإسلام الحق.
وبعد، أشكر للأخ العزيز الشيخ محمد
حمادة حسن ظنه بدعوتي للحديث في عنوان "الحوار في فكر الشهيد الشيخ مرتضى
المطهري (قده)" إذ إنه أعانني بمحاولة الإمساك بأداة تساعدني على استكمال الإستفادة
من تراث هذا العارف الرباني والعالم المفيد والبحر المتلاطم كما وصفه بذلك الإمام
الخامنئي حفظه الله والإمام الخميني والإمام الخوئي قدس سرهما.
إطار هذه المداخلة هو أن تكون
مفتاحاً للدخول إلى فكر الشهيد المطهري والإستفادة منه لا تقديسه لأنه لم يرد ذلك
في حياته، فهي تطرح بعض المسائل التي تنفعنا في مباحثنا الإسلامية.
الشهيد مطهري في سطور :
ولد الشهيد الشيخ مرتضى المطهري
قده في 13 جمادى الأولى 1338 هـ.
ابتدأ دراسته في مدرسة قريته
"فريمان" في محافظة خراسان.
هاجر إلى مشهد لطلب العلوم الدينية
ولم يبلغ اثنتا عشر عاماً ثم إلى قم بعد خمس سنوات.
درس عند آية الله العظمى البروجردي
والإمام الخميني والعلامة الطباطبائي (قده).
هاجر إلى طهران سنة 1373 هـ حيث
بدأ تدريسه الجامعي والفلسفي، انضم إلى حركة فدائيان إسلام وعمل مع الإمام الخميني
(قده) حتى استشهاده في 4 ج 2 1399 على يد جماعة الفرقان، واعتقل في أيام الشاه بعد
خطاب ضد الشاه.
بكاه الإمام الخميني ولم يبك إلا
للحسين عليه السلام وللشهيد محلاتي فيما بعد.
سنة 1344 هـ.ش اعتبر كتابه قصص
الأبرار أفضل كتاب لتلك السنة من قبل اليونسكو واعتبر يوم استشهاده فيما بعد
"يوم المعلم" في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
آثاره المطبوعة :
في برنامج "مطهر" الكمبيوتري
يوجد ثبت لآثاره بالفارسية وهي خمسة وخمسون عنواناً، لكن بالتتبع في أكثر من موقع وجدتها أكثر ولعل ذلك لعدم احتساب بعضها كتبا بالمعنى الاصطلاحي ككتاب "أستاد وروشنفكران" و البطاقات
التحضيرية التي كان يعدها لنفسه كمذكرات للبحث وتمت طباعتها كما هي في أربعة مجلدات تحت عنوان "يادداشت هاي أستاد مطهري" .
واطلعت على خمسين عنواناً معرباً , بعضها مكرر تحت عناوين جديدة بسبب اختيار بعض المحاضرات أو المقالات دون بعض من كتابيه "عشر مقالات" و "عشرون مقالة" فتداخلت , كما يلاحظ في "محاضرات في الدين والمجتمع" (عددها 39)، الصادر عن الدار الإسلامية بينما تعريب مقدمة المؤلف يتحدث عن "بضع محاضرات" أو "مقالات من ثلاثين" وهي مقدمته رحمه الله!
واطلعت على خمسين عنواناً معرباً , بعضها مكرر تحت عناوين جديدة بسبب اختيار بعض المحاضرات أو المقالات دون بعض من كتابيه "عشر مقالات" و "عشرون مقالة" فتداخلت , كما يلاحظ في "محاضرات في الدين والمجتمع" (عددها 39)، الصادر عن الدار الإسلامية بينما تعريب مقدمة المؤلف يتحدث عن "بضع محاضرات" أو "مقالات من ثلاثين" وهي مقدمته رحمه الله!
ولاحظت خلال المطالعة غياب فصلين
من كتابه "الدوافع نحو المادية" فلم يعربا عن الفارسية وهما فصل
"الصدفة، الله، العلية" وفصل "برهان النظم" بين فصلي
"الله والحرية" وفصل "عدم نضج المفاهيم الإجتماعية
والسياسية".
قائمة بكتبه الفارسية المطبوعة:
1. احیای
تفکر اسلامی
2. اخلاق
جنسی در اسلام و جهان غرب
3. آزادی
معنوی
4.
اسلام و نیازهای زمان (1) اسلام و نیازهای زمان (2)
5. اصول
فلسفه و روش رئالیسم (1) اصول فلسفه و روش رئالیسم (2) اصول فلسفه و روش رئالیسم
(3) اصول فلسفه و روش رئالیسم (4) اصول فلسفه و روش رئالیسم (5)
6. امامت
و رهبری
7. امدادهای
غیبی در زندگی بشر انسان کامل انسان و سرنوشت
8. آشنایی
با قرآن (1) آشنایی با قرآن (2) آشنایی با قرآن (3) آشنایی با قرآن (4) آشنایی با قرآن
(5) آشنایی با قرآن (6) آشنایی با قرآن (7) آشنایی با قرآن (8) آشنایی با قرآن (9)
آشنایی با قرآن (10) آشنایی با قرآن (11) آشنایی با قرآن (12) آشنایی با قرآن (13)
آشنایی با قرآن (14)
9. آینده
انقلاب اسلامی ایران
10. آیینه
جام بررسی اجمالی
11. نهضت
های اسلامی در صد ساله اخیر
12. بیست
گفتار
13. پاسخ
های استاد به نقدهایی بر کتاب مسئله حجاب
14. پانزده
گفتار
15. پنج
مقاله
16. پیامبر
امی
17. تعلیم
و تربیت در اسلام
18. توحید
19. جاذبه
و دافعه علی علیه السلام
20. جهاد
21. حج
22. حکمت
ها و اندرزها (1) حکمت ها و اندرزها (2)
23. حماسه
حسینی (1) حماسه حسینی (2)
24. خاتمیت
ختم نبوت
25. خدمات
متقابل اسلام و ایران
26. داستان
راستان (1) داستان راستان (2)
27. درس
های اسفار (1) درس های اسفار (2) درس های اسفار (3) درس های اسفار (4) درس های اسفار
(5) درس های اسفار (6)
28. ده
گفتار
29. زن
و مسایل قضایی و سیاسی
30. سیری
در سیره ائمه اطهار
31. سیری
در سیره نبوی
32. سیری
در نهج البلاغه
33. شرح
منظومه
34. شش
مقاله
35. عدل
الهی
36. عرفان
حافظ
37. علل
گرایش به مادیگری
38. فطرت
39. فلسفه
اخلاق
40. فلسفه
تاریخ (1) فلسفه تاریخ (2) فلسفه تاریخ (3) فلسفه تاریخ (4)
41. قیام
و انقلاب مهدی از دیدگاه فلسفه تاریخ
42. کلیات
علوم اسلامی1(منطق، فلسفه)
43. کلیات
علوم اسلامی2(کلام، عرفان، حکمت عملی)
44. کلیات
علوم اسلامی3(اصول فقه، فقه)
45. گفتارهایی
در اخلاق اسلامی
46. گفت
وگوی چهارجانبه
47. مسئله
حجاب
48. مسئله
ربا و بانک به ضمیمه مسئله بیمه
49. مسئله
شناخت معاد
50. مقالات
فلسفی
51. مقدمه
ای بر جهان بینی اسلامی (1): انسان و ایمان مقدمه ای بر جهان بینی اسلامی (2): جهان
بینی توحیدی مقدمه ای بر جهان بینی اسلامی (3): وحی و نبوت مقدمه ای بر جهان بینی اسلامی
(4): انسان در قرآن مقدمه ای بر جهان بینی اسلامی (5): جامعه و تاریخ مقدمه ای بر جهان
بینی اسلامی (6): زندگی جاوید یا حیات اخروی
52. نامه
تاریخی استاد مطهری به امام خمینی
53. نبرد
حق و باطل (به ضمیمه تکامل اجتماعی انسان در تاریخ)
54. نبوت
55. نظام
حقوق زن در اسلام
56. نظری
به نظام اقتصادی اسلام
57. نقدی
بر مارکسیسم
58. هدف
زندگی
59. ولاءها
و ولایت ها
قائمة بكتبه المعربة المطبوعة:
1. في
رحاب نهج البلاغة - الدار الإسلامية.
2. من
حياة الأئمة الأطهار - الدار الإسلامية.
3. محاضرات
في الدين والإجتماع - الدار الإسلامية.
4. الوحي
والنبوة (تحت الطبع) - الدار الإسلامية.
5. النبي
الأمي - الدار الإسلامية.
6. مسألة
الحجاب - الدار الإسلامية.
7. الملحمة
الحسينية - الدار الإسلامية.
8. الكلام
والعرفان - الدار الإسلامية.
9. العدل
الإلهي - الدار الإسلامية.
10. قضايا
الجمهورية الإسلامية - دار الهادي.
11. أجوبة
الأستاذ للإستفادة على كتاب مسألة الحجاب - دار الهادي.
12. التربية
والتعليم - دار الهادي.
13. الربا
والتأمين - دار الهادي.
14. التكامل
الإجتماعي - دار الهادي.
15. مبدأ
الإجتهاد في الإسلام والحق والباطل - دار الهادي.
16. معرفة
القرآن - دار الهادي.
17. الدوافع
نحو المادية - دار الهادي.
18. أسس
الفلسفة - دار الهادي.
19. دار
التعارف الإمداد الغيبي في حياة الإنسان - دار الهادي.
20. الإجتهاد
في الإسلام والمشكلة الأساس في جماعة علماء الدين - دار الهادي.
21. التقوى-
فريضة العلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - دار الهادي.
22. تحقيق
نظرية نسبية الأخلاق - دار الهادي
23. 23
- الإقتصاد الإسلامي - دار البلاغة.
24. أصالة
الروح - دار الكتاب الإسلامي.
25. المنطق
- دار التيار الجديد.
26. علم
الفقه.
27. أصول
الفقه.
28. الفلسفة.
29. نهضة
المهدي في ضوء فلسفة التاريخ - المكتبة الإسلامية الكبرى, طهران.
30. الإنسان
والإيمان.
31. الإمداد
الغيبي في حياة البشرية.
32. شهيد
يتحدث عن الشهيد - دار التوجيه الإسلامي.
33. الإمام
علي في قوتيه الجاذبة والدافعة - مؤسسة البعثة بيروت.
34. الفطرة.
35. الإنسان
الكامل.
36. حقيقة
النهضة الحسينية - مؤسسة البعثة, طهران.
37. الحركات
الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري - مركز إعلام الذكرى الثالثة لانتصار الثورة
الإسلامية.
38. الإنسان
والقدر.
39. التوحيد
- دار الرسول الأكرم - المحجة.
40. طهارة
الروح - دار الرسول الأكرم- المحجة.
41. العرفان.
42. الحكمة
العملية.
43. مقالات
حول الثورة الإسلامية في إيران - دار التيار الجديد.
44. إحياء
الفكر في الإسلام - دار التيار الجديد.
45. الهدف
السامي للحياة الإنسانية - مؤسسة الأعلمي.
46. الإسلام
وإيران عطاء وإسهام - دار الحق.
47. التجمع
والتاريخ - مؤسسة الوفاء.
48. قصص
الأبرار - دار الإرشاد الإسلامي.
49. الإمامة
- مؤسسة الثقلين الثقافية.
50. شرح
المنظومة.
خصائص الحوار عند الشهيد مطهري
من جهة البنية الفكرية:
المرجعية المركزية[2]
يفترض الحوار تكافؤاً في القدرات
بعد الإقرار بالإختلاف، ولكي يكون المحاور قاطعاً في ما يعرضه أو يرده لا بد من
الإستناد إلى مرجعية قاطعة وفي موضوعنا كان الشهيد المطهري نفسه هو المرجعية
المركزية بعدما هيأ نفسه لذلك طويلاً في مجالات العلم والتبليغ والتدريس :
"عندما صدر كتاب في نفي
المعجزة والنبوة أبدى العلامة الطباطبائي رأيه فيه بقوله : إن كل سطر من هذا
الكتاب رجس، ولمّا وزعت نسخ من هذا الكتاب على مراجع التقليد قالوا : نوافق على ما
يجيب به الشيخ المطهري حتى أن رأي العلامة الطباطبائي كان هو أن الرد لا بد أن
يكون بيد المطهري لحسن بيانه ولفكره الوقاد وكذلك قال الإمام الخميني أيضاً بأن
جواب ذلك يجب أن يعطيه الشيخ المطهري فقط"!.
ويقول الشهيد القدوسي لقد أعجبتنا
جميعاً متابعة الشيخ المطهري ومطالعاته في المدرسة الفيضية ولما كان يقرأ أصول
الفقه قال بأنه ليس من كتاب في الأصول إلا رأيته حتى صار في يدي كالعجين أصنع فيه
ما أشاء.
الروح العلمية[3]
امتلك الشهيد مطهري بين جنبيه
روحاً مشغوفة بطلب العلم منذ صغره ولكن طلبه للعلم لم يكن طلباً للمحاكاة
والمشابهة بمعنى أن يكون نسخة من العالم الفلاني بل غيره بل إنه أراد من كل الطلبة
أن لا يكونوا مقلدين في اجتهادهم، دعا إلى تحصيل الرأي المستقل مباشرة ثم عرضه على
رأي الفقهاء السابقين بعكس العادة المشهورة عند طلبة البحث الخارج "من أكثر
المجتهدين الذين يجتهدون بعقلية إخبارية".
وهكذا في سائر العلوم كان يعمل على
تحصيلها وإدراكها بحيث عندما يعيد طرح وجهات نظر المخالفين ليس أنه يبينها بشكل
دقيق فحسب بل كان يستنبط منها ما لم يطرحوه مباشرة : "أشار يوماً في درس
المنظومة إلى عقائد هيجل فقال "بأن على هيجل أن يكون من القائلين بأصالة
الماهية (وذكر الدليل على ذلك) فإنه وإن لم يكن مثل هذا التقسيم- القول بأصالة
الوجود وأصالة الماهية- في الغرب لكن يمكن استنتاج ذلك من أراء هيجل وأنه يعد من
القائلين بأصالة الماهية فسأله الدكتور عنايت مترجم كتاب فلسفة هيجل حيث كان
حاضراً في الدرس فقال من أين استخلصتم ذلك؟ فأجابه المطهري : من كتابكم فتعجب
المرحوم عنايت قائلاً من أي موضع من الكتاب فهمتم ذلك؟ فوضّح ما استنتجه وصدّقه
الدكتور عنايت على ذلك، ثم قال : ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه[4].
الحرية الفكرية
تترتب على الروح العلمية ملكة
النقد فإذا وجدت عند عالم حقيقي فإنه وبلا أدنى شك سيجد نفسه - مع احترامه الشديد
لمعلميه ومع استمرار استفادته منهم كما يذكر عن إستفادته من ميزان العلامة
الطباطبائي - في مواجهتهم فكرياً في بعض المواضع كما في نقده للملا صدرا في بحث
النزاع الإسمي للفلسفة وهل أنها الفلسفة الإلهية أو الأمور العامة، أو نقده
للعلامة الطباطبائي في بحث بقاء الأخلاق[5].
وتظهر عند الشهيد مطهري في دعوته
لتصحيح مفاهيم الإجتهاد والتقليد والمرجعية كما في أبحاثه عنها وعن المشكلة الأساس
في جماعة علماء الدين.
الحرية الإجتماعية
يتصرف بعض المفكرين أحياناً كأنهم
سلاطين وحتى أنّ بعض المفكرين المسلمين يتصرفون على هذا النحو فيرون أن لا حق لأحد
أن يواجههم بنقد أو بمطالبة وهذا ما يعتبره الشهيد مطهري واحداً من أسباب لجوء
الغربيين إلى المادية لأنهم وضعوا أمام معادلة أنهم "إن قبلوا الله كان عليهم
أن يقبلوا استبداد القدرات المطلقة أيضاً وأن الفرد لا حق له قبالة الحاكم
مطلقاً"[6]
ويستشهد بخطبة أمير المؤمنين في فتنة صفين خ 207.
الإهتمام بأسئلة الناس
من الخصال الموسّعة لأفق الباحث
إشراكه الناس في روحه العلمية والإستفادة من طرحهم للملاحظات والأسئلة لتوسيع
وتنقيح موضوع بحثه وفي مقدمة أحد كتبه يذكر أن الشهيد كان يقدم لأي كتاب يريد
إنشاءه بمحاضرات حول الموضوع ويستقبل الأسئلة ويجيب عليها ثم يكتب ويلاحظ أن ترك
الأسئلة كما هي أحياناً ووضع بإزائها الأجوبة كما في كتاب قضايا الجمهورية
الإسلامية أو فريضة العلم أو أنها طبعتها مستقلة كما في كتاب أجوبة الأستاذ
للإستفادة من مسألة الحجاب.
من جهة البيان :
السهولة
تمتاز لغة الشهيد مطهري بالسهولة
والمتانة في آن معاً ويرجع ذلك إلى هضمه للمطالب العلمية وإتقانه للغتين العربية
والفارسية وآدابهما وتاريخهما وعلومهما وإلى استيعابه المفردات والمصطلحات الخاصة.
وقد عدّها البعض من العيوب حيث وصف كتاباته "بالبساطة" و "غير
العلمية" وكأنّ العقول قد تعوّدت على الربط بين إعجاز الخطيب أو الكاتب للمستمعمين
أو القراء عن الفهم وبين كونهما يمتلكون مستوى عالياً من العلم والفهم بينما يعد
الشيخ جوادي آملي هذه الصفة في كتابات الشهيد ومحاضراته "نوعاً من
التضحية"[7]
وسط المجتمع العلمي. ولاحظها بشكل خاص في كتابه التربية والتعليم عند البحث عن
الفرق بين القيمة الأخلاقية والفعل الأخلاقي والإطلاق والنسبية بينهما.
الشمولية والإحاطة
عندما يتناول الشهيد مطهري موضوعاً
ما فإنه يمسكه من زاوية تأريخية ويفككه قطعة قطعة ويثير من حوله الأسئلة ثم يبادر
إلى معالجته. بحيث تتصور أحياناً أنه لم يبق لك مجالاً للسؤال عن شيء في الموضوع
حتى أنه كما سنلاحظ في عنوان آخر يحاول أن يستعرض الآثار العملية وانعكاس الموضوع
في أكثر من مجال من مجالات الحياة العلمية والطبيعية والإجتماعية لاحظ محاضراته
"العالم في المنظور الإلهي والمنظور المادي"[8].
التواضع
من مصاديق دعوى
"البساطة" على كتابات الشهيد أنه وفي كثير من كتاباته يظهر وكأنه ينشئ
أفكاراً معروفة بلغته الخاصة حيث يقدم لك نصاً واضحاً تسير معه بسلاسة لتهضم
الفكرة التي يريد بيانها ولكنك إذا اخترت الموضوع لتحقق فيه لوجدت أنه أعقد بكثير
مما طالعت بل إنّك تجد أنّ الشهيد في هذا المجال قد قدّم أطروحة جديدة أو اجتهاداً
كما في تعريفه للعرفان مثلاً. كذلك فإنه أحياناً يكتفي بتقديم أسئلة وملاحظات مما
يعني أنه نفسه لم يصل إلى مرحلة تقديم أطروحة مستقلة متكاملة كما في أبحاثه
الإقتصادية.
احترام الآخر مع الثقة بالنفس
تتجلى في كتابات الشهيد دعوته
الصريحة إلى احترام الآخرين ويمارسها بنفسه فيعرض أفكارهم بأمانة إذا أراد
مناقشتها ولا يلويها ليستضعفهم كما يضع البعض بل إنك وأنت تقرأ وهم عندما يقرأون
تجدون أن ما ناقشه هو ظاهر كلامهم وليس تقولاً عليهم ويلاحظ أنه مع ذلك يعطيهم
النصف فيبني الإيجابيات والسلبيات. لاحظ إكثاره من الإحالات في مجال المناقشة
والردود.
وهو مع هذا كله ينطلق بثقة كاملة
وطبعاً يرجع هذا إلى تحصيله الذي ذكرناه سابقاً. كذلك فإنه لا يلجأ إلى أسلحة
التكفير والزندقة : "أنا لا أريد أن أدعي بوجود نوايا سيئة في هذه الموارد
غير أنه إذا كان في عمل ما خطر كبير فإن بروز هذا الخطر لا يرتبط بنية سيئة أو
عدمها"[9].
الإقتصار على المطلب وتحريره
من الملاحظات التي يقف عندها
القارئ لآثار الشهيد مطهري عموماً صغر حجمها ولا يرجع ذلك فقط إلى أن بعضها
محاضرات فإن المحاضرة عنده كما ذكرنا ليست خطابية أو وعظية بل هي عموماً بحث علمي.
ومن حيث اقتداره وتسلطه على المطالب العلمية فإنه كان متمكناً من تحرير المطلب عن
الزيادات والإستطرادات والمباحث الخارجة عنه ليقدمه للمستمع أو القارئ دون أن
يعييه في ملاحقته من موضوع إلى آخر.
الإستدلال
المطالع لكتب الشهيد مطهري بإتقان
وتكرار يخرج منها بثمرة غير ملاحظة وهي تحفيز روحه العلمية فمن خلال الإستدلال
الذي يمارسه للبرهان على أفكاره أو رد أفكار غيره تتكون في نفس القارئ شيئاً
فشيئاً روح الفهم والبحث العلمي وهي ميزة قلّما يلتفت إليها الذين يكتبون في مثل
الموضوعات التي طرحها فتجد أنّ كثيراً منها يصح عليه أنه كتاب فتوى أو "رسالة
عملية" في المجال.
تحديد مكامن الخطر في الأطروحات المواجهة
يمكن ملاحظة هذه الناحية من أسلوبه
في أبحاثه الفلسفية والإجتماعية فإنه عندما يتعرض لمناقشة فكرة ما ينظر إلى آثارها
على أكثر من صعيد وكذلك على المستوى السياسي ففي بحث له عنوانه "كريز
ازايمان" يقول عن الماركسيين والمنافقين : "ليس لنا هدف مشترك مع غير
المسلمين أبداً، وإني لأشعر بالخطر، إن هدفنا ليس هو إخراج الشاه بل تطبيق
الإسلام، هؤلاء المخالفون للإسلام- سواء المسلمين منهم في الظاهر أو المعاندين
للإسلام لا هدف مشترك لهم معنا.. إني أعلم بأن المستقبل لنا، وأنه يجب علينا
فصل صفوفنا عن صفوف الأعداء لئلا يقولون بأنّا كنا معكم وقت انتصار الثورة"[10].
السعي لبيان العلل العلمية لمنشأ الخطأ أو المغالطة في الأطروحات الفكرية
لا يكتفي الشهيد مطهري في مناقشته
وردوده على الذين يواجهون أفكارهم بإبطالها وتقديم البديل بل يتعقبها أحياناً
ليظهر له وللقراء منشأ هذه المغالطة أو الخطأ في الأسلوب والمنهج وما إلى ذلك،
لأنك أحياناً لا تتمكن من إبطال الفكرة دون إبطال سببها حيث ستكرر الدعاية لها
فعندما اكتشف المخالفة بين سعي الإلهيين إلى تعليق الحياة على إرادة الله بمحاولة
العثور على مبدأ ظهور الحياة وبين كون القرآن الكريم يرى الحياة وتطوراتها نتيجة
مباشرة لإرادة الله بغير اختلاف بين مبدأ الحياة واستمراريتها الجارية رجع إلى
المنبع الذي يخرج منه هذا الإختلاف وهو أن هؤلاء الإلهيين يريدون أن يعرفوا الله
عن طريق الجانب السلبي من معلوماتهم لا عن طريق جانبها الإيجابي أي أنهم عندما
يواجهون مجهولاً يجعلون الله يتدخل في الأمر... (القرآن والحياة)[11].
من الجهة المشتركة بين البنية الفكرية والبيان :
سعة الصدر أو "قبول الآخر" "التسامح"
تعتبر سعة الصدر والإنصات والتعقل
من الصفات التي تذكر للمؤمنين وهي آلات أساسية في الحوار وينبغي أن تمتلك في نفس
المحاور فهي إذاً من أسس بنيته الفكرية وتظهر آثارها في وضوح الخطاب للآخر
والطمأنينة مما يعكس قبولاً للحق وإذعاناً له.
قال الشهيد المطهري "إني لا
أنزعج أبداً من ظهور المشككين في المجتمع الذين يحاولون بكلامهم أو كتاباتهم النيل
من الإسلام، بل يسرني الإعراب عن الرأي، لعلمي بأن هؤلاء السبب في نشر الإسلام
أكثر.
نعم وجود المشككين إنما يكون خطراً
إذا لم ينبر حماة الدين للجواب عن شبهاتهم[12].
المعرفة بالزمان
يروي الشهيد المطهري من الحديث
الشريف "العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس"[13]
ويشرحه وما يهمنا هنا كونه صار مصداقاً لهذا الحديث فقد عاش رحمه الله في زمانه
واطلع وعاصر الحياة الإجتماعية والفكرية والسياسية وقد تجهّز لكل الإشكالات
المطروحة ودعا إلى تعزيز الحوزة العلمية بما يجعل الطلبة والعلماء يعيشون في عصرهم
لا في القرون السالفة ولذلك اقتحم الجامعة تدريساً ومحاضرات فاستفاد وأفاد. واطلع
عن كثب على ما يقلق الناس في مختلف مستوياتهم الفكرية والإجتماعية ودعا إلى أن
يكون علماء الدين مصلحين أو على الأقل عاملين اجتماعيين.
لاحظ مثلاً كتابه الإسلام وإيران
عطاء وإسهام الذي جاء إجابة على إحياء المسألة القومية وأثر الدين في المجتمع
الإيراني حيث كانت هاتان الفكرتان من أهم مداخل الإنحراف بالشباب نحو الإتجاه
المادي.
وكان رحمه الله شديد المتابعة
لقضايا التربية والتعليم والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والصحية لأبناء مجتمعه
فكان يدعو إلى تنويع الإختصاصات وتعليم البنات تعليماً عالياً بل وأنه أخذ على بعض
العلماء منعهم ذلك بينما لا يتحرج أحدهم أن يعرض زوجته على طبيب أجنبي. وقد دعا في
محاضرة له منشورة إلى "إحياء الفكر الديني" وجعله معاصراً بل ينسب إليه
أنه أو من استعمل مصطلح "الكلام الجديد الحديث" في كتابه الدوافع نحو
المادية لكن مع الأسف الفصل المذكور مع فصل آخر لم يوجدا في تعريب الكتاب[14].
وغني عن البيان أثر هذه الخصيصة في
البنية الفكرية على البيان.
وكذلك لم يتم- بحسب علمي- تعريب
كتاب "استاد وروشنفكران" الذي يتضمن مناقشة لعدد من المتنورين بينهم
الدكتور علي شريعتي.
ورد في كتاب رمز نجاح الشهيد
المطهري :
استعمل الشهيد المطهري ولأول مرة
عام 1354 هـ. ش اصطلاح الكلام الحديث (الجديد) بهدف طرح المسائل الكلامية المعاصرة
نظير شبهات هيوم في برهان النظم ومن ثم جرى ذلك بالتدريج على الألسن حتى ظن البعض
أن الإختلاف بين الكلام الحديث والقديم من حيث الموضوع المنهجية والغاية.
يقول الشيخ السبحاني في هذا المجال
:
يستعمل اليوم في المراكز العلمية
اصطلاح باسم الكلام الحديث (الجديد) وهو يوحي إلى ظهور علم جديد لكن الواقع خلاف
ذلك فإن مسائل حديثة أضيفت إلى مسائل الكلام السابقة وأنه أضيفت مرحلة من التكامل
إلى هذا العلم فإن العلم الجديد بحاجة إلى موضوع وغاية مستقلين في حال لم نجد لذلك
أثراً... نعم إن منهجية بحث وتحليل هذه المسائل لا يمكن أن يكون عقلياً صرفاً بل
لا بد وأن يكون متناسباً مع نوع الشبهة أو السؤال.. ويمكن فهم مراد هذا المتكلم
الإسلامي الكبير (الشيخ المطهري) من استعماله لاصطلاح الكلام الحديث (الجديد) من
خلال دراسة مؤلفاته الكلامية وأنه يريد من ذلك طرح المسائل الحديثة تماماً وغير
المطروحة في البحث الكلامي...
المنهجية
تعتبر منهجية البحث العلمي مادة
تدريسية جديدة نسبياً بل إن أساسها لا يعود إلى ما قبل سنة 1600 ولئن
اتصفت كتابات علماء الإسلام عموماً بمنهجية معينة إلا أنها كانت خاصة بكل واحد
منهم يذكرها مرة في مقدمة الكتاب أو أنك تستقرؤها من مطاويه وتختلف عند أحدهم بين
كتاب وآخر في نفس الموضوع . امتاز الشهيد مطهري قبل التدريس الجامعي وبعده بمنهجية
خاصة في التحقيق والعرض طوّرها بعد التحاقه بالتدريس الجامعي وكانت خير معين له في
بيان مراده .
نظم مطالعاته ونظم تحقيقاته ونظم
عرض أفكاره وقد طبع له بعد وفاته فهرست كامل للبطاقات التي كان يجمعها ويصنفها[15].
الإختيار أو القصد
لم يخضع الشهيد المطهري لاستدراج
أو استفزاز وكذلك لم يعر أدنى اهتمام إلى رغبات الغوغاء بل إنه كان يحجم عن مناقشة
أو يقدم عليها تبعاً لاستقرائه وضعها العام وتأثيرها الإيجابي أو السلبي على
الحياة الإجتماعية فمثلاً عندما سأله أحدهم لماذا لم يذكر الدكتور علي شريعتي بين
المجددين في كتابه "الحركات الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري" أجاب
بأنه فكر في ذلك ولكنه رأى نفسه مضطراً لكتابة فصلين عنه إيجابي ونقدي ولكنه رأى
أن الساحة لا تحتمل ذلك لآثاره على ارتداد الناس عن الأفكار التبليغية الجيدة
عنده.
بينما نجد الشهيد مطهري أعلن
استعداده للموت في مواجهة أفكار حزب الفرقان والمنافقين.
أما في الميدان الفكري والعلمي
فإنه كان يتأسف على الثروات الطائلة والجهود المضنية التي ضاعت عبثاً وبعيداً عما
دعا إليه القرآن الكريم من دراسة سنن خلق الموجودات مثلاً[16].
تقسيم الحوار ونماذج حوارية:
ينقسم الحوار عنده إلى حوار ذاتي (مونولوج)
وحوار مع الآخر (ديالوج)
نماذج من المونولوج في كتبه :
أصالة الروح ص 24 -27
القرآن والحياة ص33
محاضرات في الدين والإجتماع ص 24- 25- 26- 27.
علم الكلام إثبات الخالقية من جهة
الجهالة وأثره السلبي
نماذج من الديالوج في كتبه
لم يتم- بحسب علمي- تعريب كتاب
"استاد وروشنفكران: الأستاذ والمتنورين" الذي يتضمن مناقشة لعدد من
المتنورين بينهم الدكتور علي شريعتي, وهذا الكتاب غير مذكور في قائمة كتبه الفارسية السابقة.
[2] رمز نجاح
الشهيد المطهري ص 68.
[3] محاضرات في
الدين والإجتماع ص 457.
[4] رمز نجاح م.
س ص 158 نقلاً عن جلوه هاي معلم أستاذ مطهري 96- 99.
[5] نقدي بر
ماركسيسم 199- 201.
[6] الدوافع نحو
المادية ص 90.
[7] جولة في حياة
الشهيد مطهري ص 150.
[8] محاضرات م. س
ص 67.
[9] مقالات حول
الثورة الإسلامية في إيران ص 83.
[10] رمز نجاح م.
س ص 66.
[11] محاضرات م. س
ص 39.
[12] رمز نجاح :
م. س ص 74 نقلاً عن روزنامه جمهوري اسلامي 8/2/1376 ص 15. وراجع رمز ص 223/224/225
[13] محاضرات م. س
ص 365.
[14] رمز نجاح م.
س ص 171 نقلاً عن الشيخ السبحاني : مدخل مسائل جديد در علم كلام.
[15] رمز نجاح م.
س ص 15.
[16] محاضرات م. س
ص96:"
لو أنّ أحداً طالع كتب المتكلمين والمواضيع التي بحثوها وجادلوا فيها،
والتي شدّت إليها أفكار الناس قروناً، واستنفدت ثروات طائلة وجهوداً مضنية وحاول
عرضها على القرآن ليعرف إن كانت من تلك المواضيع التي حثّ الناس على بحثها، يجد
أنها أبعد ما تكون عن تلك، بل لا رابط بينها إطلاقاً... حتى جاء أناس آخرون يحدوهم
الشوق إليها وأخذوا على عواتقهم دراستها، فنالوا أعلى المراتب في العالم، بينما
نحن الآن يجب علينا أن نتعلم من أولئك وبكل تذلل وخضوع (نفس) تلك الدروس التي حثنا
القرآن عليها من قبل (دراسة سنن خلق الموجودات مثلاً) و (العلوم الطبيعية
والرياضية والحياتية والتاريخية م. ن ص 103 ويستشهد بآية "إن في خلق السموات
والأرض...".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق