السبت، مايو 23، 2020

الواو بين الصوفي والحروفي


الواو بين الصوفي والحروفي
عندما يزفر الصوفي "هو" في فضائه يمسكُ الهاء في فيه وتصل من نَفَسِه إلى أنامل الخطاط واو الوصل  فيشكّل بها صورة بداية الخلق وحدةً كاملة، فإذا كان صاحب الحروف "مجذوباً" حاول محاكاة الإبداع تثنيةً خلقاً بعد خلقٍ لكنّ أقصى ما يمكنه وضع الوحدة أمام المرآة فتنعكس الاتجاهات يمينا ويساراً.
هكذا تعامل الخطاطون مع "الواو".. قالوا ونسبوه الى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : "يكون المرء في بطن أمه على شكل الواو ثم يولد فيكون على شكل واو"، وبالغ أحدهم فصور التطور الجنيني للواو كتابة في ستة مراحل مقابل الستة أشهر التي هي أدنى اكتمال المخلوق الآدمي.
ونُقِلَ عن صوفي آخر ما معناه : يولد الانسان في شكل "الواو"، وحتى يجعل لنفسه قيمة يظنّ أنّه "أَلِف"، في حين أن اليوم الذي يكون فيه اكثر استقامةً هو يوم يموت!
لا تعجب فلصوفية الخطاطين بِدَعُهم تأسيسا لإبداعاتهم فهم بين من لا يتحرجون من الكذب على رسول الله[1] أو أوليائه تدللاً عليهم ثقة بأن حبهم للجمال يمسح رين هذا الذنب، أو أنّ الغيرة مما قاله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بحق القرّاء والمقرئين أرْدَتْهُم ليضعوا أنفسهم ككُتّاب مقابل القرّاء فيجعلون الرسم ازاء الصوت لكلام الله.
قرأت كثيرا لمن وقف أمام لوحة الواوات العملاقة للخطاط محمد شفيق أفندي في مسجد بورصة الجامع، وكان لافتا عند أكثرهم استغرابهم لتشكيله الصعب قراءةً للجملة التي وضعها وسط اللوحة: "اتقوا الواوات" وعلى يمينها : قال النبي عليه السلام وعلى يسارها صدق رسول الله، والحق أنّها ليست حديثاً شريفاً، كذلك حديث الواو السابق الذي لم أجد له أثراً بينما وجدت "اتقوا الواوات" مرويا بصيغة "قيل" في تفسير حقي (ج 5 الصفحة 109 ) في كلامه على تفسير الآيات الأولى من سورة الإسراء  : " قيل «اتقوا الواوات» اى اتقوا مدلولات الكلمات التي أولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة ". فهل أراد تشكيلها هكذا ليبعد إشكال الكذب؟
هل يحتاج الجمال إلى الكذب؟! إذا رضيت ب " أعذب الشعر أكذبه " التي تزامنت مع مقولة زياد بن أبيه في العصر الأموي: "الشعر كذب وهزل، وأحقه بالتفضيل أكذبه" وهما يشيران إلى "القول" عن خيال، فإنّ الرسم يحتاجه وإلا صار تصويرا جامداً، أرأيت "تدليس الماشطة" في تجميل المرأة!!
لنرجع ونقف أمام لوحة شفيق أفندي، الواوات كما عرفت كثيرة فهل كانت في ذهنه أم كان فيه خيالٌ آخر؟ لقد بدأ باثنتين وعكسها والانعكاس المرآتي ينفتح الى تكرار لا حصر له، واستعماله طرف الواو الأخير كرأس السيف (ذبابه) مخترقاً نصل السيف الآخر يدل على ارادته أنها مما ينبغي الاتقاء منها لأنّها أحدُّ من السيف فتفعل في النفس فعلها فيه.
ويبقى للواو سحرها الخاص وآثارها وإيحاءاتها حيثما وجدت خاصة في آيات الله فسبحانه من خالقٍ مصوّر مبدع.
الشيخ علي خازم، ‏السبت‏، 23‏ أيار‏، 2020



[1] من ذلك تقولهم: ( إنما الخطَّاطون والخيَّاطون يأكلون من أعماق عيونهم ) و ( عليكم بحسن الخط ، فإنه من مفاتيح الرزق ) و (من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوّده تعظيما لله غفر الله له وخفف عن والديه وإن كانا كافرين) و (من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فحسّنها غُفِرَ له).


الاثنين، مايو 11، 2020

اللغة العربية والقرآن الكريم

اللغة العربية والقرآن الكريم
مقدمة مفيدة جدا في عنوانين الأول  الدفاع عن اللغة العربية وبيان علاقتها الوثيقة بالقرآن الكريم وبعلوم الشريعة الغرّاء، والثاني في علم المعاجم.
كتبها ونشرها الأستاذ محمد عثمان في الجزء الأول من تحقيقه لمعجم محيط المحيط[1] ، طبعة دار الكتب العلمية (2009 )، لبنان وعلّق فيها على عدد من اختيارات المؤلف بطرس البستاني.
ناقش المحقق في القسم الأول مسائل:
-          الدعوة إلى اعتماد العامّية.
-          فصل اللغة العربية عن القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة.
-          فضل الإسلام والقرآن الكريم على اللغة العربية.
-          العلاقة بين العربية (النحو واللغة والرسم أو الكتابة) وبين علوم القرآن الكريم (التفسير والقراءات والرسم والصت والألفاظ..).
وأردف في القسم الثاني دراسة عن علم المعاجم في مباحث منها :
"المبحث الحادي عشر: معرفة الألفاظ الإسلامية". رابط مباشر إلى المبحث:
القراءة المجانية للمقدمة متوفرة من البداية حتى الصفحة رقم 108 فقط على الرابط:

ع.خ، ‏الإثنين‏، 11‏ أيار‏، 2020



[1] هو أول معجم أنتجه اليسوعيون في بداية القرن التاسع عشر. وقام بهذا الجهد بطرس البستاني. ونال عليه الوسام المجيدي العثماني.

الثلاثاء، مايو 05، 2020

النحو والقراءات في دراستين علميتين منصفتين لكتاب مجمع البيان


النحو والقراءات في دراستين علميتين منصفتين لكتاب مجمع البيان 

الشيخ علي خازم، ‏الإثنين‏، 04‏ أيار‏، 2020
     



تلقّى المسلمون عموما على اختلاف مذاهبهم بالقبول والاحترام كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن لمؤلفه الفضل بن الحسن الطبرسي الملقب بأمين الإسلام[1]، وما ذلك إلا لدقته وأمانته في النقل والإحتجاج، وإن سجَل عليه بعضهم نصرته لمذهبه فإن إجماعا حصل على عِفّة لسانه وأدبه مع المخالفين، ومَنْ هو مِنَ المفسرين أو من المؤرخين لعلم التفسير الذي يسلم من أن يظهر نصرة مذهبه من القرآن وهو الأصل الذي يتأسس عليه الإسلام؟[2] على أن غاية ما قدر عليه المتعصّبون بعد التسليم بموضوعية الشيخ الطبرسي وعِفّته هو نقلهم الخلاف من أن يكون على ما في الكتاب إلى ساحة علم الكلام ، وإلى أن يقعوا في ما هربوا منه.[3]

الكتاب وما أُلّف حوله والاستفادة منه:
عُرِفَ الكتاب بعنوانين :"مجمع البيان في تفسير القرآن" و "مجمع البيان لعلوم القرآن" والأخير هو الذي نصّ عليه المؤلف في مقدمته[4].
 يتميز الكتاب - ونحن نتحدث عن مُؤَلَف في القرن الخامس الهجري - بتنظيم وتبويب غير مسبوقين وبعمق وإحاطة في جميع العناوين الأربعة عشر التي بَوّبها للسور او الآيات مفردة بحيث لو جمعت كلا منها لكانت كتابا مستقلا في بابه - وهو ما يعرف في تراثنا ب"التجريد"[5] - مثل ما فعل الياس كلانتري حيث استخرج منه كتاب مفردات القرآن في مجمع البيان وسبقه الى ذلك وحيد الزمان القزويني في كتابه شرح شواهد مجمع البيان في النحو.
 قال الشيخ الطبرسي قدس سره في مقدمته: " وقدّمت في مطلع كل سورة ذِكْرُ مكيّها ومدنيّها، ثم ذِكْرُ الاختلاف في عدد آياتها، ثم ذِكْرُ فضل تلاوتها، ثم اقدّم في كل آية الاختلاف في القراءات، ثم ذِكْرُ العلل والاحتجاجات، ثم ذِكْرُ العربية واللغات، ثم ذِكْرُ الإعراب والمشكلات، ثم ذِكْرُ الأسباب والنزولات، ثم ذِكْرُ المعاني والأحكام والتأويلات، والقصص والجهات، ثم ذِكْرُ انتظام الآيات. على أني قد جمعت في عربيته كل غرّة لائحة، وفي إعرابه كل حجة واضحة، وفي معانيه كل قول متين، وفي مشكلاته كل برهان مبين، وهو بحمد الله للأديب عمدة، وللنحوي عدة، وللمقرئ بصيرة، وللناسك ذخيرة، وللمتكلم حجة، وللمحدث محجة، وللفقيه دلالة، وللواعظ آلة".
توجد نسخ مخطوطة للكتاب وكثير من المطبوعة باختلاف محققيها للتنزيل المجاني على النت، وتوجد أيضا مجموعة من الدراسات حوله: مقالات وكتب تعرضت له في مطاوي بحثها، وأخرى استفادت من مادته جزئيا أو كليا كما مرّ، واستقصاؤها يحتاج إلى مقالة مستقلة أشير على من يرغب بكتابتها البدأ من ما ذكره المرحوم الشيخ آقا بزرگ الطهراني  في الذريعة عند فهرسته للكتاب[6] وما ذكره في الشروح له[7] ، مكتفيا هنا بالإشارة إلى أبرز المتوفر على النت وهي: في التفسير كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - تلخيص مجمع البيان لعلي محمد علي دخيّل وفي اللغة كتاب مفردات القرآن في مجمع البيان لإلياس كلانتري، وفي النحو والقراءات ما هو موضوع المقالة وهما :
1 - "القراءات عند الطبرسي في تفسير مجمع البيان لعلوم القرآن دراسة نقدية مقارنة ، إعداد محمد أحمد عبد الحليم، رسالة ماجستير في التفسير وعلوم القرآن – الجامعة الأردنية – آب 2016 م.
2 - التوجیهات النحوّیة للقراءات القرآنیة في كتاب مجمع البیان في تفسیر القرآن للطبرسي ، عمر محمد السعودي، جامعة مؤتة، 2015.
الكتاب وما قيل فيه:
في هذه المقالة سأقدم نماذج لأقوال عن الكتاب ضمن تصنيفات ثلاثة:
 الصنف الأول الباحث عن موجبات وحدة الأمة الإسلامية حول كتابها المقدّس، وهو من من نظر في الكتاب نظرة عامّة وقيّد تعليقه عليه إقرارا بفضله وثناء عليه.
 الصنف الثاني المجكوم بالاضطراب أو بالعصبية، وهو أيضا من من نظر في الكتاب وقيّد تعليقه عليه لكن منهم من تراه مضطربا في قوله مترددا بين المدح والتوهين لمجرد ضيق صدره بشيعية المؤلف ومنهم من تراه أعلن موقفه العصبي في عنوان ما كتب وكفى بهذا انحرافا عن المنهجية العلمية.
 أمّا الصنف الثالث الباحث العلمي والمستقصي - وهو موضوع عنوان المقالة - فهو من من اختلف مذهبياً مع المؤلف لكنه  نظر في الكتاب نظرة منهجية متخصصة فاحصة عن علم معيّن من العلوم التي ينبغي للمفسِّر أن يحيط بها ويستخدمها، ثم قيّد ملاحظاته تفصيلا وحكم بمدى استيفاء صاحب مجمع البيان لكل علم وأمانته في عرضه واستخدامه في ما ذهب إليه من تفسير، مع تسجيل بعض الملاحظات على مسائل تسهل مناقشتها.

أقوال من الصنف الأول - البحث عن وحدة الأمة:

كتب شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت في مقدمة طبعة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية للكتاب في القاهرة[8]:
 " إن تفسير مجمع البيان بما فيه من مزايا يفضل على جميع تفاسير القرآن المؤلفة من قبل علماء الإسلام على اختلاف مسالكهم ومذاهبهم طوال مئآت السنين.. إن هذا الكتاب نسيج وحده بين كتب التفسير، وذلك لأنه مع سعة بحوثه وعمقها وتنوعها، له خاصية في الترتيب والتبويب، والتنسيق والتهذيب، لم تعرف لكتب التفسير من قبله، ولا تكاد تعرف لكتب التفسير من بعده".

وكتب الشيخ عبد المجيد سليم  وكيل جماعة التقريب لنفس الطبعة عن هذا التفسير:
" هو كتاب جليل الشأن غزير العلم كثير الفوائد وحسن الترتيب. لا أحسبني مبالغاً إذا قلت إنه في مقدمة كتب التفسير التي تعد مراجع لعلومه وبحوثه، وجدت صاحبه عميق التفكر عظيم التدبر، متمكنا من علمه، قويا في أسلوبه وتعبيره، شديد الحرص على أن يجلى للنّاس كثيرا من المسائل التي يفيدهم علمها".
وكتب الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون:
 والحق أن تفسير الطبرسى - بصرف النظر عما فيه من نزعات تشيعية وآراء اعتزالية - كتاب عظيم فى بابه، يدل على تبحر صاحبه فى فنون مختلفة من العلم والمعرفة. والكتاب يجرى على الطريقة التى أوضحها لنا صاحبه، فى تناسق تام وترتيب جميل، وهو يجيد فى كل ناحية من النواحى التى يتكلم عنها، فإذا تكلم عن القراءات ووجوهها أجاد، وإذا تكلم عن المعانى اللُّغوية للمفردات أجاد، وإذا تكلم عن وجوه الإعراب أجاد، وإذا شرح المعنى والإجمالى أوضح المراد، وإذا تكلم عن أسباب النزول وشرح القصص استوفى الأقوال وأفاض، وإذا تكلم عن الأحكام تعرَّض لمذاهب الفقهاء، وجهر بمذهبه ونصره إن كانت هناك مخالفة منه للفقهاء، وإذا ربط بين الآيات آخى بين الجُمَل، وأوضح لنا عن حُسْن السبك وجمال النظم، وإذا عرض لمشكلات القرآن أذهب الإشكال وأراح البال. وهو ينقل أقوال مَن تقدَّمه من المفسِّرين معزوة لأصحابها، ويرجِّح ويوجِّه ما يختار منها، وإذا كان لنا بعض المآخذ عليه فهو تشيعه لمذهبه وانتصاره له، وحمله لكتاب الله على ما يتفق وعقيدته، وتنزيله لآيات الأحكام على ما يتناسب مع الاجتهادات التى خالف فيها هو ومَن على شاكلته، وروايته لكثير من الأحاديث الموضوعة. غير أنه - والحق يقال - ليس مغالياً فى تشيعه، ولا متطرفاً فى عقيدته، كما هو شأن كثير غيره من علماء الإمامية الإثنا عشرية"[9].!!!

أقوال من الصنف الثاني - الاضطراب والعصبية:

قسّم الدكتور الشيخ ابراهيم رفيدة في كتابه النحو وكتب التفسير[10] مراحل التفكير النحوي في كتب التفسير إلى ست مراحل يعنينا منها هنا المرحلة الثالثة حيث وضع الشيخ الطبرسي وتفسيره فيها مع ستة آخرين، عدّ الجميع أئمة في التفسير وأفرد له من القسم الثاني من المبحث الثاني من الباب الأول[11] 25 صفحة.
اضطرب رفيدة في تقويم شخصية الطبرسي في النحو وفي القراءات والاحتجاج للقراءات الشاذة فمرة يصنفه من علمائها ومرة يصنفه توهينا بأنه مجرد ناقل، وانت أدرى أنه في مجالي القراءة والقراءة الشاذة إنما يعوّل على النقل (خصوصا بعد ابن مجاهد[12] ودوره في تثبيت القراءات السبع) أو وجود شواهد من اللغة والنحو في مقام الإحتجاج توافق القراءة لإخراجها عن الشذوذ الذي يمنع من الأخذ بها على تفصيل فيه بين العلماء. وهو في كل ما كتبه عنه تراه يقحم مسألة تشيعه بمناسبة وبغير مناسبة تصريحاً، أو تلميحاً كتكرار نقده له في كثرة النقل عن الشيخ أبي علي الفارسي وتلميذه إبن جِنّي رغم ما لهما من مقام علمي فيضطرك إلى الالتفات إلى أمرين:
الأول أنهما محسوبان على الاعتزال والتشيع، وكلاهما ممن صحب سيف الدولة في حلب، الفارسي بعد هجرته اليها من طرابلس وابن جِنّي عند لقائه المتنبي، وكلاهما صحب عضد الدولة البويهي في شيراز، والأخير (إبن جِنّي) كان من خُلّص أصحاب الشريف الرضي وقد عدّه المرحوم السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة وغيره ممن سبقه من العلماء، الأمر الثاني أنهما ممن ناقش واعترض على ابن مجاهد صاحب تسبيع القراءات الذي تعرّض لأكثر من نقد واتُّهمه أحد العلماء أنه سبب الخلط الحاصل بين القراءات السبع والأحرف السبع للقرآن كما قال ابن الجزري:" وَلِذَلِكَ كَرِهَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ اقْتِصَارَ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَلَى سَبْعَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَخَطَّأُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَلَا اقْتَصَرَ عَلَى دُونِ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ زَادَهُ أَوْ بَيَّنَ مُرَادَهُ؟ لِيُخَلِّصَ مَنْ لَا يَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ."[13].
ولأجل بيان ما ذكرته عن الاضطراب في التقويم ومحاولة التوهين انقل نصوصا له – على طولها – وأرجو ملاحظتها بإنصاف قال في الصفحة 780عن منهج الطبرسي:
" ومسلكه في النحو والإعراب في تفسيره من أوثق الأدلة على ما اتخذته من أسباب ومميزات لهذه المرحلة "الثالثة" عما سبقها، من بروز جمع الأقوال، والتوجيهات النحوية في كتب التفسير، والاعتماد في ذلك على النحاة السابقين المتخصصين، فالطبرسي تغلب عليه الثقافة الشيعية العقدية والعلم بالحلال والحرام وله اتصال واسع بالعربية، وتحت يده مراجعها ينقل منها ما يريد، ولكنه ليس من المتخصصين فيها أو الذين يغلب عليهم هذا التخصص، فهو جامع راو لعدة علوم، ولهذا فالسمة الغالبة على عمله النحوي هي الرواية والنقل والاعتماد في مناقشة الأقوال النحوية على النحاة ومناقشة بعضهم بعضا،ولكن الباحث والحق يقال- يلاحظ عليه أنه على اطلاع واسع في اللغة والنحو، وأنه لاينقل نقلا حرفيا، وإنما هو عالم هاضم معبّر عما ينقل بأسلوبه، وهوأسلوب أمين دقيق".
وقال رفيدة[14](وتكرر منه هذا القول في أكثر من موقع) بعدما نقل كلام الطبرسي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة : 55] تعليقا على ما تبناه الطبرسي من افادة (إنّما) "التخصيص ونفي الحكم عمن عدا المذكور" :
"إنه الحماس للدفاع عن العقيدة والإصرار على نصرتها، وإبطال ما عداها – مع عفة اللسان – حملته على إكراه المعاني والألفاظ والأدوات لها، وإن كان ليس في بعض ما ذكره خلاف إنما الخلاف أو البطلان في وجه الاستعمال وطريقة الاستدلال".
وختم البحث عن الطبرسي تحت عنوان " الشيعة والقرآن الكريم ودفاع الطبرسي عنه ونفيه عنه التحريف" بالقول بعد قسمته الشيعة إلى فرقتين:
" والطبرسي من هذه الفرقة الثانية - كما يدل عليه ما تقدم من تفسيره - وما ردف به قوله السابق فقال: " والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه (التحريف)، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء" وكان من قول المرتضى: " وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءاته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد"، وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
وكذلك ذكر أن الشيعة الإمامية يرضون من القراءات ما كثر قراؤه وكرهوا تجريد قراءة مفردة، كما أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء بينهم من القراءات، فقال: "فإذا تبينت ذلك فاعلم ان الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء بينهم من القراءات، إلا أنهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء، وكرهوا تجريد قراءة مفردة، والشائع في أخبارهم أن القرآن نزل بحرف واحد، وما روته العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف اختلف في تأويله".
وهو موقف – كما فهمته على أنه استبعادٌ للشاذ وما قاربه وأخذٌ بما كثر قراؤه – وهو موقف لا غضاضة فيه ولا انحراف، بل فيه احتياط واستيثاق، وقد رأيناه في مقدمته يذكر السبعة وينص على من ليس منهم، كما رأيناه في رواية القراءات والاحتجاج لها ينص على الشواذ، ويسير في ذلك على ما سار عليه علماء القراءات وأساطين الاحتجاج. ".
انتهى كلامه واترك التعليق لكم.

الخاتمة وأقوال من الصنف الثالث - الاستقصاء والموضوعية:

كنت أريد كتابة موجز عن الرسالتين بعد إعجابي بخلاصتيهما وتقديم رابطيهما للراغبين لكنني وجدت نفسي مندفعا إلى ما أطلت عليكم به، وأرجو أن يكون فيه فائدة كما استفدت مراجعة واكتشافا وتوقفا عند انبثاق عنوان بحث جديد بدأت العمل عليه.
أوجز لكم خلاصتيهما ثم أترككم معها تفصيلا:
قال محمد أحمد عبد الحليم في رسالته عن القراءات عند الطبرسي:
" توصل الباحث في دراسته إلى أن الطبرسي كان دقيقا في عزو القراءات المتواترة، ولم يلحظ تأثره بمذهبه في توجيهها ولم يستثمر توجيهها في ترجيح معنى على معنى آخر، أما القراءات الشاذة فقد تحاشى الحكم عليها بالشذوذ إذا كانت مروية عن أهل البيت متأثًرا بمذهبه، كما أنه استغل توجيه بعض القراءات الشاذة لخدمة مذهبه في بعض القضايا الخاصة بالشيعة".
وقال عمر محمد السعودي في رسالته عن التوجیهات النحوّیة للقراءات القرآنیة في كتاب مجمع البیان:
"ومن أبرز النتائج العلمیة التي توصلت لها الدراسة أن الطبرسي لم یتأثر بمذهبه العقدي في تناول القراءات القرآنیة من وجهة نظر نحویة، بل كان موضوعیاً في الحدیث عن القراءات القرآنیة، و اعتمد على آراء أبي علي الفارسي وابن خالویه وغیرهما من علماء القراءات القرآنیة".

1 - "القراءات عند الطبرسي في تفسير مجمع البيان لعلوم القرآن دراسة نقدية مقارنة[15]، إعداد محمد أحمد عبد الحليم، رسالة ماجستير في التفسير وعلوم القرآن – الجامعة الأردنية – آب 2016 م.

الملخص
 تناولت الدراسة القراءات في تفسير  (مجمع البيان لعلوم القرآن) لمؤلفه الطبرسي من ناحيتين:
 الأولى: التحقق من جميع  القراءات الواردة فيه سواء كانت متواترة، أم شاذة، وتحديد مدى مطابقتها لما في كتب القراءات، والثانية: تحديد مصادر توجيه القراءات في مجمع البيان وأثرها على المعنى.
اتبع الباحث منهجين في دراسته، الأول: المنهج الوصفي، فاستقرأ جميع مواضع القراءات في تفسير مجمع البيان استقراء تاما، واستعان في ذلك بالمنهج الإحصائي حيث أحصى عدد تكرار القراءات المتواترة والشاذة في كل سورة، وعدد القراءات التي لم يوجهها، وعدد القراءات التي كان لها أثر في المعنى، والثاني: المنهج التحليلي، حيث قارن جميع القراءات والروايات في تفسير مجمع البيان بما في كتاب: (المبسوط في القراءات العشر) لابن مهران، وكتاب  (النشر في القراءات العشر) لابن الجزري، وقارن القراءات الشاذة بما في كتاب (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها) لابن جني، وبكتاب (مختصر شواذ القرآن) لابن خالويه، ثم قارن توجيه القراءات المتواترة والشاذة بكتب توجيه القراءات والتفسير وحدد المصادر التي نقل منها الطبرسي توجيهاته، ثم حاول أن يربط بين توجيه القراءات وما قدمه المفسر من معنى، فلاحظ مدى تأثير توجيه القراءات في المعنى الذي قصده المفسر ومدى تأثره بمذهبه في ترجيح معنى على معنى.
وقد توصل الباحث في دراسته إلى أن الطبرسي كان دقيقا في عزو القراءات المتواترة، ولم يلحظ تأثره بمذهبه في توجيهها ولم يستثمر توجيهها في ترجيح معنى على معنى آخر، أما القراءات الشاذة فقد تحاشى الحكم عليها بالشذوذ إذا كانت مروية عن أهل البيت متأثًرا بمذهبه، كما أنه استغل توجيه بعض القراءات الشاذة لخدمة مذهبه في بعض القضايا الخاصة بالشيعة.
QUR'ANIC MODES OF READING IN AL-TABARSY'S
EXEGESIS (A COMPARATIVE CRITICAL STUDY)
By
Mohammad Ahmad Abedalhaleem
Supervisor
Dr. Mohammad Mjally Rabab'a
ABSTRACT
The study deals with the readings in interpretation (Majma' al-Bayan li O`lom Al Qura`an) written by Al Tabarsi from two sides;
.First: To examine all the mentioned readings whether they are Mutawaatir or shaadhdh and to point out how they corresponded to the content of the book of readings.
 The second: To specify the reading orientation references in Majma' al-Bayan and its influence on the meaning.
The researcher followed two approaches in the study.
 First: The description approach، where all the readings positions in Majma' al-Bayan interpretation were completely inducted using the statistical approach to calculate the number of the Mutawaatir and the shaadhdh readings redundancy in each verse، the number of the readings not oriented and the number of readings which has an effect in the meaning.
Second: The analytical approach، where all the readings were compared and the narrations were compared in interpretation of Majma' al-Bayan with the books: (Al Mabsoot fi Al Qira`at Al A`sher) for Ibn Mahran، and (Al Nashir fi Al Qira`at Al A`sher) for Ibn Aljazri. Also، the shaadhdh readings were compared such as (Al Muhtasib fi Tabyien Wojouh Shawath Al Qira`at we Al Edah Anha) for Ibn Jinny and (Mukhtasar Shawdth Al Qura`an) for Ibn Khalaweih، then the Mutawaatir and shaadhdh readings orientation were compared with books of readings
orientation and interpretation.
 The references which Al Tabarsi quoted were specified، and then the study connects between readings orientation and what the interpreter means and how the interpreter was affected by Al
Tabarsi approach in favoring one meaning over the other.
The researcher concluded in his study that Al Tabarsi was accurate in ascribing the Mutawaatir readings.
 The researcher didn`t notice his influence by his approach and did not invest the orientation in favoring one meaning over the other. As for the shaadhdh readings، he was lenient in judging it as shodhodh if it was narrated from Ahl Al Beit affected by his approach، as well as he used some Mutawaatir reading orientations to serve his approach in some special issues related with Shia.

2 - التوجیهات النحوّیة للقراءات القرآنیة في كتاب مجمع البیان في تفسیر القرآن للطبرسي[16]، عمر محمد السعودي، جامعة مؤتة، 2015.

الملخص
تتناول هذه الدراسة التوجیهات النحویة للقراءات القرآنیة التي ذكرها الإمام الطبرسي في كتابه مجمع البیان، تتحدث عن منهجیة الطبرسي في تناول القراءات القرآنیة وتوجیهها توجیهاً نحویا،ً ومن هنا فقد قسمت الدراسة إلى تمهید وثلاثة فصول.
التمهید: یتناول الطبرسي من حیث اسمه ونسبه، وحیاته، وعلمه، وتلامیذه، وشیوخه، والتعریف بكتابه مجمع البیان، والحدیث عن منهجه في توجیه القراءة القرآنیة.
الفصل الأول: یتناول توجیه القراءات القرآنیة الواردة في باب المرفوعات وتحولات الإسناد، وذلك ضمن أبواب المرفوعات المختلفة، في حین تناول الفصل الثاني الحدیث عن توجیه القراءات القرآنیة نحویا في باب المنصوبات، وتحولات المعاني من خلال تحول الإعراب، أّما الفصل الثالث فیتناول الحدیث عن القراءات القرآنیة في باب التوابع وحروف المعاني، وتبع ذلك خاتمة تناولت أهم نتائج الدراسة.
ومن أبرز النتائج العلمیة التي توصلت لها الدراسة أن الطبرسي لم یتأثر بمذهبه العقدي في تناول القراءات القرآنیة من وجهة نظر نحویة، بل كان موضوعیاً في الحدیث عن القراءات القرآنیة، و اعتمد على آراء أبي علي الفارسي وابن خالویه وغیرهما من علماء القراءات القرآنیة.

Abstract
Syntactic Guidance for Koranic Recitations in ” Mujm' Al Bayan in
Tafsir Al-Koran " by Al_Tabrsi
Omar Mohammad Al-Saudi
Mutah University,2015
This study talks about the guidance of the Koran recitation grammar which was mentioned by Al_Imam Al_Tabarsi in his book ” Mujma’ AlBayan ”.
 This study also presents his syllabus about the Koran recitation grammar.
This study is divided into introduction and other three chapters. The introduction mentions his name, relatives, lives, education, students, sheiks, definition of “ Mujma’ Al Bayan” and his syllabus in the Koran recitation.
Chapter one the Koran recitation in section of nominatives and change of predicating.
 Chapter two presents the directions of the Koran recitation grammatically including objects, meanings, and syntax.
 Chapter three presents the Koran recitations including supplementary and letters of meanings.
There are some of the most important scientific results which have got in this study that Al_Tabarsi was refuser who did not effect on his ideology. He presents the Koran recitation grammatically and objectively.
He depends on what had been said by Abi Ali AL_Farisi, Ibn Khalwia and other scholars of the Koran recitation.

المصادر والمراجع:

1.    مجمع البيان لعلوم القرآن، الفضل بن الحسن الطبرسي، ( مجمع البيان في تفسير القرآن ) طبعة دار المعرفة الثانية في بيروت 1408 هـ - 1988 م.
2.    القراءات عند الطبرسي في تفسير مجمع البيان لعلوم القرآن دراسة نقدية مقارنة ، إعداد محمد أحمد عبد الحليم.رسالة ماجستير في التفسير وعلوم القرآن – الجامعة الأردنية – آب2016 م.
3.    التوجیهات النحوّیة للقراءات القرآنیة في كتاب مجمع البیان في تفسیر القرآن للطبرسي ، عمر محمد السعودي، جامعة مؤتة، 2015م.
4.    التفسير والمفسرون، الدكتور محمد السيد حسين الذهبي، الناشر: مكتبة وهبة، القاهرة.
5.    مذاهب التفسير الإسلامي، جولدتسيهرـ تعريب الدكتور عبد الحليم النجار.
6.    النشر في القراءات العشر، ابن الجزري، تحقيق الشيخ علي محمد الضباع،الناشر : المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية].
7.    النحو وكتب التفسير ، الدكتور إبراهيم عبد الله رفيده، ليبيا، الناشر: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة الثالثة سنة النشر: 1990.
8.    كشف الاتجاه الرافضي في تفسير الطبرسي الموسوم بمجمع البيان، أحمد طاهر أويس، رسالة ماجستير، السعودية، الحامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
9.     الذريعة إلى تصانيف الشيعة العلامة الشيخ آقا بزرگ الطهراني الجزء العشرون، الطبعة الثانية، دار الأضواء بيروت.
10.  النشر في القراءات العشر، ابن الجزري، تحقيق الشيخ علي محمد الضباع، الناشر : المطبعة التجارية الكبرى.




[1] ولد الطبرسي في مدينة مشهد سنة 468 أو 469هـ وتوفي سنة 548 هـ في مدينة سبزوار ثم نقل الى مشهد الإمام الرضا عليه السلام.
[2] راجع ص 77 من ج2 كتاب التفسير والمفسرون فما بعدها للدكتور محمد السيد حسين الذهبي (المتوفى: 1398هـ) ، وهو من المعتدلين رغم ما أثار تعجبي في ختام نصّه الذي ستراه، وقد عقد له 33 صفحة من الجزء الثاني..
وراجع في المسألة ج1 ص 33 فما بعدها من كتاب التفسير والمفسرون وموافقة الذهبي لجولدتسيهر في مقولته: "كذلك يصدق على القرآن ما قاله في الإنجيل العالم اللاهوتي بيترفيرنفلس peter werenfels  : "كل امرئ يطلب عقائده في هذا الكتاب المقدس، وكل امرئ يجد فيه على وجه الخصوص ما يطلبه."ص3 من كتابه مذاهب التفسير الإسلامي تعريب الدكتور عبد الحليم النجار.
[3] راجع ص 777 إلى 802 من ج 2 من كتاب النحو وكتب التفسير ، الدكتور إبراهيم عبد الله رفيده، ليبيا، الناشر: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة الثالثة سنة النشر: 1990.
 وراجع أيضا كشف الاتجاه الرافضي في تفسير الطبرسي الموسوم بمجمع البيان، أحمد طاهر أويس، رسالة ماجستير، السعودية، الحامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
[4] ص 77 ج1 من طبعة دار المعرفة الثانية في بيروت 1408 هـ - 1988 م ومع ذلك فقد جعلت الدار عنوانه:"مجمع البيان في تفسير القرآن" .  
[5] وهو يعمّ ما انتزع من الأصل وما انتزع من الحواشي مثل "تجريد المنطق" للطوسي  راجع: "تجريد حواشي الكتاب العربي المخطوط" https://www.alukah.net/culture/0/121554/
[6] الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 20، ص 24
[7] الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ١٣، ص 341
[8] نشر المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تفسير "مجمع البيان" للطبرسي في طهران (١٩٩٧) عن النسخة التى نشرتها دار التقريب في القاهرة (١٩٧٠).
[9] ج 2 ص 78 ، كتاب التفسير والمفسرون، م.س.
[10] ج 2 ص 565 ، رفيدة :م.س.حاشية 3
[11] ج 2 ص 777 إلى ص 802 ، رفيدة : م.س.
[12] أحمد بن موسى بن العباس التميمي، أبو بكر بن مجاهد البغدادي، ( 245 - 324 هـ = 859 - 936 م)، كبير العلماء بالقراءات في عصره. له كتاب قراءة السبعة. قال الحافظ ابن الجزري(ت:833هـ) في كتاب النشر في القراءات العشر: "أوّل من اقتصر على قراءات هؤلاء السبعة فقط".
[13] ص 36 ج1 ، النشر في القراءات العشر، ابن الجزري، تحقيق الشيخ علي محمد الضباع،الناشر : المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية] وتمام قوله:" وَإِنَّمَا أَطَلْنَا هَذَا الْفَصْلَ لِمَا بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةَ هِيَ الَّتِي عَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ، أَوْ أَنَّ الْأَحْرُفَ السَّبْعَةَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ قِرَاءَةُ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ، بَلْ غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْجُهَّالِ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةَ هِيَ الَّتِي فِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ وَأَنَّهَا هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ يُطْلِقُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَيْنَ الْكِتَابَيْنِ أَنَّهُ شَاذٌّ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُطْلِقُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ شَاذًّا، وَرُبَّمَا كَانَ كَثِيرٌ مِمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ وَعَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ أَصَحَّ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا فِيهِمَا، وَإِنَّمَا أَوْقَعَ هَؤُلَاءِ فِي الشُّبْهَةِ كَوْنُهُمْ سَمِعُوا: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَسَمِعُوا قِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ فَظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ السَّبْعَةَ هِيَ تِلْكَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا ; وَلِذَلِكَ كَرِهَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ اقْتِصَارَ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَلَى سَبْعَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَخَطَّئُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَلَا اقْتَصَرَ عَلَى دُونِ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ زَادَهُ أَوْ بَيَّنَ مُرَادَهُ؟ لِيُخَلِّصَ مَنْ لَا يَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ.
[14] ص 791

ألبوم الصور