المرؤة نصف صلاح الحال وشئ من التعقل يدفع إلى الكمال
هل تعلم معنى إسم الأنثى مرفت أو ميرفت ؟هل تعرف صاحب مروة ؟
أما الإسم فهو تصحيف عربي لكلمة Mervat التركية باستعادتها إلى أصلها العربي مروَّة المخففة من مروءة بحذف الهمزة وتضعيف (تشديد ) الواو , فالترك والفرس أخذوا الكلمة بمعناها العربي لكنهم كتبوها بالتاء الطويلة ( مروَّت ) وهم يلفظون الواو : v
لم أدر سبب الربط بين المرؤة وكمال الرجولية في المعاجم القديمة حيث جاء قولهم المروءة هي كمال الرجولية، مصدر من: مَرُؤ يَمْرُؤ مُروءة، فهو مَرِيء أي: بَيِّن المروءَة، وتَمَرَّأ فلان: تَكَلَّف المروءَة. وقيل: صار ذا مُروءَةٍ، وفلان تَمَرَّأ بالقوم: أي سعى أن يوصف بالمروءَة بإِكرامهم، أَو بنقصهم وعَيْبهم .
وكان حقهم أن يقولوا هي كمال في الإنسانية كما بعض المعاجم الجديدة. جاء في المعجم الوسيط المُرُوءَةُ : آدابٌ نفسانيَّةٌ تحمِلُ مُراعاتُها الإنسانَ على الوقوف عند محاسِن الأخلاق وجميل العادات ، أَو هي كمال الرُّجوليَّة .
حدثني أحد الأصدقاء أنه كان أثناء فترة التهديد الأمريكي بضرب سوريا وانعكاساته في زيارة لأحد التجار في صور فوجده متوترا جدا واستقبله بسيل من الأسئلة , قال الصديق : حاولت تهدئة روعه وكان يزداد في ذكر المخاطر فقلت لإنهاء الموضوع يا أخي آخرتها موتة ؟ فأجابني أنت لا يهمك الموت , أنت رجل مؤمن تصلي وتصوم و... أما أنا فلست مهيأ له بعد.
قال الصديق عن صاحبه هو هكذا على أنه صاحب مروَّة . وقد يكون لكل منا من يعرفه صاحب مرؤة يستنكف عن السفاسف والدنايا من سلوك البشر المحرَّم والمكروه لكنه يحتاج إلى تحريك عقله نحو الله لتكون هذه كلها طاعة ويزيدها ويرقيها بالتوحيد في كل نواحيه كما في حديث رسول الله صلَّى الله عليه وآله مع سفانة بنت حاتم الطائي التي خاطبته بعد الإتيان بها سبية و يروى أنها قالت : يا محمد، هلك الوالد، و غاب الوافد، فإن رأيت أن تخلي عني، فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني بنت سيد قومي! كان أبي يفك العاني ( الأسير)، و يحمي الذمار ( العهد) و يقري الضيف (يطعمه) و يشبع الجائع و يفرج عن المكروب و يطعم الطعام.. و يفشي السلام ، و لم يرد طالب حاجة قط، أنا بنت حاتم الطائي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” يا جارية، هذه صفة المؤمن، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه، خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، و الله يحب مكارم الأخلاق ”...
وبعض الموَّحدين يحتاج إلى خلق صاحب المرؤة ليسأله : أترضى أن يجدك أهلك أو جيرانك أو الشرطة أو الإسعاف محتضرا أو ميتا وأنت على مُحرَّم أو مكروه من سفاسف الأخلاق ؟
أقول المرؤة نصف صلاح الحال و التعقل من ذوي الألباب يدفع إلى الكمال .
تعالوا لنر هذه المعاني في الكتاب والسنَّة وأقوال الحكماء :
- خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ - الأعراف - الآية - 199 وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - الأعراف - الآية - 200
- إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ - النحل - الآية - 90
- إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ - آل عمران - الآية - 190 الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ - آل عمران - الآية - 191
- الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ - الزمر - الآية - 18
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله يحبُ معالي الأخلاق ويكره سفسافها .
- رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله جواد يحب الجواد ، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها .
- رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله جميل يحب الجمال ، ويحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها .
- رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللبيب من اشتغل بدينه عن كل أحد .
- الإمام علي ( عليه السلام ) : لا تكمل المروَّة إلا للبيب .
- الإمام علي ( عليه السلام ) : لو كنا لا نرجو جنة ، ولا نخشى نارا ولا ثوابا ولا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق ، فإنها مما تدل على سبيل النجاح .
- من دعاء الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : وَهَبْ لي مَعالِيَ الأَخْلاقِ وَاعْصِمْني مِنَ الْفَخْرِ
معنى المرؤَة اصطلاحًا : قال الماورديُّ: المرؤَة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد، ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق .
وقال ابن عرفة: المرؤَة هي المحافظَةُ على فِعْل ما تَرْكُه من مُباحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا... وعلى ترْك ما فعلُه من مُباحٍ يوجبُ ذَمَّه عُرْفًا... .
وقال الفيومي: المرؤَة آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات .
الشيخ علي خازم .السبت، 05 تشرين الأول، 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق