بين المِسْبَحَة والمِحْسَب
خاطرة بمناسبة عودة الحجاج وما يأتون به من هدايا خصوصا المسابح
عندما اشتريتُ لأول مرة مجموعة من الأغراض في مدينة قم تناول صاحب الدكان آلة خشبية كانت أمامه وأخذ يحرك بدوائرها
صعودا ونزولا ثم قال المجموع فاكتشفت أن ما كنت أشاهده شبيها لها في بيروت في محال لعب الأطفال ليست لعبة وإنما هي آلة حاسبة يدوية واكتشفت لاحقا أنها مستعملة في العراق وغيره من الدول العربية ولا تزال هناك شعوب متقدمة مثل اليابان والصين وبعض البلدان الغربية تٌعلّم كيفية استعمال هذه الآلة في المدارس بالإضافة إلى استعمالها الفعلي في كثير من المجالات عوضًا عن الآلة الحاسبة الإلكترونية. وعرفت لاحقا أن أصلها صيني وطورت في اليابان وروسيا وعرفت أن العرب أسموها المِحْسَب .
ساهم بل أبدع العلماء المسلمون عربا وغيرهم في تطوير علم الحساب والرياضيات عموما إنطلاقا من أسباب دينية كاحتساب الإرث وتحديد جهة القبلة وتعيين زوايا رؤية الهلال ...إلخ . ونقلوا عمليات الحساب من "عقد الأصابع" بثنيها بطريقة خاصة إلى الذهن والورق لكنهم لم يخترعوا آلة حاسبة بل استعملوا لاحقا نتاج غيرهم .
نعم اخترعوا المِسْبَحَة بعد أن كان عَدُّ النبي صلى الله عليه وآله على عقد الأصابع (وهي خطوط مفاصل الإصبع الثلاثة )وقيل إن السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها بعدما علمها النبي التسبيحة المنسوبة إليها (تسبيح الزهراء) اتخذت خيطا من الصوف شدت عليه عقدا بالعدد المطلوب واستخدمته ثم بعد استشهاد الحمزة عليه السلام جبلت طينا من تراب قبره وجعلته على كل عقدة , وقيل إن بعض الصحابة والتابعين عمد إلى العد بالحصى .
طورنا صناعة المسابح فابتدع الأمراء العباسيون مسابح اللؤلؤ وما زلنا نطور في صناعتها من أنواع مختلفة من الأخشاب والمعادن والجواهر , ونزيد أعداد حباتها تبعا للأوراد التي نعتمدها فوجدت المسبحة أم الألف حبة والتفتنا إلى أنها تأخذ حجما كبيرا فاستعرنا العداد الصيني اليدوي لهواة عد النجوم أو الذي كان يحتسب به عدد الداخلين إلى السينما لمقارنته بعدد البطاقات المشتراة ثم طورها لنا الصينيون فيما بعد لتصير عدادا إلكترونيا خاصا بالتسبيح يصل إلى الرقم 9999 مع ساعة ومنبه ثم صارت بشكل الخاتم وأخيرا صارت برامج إلكترونية على الكومبيوتر والخير لقدام ....
لم أعرف علة تأنيث المِسْبَحَة أو السُبْحَة ولا علة تذكير المِحْسَب في اللغة العربية .
لم نخترع ولم نطور آلة حاسبة ولم نطور آلة تسبيح لإن أكثرنا انشغل بالعد ِّ وبالعدد ....
بعض العبادات تحتاج إلى ضبط العدد وهو متناه فيها ولا نحتاج إلى أكثر من أصابع اليدين لضبطها ..
لكن الأمر بالتسبيح غير متناه إلى عدد وغير متوقف علينا كبشر فهو قائم بغيرنا من خلق الله
والأمر بالإعداد غير متناه إلى مدى لكنه فَرْضٌ علينا كبشر
فلماذا نترك الفرض ونكتفي بالمستحب بل ونجعل له شرابة ؟!
الشيخ علي خازم , الخميس، 24 تشرين الأول، 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق