حكم العورة سترا وكشفا أمام الصبي والصبية المميزين
كنا نشاهد التلفزيون في فاصل إعلاني أثناء نشرة الأخبار المسائية لإحدى القنوات التلفزيونية وهي (النشرة) تبدأ قبل الإفطار الرمضاني عندنا في لبنان هذه السنة , وإذ فوجئت بحفيدي يصرخ " شو هيدا كلما شلحت بيطلع تياب ..تياب " .
لا تكن نياتكم عاطلة فالصبي يطلب تفسيرا لكيفية إرتدائها هذا الكم من الثياب فقط وليس الذي ذهبتم إليه وإن بدأت علامات التمييز تظهر عليه .
وبين الكلام لمن يتساءل كيف أسمح له بحضور التلفزيون معي أقول أنا صاحب شعار "علِّم ورَبِّي وحَرِّر " ولي عليه دليل أذكره لاحقا , وقد اكتشفت نجاح هذا الأسلوب عندما أخبرتني مزهوة جدة أولادي لأمهم المرحومة الحاجة كوثر عيتاني أن إبني الصغير – سبع سنوات وقتها – طلب من خالته تغيير المحطة التي كانت تعرض مسلسلا يكثر فيه ظهور النساء بالمايوهات على الشاطئ لأنه عيب , "عرفتوه يا عيب الشوم عليكم كنتو تحضروه !! "
بالعودة إلى التمييز ما هي علاماته وما هو الحكم عند ظهورها ؟ وهو أعم من موضوع الستر إذ يرد البحث عنها أيضا في العبادات والمعاملات والجنايات من الصِبْيَةِ المميزين كما ذكرت في حكم الصغير إذا سرق .
سنتوقف في هذه المقالة على قضية العورة في الإنسان من جهة وجوب سترها عن من يسمى في الفقه عند كل المذاهب ب "الصبي المميز" أو الصبية وهل هما من مصاديق "الناظر المحترم" وعن الموقف الشرعي لوليهما من جهة تمكينهما من المشاهدة.
العورة هنا هي ما ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى :
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ - النور - الآية - 30 وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - النور - الآية - 31 .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - النور - الآية - 58 .
والصبي عند أهل اللغة من لم يبلغ الفطام كما قال عمرو بن كلثوم في ختام معلقته مفتخرا :
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ === تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا
ولكنه عند الفقهاء الصغير دون سن التكليف ولبعضهم تقسيم لهذه المرحلة الزمنية إلى طفولة , فغير مميز , فمييز . فإذا بلغ إنقطعت المرحلة به وصار بالغا تبعا لقوله تعالى : " أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء " كما رأينا في الآية , فتكون علامة التمييز في موردنا هي قدرة الولد على تمييز أعضاء الإنسان بما جاء في لسان بعض الروايات عن أهل البيت " يُحْسِن أن يَصِفَ " ما يرى وينقل وصفه للبالغين مميزا الذكورة والأنوثة وعلاماتها .
أما العورة فهي بدنية وزمانية بحسب سورة النور الآياتان (31 و 58 ) , ومكانية تبعا لقوله تعالى : وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا - الأحزاب - الآية - 13 , والأخيرة خارجة عن موضوع بحثنا كما هو واضح .
في العورة البدنية عند الرجال والنساء يجري الكلام في العورة المُغَلَّظة وغيرها وتحديدهما وهذا يرجع في بيانه إلى تقليد المُكَلَّف , أما العورة الزمانية فهي الأوقات التي يتحرر فيها الزوجان من قيود اللباس حتى المحتشم منه فيما بينهما في غرفة نومهما ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر وفي وقت القيلولة النهارية , فهنا يتأكد لزوم تعليم الأولاد (والخَدَم) وجوب الاستئذان على الأبوين حنى لا يفاجئاهما على حال أو على وضع لا يليق أو لا يجوز أن يرياهما عليه.
وأما تكليف الأولياء بالنسبة إلى الأولاد بشأن المشاهدة سواء المباشرة أو غيرها كما في التلفزيون والنت فإنه إيصالهما إلى حالة "غض النظر عن المحرمات " ذاتيا بالبيان أولا وبالإنضباط الدافع للتأسي بهما من الأبوين ثانيا ولتكن المتابعة بعيدة عن المراقبة التشكيكية التي تؤدي عكس المطلوب غالبا .
اللهم يا جَليلُ يا جَميلُ , يا من عَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ اِدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ وَانْحَسَرَتِ الاْبْصارُ دُونَ النَّظَرِ اِلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ وفقنا لنكون من الوافِدين اِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ، المُريدين وَجْهَكَ ومن المتلذذين بالنظر إلى كل بديع صنائعك التي قلت في بعضها وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .
الشيخ علي خازم الثلاثاء، 23 تموز، 2013 / 16 رمضان ، 1434
كنا نشاهد التلفزيون في فاصل إعلاني أثناء نشرة الأخبار المسائية لإحدى القنوات التلفزيونية وهي (النشرة) تبدأ قبل الإفطار الرمضاني عندنا في لبنان هذه السنة , وإذ فوجئت بحفيدي يصرخ " شو هيدا كلما شلحت بيطلع تياب ..تياب " .
لا تكن نياتكم عاطلة فالصبي يطلب تفسيرا لكيفية إرتدائها هذا الكم من الثياب فقط وليس الذي ذهبتم إليه وإن بدأت علامات التمييز تظهر عليه .
وبين الكلام لمن يتساءل كيف أسمح له بحضور التلفزيون معي أقول أنا صاحب شعار "علِّم ورَبِّي وحَرِّر " ولي عليه دليل أذكره لاحقا , وقد اكتشفت نجاح هذا الأسلوب عندما أخبرتني مزهوة جدة أولادي لأمهم المرحومة الحاجة كوثر عيتاني أن إبني الصغير – سبع سنوات وقتها – طلب من خالته تغيير المحطة التي كانت تعرض مسلسلا يكثر فيه ظهور النساء بالمايوهات على الشاطئ لأنه عيب , "عرفتوه يا عيب الشوم عليكم كنتو تحضروه !! "
بالعودة إلى التمييز ما هي علاماته وما هو الحكم عند ظهورها ؟ وهو أعم من موضوع الستر إذ يرد البحث عنها أيضا في العبادات والمعاملات والجنايات من الصِبْيَةِ المميزين كما ذكرت في حكم الصغير إذا سرق .
سنتوقف في هذه المقالة على قضية العورة في الإنسان من جهة وجوب سترها عن من يسمى في الفقه عند كل المذاهب ب "الصبي المميز" أو الصبية وهل هما من مصاديق "الناظر المحترم" وعن الموقف الشرعي لوليهما من جهة تمكينهما من المشاهدة.
العورة هنا هي ما ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى :
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ - النور - الآية - 30 وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - النور - الآية - 31 .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - النور - الآية - 58 .
والصبي عند أهل اللغة من لم يبلغ الفطام كما قال عمرو بن كلثوم في ختام معلقته مفتخرا :
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ === تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا
ولكنه عند الفقهاء الصغير دون سن التكليف ولبعضهم تقسيم لهذه المرحلة الزمنية إلى طفولة , فغير مميز , فمييز . فإذا بلغ إنقطعت المرحلة به وصار بالغا تبعا لقوله تعالى : " أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء " كما رأينا في الآية , فتكون علامة التمييز في موردنا هي قدرة الولد على تمييز أعضاء الإنسان بما جاء في لسان بعض الروايات عن أهل البيت " يُحْسِن أن يَصِفَ " ما يرى وينقل وصفه للبالغين مميزا الذكورة والأنوثة وعلاماتها .
أما العورة فهي بدنية وزمانية بحسب سورة النور الآياتان (31 و 58 ) , ومكانية تبعا لقوله تعالى : وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا - الأحزاب - الآية - 13 , والأخيرة خارجة عن موضوع بحثنا كما هو واضح .
في العورة البدنية عند الرجال والنساء يجري الكلام في العورة المُغَلَّظة وغيرها وتحديدهما وهذا يرجع في بيانه إلى تقليد المُكَلَّف , أما العورة الزمانية فهي الأوقات التي يتحرر فيها الزوجان من قيود اللباس حتى المحتشم منه فيما بينهما في غرفة نومهما ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر وفي وقت القيلولة النهارية , فهنا يتأكد لزوم تعليم الأولاد (والخَدَم) وجوب الاستئذان على الأبوين حنى لا يفاجئاهما على حال أو على وضع لا يليق أو لا يجوز أن يرياهما عليه.
وأما تكليف الأولياء بالنسبة إلى الأولاد بشأن المشاهدة سواء المباشرة أو غيرها كما في التلفزيون والنت فإنه إيصالهما إلى حالة "غض النظر عن المحرمات " ذاتيا بالبيان أولا وبالإنضباط الدافع للتأسي بهما من الأبوين ثانيا ولتكن المتابعة بعيدة عن المراقبة التشكيكية التي تؤدي عكس المطلوب غالبا .
اللهم يا جَليلُ يا جَميلُ , يا من عَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ اِدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ وَانْحَسَرَتِ الاْبْصارُ دُونَ النَّظَرِ اِلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ وفقنا لنكون من الوافِدين اِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ، المُريدين وَجْهَكَ ومن المتلذذين بالنظر إلى كل بديع صنائعك التي قلت في بعضها وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .
الشيخ علي خازم الثلاثاء، 23 تموز، 2013 / 16 رمضان ، 1434
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق