هذه الرسالة التي وجهتها إلى المؤتمر الدولي لتكون مسودة بيانه الختامي وحيث لم يؤخذ بعدد من اقتراحاتي فيها على أنهم وعدوني بنشرها في الكتاب الخاص , فإنني أنشرها هنا مبينا رأيي في عدد من القضايا المطروحة:
يعيش عالمنا العربي والإسلامي فتنا دامية وشقاقا ونزاعا مسلحا تشكل جميعها
خطرا وأذى واقعا على المجتمعات وعلى الأفراد في حياتهم الإنسانية اليومية , بل
وتشكل خطرا على مستقبل الدعوة الإسلامية وعلى صورة الدين الإسلامي في العالم كله.
إن العلماء المجتمعون في هذا المؤتمر تحسسا منهم بآلام وآمال مواطنيهم
مسلمين – على مذاهبهم - ومسيحيين وغيرهم, وفي مقابل المؤتمرات والدعوات الخادعة عن
دين الله خدمة للسلاطين وسياسات إسرائيل ورعاتها وداعميها , وقياما بوظيفتهم
الشرعية التي افترضها عليهم الله عزَّ وجلَّ
بقوله تعالى : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ
أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا - الأحزاب - الآية - 39
وقوله تعالى : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ
اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم
مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - آل عمران - الآية - 103
وقوله تعالى : وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - آل عمران - الآية - 104
وقوله تعالى : لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ
وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ - المائدة - الآية - 63
وانصياعا لخطاب رسول الله صلَّى الله عليه وآله:
" إِذا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فَلِيُظْهِر العالِمُ عِلْمَه وإلَّا فَعَلَيْه
لَعْنَةُ الله ".
يؤكدون على الأصول والمبادئ التالية:
أولا في الإسلام وتعددية المذاهب
1- المسلمون أمة واحدة كما قرر الكتاب العزيز:
إِنَّ هَذِهِ
أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ - الأنبياء - الآية - 92
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا
رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ - المؤمنون - الآية
- 52
وكما جاء في كتابه ( صلى الله عليه وآله ) بين المهاجرين
والأنصار ويهود يثرب :
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد
النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم
أمة واحدة من دون الناس ".
2- المذاهب في الإسلام مدارس في فهمه وهي ظاهرة
صحية ومصداق قوله صلَّى الله عليه وآله : " اختلاف أمتي رحمة ".
3- الحكم بالكفر بعد إظهار الإسلام شأن قضائي في أصله ولوازمه , وتنفيذ
الأحكام من مسؤوليات الدولة الإسلامية وليس من شؤون الأفراد والجماعات والأحزاب.
ثانيا في التكفير والقتل والموقف منه
القسمة الحصرية إلى مسلم وكافر جائرة فبين الإيمان
والكفر مراتب كالفسق والنفاق والابتداع ومجتمع صدر الإسلام شهد تعايش النبي صلى
الله عليه وآله مع الفسقة والمنافقين .
2- تزامنت بداية ظاهرة التكفير مع ظاهرة الغلو
في الدين إعتقادا وعملا في ما أظهرته فرقة الخوارج وهم مرجعية التكفيريين وليس
السلف الصالح .
3- لم يكفِّر أحد من أئمة المذاهب أحدا من أهل
القبلة بل احترموا حق المخالف بالخلاف .
4- الغلو والعصبية واتباع الهوى أهم أسباب
التكفير .
ثالثا في التكفير ومعاناة الأمة في الوقت الراهن
1- شيطنة الغرب وعملائه للمقاومة العسكرية في فلسطين ولبنان وانتصاراتها
على العدو الاسرائيلي أبقت ظاهرة الهزيمة النفسية وعززتها وهي إلى جانب العصبية
العمياء والأمية والجهل والبطالة مصنع الشخصية التكفيرية.
2- إقصاء أكثرية الأمة من آثار الفكر التكفيري في
طريق تنقية المجتمعات وهو بذلك أخطر أدوات هدم الإجتماع الإنساني الذي يحفظ حرية
وكرامة المواطنين.
3- المشروع الغربي القاضي بمزيد من التقسيم
للعالمين العربي والإسلامي هو المستفيد الوحيد في طريق حفظ مصالحه وحماية قاعدته
العسكرية المتقدمة إسرائيل.وهذه المحاولات تبدو جلية بعد السودان في الدول
الوازنة كليبيا وسوريا ومصر وأندونيسيا.
4- وسائل الإعلام ووسائط التواصل الإجتماعي
أدوات هامة في كلا السبيلين الفتنة ووأدها فينبغي إيلاءها ما تستحقه من اهتمام
وتعميم ثقافة الضوابط الشرعية في استخدامها واستقبالها.
رابعا في سبل مواجهة التكفير
1- علماء الأمة الإسلامية مطالبون باستخدام
مواقعهم العملية في إيجاد وإبقاء قنوات الحوار العلمي والتوعية والوعظ مع
التكفيريين.
2- يجب على المؤسسات الدينية الرسمية والأهلية
إعادة النظر في استراتيجيات وآليات التعليم والتبليغ الديني للوقاية من تسرب الفكر
التكفيري إلى الناشئة والبالغين على حد سواء.
3- الحركات والأحزاب والجمعيات الإسلامية مسؤولة
عن دين الناس وثقافتهم قبل استخدامهم في العمل السياسي وهي مطالبة بإعادة النظر
أيضا في برامجها الثقافية بما يخدم روح المواطنة وحق الإختلاف.
4- الحكومات والسلطة السياسية هي المسؤولة أولا
وآخرا عن تحسين فرص الحياة الإجتماعية والسياسية خدمة للأمن الإجتماعي الذي يحفظ
كرامة وحقوق المواطنين.
خامسا في وظيفة أفراد الأمة الإسلامية
أيها المسلمون إنَّ كل مصائبنا ناشئة من بقاء
إسرائيل وممن يعمل على حماية أمنها بتدمير أمننا وتشتيت قوتنا فلا يغرنَّكم عنها
من يقول إن الفئة الفلانية أو الفلانية من مواطنيكم أخطر عليكم منها لأنه
يستبدل العدو الذي عيَّنه الله بالعدو
الذي تقرره أميركا والله يقول : لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ
آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً
لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ
قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ - المائدة - الآية - 82
وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ
لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ
يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ - الأنفال - الآية - 24 وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ
ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ - الأنفال - الآية - 25
وقال تعالى : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا
وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ
شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - آل عمران
- الآية - 103
وقال عز من قائل : وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ
وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ - الأنفال - الآية -
46
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم
بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ - الأنعام - الآية
- 153
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ
بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا
زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ - النور - الآية -
21
أخيرا نداء إلى الحكومات والمنظمات الإسلامية والدولية
قوموا بواجباتكم في تفعيل المواثيق والاستراتيجيات والتفاهمات ولا تكونو في
صف المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون ويكيلون بمكيالين ويبدون خلاف ما يضمرون
فإنكم بذلك تسيرون بالإنسانية نحو الهدف الشيطاني النهائي لإسرائيل في حكم العالم
وتدمير القيم السماوية التي كرمت بني آدم وأنتم بذلك أول العبيد في دولتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق