الإحساس بالعزوبة وأحلى العزاب
لم يكن عاملا عاديا لرش المبيدات الذي استقدمته بل جاءني مهندس فلما رأى المكتبة وخزانة المخطوطات تحديدا قال لا يكفي الرش العادي مع الكتب فلا بد من إطلاق عبوة غاز لكنها تستدعي خروجك من البيت لأكثر من يومين وإجراءات بعدها فهل يمكنك ذلك؟ , ولما كنت لا أجد من يقدم خدمة تعقيم المخطوطات في لبنان أدهشني عن أنني كنت موطنا نفسي على غياب يسير لا يتجاوز الساعات , رحَّبت بالفكرة وهيأت بعض أغراضي على عجل للمغادرة إلى عدلون مفترضا وجود أغلب ما أحتاجه هناك وكانت المفاجأة أنني نسيت بعض الضروري بل المفاجأة الأكبر عدم وجود ما احتاجه من ملابس في ظل التعرق الشديد بسبب الحر والرطوبة وانقطاع الكهرباء مع عدم وجود اشتراك بموتور.
اضطررت إلى غسل بعض الثياب يدويا ونشرها و... فاستعدت إحساس أيام العزوبة وأيام الغربة منفردا , أيام العزوبة أيام الحجز ومنع المأذونيات في خدمتي العسكرية في الجيش اللبناني صيف 1975 وأيام الغربة عندما ذهبت إلى قم شتاء 1986 مستطلعا إمكانية العودة مع العائلة لمتابعة الدراسة .
أيام الجيش جئت بتنكة جبنة عكاوي فارغة من مطبخ الثكنة في حمانا وركبت الموقدة قرب ما كان مجعولا للاستحمام في الهواء الطلق , غليت الثياب وعكيتها وفوفحتها ونشرتها على قساطل الدوشات الممدودة تحت الشمس .
في قم لم أحتج إلى المياه الساخنة فهي متوفرة في الحمامات , ولا إلى منشر فرادياتير شوفاج غرفتي في المدرسة الحجَّتية يكفي لتنشيفها , لكنني كنت أحتاج إلى السير على الثلج للتنقل بين الغرفة ومجمع الحمامات .
العسكريون المحجوزون في الخدمة والمقاومون الذين حبسوا أنفسهم على جبهات المواجهة مع العدو يعيشون في ما يعيشونه هذه الحالة .
هم أحلى وأجمل العزاب فلهم ألف تحية وخالص الدعاء.
ع.خ, السبت، 16 آب، 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق