مكية كلها عن ابن عباس وقال الكلبي ومقاتل مكية إلا آخر
آية منها نزلت في عبد الله بن سلام وقال سعيد بن جبير كيف تكون هذه الآية نزلت في
عبد الله بن سلام والسورة كلها مكية وقال الحسن وعكرمة وقتادة إنها مدنية إلا آيتين
نزلتا بمكة ولو أن قرآناً سُيِّرت به الجبال وما بعدها.
(عدد آيها)
أربعون وسبعة شامي وخمس بصري أربع حجازي ثلاث كوفي.
(اختلافها)
خمس آيات لفي خلق جديد الظلمات والنور غير الكوفي الأعمى
والبصير وسواء الحساب شامي من كل باب عراقي شامي.
(فضلها)
أبي بن كعب عن النبي (ص) قال من قرأ سورة الرعد أعطي من الأجر
عشر حسنات بعدد كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة وكان يوم القيامة من
الموفين بعهد الله تعالى وقال أبو عبد الله (ع) من أكثر قراءة الرعد لم يصبه الله
بصاعقة أبداً وإن كان مؤمناً دخل الجنة بغير حساب وشفع في جميع من يعرفه من أهل
بيته وإخوانه.
(تأويل رؤيتها في المنام)
ومن قرأ سورة الرعد كان حافظاً للدعوات ويسرع إليه
الشيب.
قال ابن سيرين من قرأها يزداد في قراءة القرآن إن كان من
أهله وإلا فهو تسبيح وتهليل.
وقال الكرماني تزداد طاعته وفعله الخيرات وقيل أنه أمن
من مخافة الملك.
وقال جعفر الصادق (ع) ربما يقرب أجله.
الذكر والطمأنينة
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله
تطمئن القلوب) 28 الرعد.
تدور آيات السورة المباركة في إطار تثبيت القلوب على
الإيمان برسالة سيدنا محمد (ص) واعتبار القرآن الكريم المعجزة الكافية في الدلالة
على كونه مبعوثاً من الله عز وجل لهداية الناس إلى الطريق الصحيح للطاعة والعبادة
وإن آياته هي الذكر المقتضي للهداية والإطمئنان (ألم تلك آيات الكتاب والذي أنزل
إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) والقارئ يلاحظ في السورة تكرار
الحكاية عن الكافرين الطلب لآية كونية أو معجزة مادية تبعدهم عن الضلال وتقربهم من
الهدى.
(ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إنما
أنت منذر ولكل قومٍ هاد ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله
يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب) 27.
إن الجواب الإلهي تقدمه السورة على دفعتين، فعلى القول
مرة أولى يأتي الجواب ببيان السلطة الإلهية على هذه الكائنات المادية وتصرفه هو
فيها وذكرها وتسبيحها له دلالة معرفتها.
هذا الجواب يأتي بالترتيب في الآيات 2- 4 والتي تذكر رفع
السماوات بغير عمد وحركة الشمس والقمر وبسط الأرض وخلق الجبال والأنهار والثمرات
والبساتين ثم بعد حكاية قولهم في الآية السابقة يذكرهم بآيات البرق والرعد
والصواعق وطاعة من في السموات والأرض بالتزام السنن ويستدل عليهم بأن "له
دعوة الحق" حيث يستجيب لمن يعرفه حق المعرفة بينما لا تستجاب دعوات الذين
يتوجهون إلى صور هي كلها من دونه من الآية 8 فما بعد والسورة عموماً فيها الكثير
من هذه الآيات على أن نسبة الإعجاز فيها دائماً لله تعالى.
ولهذا السياق مع التأمل دلالاته في إرادة المولى إعزاز
القرآن الكريم بوصفه المعجزة التي تكفي في ثبوت دعوى النبوة. وإن الضلال عنها أو
الهدى إليها لا يحتاج إلا إلى الذكر وهو الإلتفات إلى كل ما هو قائم حولنا في هذه
الطبيعة، وحيث أن القلوب غافلة عن إدراك ذلك الإعجاز، فإن آيات الكتاب الكريمة
بنفسها معجزة بحد ذاتها.
(ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم
به الموت بل لله الأمر جميعاً...) الآية.
هؤلاء القوم أصروا على ربط اهتدائهم إلى الطريق الحق
بالآية الكونية على يد الرسول والله يقول لهم إن لهذا القرآن بآياته أن تُسيَّر به
الجبال وتقطع الأرض وهو يكلم به الموتى ولكنهم عموا عن ذلك.
هذا العمى المؤدي إلى الضلالة ناشئ عن ترك الإنابة
والرجوع إلى الله الحق لأن الإضلال عمل ثبوتي مستقل فكما نلاحظ بالعودة إلى
الآيتين 7 و27 إنّ آخر الآية يجيب على قولهم بالإشارة إلى النبي (قل إن الله يضل
من يشاء ويهدي إليه من أناب) وفي ترك القول ويهدي إليه من يشاء والإستعاضة عنه بـ
(ويهدي إليه من أناب) كفاية في الدلالة على ما قلناه.
والآن، من هو المنيب الذي استحق الهدى :
(ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن
الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب (27) الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا
بذكر الله تطمئن القلوب (28)).
إن المؤمن العارف بالله الحق المسبح بحمده المنزه له
والذي كيفما التفت وتحرك لاحظ أن الله حفيظ عليه ومن حوله فكان ذاكراً أن له
سبحانه وحده دعوة الحق تلك الدعوة التي تستجلب الطمأنينة وتدفع القلق وهذا هو
الذكر القلبي وهناك ذكر لفظي أعلى مراتبه القرآن الكريم كما عرفنا وثمة وجه آخر في
بيان أن القرآن هو أحسن الذكر وذلك بالتأمل في مقابلة ما ذكرناه بقوله تعالى في
سورة التوبة (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً... وإذا ما
أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد..) 124- 127. بل إن القرآن نفسه
يشهد بذلك (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون) 50 الأنبياء.
وإذا ما أردنا الطمأنينة والسعادة الحقة فإنها لن تكون
إلا بالتوجه القلبي والعقلي واللساني إلى المولى الحق العزيز الكبير المتعال
وبإجراء الجوارح عملاً بأوامره في هذه الدنيا وإلا كنا كما قال القائل :
تعصي الإله وأنت تزعم حبه
إن
المحب لمن يحب مطيع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق