تصدير موسوعة علماء الشيعة في لبنان بقلم سماحة الشيخ علي خازم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , وصلواته أبدا على سيد
المرسلين محمد وآله الطاهرين .
يستمر الإنسان في
الحياة ما شاء الله له أن يُعمِّر فيها ولكن طعمها يصنعه نفسه لنفسه بالحوافز
والأهداف ولغيره بمثيرات الرغبة في الإنغماس فيها إبداعاً وعطاءً.
بعض البشر يفقدون
الحوافز والأهداف فتصير حياتهم عبئاً على أنفسهم وعلى محيطهم .
بعض البشر يصيرون
عبئا على أنفسهم ومحيطهم لكن لا على النحو السابق بل على نحو قول الشاعر المتنبي :
كُلَّ يَوْمٍ لكَ احْتِمالٌ جَديدٌ ومَسيرٌ للمَجْدِ فيهِ مُقامُ
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
ومن هؤلاء صاحب
هذه الموسوعة الحاج محمد حسين مروة إبن التسعين سنة الذي حوَّل حياته مدرسة شعارها
الحديث النبوي " اغْدُ عَالِمًا
أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُنْصِتًا أَوْ مُحِبًّا لِذَلِكَ ، وَلا تَكُنِ
الْخَامِسَ فَتَهْلَكَ "فامتنع في محيطه الكسل وإن كنا نغافله أحيانا
فيتغافل عنا ثم ينصَبُّ علينا بموجه فيضطرنا إلى أدواتنا لنستمر في معايشته .
قصة هذا الكتاب :
تأسس المركز
الثقافي العاملي في سنة 1978 بمبادرة من
السيد محمد حسن الأمين والسيد هاني فحص واتخذ مقرا له في شقة في محلة رأس النبع ,
بيروت . وقرر في جلسته التي عقدت بتاريخ 29 - 12 - 1978 تكليف السيد محمد مرتضى
والسيد عبدالله الأمين مراجعة موسوعة أعيان الشيعة واستخراج أعيان العامليين منه
كما ترى في صورة محضر الجلسة.
لم ير المشروع
النور , وظلت فكرته تدور في رأسي حتى رأيت بعض مسودات الجزء الثاني من " كشكول
أبو هادي" ولاحظت كثرة تراجم العلماء وصورهم فيه فاقترحت عليه القرار الفكرة
مع تعديل بالإقتصار على تراجم علماء الدين دون غيرهم من الأعيان أمراء وأدباء
وشعراء , وفوجئت به بعد أيام وقد أنجز تقميش معظم التراجم من نسخة الأعيان القديمة
التي بحوزته ... وبدأت رحلة السنوات الثلاث التي يحدثكم عنها المؤلف في مقدمته .
عنوان الكتاب :
حيث إن التراث
الديني يشكل جزءا أساسيا من التركيب الثقافي للشخصية فإن للمدارس الدينية المتعددة
في لبنان أهميتها وتتجلى خصوصيتها فضلا عن أهميتها إذا صارت مؤثرة على مستوى الدين
أو المذهب في سائر البلاد التي ينتشران فيها , ومن هذا التأثير ما أوجده علماء جبل
عامل(والبقاع وطرابلس) المسلمون الشيعة (اللبنانيون) في الشام والعراق والجزيرة العربية وإيران حيث
ينسب لهم الفضل الكبير في نشر العلوم الدينية بل والإبداع والتجديد فيها , ويأتي
هذا الكتاب ليضيف لبنة في البناء الثقافي اللبناني عبر التعريف بشخصيات المسلمين
الشيعة الدينية ومدارسهم ودرسهم وتدريسهم بما يساعد على إعادة الإعتبار للخصوصية
"اللبنانية" في التعددية التي عاشوها عبر قرون في مناطقهم وبلداتهم وقراهم
إشتراكا أو مجاورة وإن لم يكن " الكيان اللبناني " قد تأسس بعد .ولذلك
فإن قراءة العنوان ينبغي لها أن تتم في ضؤ هذه الرؤية المنفتحة وليس برؤية ضيقة.
أهمية الكتاب والحاجة إليه :
يشكِّل الكتاب
مادة مرجعية موثوقة متخصصة للتعريف بأعلام رجال الدين الشيعة في لبنان ويحتاجها كل
باحث أو طالب أكاديمي , وسيقف هذا الكتاب - بإذن الله - إلى جانب أقرانه من كتب
التعريف بالأعلام . كما أنه يشكل بجداوله وخلاصاته مادة يمكن الإنطلاق منها في
أبحاث معمقة تحت أكثر من عنوان .
مستقبل الكتاب :
خلت هذه الطبعة من
بعض العناوين التي كان مقررا لها أن تكون فيها لسببين الأول أن الحاج - أمده الله
بالصحة والعافية - أراد وبشدة أن يشهد ولادة عمله هذا , والثاني أنها وإن كانت لتشكل
إضافة تفصيلية على أصل فكرة الكتاب ولكن تركها لا يضر بها ويمكن استلحاقها في
الطبعة الثانية بحيث تكون قد نضجت تماما.
ختاما :
إذ أقدم هذه
الموسوعة بكل ثقة إلى الأجواء العلمية فإني أبارك للمؤلف وأسرته بوليده هذا
مستبشرا به خيرا وأرى أنه قد أسدى به خدمة جلى للباحثين وأحيا من مجد آل مروة
العائلة العلمية الدينية العريقة ما تفخر به ولعله يكون مشجعا لاستعادة دورها في
جبل عامل خصوصا ولبنان عموما , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ علي حسن
خازم , بيروت في الثامن من محرم الحرام 1435 هجرية الواقع فيه 12 تشرين الثاني،
2013 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق