الفراغ بين الفكر والواقع - القسم الثالث والأخير
عرفنا أن الإنسان
يفرغ بعضه كمعدته وفؤاده , وأنه يفرغ كل جسده بمعنى الموت حيث يقال فرغ الرجل مات
لخلو جسده من روحه , وأضيف هنا أنه قد يفرغ الحيُّ أيضا ويخبر عن نفسه : فرغت ,
وتكون القرينة المقامية أو المقالية دالة على المفروغ منه .
وعرفنا أن الفراغ
موجود ونزيد هنا في الدلالة عليه ما ورد في الحديث الشريف عن الفراغ بأنه خصلة أو
نعمة لورود وصفه بلفظيهما.
قال النبي صلى الله
عليه وآله : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس
الصحة والفراغ[1] .
وفي رواية : الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان [2] .
وفي وصيته صلى
الله عليه وآله لأبي ذر : يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ[3] .
عن ابن عباس قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نعمتان مفتون فيهما كثير من الناس الفراغ والصحة[4] .
عن إبن عباس رضي الله
عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ[5] .
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ان الصحة والفراغ نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس[6].
عن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الصحة والفراغ نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير
من الناس[7] .
وقال صلى الله عليه
وآله : خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما الصحة والفراغ[8] .
عنه صلى الله عليه وآله : خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما الصحة والفراغ[9] .
والنعمة خير يصل إلى المرء في دينه أو دنياه وعكسها نقمة أو بؤس , و حالة
يستلذُّها الإنسان .
أما الخَصْلة فهي خُلُقٌ في الإِنْسَانِ بمعنى
الْخَلَّةُ الْفَضِيلَةُ ، كَمَا أَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَرِدَ بِمَعْنَى
الرَّذِيلَةِ كالقول كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ النِّفَاق .
وبالجمع بين كون الفراغ نعمة وخصلة يكون
الإنسان مطالبا بالحفظ والشكر وعدم التضييع والجحد للنعمة , ومطالبا بتحليتها بكل
فضيلة علمية أو عبادية أو عملية لتكون من خصال الإيمان .
هكذا نفهم ما كانَ مِنْ دُعاء الإمام زين العابدين علي بن الحسين عَلَيْهِ
السَّلامُ في مَكارِمِ الاْخْلاقِ وَمَرْضِىِّ الاْفْعالِ : أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى
مُحَمَّد وَآلِهِ، وَارْزقني صِحَّةً في عِبادَة، وَفَراغاً في زَهادَة، وَعِلْماً
فِي اسْتِعْمال، وَوَرَعاً في إِجْمال.
فإنه سلام الله
عليه قد حمع في دعائه ما ورد عن جده صلى الله عليه وآله مع توجيهنا لكيفية
الإستفادة منه .
وبالعودة إلى
قوله تعالى مؤدبا النبي صلى الله عليه وآله بخير الخصال : فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ - الشرح - الآية - 7. فإننا نستفيد منها أن لا
فراغ بمعنى القعود عن العمل بل كلما فرغت من عمل فتحول إلى آخر , وهكذا تكون
الراحة الحقيقية عند الفراغ من عمل أو التعب منه بعمل مختلف أقل إجهادا ولا أقل من
التَفَكُّر.
ملؤ الوقت بالعلم
أوبالعمل يحفظ نعمة الفراغ ويثمر خصلة مفيدة لمن حولك .
قال "إبن العميد"
:
ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن
شوامخ
وقال أبو نواس :
إذا ما خلوت الدهر
يوماً لا تقل .. خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل
ساعة .. ولا ان ما يخفى عليك يغيب
لهونا بعمر طال حتى
ترادفت .. ذنوب على آثارهن ذنوب
الشيخ علي خازم ,
الإثنين، 02 كانون الأول، 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق