قياس الأحكام الشرعية على بعضها بين الخطأ والخطر
تروج بين بعض الناس مسألة أيها أهم أو أيها أفضل الفعل الفلاني أو الفعل الفلاني؟ وهو يريد ترجيح أحدهما على الآخر بما يعني تقريره للنتيجة سلفا لاعتقاده بأفضليته, ولا شك أنكم سمعتم أسئلة وأحكاما من قبيل "هل يصح الصوم ممن لا يصلي" أو "هل تكون مقبولة صلاة غير المحجبة؟", أو " أيهما أفضل المحجبة بلا أخلاق أو غير المحجبة الخلوقة والمهذبة؟ أو القول: "تروح تشلح أحسن".
وعلى تقدير حسن النية عندالسائل والمُحاكِم لابد من التوضيح له أولا: ان السؤال أو الحكم قد يكون خطأ في نفسه حيث لا يكون موضوع الحكمين واحدا, ومثاله ما سألني أحد الأصدقاء: " أيهما احب الى الله عملا كسوة جامع او اطعام جائع؟", وواضح أنه يميل ويريد ترجيح إطعام الجائع, وقد أجبته باختصار: " ليسا في مجال التفاضل فإن كلا منهما مطلوب".
نعم لو جاء السؤال : عندي مال أريد التصدق به وأمامي مسجد في طور البناء وأسرة محتاجة وراعيها عاطل عن العمل لكان جوابي: ابذل جهدك في تأمين عمل له في بناء المسجد وادفع للمسجد فتكون حصلت الأجر في مساهمتك في بناء المسجد وهو فعل مستحب في ذاته, وتكون قد حفظت له كرامته بأكله من كد يمينه دون شعوره بذل الإحسان إليه وهو أمر مطلوب أيضا.
هنا كان موضوع المفاضلة: مال الصدقة ومصرفه وليس كل فعل في ذاته, ففعل بناء المسجد مستحب في ذاته والصدقة مستحبة في ذاتها ولا معنى لقياسهما على بعض مطلقا مع ورود الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث عليهما وليس فيها تفضيل أحدهما على الآخر.
نعم في حال التعارض والتزاحم وعدم القدرة على التوفيق يُقَدَّم ما فيه مصلحة حفظ الإنسان على أي اعتبار آخر لتطابق النقل والعقل على الحكم بذلك.
ثانيا: ثمة خطر في قياس الأحكام الشرعية على بعضها بدون دليل شرعي من آية أو رواية كما في تفضيل صلاة الجماعة على الصلاة منفردا والصلاة في المسجد على الصلاة في المنزل فلولا ورود النص عليها لما جاز لنا القول بذلك وإلا وقعنا في خطر الإفتاء بغير ما أمر الله به.
وهكذا في قياس المحجبة على غير المحجبة, فإن السؤال خطأ في نفسه فلو كان السؤال : المحجبة الخلوقة أفضل أم المحجبة غير الخلوقة؟ كان سؤالا يمكن تقبله على مضض لاشتراكهما في الحجاب, أما مقابلة المحجبة غير الخلوقة بغير المحجبة الخلوقة فإنه خطأ وخطر من جهة توهين الحجاب وخطر من جهة الإيحاء بكون الحجاب سببا لقلة الأخلاق وهذا منزلق خطير في التعاطي مع الأحكام الشرعية.
ثم تعال يا عزيزي وأجبني من خولك الحكم بنزع الحجاب"تروح تشلح عن راسها أحسن"؟ ألست بذلك تأمر بخلاف ما أمر الله به؟
الأحكام الشرعية مستقلة, وكل واحد منها مطلوب بنفسه وله أدلته في القرآن الكريم والسنة الشريفة, والحكم بتفاضلها يحتاج إلى دليل منهما أيضا, نعم هي تكاملية لتحصيل الكمال بالتقوى فما علينا إلا الأخذ بأيدي الناس في هذا السبيل وترك أمرهم إلى الله.
إذارأيت تاركا لبعض الواجبات ومقيما على مُستحَب واحد لاستحبابه واستحسانه فافرح له به, وسُرَّه بمدحه عليه, وبشِّره بثواب عمله لعلَّه يذَكّرأو يخشى, فإذا لان لك فلِنْ له فيما ترك فإنه يوشك أن يخشع قلبه للرحمن.
ع.خ,السبت، 18 حزيران، 2016
تروج بين بعض الناس مسألة أيها أهم أو أيها أفضل الفعل الفلاني أو الفعل الفلاني؟ وهو يريد ترجيح أحدهما على الآخر بما يعني تقريره للنتيجة سلفا لاعتقاده بأفضليته, ولا شك أنكم سمعتم أسئلة وأحكاما من قبيل "هل يصح الصوم ممن لا يصلي" أو "هل تكون مقبولة صلاة غير المحجبة؟", أو " أيهما أفضل المحجبة بلا أخلاق أو غير المحجبة الخلوقة والمهذبة؟ أو القول: "تروح تشلح أحسن".
وعلى تقدير حسن النية عندالسائل والمُحاكِم لابد من التوضيح له أولا: ان السؤال أو الحكم قد يكون خطأ في نفسه حيث لا يكون موضوع الحكمين واحدا, ومثاله ما سألني أحد الأصدقاء: " أيهما احب الى الله عملا كسوة جامع او اطعام جائع؟", وواضح أنه يميل ويريد ترجيح إطعام الجائع, وقد أجبته باختصار: " ليسا في مجال التفاضل فإن كلا منهما مطلوب".
نعم لو جاء السؤال : عندي مال أريد التصدق به وأمامي مسجد في طور البناء وأسرة محتاجة وراعيها عاطل عن العمل لكان جوابي: ابذل جهدك في تأمين عمل له في بناء المسجد وادفع للمسجد فتكون حصلت الأجر في مساهمتك في بناء المسجد وهو فعل مستحب في ذاته, وتكون قد حفظت له كرامته بأكله من كد يمينه دون شعوره بذل الإحسان إليه وهو أمر مطلوب أيضا.
هنا كان موضوع المفاضلة: مال الصدقة ومصرفه وليس كل فعل في ذاته, ففعل بناء المسجد مستحب في ذاته والصدقة مستحبة في ذاتها ولا معنى لقياسهما على بعض مطلقا مع ورود الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث عليهما وليس فيها تفضيل أحدهما على الآخر.
نعم في حال التعارض والتزاحم وعدم القدرة على التوفيق يُقَدَّم ما فيه مصلحة حفظ الإنسان على أي اعتبار آخر لتطابق النقل والعقل على الحكم بذلك.
ثانيا: ثمة خطر في قياس الأحكام الشرعية على بعضها بدون دليل شرعي من آية أو رواية كما في تفضيل صلاة الجماعة على الصلاة منفردا والصلاة في المسجد على الصلاة في المنزل فلولا ورود النص عليها لما جاز لنا القول بذلك وإلا وقعنا في خطر الإفتاء بغير ما أمر الله به.
وهكذا في قياس المحجبة على غير المحجبة, فإن السؤال خطأ في نفسه فلو كان السؤال : المحجبة الخلوقة أفضل أم المحجبة غير الخلوقة؟ كان سؤالا يمكن تقبله على مضض لاشتراكهما في الحجاب, أما مقابلة المحجبة غير الخلوقة بغير المحجبة الخلوقة فإنه خطأ وخطر من جهة توهين الحجاب وخطر من جهة الإيحاء بكون الحجاب سببا لقلة الأخلاق وهذا منزلق خطير في التعاطي مع الأحكام الشرعية.
ثم تعال يا عزيزي وأجبني من خولك الحكم بنزع الحجاب"تروح تشلح عن راسها أحسن"؟ ألست بذلك تأمر بخلاف ما أمر الله به؟
الأحكام الشرعية مستقلة, وكل واحد منها مطلوب بنفسه وله أدلته في القرآن الكريم والسنة الشريفة, والحكم بتفاضلها يحتاج إلى دليل منهما أيضا, نعم هي تكاملية لتحصيل الكمال بالتقوى فما علينا إلا الأخذ بأيدي الناس في هذا السبيل وترك أمرهم إلى الله.
إذارأيت تاركا لبعض الواجبات ومقيما على مُستحَب واحد لاستحبابه واستحسانه فافرح له به, وسُرَّه بمدحه عليه, وبشِّره بثواب عمله لعلَّه يذَكّرأو يخشى, فإذا لان لك فلِنْ له فيما ترك فإنه يوشك أن يخشع قلبه للرحمن.
ع.خ,السبت، 18 حزيران، 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق