المؤتمر الثاني للأئمة - أبيدجان 27-28-29-2007
بسم الله الرحمن الرحيم ,الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
يبدو أن كثرتنا و كثرة مالنا بدون الوحدة هي من أسباب ترهلنا كأمة . نحن أمة في علم الله و في قدر الله لنا و لكننا مقصرون في حفظ نعمة الله علينا كأمة . اننا نمتلك مقدرات تخولنا الامساك بقرار العالم و لكن المشكلة الاساسية هي خارج حدود الماديات : إن المشكلة تكمن في الأفكار كما فهم ذلك المصلحون الكبار في أمتنا من سيرة النبي محمد (ص). بالأفكار توظف أبسط المقدرات المادية لتفجير اعظم الطاقات المفيدة ، وهذه سنة كونية جعلها الله قانونا ناظما في حياة الأمم.
إن امة الهند قادها غاندي بالمقاطعة و بالعودة الى أبسط وسائل العيش و لم تكن الهند ممسكة بثرواتها و إن الشعب الفيتنامي قاتل اميركا أعتى قوة في هذا القرن و ليس بيده شيئ من الثروات ، و التجربة الاسلامية الخالدة التي قادها الامام الخميني (قده) في ايران اكمل التجارب على هذاالصعيد .
نحن امة في صراع و لا يفيدنا أن نتحدث اليوم عن المقدرات المالية و السياسية :
أولاً: لأنها ليست فعلاً في يدنا، وإن معركة استرداد قرار ادارة هذه الثروات هو جزء أساسي من الصراع ، والهجمة الحالية علينا تريد ادارة هذه الثروات مباشرة و ليس بوكلاء من المسلمين العجزة ، بعدما أظهرت الامة اهتماماً و تبنياً للإنتفاضة الفلسطينية و موقفاً عاماً من اميركا و اسرائيل و القوى الداعمة لها.
ثانياً: ان الثروة الاساسية التي تهيئ للامة قدرة المواجهة هي الاحساس و الالتزام بقضية مركزية للأمة ، بينما شعوب العالم الاسلامي، اليوم، تواجه مشاكل فرعية اقتصادية و تنموية و حرية في هذه الكثرة من الحكومات و الدول الاسلامية و لا تستطيع بالتالي انجاز أي تغيير لأنها محكومة بقضايا قطرية ضيقة.
هل تستطيع الشعوب بدون حكوماتها و قياداتها أن تسترجع حضور الأمة و فاعليتها و هي خاضعة لسقف اقتصادي و اجتماعي و امني و سياسي تمثله حكوماتها المتمسكة بقطرية ضيقة غير متضامنة حتى مع نفسها و تعلن عجزها أمام الملأ ؟
ان قضية المسلمين المركزية قضية تحرير فلسطين مظهر عجز هذه الأمة، و هذا ليس فيه إهانة او تحقير لها فما لم تثبت الامة موقفاً جدياً منها فان أي كلام عن مواجهة الهجمة او عن الانتصار فيها، فيه ما فيه. اننا وبسبب هذا العجز امام الجرح الفلسطيني بتنا نواجه مرة بعد مرة معارك دفاعية صغيرة خارج الساحة الاساسية منذ ثلاثة ارباع القرن و هذا الجرح ينزف و الحكومات تمنع الامة من فاعليتها بل تعلن بعض الحكومات العجز عن فعل أي شيئ و هي تعمل فعلاً على منع أي مصدر قوة و فعل.
المطلوب اليوم ان نرى ابعاد الهجمة الاميركية الواسعة و المعلنة بكل وقاحة، إنهم يسعون لتنصيب نظام حكم أمريكي مباشر على العراق و إعادة رسم الخريطة السياسية لما يستطيعون تفتيته في المنطقة و لاحقاً ستجد الأمة نفسها تدافع عن أجزاء أصغر و في معارك أصغر.
و نرجع الى السؤال كيف تستعيد الامة حضورها و فاعليتها بدون أفكار، بدون قيم، بدون دين، هذا مستحيل.
المطلوب من النخب الفكرية و الحزبية أن تتضامن في عملية الاحياء و الدفع تحت عناوين تغييرية و على أساس مفاهيم و قيم تغييرية و ثورية، إننا بحاجة الى إحياء ديني يرتفع بإهتمامات الأمة الى مستوى حمل الرسالة الى العالم و من هذا الباب تبدأ عملية إمساك الامة بمقدراتها. لا نريد أياماً للتضامن مع القضية الفلسطينية أو القضية الفلانية ثم نعود الى النوم و الاحلام الصغيرة اليومية بالخبز و التعليم و الكرامة كل بمفرده.
على الأحزاب و النخب تفعيل حضور الأمة و ربط القضايا اليومية بالقضايا الاستراتيجية و ليس فصلها. بهذا أتصور إمكانية حضور الأمة و فاعليتها و نحن نثق بشعوب هذه الأمة و بالخير الموجود فيها و الذي يحتاج الى صاعق تفجير و قيادة مواكبة و مضحية، و قد برز هذا الخير في تجربة المقاومة الاسلامية في لبنان و الانتفاضة في فلسطين و التضامن معها لكنه يحتاج الى تفعيل مستمر و الى متابعة.
انتم أيها السادة العلماء المعنيون بهذه الأمة، انتم الذين تملكون مفاتيح أغلاق قوتها ووحدتها فكونوا من الذين آمنوا و هداهم الله ( لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه و الله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم )
و السلام عليكم و رحمة الله ة بركاته
18 رمضان 1425 \ 2- 11 2004
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق