واقع المرأة المسلمة العاملة بين النظرية والتطبيق - الشيخ علي خازم ندوة بدعوة من معهد السيدة الزهراء (عليها السلام)و رابطة النهضة الاجتماعية. تقديم: أكد الإسلام على أن الدنيا مزرعة الآخرة، وهي دار ممر لدار مستقر، لذلك ما من عمل في الدنيا إلا وله آثاره الأخروية المتمثلة في السعادة أو الشقاء. وعليه فالعمل من هذا المنظور حق للإنسان وليس واجباً عليه، ما دام نفعه سيعود عليه وعلى مصيره. ومن هنا تكمن قيمة العمل، في مقدار ما يمكن أن يحقق للإنسان من سعادة، ومن هنا أيضاً يكون العمل حركة دؤوبة لا تتوقف، فالدنيا هي الفرصة الوحيدة التي جعلها الله للعمل «فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل».في ضوء هذه النظرة الكلية، نسأل: هل يمكن أن تكون المرأة مستثناة من هذا الطرح؟
وإن كان الجواب بالنفي، فيأتي السؤال الأخير؟ ما هي مساحات ودوائر عمل المرأة في الإسلام، وهل كل عمل تستطيع المرأة أن تمتهنه؟
وهل من أولويات تجعل هذه الدوائر مرتبة لا متشابكة؟
ثم إن استطعنا تحديد الفضاء والنطاق، ما هي الضوابط التي تحكم هذا العمل؟
ثم سنجيب أخيراً من خلال استعراض نماذج عملية لبعض هذه الدوائر.
هل لعمل المرأة خصوصية ما، تستطيع المرأة من خلاله أن تضفي عليه قيمة أكثر من كونه عملاً لكسب المال؟
هذا ما سنتكفل الإجابة عنه في هذه الندوة، مبتدئين بعرض رأي الإسلام في هذه المسألة ثم الإطلالة على الواقع الحالي وبيان مدى انسجامه مع الضوابط الإسلامية والمسؤوليات الأخرى للمرأة، مع فضيلة الشيخ علي خازم.
• المحور الأول: واقع المرأة المسلمة العاملة في المجتمعات الإسلامية في ظل حكومة الرسول الأكرم (صلى
الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام ).
• المحور الثاني: كيف نقيّم الواقع المهني للمرأة اليوم، من وجهة نظر إسلامية تربوية؟ من خلال إطارين:
* الأول: الأسباب والدوافع.
* الثاني: تنوّع المهن واتساع مجالاتها.
• المحور الثالث: ما مدى انسجام الواقع المهني للمرأة العاملة، مع الأجواء الشرعية، ومسؤولية الأسرة؟
• مداخلة للأخت نهى عبد الله.
كلمة فضيلة الشيخ علي خازم
يتجاوز نصف العنوان الأول للندوة مسائل نظرية كثيرة، لكن النصف الأخير منه يعودليستدعيها، بما يفرض على الباحث استعمال أكثر من منهج لتتكامل الرؤية، فلا بد من استخدام المنهج التاريخي الوثائقي في المحور الأول كمنهج عام لاستخراج الوقائع، والاستفادة منها بمنهجيّ الفقه وأصوله الخاصين، كما في منهج التفسير لبيان وتأكيد النظرية والأحكام. والمحور الثاني يحتاج إلى منهج المسح الاجتماعي؛ لنتمكّن من خلاله معرفة الأسباب والدوافع من جهة، وتنوّع المهن واتساع مجالاتها من جهة أخرى. ولنرجع في المحور الثالث لاستخدام منهج المسح الاجتماعي؛ لمعرفة نسبة الانسجام أو الاختلاف في العلاقة بين الواقع المهني للمرأة العاملة اليوم، مع الأجواء الشرعية المطلوبة ومسؤولية الأسرة.
نحن نحتاج إلى منهج تكاملي إذن. ومن الأدوات التي نحتاجها: الاستقراء عبر الإحصائيات، والدراسات الميدانية. ومن البداية أعترف أن الاستقراء ناقص جداً؛ لأكثر من سبب، وبعض هذه الأسباب مركب بنفسه من أكثر من سبب. فمثلاً لو أثرنا عمل المرأة كما بحثه الفقهاء لوجدنا أن كمّ الروايات الخاصة بهذا المجال قليل جداً؛ لأنها لم تفرد تحت هذا العنوان. كذلك لا نجد استفادة كبيرة من الروايات المتعلقة بالسيرة، وهو جهد نأمل أن تتوفر عليه باحثات دؤوبات. مثال لعدم الاستفادة من روايات التاريخ والسيرة: ففي بعض الروايات التي تحكي عن خروج السّيدة الزهراء (عليها السلام ) إلى المسجد؛ لطرح قضيتها ومناقشة الصحابة. يقول جابر الأنصاري أنه رآها تمشي إلى المسجد فمشى خلفها، يقول: إن مشيتها لم تخرم مشية أبيها. الرواية ليست موضوعة تحت عنوان الاختلاط. كيف عرف جابر أنها السيدة فاطمة عليها السلام؟
كيف قدر أن يمعن النظر ليتأكد أن مشيتها لم تخالف مشية أبيها؟إذاً، ثمة مجال في بعض الروايات لم يناقش بعد؛ لأن الرواية بكاملها وضعت تحت عنوان، لا يكون الناظر فيها ملتفتاً إلى تفصيل آخر غير العنوان الموضوعة تحته. الرواية مدرجة للنظر في كيفية مخاطبتها (عليها السلام ) لأبي بكر وغيره من الصحابة،فيكون الذهن منصرفاً في هذه اللحظة إلى هذا المعنى ولا يلتفت إلى المعاني الأخرى، وهذا يستدعي الكلام عن تقطيع الروايات لتوزيعها على الأبواب الفقهية؛ مما ضيّع علينا فرصة الاستفادة من قضايا تفصيلية للمرأة.
ومن الأمور التي تصعِّب البحث عن واقع المرأة العملي؛ قلة مفرداته الاصطلاحية الأنثوية، وهذا أمر له مقدماته الاجتماعية قبل الإسلام. مثلاً إذا أردنا أن نفتش عن مصطلحات أنثوية تدل على مهن أنثوية، ما هو الحجم الذي سنحصل عليه؟في كتاب الإفصاح في فقه اللغة: هناك أربعة نعوت للنساء بلحاظ امتهانها العمل؛ إثنان منها بصيغة المذكر، وأحدهما مشترك يصح إطلاقه على كليهما (الصناع)من جملة ما يزيد عن 250 نعتاً للمرأة باختلاف أحوالها كأنثى من حيث وصف أعضاء جسدها.
أما في باب التجارة والصناعة والمعاملة، وهو المورد الأهم، نجد لها نعتاً واحداً فقط، قولهم: المثبجة وهي صانعة النسيج،والتي تزين النسيج بألوان ورسوم... ويقابلها 37 صانعاً و 69 تاجراً باختلاف أنواع الصناعة والتجارة.
وعلى أي حال فإنّ الموضوع يحتاج إلى استقراء أتمّ، فليس في هذه المهن أي ذكر للمرضعة أو القابلة أو الماشطة أو المغنية. لهذا الأمر مقدماته الاجتماعية قبل الإسلام؛ فالعرب كانوا يعتبرون المهنة خدمة ، فالمهنة وارتباطها بالمهانة، خضعت لطبيعة المجتمع الجاهلي، الذي كان أكثر ما يهتم بالتجارة والرعي.
ثمة جهة أخرى تحتاج إلى بحث في هذه المرحلة الزمنية، وهي قابلية صفة العمل أو المهنة مورد الكسب للتأنيث، أو قابلية بعضها للانحصار بالأداء الأنثوي أو الذكوري، سواء بملاحظة الحكم الشرعي أو لا.
بمعنى لو أخذنا التزيين أو الطبخ، صفة القائم بالعمل تقبل التذكير والتأنيث؛ مما يعني أن المهنة في نفسها تقبل أن تكون مهنة أنثوية، أو ذكورية. هل يمكن أن نتصور مهنة لا تقبل صفتها دخول عامل التذكير أو التأنيث عليها؟إطلاق الجواب يحتاج إلى شيء من الدقة؛ لأن المشكلة في الجواب أنه هل يمكن تصور نوع عمل أنثوي محض لا يستطيعه الذكر بصفته الذكورية. - طبعاً كلامنا خارج الضوابط الاجتماعية والدينية والقانونية (أي من حيث أصل بنية الجسد)، فلا يمكن تصور مهنة خاصة بالأنثى، إلا وهي مرتبطة بجسد المرأة وبنيتها؛ مثل البغاء.
- الكلام عن المحور الأول يتعلق بثبوت وقوع عمل المرأة في زمن المعصومين (عليهم السلام) من زمن البعثة إلى الغيبة، وإن أنواع العمل وضعت موضوعاً للحكم الشرعي، سواء في نفسها أو في ما يعرض لها من لوازم، وإنها كانت كذلك طيلة الفترة في جهتي الحكم الشرعي التكليفية، والوضعية.
هناك نماذج من العمل محرمة بنفسها مثل، الزنا، الرقص المحرم. لكن هناك أعمال تحرم بما يلحق بها، مثل عمل المرأة في التزيين في صالون حلاقة رجالي. هذه المهنة ينتقل حكمها إلى التحريم؛ لكونها تعرضت للمس الأجنبي. هذه المهن هي مورد للحكم الشرعي من ناحيتين:
- ناحية تكليفيـة، تتعلق بمسائل؛ الإباحة – الكراهة – الحل – الحرمة – الاستحباب.
- ناحية وضعية؛ حيث طرح الإسلام نقطة هامة جداً؛ وهي إعطاء ذمة مالية مستقلة للمرأة. الأمور المالية هنا هي موضوع الحكم الوضعي، وحيث إنه لا خصوصية لأنواع الأعمال في تلك المرحلة؛ كونها جاءت استمراراً لما كان قبل الإسلام، أو ناشئة بمقتضى التطور الاجتماعي المرتبط بالتقدم العلمي، والانفتاح على الحضارات الأخرى، فإننا سنجد أمامنا أنواعاً متعددة تخضع للحكم الشرعي بماهيتها المستقلة وهذه تبحث تحت عنوان المكاسب، أو هي مرتبطة بلوازم خاصة بالمرأة (مثلاً التمريض كمهنة ، التعليم كمهنة، أو الحلاقة كمهنة تقع تحت عنوان الإباحة أو الاستحباب أو الوجوب الكفائي).
فلو نظرنا إلى المهنة مع لوازمها فإن الحرمة قد تلحقها من هذه الحيثية فقط؛ كتزيين المرأة شعر الرجل الأجنبي وقصّ أظافره، أو لاستلزامها حراماً مستقلاً وعليه تقع مورداً للتحريم، كإيذاء الزوج في ما يتعلق بالاستمتاع، أو التدليس في تزين المرأة.كما أن هناك بعض المجالات ورد فيها نهي خاص عن أن تولى المرأة هذا العمل كما في مسألتَي (الولاية والقضاء).
الخلاصة: توجد أنواع من العمل خاصة بالمرأة، أعمال مشتركة فعلاً بين الرجل والمرأة ، وأعمال مشتركة بالقوة، لكن يمنعها إما الحكم الشرعي أو العرف الاجتماعي، أو أي ضابط آخر. والعمدة في الحكم عليها بالرجوع إلى ما ورد فيها تحت عنوان المكاسب في الكتب الفقهية، وبربطها بنظامنا العقائدي والتاريخي، بعد التحقيق فيها.
- المحور الثاني: تقويم الواقع المهني للمرأة اليوم من وجهة نظر إسلامية تربوية على أساس الأسباب والدوافع وتنوع المهن واتساع المجالات.
كما تقدم في المحور الأول؛ أنه لا يوجد مسح كامل لأنواع المهن التي كانت متوفرة، اليوم ليس لدينا نتائج مسح كاملة لقطاع المرأة المسلمة العاملة؛ يفيد العلم بالأسباب والدوافع الواقعية لإقبال المرأة المسلمة إلى سوق العمل. لكن ما ورد في القرآن الكريم من قصص، يفيدنا أن هناك سبباً كان دافعاً لابنتَي سيدنا شعيب للعمل في الرَّعي؛ وهو عجزه البدني وحاجتهم جميعاً؛ {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {القصص/23} هذا السبب ما زال قائماً، فإذا احتاجت المرأة وجب عليها العمل؛ لأن العمل يقع مورداً لأكثر من حكم شرعي، فالعمل واجب؛ لتأمين نفقة الإنسان، وهو واجب كفائي إذا احتاجه المجتمع الإسلامي، وهو مستحب إذا كان الإنسان يملك نفقته الواجبة، لكنه يستطيع من خلاله القيام بالصدقة المستحبة.
إنما العمل في نفسه كمورد للحكم الشرعي لم يلاحظ فيه عنوان ذكورة أو أنوثة، فقصة بنات سيدنا شعيب تبيِّن أن الحاجة إلى العمل دفعتهما وجعلت العمل واجباً عليهما؛ لنفقتهما الشخصية ولأبيهما الكبير.
ولا بدّ من ملاحظة أمر هام يتعلق بتصنيف الأعمال؛ حيث نشهد تصنيفاً مختلفاً في أساسه عن تصنيف المهن الذي عرفته الأدوار التاريخية التي مرّت بها حياتنا الإسلامية في جوانب، وتتحد معها في جوانب أخرى: فثمّة أعمال تمارسها المرأة المسلمة وكانت تمارسها سابقاً، لكن لم تعتبرها مهنة، بل كانت فخراً أو ميزة لها على أترابها، ولا ترتبط بالبدل المالي؛ كنسج لوازم البيت أو لوازم أفراد الأسرة. أو لأنها (الأعمال) من لوازم الأنوثة والزوجية والأمومة. وبينما نحن نعتبر استحقاق البدل المالي أساساً في تصنيف العمل كمهنة، فإنّ ثمة أمورا استحقّت المرأة عليها بدلاً مالياً؛ كإرضاع الولد، حيث صار اليوم عرفاً من لوازم الأمومة، كذلك العمل في المنزل.
ومع أنّ الكثير من التربويين يميلون إلى عدم التضييق وكثرة التقنين في ما يخصّ شؤون المنزل وتحويله إلى حقل حقوق وواجبات ولوائح تنظيمية، إلاّ أنّ الأمر باعتبار ما قد يلزم عن العمل خارج المنزل وغيره من تضييع حقوق أحد الزوجين أو الأولاد، يحتاج إلى العناية التشريعية التي بذلها فقهاؤنا أعزّهم الله.
وعلى أي حال نرجع إلى أنّ الأساس في اعتبار العمل مهنة هو استحقاق البدل المادي عليه، وارتباطه به،وبالتالي نحن نتحدث عن العمل خارج نطاق الأسرة، رغم أن مجالات متعددة من العمل تقع ضمن نطاق الأسرة، لكن الواقع لا يشهد اختصاص المرأة بجزء من الناتج، أو بأجر معيّن، رغم ما ذكرناه من استقلال الذمة المالية؛ فمثلاً في مجال زراعة التبغ وما شابهها من أعمال أسرية، نرى الناتج يتحوّل للإنفاق على حاجات الأسرة، دون النظر إلى مسألة استحقاق الزوجة أو الأم أو البنت الأجر على تفرغها للعمل، فالمسألة –إيجابياً- تقع ضمن التوافق على تأمين احتياجات الأسرة.
لكن توجد نماذج سلبية بالمقابل، ففي دراسة سعودية كلام عن استئثار الوالد بمرتب البنت الموظفة مما يعتبر سبباً رئيساً في عنوسة الموظفة السعودية. وهكذا فإن واحداً من الأسباب في خروج المرأة إلى العمل هو الحاجة إلى البدل المالي، وتوفر أنواع العمل الخاص للمرأة المسلمة؛ مما يشكل فرصة للكسب المشروع الذي قد يكون واجباً؛ إما للقيام بالحاجات مع القدرة على العمل وعدم تأمينها من مصدر آخر، أو للمساعدة في القيام بالحاجات.
فلو قصر الرجل أو الأب عن القيام بالنفقة الواجبة والمرأة قادرة على القيام بعمل يساعد في قضاء ما يحتاجونه في الأسرة، فيتحول الأمر إلى الوجوب.
وهناك سبب آخر يرتبط بالحكم الشرعي،وهو مسألة الوجوب الكفائي؛ إذ على المرأة التصدي لبعض أنواع المهن كالطبابة والتزيين، وقد لا تكون المرأة محتاجة إلى دراسة الطب أو العمل به، لكن بسبب وجوبه الكفائي تقوم به لدفعه عنها.
وسبب آخر حيث يحق للمرأة الاستقلال بمالها، مما يستدعي إدارته حتى تحفظه وتنميه، وهو أمر مباح، وقد أشرنا إلى استقلالية الذمة المالية للمرأة؛ لذلك لم يمنعها الإسلام من حق التملك والبيع – الشراء – الهبة – الوصية – الشهادة – الوكالة، وغير ذلك من الأمور حتى الوصاية على الأيتام.
هذه بعض الأسباب والدوافع التي يمكن استقراؤها للانطلاق النسوي في مجال العمل، لكن الأمر يحتاج إلى دقة أكثر؛ لنتمكن من معرفة الدوافع والأسباب لنتحدث عن النتائج.
المحور الثالث: ما مدى انسجام الواقع المهني للمرأة العاملة مع الأجواء الشرعية، ومسؤولية الأسرة؟
يشهد الواقع تنوعاً واتساعاً في المهن ومجالاتها التي تندفع إليها النساء أجيرة أو ربّة عمل، وإذا كان نطاق العمل المشترك يشهد مشاكلَ تعترض الإنسان العامل؛ فإن المرأة تشهد نمطاً خاصاً من المشاكل والمعوقات وقد ذكرته إحدى الدراسات التي نشرت في مجلة سيدتي العدد 992، وهذه الدراسة تتحدث عن المرأة العاملة اللبنانية، وليس المسلمة، والتي ستكثر المشاكل والمعوقات أمامها بسبب الالتزام الديني. هناك:
- 44% من النساء يشكين من الإرهاق وتدني الراتب.
- 28 % يشكين من المعارضة التي تصادف المرأة والتي ترتبط بدوام عملها الطويل.
- 25% يشكين من انعكاس سلبي للعمل على الوضع الاجتماعي ( العنوسة،علاقات اجتماعية محدودة)
- 17% طبيعة العمل.
- 16% نقص الضمانات.
- 8 % خلافات مع أرباب العمل .
- 19 %كلام الناس.
- 18% عدم الترقية.
إذا قصرنا هذه المشاكل على المرأة العاملة عموماً سنلاحظ أن 4 من 8 عناوين لها علاقة بالنواحي التربوية، والأربع مشاكل الأقل لها علاقة بالعمل وما يتعلق به. هذه المشاكل عامة للمرأة اللبنانية .
لكن لو درسنا مشاكل المرأة المسلمة المتدينة، سنجد اختلافاً وازدياداً في المشاكل. مثلاً: قضية الحجاب التي طرحت مؤخراً، فالمرأة تقع يومياً موضع عدم القبول للعمل بسبب الحجاب؛ على عكس ما قيل في الإعلام أنها المرّة الأولى التي تفصل فيها امرأة بسبب الحجاب، في قضية الدعوى المرفوعة ضدّ أحد المصارف اللبنانية.
المشاكل والمعوقات لعمل المرأة ستقف مقابل طبيعة عمل المرأة من جهة الحكم الشرعي، فلا بد من النظر إلى الوظيفة باعتبار أنها مورد للتزاحم بين الأحكام الشرعية.
لماذا أعمل؟ الطبيبة التي تقوم بعملها ترفع المسؤولية عن قسم كبيرمن النساء اللبنانيات، لكن لو جاءت المشاكل والمعوقات الخاصة بهذا النوع من العمل بالنسبة لهذه الطبيبة، ووضعت أمام هذا العنوان، هل يبقى الوجوب الكفائي في حقها أم لا؟ هنا نحتاج إلى مزيد من التدقيق ومزيد من الضبط. المرأة العاملة في مجال معين من موقع أن الإسلام أباح لها العمل، وهي تملك ذهنية منتجة وفعَّالة،وليست محتاجة للعمل، إذا اقتضت طبيعة العمل نوعاً من المشاكل، يوجب تزاحماً بين الإباحة التي أعطيت لها،وحرية التصرف، وبين هذه المشاكل من جهة من الجهات، سواء من جهة الدوام الطويل، الغياب عن الأسرة، تضييع حق الزوج. عندها لا بد من النظر على المستوى الشرعي؛ إذ قد تنقلب القضية أحياناً من قضية مباحة إلى محرمة؛ بل وقد تنتقل من الوجوب إلى الحرمة.
ومن جهة أخرى لو حاولنا تقصي الأعمال المتاحة أمام المرأة المسلمة اللبنانية، لوجدناها كثيرة جداً، لكن الكلام يبقى من ناحية الآثار الشرعية والتربوية متعلقاً بتفصيل كل واحدة منها. ولا يمكن إطلاق الحكم عليها جميعاً.
وأخيراً، هناك عناوين متعددة ومركبة للمهن كالأعمال البحثية، العلمية، التطويرية، فإنها مطلوبة بنفسها،وقد تستلزم أجراً... وهناك الأعمال الرعوية والتربوية والتطوعية، وهي أمور يمكن الاستدلال عليها من النصوص المروية عن المعصومين عليهم السلام، أو عن عظماء الإسلام.
ولو أردنا تقصي أنواع العمل المتاحة أمام المرأة المسلمة اللبنانية لوجدناها كثيرة جداً، لكن حضورها فيها وفعاليتها أمران آخران.
ونختم بالسؤال أين المرأة المسلمة من أنواع من العمل لا نجدها فيه، مثل: مجالات العمل السياسي والنقابي وغيرها؟
أجوبة الشيخ علي خازم على الاسئلة:
س - في الخطاب الإسلامي الذي يتحدث حول عمل المرأة، نجد أنه لا ممانعة من ذلك، لكن لا نجد في الطرح ما يشجع؟ هل هذا الطرح متوازن؟ وهل هناك خوف من التشجيع على خروج المرأة؟ حيث يتطلب ضمانة لحفظ المرأة.
ج - عندما تحدث الفقهاء عن عمل المرأة –حتى المعاصرين منهم– تحدثوا من موقع أنهم لم يجدوا مانعاً في أصل الشريعة من عمل المرأة، وقد أشرت إلى أن عمل المرأة لم يكن مألوفاً في المجتمع الإسلامي،وعندما لا نجد في معاجم اللغة وصفاً لعمل المرأة، فهذا لا يتعلق بالحكم الشرعي؛ بل بالفهم والواقع الاجتماعي الذي كانت تعيشه المجتمعات. الإسلام قدم أطروحة متقدمة جداً؛ لكن هذا الطرح لم يتجاوز الوقائع الاجتماعية بفعلنا كمسلمين؛ ولذلك في بعض الموارد عندما يتحدثون عن الحجاب -لو دخلنا في شكله الذي هو حكم شخصي- نجد فيه اختلافاً؛ بمعنى ما هو الستر الذي تُلزم به المرأة، عندما يتحدثون عن الألوان، الشكل...، نجد الأثر الاجتماعي في بحث القضية على المستوى الفقهي، لكن الانتقال إلى طرح قضية عمل المرأة على مستوى المبادرة والابتداء والإنشاء، كما ذكرنا أنه لم يتحدث أحد عن الوجوب، وهذا يرجع إلى أمور، منها: أولاً: إن الحكم توجّه إلى المكلف دون ملاحظة الذكورة والأنوثة. ثانياً: المسائل الاجتماعية التي عشناها في مجتمعاتنا الإسلامية، التطور حصل ببطء شديد من صدر الإسلام، حيث هناك العديد من المهن صارت تتشعب شيئاً فشيئاً، مثل مداواة الجرحى لم تكن متصورة لتكون وظيفة أو مهنة،وصولاً إلى العهد العثماني الذي أصدر فيه فرماناً يسمح للمرأة ممارسة الطبابة، وإلاّ فقبل ذلك كانت تحاكم،إذ لم يكن يسمح لها سوى العمل في القبالة القانونية، فعمل المرأة كان خاضعاً للعرف الاجتماعي، حيث لم يكن ينظر إلى العمل بنفسه كقيمة. وكما يقول السيد الطباطبائي: ليس من المستغرب في هذه الأيام أن نستحقر أموراً كان يستعظمها الإسلام، والعكس. هناك بعض المعوقات التي تواجه العاملة في المؤسسات الإسلامية، صحيح أن للمرأة احترامها وخصوصيتها في المؤسسة الإسلامية، إلاّ أنه قد يُطلب منها أحياناً بعض الأعمال التي تنافي الضوابط الإسلامية مثل: الخروج مع أخ في عمل خارجي، أو تأخيرها إلى وقت متأخر، فلا يراعى في دوام العمل المرونة، أين نحن من هذه المشاكل ؟المعوقات داخل المؤسسات الإسلامية قد لا تختلف كثيراً عن المعوقات خارجها، إذا لم تكن الإدارة تلتزم بالقواعد الإسلامية الأساسية، أو لم تكن ملتفتة إلى ارتباط بعض الأعمال وبعض الوظائف بمخالفات شرعية، حتى على مستوى الكراهة،والاستحباب، وهذا ما يمكن الإلفات إليه وتسويته، بطرح الأمر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع المعنيين.
- س : تفضلتم أن على المرأة الخروج للعمل بسبب الضرورة، أو لإسقاط واجب كفائي، لكن مع بعض الضوابط، لذا لماذا سألتم أين المرأة من العمل النقابي والسياسي، ما دام هناك من يقوم بهذه الأدوار؟
ج - لقد ذكرت أن مجالات الحكم الشرعي المرتبطة بعمل المرأة متدرجة ومتنوعة، من الإباحة إلى الوجوب العيني، وليس فقط الكفائي. فالعمل السياسي، والعمل النقابي، أين يقعان؟ هل تحت باب الوجوب الكفائي فقط؟إن هناك العديد من الأعمال كإدارة العمل النسائي، مسؤولية نسائية وليس ذكورية، ليس هذا وحسب ففي كثير من الموارد نحتاج إلى النساء، والنساء جزء من هذا العمل. فالمرأة التي تتهيأ لكل شيء يجب أن توجد في كل مجال، فالنظر إلى المرأة المسلمة اليوم، ليس نظراً إلى فلانة بنت فلانة، أو بنت المدرسة الفلانية...، النظر الآن هو نظر إلى الإسلام. لو نظرنا إلى الموضوع من حيث النظرية والتطبيق، فمن جهة النظرية لا نعاني أي مشكلة لأنه غني جداً، والنظرية واضحة بأهمية عمل المرأة؛ لكن المشكلة على الصعيد التطبيقي لهذه النظرية، ما الذي يمكن أن يساعد في إزالة المعوقات، مثل إقناع الرجل بأهمية عمل المرأة،والحصول على مساندته... موضوع عمل المرأة كغيره من موضوعات التشريع الإسلامي؛ التي كانت
غائبة عن التطبيق، وعندما نأتي إلى تطبيقها يواجهنا العديد من المشاكل على المستوى النفسي الاجتماعي في الشارع الإسلامي. وعمل المرأة ليس غير الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فعند قيام الإمام الخميني «قدس سره» بثورته تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان مورداً لمواجهة الشارع الإسلامي حتى الشارع العلمائي حينها. الكلام في صلاة الجمعة في الرسائل العملية بقي إلى فترة طويلة غائباً عن البحث، بسبب ارتباطها بقضايا سياسية وإعلامية. هناك مسائل على المستوى الفقهي،غائبة أو مغيبة عن التطبيق، بالتالي عندما شهدنا الصحوة الإسلامية بعد انتصار الثورة، وبدأنا باسترجاع الفقه إلى ساحة العمل، لاحظنا وجود ثغرات في الشارع، هذه الثغرات ستسد مع الوقت؛ لكن ذلك لا يمكن دون تركيز الوعي الفقهي، والوعي التاريخي الإسلامي، هناك حاجة إلى التغيير على أكثر من مستوى.
وليس لأحد أي تميز إلاّ بمسألة تقديم العناوين الفقهية بالصورة التي يجب أن نقترب منها، مع مراعاة التدرج والانتباه إلى أن كثيراً من الأمور خصوصاً المتعلقة بالمرأة المتزوجة، تحتاج إلى رعاية وعناية وليس إلى لوائح تنظيمية وتدقيقية؛ ولو كان الأمر من الناحية الشرعية مباحاً، إلاّ أنه ينبغي الحرص على الأسرة المسلمة؛ لأننا لا نستطيع بدونها الاستمرار كمجتمع متدين. هل هيأ المجتمع الملتزم المرأة؛ لأن تمارس دورها ومشاركتها؛ فالعمل السياسي مطلوب من المرأة، ولكن نحن في أجواء سياسية غير ملائمة، هل يطلب من المرأة هذا العمل فعلاً في هذه الأجواء غير الإسلامية؟الدعوة إلى العمل غير الدعوة إلى أن توجد في مكان غير لائق، كلامنا عن نشاط المرأة، فلماذا –على سبيل المثال– تطورت صناعة الزّي الشرعي في الساحة اللبنانية إلى هذا المستوى الراقي جداً؛ لأنها شكلت سوقاً، فالتدين والالتزام بالستر أَوْجَدا سوقاً للزي الإسلامي. وهناك المعوقون الذين تمكنوا من إدخال أنفسهم في كثير من المجالات، نتيجة متابعتهم لهذا الأمر. تاريخياً القائم والقيم على دعوة تحرير المرأة كان في الغالب من الذكور-رغم ذلك – هذا لم يمنع من بروز شخصيات نسائية هامة جداً، وتجربتنا الإسلامية والشيعية تشهد على ذلك؛ هناك المجتهدات – وهناك من مارسن العمل السياسي. المسألة أنه هل للمسلمين حضور سياسي في هذا البلد أم لا، حضورهم ممثل بجنس أو اثنين، من قرر ذلك؟ هذه هي الفكرة التي أطرحها، وهذا ما يحتاج إلى نقاش.
س - هناك دراسة اجتماعية في الغرب، تفيد أن نسبة الطلاق والتفكك والشذوذ، قد ازدادت عند خروج
المرأة إلى العمل، مع احتمال أن تتفشى هذه الظاهرة في مجتمعاتنا، هل من مسؤولية شرعية ملقاة على
عاتق المرأة؟
ج - في كثير من الأحيان تكون نتيجة الدراسات غير دقيقة، الدراسات تربط بين زيادة أنواع العمل وفرصه،وبين زيادة حالات التفكك. لكن هل هذا يرتبط بهذا حصراً أم أن هناك عوامل أخرى مساعدة في عملية التفكك. لا يمكن منع امرأة تحتاج إلى نفقتها من العمل، بحجة التأثير على البيت، لا يستطيع أحد منعها إذا لم يؤمن لها كفايتها، وتكون العهدة ليس على المرأة فقط في حفظ المجتمع. حفظ المجتمع من مهام الرجل وامرأة، ومن مهام السلطة، وإن كانت المرأة عاملاً أساسياً في ذلك.
مداخلة الأخت نهى عبد الله:
بين أولويات المرأة في ظل الإسلام وبعض ضوابط تعاملها الاجتماعي في ظل ما طرحته الندوة، وما بيّنه فضيلة الشيخ علي خازم حول عمل المرأة، قد تطرح مسألة: أين هذا العمل أمام أولويات المرأة المسلمة اليوم؟وما هي الأولويات التي رسمها الإسلام للمرأة؟ وفي حال عدم تعارض ذلك مع العمل، من الجدير بنا كمسلمات الاهتمام بتكوين أجواء مناسبة –أجواء شرعية– عند ممارسة أي عمل مباح بالعنوان الأولي.
كيف نقوم بذلك؟ وما هي هذه الضوابط؟•
أولاً – أولويات المرأة المسلمة : من الواضح، أن الإسلام أولى اهتماماً بالغاً بالأم، وأشاد بمكانتها. وقد شكل الوظيفة التربوية والزوجية للمرأة أولوية ما، وتقصيرها بذلك قد يؤدي إلى خلل اجتماعي بليغ، لا يسدّه سواها. لكن هل يتعارض ذلك مع وجودها الاجتماعي ومهماتها
الاجتماعية؟الحديث لا يقتصر على الأم والزوجة، بل يشمل المرأة بكل أدوارها (الأم، الزوجة، البنت،الأخت،..) فهل الفتاة قاصرة اجتماعياً عن الفائدة حتى تصبح زوجةً وأماً؟! ألا تحتاج إلى ترشيد وتعليم وتربية لكي تصبح أماً واعية وزوجة صالحة ؟! ما أود تسليط الضوء عليه، هو أن للمرأة عدة وظائف لا يصح فصلها عن مجتمعها، بل أن وظيفتها الأولى والأساس لا تستقيم بدون احتكاك اجتماعي واعٍ فإن قلنا بأنها تعيش في أجواء نقية وسليمة إسلامية (ملتزمة بالضوابط الشرعية)، ألا تحتاج هذه المرأة إلى بناء سليم لدورها القادم؟ فهل المرأة تخلق أماً صالحة للتربية ؟! أم أنها تحتاج إلى أسس أخلاقية ونفسية وعلمية؛لتتأهل لممارسة وظيفة صعبة، تبنى عليها مسؤوليات وعواقب وآثار على مجتمع برمته. وهذه المسؤولية نستشعرها في قول الإمام الخميني «قدس سره» -وهو قول معروف-: "المرأة كالقرآن كلاهما أوكل إليه صنع الإنسان". بقدر ما تشعر المرأة بالفخر تجاه هذا القول، يجب أن تتحسس المسؤولية الموكلة إليها
وتحترمها وتعمل على إتقانها بتنمية قدراتها. يتضح ذلك بحسب ما يحدث في مجتمعنا اليوم، الأمر الذي قد لا يلتفت إليه غالب الناس، أنّ المشاكل التي تحدث مع الأبناء والتي تحتاج إلى حضور الأم بالدرجة الأولى وتعتمد على دورها التربوي، لا تحدث في السنوات الأولى للأبناء. بينما يواجه الوالدين مشاكلَ معقدة مع أبنائهما في سن المراهقة، وهنا تقف الأم عاجزة، لا تدرك ما هي الأسباب والعواقب والعلاج.. الأبناء يتمردون على القيم الإسلامية وواجباتهم الدينية، في مراحل معينة، وهناك بعض المشاكل النفسية ذات بذور من مرحلة الطفولة، ما يفترض أن تدركه الأم حينها لا الآن. لماذا تقصّر الأم في تلك المراحل؛ لتصل المشكلة إلى هذا الحد؟هذه الأم التي انقطعت عن مجتمعها، لم تتعلم ولم تكتسب أي خبرة، لم تحتك إنسانياً مع الناس بشكل جدي لا عبثي، ما يولد خبرةً وليناً في التعامل، وعمقاً أكبر في التحليل. الآن ليس لديها القدرة الكافية على تحليل هذه المشاكل ومعالجتها. ولننظر بدقة ومسؤولية، كيف تمضي المرأة المنقطعة عن التعليم والعمل المفيد وقتها؟ وهل الأم التي لا يشغلها عمل أو تحصيل علم، تُشغل عائلتُها وقتَها دائماً؟ أم هناك جزءاً لا بأس به من جلسات (الثرثرة) مثلاً؟! لذلك فإن الخبرة التي تتولد لدى المرأة (متزوجة أو غير متزوجة ) جرّاء التعليم أو العمل في ظروف شرعية مناسبة، في أغلب الصور تنعكس إيجاباً على محيطها وعائلتها. وعند تعدد الاهتمامات يجب أن نهتم بالتوازن ومعايير مراعاة الأولوية ومستلزمات خدمة هذه الأولوية.
• ثانياً – ضوابط التعامل الاجتماعي للمرأة : إن موضوع كون عمل المرأة مباحاً في أصله كما وضّح المحاضر آنفاً، لا ينتهي الأكثر بكونه مباحاً أم لا. فقد يكون مباحاً أو واجباً أو مستحباً لكن تتخلله بعض الإشكالات الشرعية، ويجب أن تهتم المسلمات بها أولاً؛ لتفرضها في أجواء عملها، التي يفترض أن تكون سليمة؛ لذلك حرص الإسلام على تبيين ضوابط هذا العمل، اذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض
هذه الضوابط:
1- وجوب الستر الإسلامي للمرأة: وهو لا يقتصر على الحجاب الظاهر ، بل يشمل حجاباً نفسياً آخراً، وهما متلازمان. تقول الآيات الكريمة: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً﴾ ﴿ قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ﴾ مراعاة مسائل النظر والكلام المعتدل والسلوك العام للمرأة، أمرٌ يلازم الحفاظ على حجابها بشكل عام. المهم تطبيق هذه النقاط وإن لم تراعَ في بعض المؤسسات، فتطبيق بعض الملتزمات بها هو دافعٌ لتنبيه البعض الآخر. فهناك من يعتبر مثلاً رفع الصوت جرأةً وشجاعة، لكن في موضوع المرأة يريد الإسلام أن تكون جريئة وشجاعة في مواقفها،أما في غير مواقفها تقدم مسألة الحياء والعفاف التي تشمل سلوك المرأة العام.
2- اجتناب الخلوة: إحدى ما تبتلى به المرأة المسلمة، هو اضطرارها الخروج في عمل ما مع رجل، أو قطع مسافة طويلة بصحبته بحكم
عملٍ ما. وقد تصدق على هذه الحالة خلوة وقد لا تصدق عليه. لكن عموماً، ألا تستطيع الموظفة المطالبة بسَنّ قوانين معينة تحفظ أجواء عملها وتعدلها؛ بحيث تتناسب مع سترها، تتحاشى معها المشاكل الناتجة عن هذه الأجواء؟! خصوصاً في المؤسسات الإسلامية التي تراعي هذه الضوابط، ننتظر أن تطالب المرأة بها،ولا ننتظر من يلتفت إليها؛ ليقوم بتعديلها. هذه بعض الضوابط بشكل موجز، كيف نقيّم مستوى تطبيق المسلمات لها في تعاملهن الاجتماعي بشكل عام؟! فهل يلتزمن بها؟ أو إنهن لا يعرنها اهتماماً؟!
الشق الثاني من الندوة:عرض نموذجين من نماذج عمل المرأة:
1- معهد السيدة الزهراء (عليها السلام).
2- رابطة النهضة الاجتماعية.
تجربة معهد السيدة الزهراء (عليها السلام) نموذج لعمل المرأة؛ عرضتها الحاجة أمل القطان**
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف *
اسمحوا لي أن استعرض تجربة معهد السيدة الزهراء (عليها السلام )، لنختم بنموذج مميز لأداء رابطة النهضة الاجتماعية. هدفنا من هذا العرض تحقيق هدفين أساسيين:
• الأول: تعريف الحاضرات بنشاط هذه المؤسسات ومجالات عملها كمثال حي لنموذج المرأة العاملة الملتزمة.
• الثاني: العمل على إتاحة الفرصة أمام طالبات المعهد للمشاركة في أنشطة هذه المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتبليغية، وهذا ما سيكون أمراً أساسياً عملاً بالحديث الشريف «زكاة العلم نشره»، وتطبيقاً للأمر الإلهي: ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ﴾ معهد السيدة الزهراء (عليها السلام )، مؤسسة أكاديمية تهدف إلى الإسهام ببناء شخصية المرأة المسلمة الرسالية، والمتزنة، القادرة على التصدي للتحديات الفكرية المعاصرة، وبناء الأسرة الملتزمة بتعاليم الدين الحنيف، عبر توفير سبل المعرفة ومناهجها لفهم الإسلام، عقيدة وشريعة، ومنهاجاً للحياة. قد لحظ المعهد خطورة دور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع، فعمل على تطوير مناهجه بما يتناسب مع هذا الدور، وحاول تركيز عمله على تربية نخبة من الطالبات المؤهلات، ممن يمتلكن مستوى عالٍ من الوعي؛ نظراً لخطورة الدور الملقى على عاتقهن، كما ويتمتعن بإحاطة جيدة بالعلوم العصرية التي تؤهلهن للإسهام في عملية التربية والتعليم؛ اللذان لا بد أن يجمع بين أصالة الفكر الإسلامي، والعلوم الإنسانية الحديثة.
يحاول المعهد الوصول إلى أهدافه عبر السياسات التالية:
* الاهتمام الكبير بالمعلومات التي تساهم بشكل مباشر، في بناء شخصية الطالبة العلمية والأخلاقية.
* التركيز على فهم مناهج العلوم، واكتساب المهارات، والقيام بالتطبيقات التي تنقل الطالبة من عالم النظرية إلى عالم العمل والواقع.
* الإسهام ببناء جبهة داخلية حصينة لدى الطالبة، تستطيع من خلالها الدفاع عن أفكارها ومعتقداتها، وتكسبها القوة للوقوف بوجه الشبهات والتحديات التي تتعرض لها.
* تنويع الأنشطة التي ترفد البرامج التعليمية، وتساهم في تعزيز وتنمية قدرات الطالبات على توظيف المعلومات المكتسبة؛ في مجال البحث العلمي، والتبليغ وقد احتاج ذلك إلى القيام بالإجراءات التالية:
* وضع برنامج تعليمي يتناسب مع هذا الدور، يجمع بين الأصالة والتجديد.
* اختيار كادر تعليمي متخصص، ومؤهل؛ لتحقيق أهداف المعهد.
* انتخاب الطالبة الكفوءة خلقياً وعلمياً وذهنياً والتي تحمل همَّ طرح الإسلام وفق منهج أهل البيت (عليهم السلام )، وجعله حاكماً في حياتنا وممارساتنا.
* تشجيع الطالبات وتحفيزهن، عبر نشر نتاجاتهن البحثية في مجلة النجاة التي تصدر فصلياً عن المعهد والتي أنشأت لهذا الهدف، وكذلك عبر نشر الأبحاث الطلابية بشكل موضوعي، في إصدارات دورية، تتناول محاور التربية والاجتماع والأدب والسياسة.
* بناء مكتبة تخصصية ممكننة، تحوي أمهات المصادر؛ التي تحتاجها الطالبة، وتؤمن لها حسن الاستفادة، وسرعة البحث عن المطلوب سواء من خلال البحث في العناوين أو المؤلفين أو الموضوعات أو الفهارس.
رابطة النهضة الاجتماعية نموذج لعمل المرأة الاجتماعي ؛عرضته الحاجة أميرة برغل*
1- تعريف موجز بالمؤسسة : رابطة النهضة الاجتماعية جمعية خيرية نسائية تأسست سنة 1969 بموجب علم وخبر 653/أ.د. تتألف من: 1- الهيئة العامة وتضم جميع المنتسبات إلى الجمعية.
2- الهيئة الإدارية وتتألف من تسعة أعضاء.
3- أصدقاء الرابطة وتضم المتعاونين مع الرابطة والداعمين لمشاريعها من غير المنتسبات.
• رسالتها: دفع المجتمع نحو الالتزام الحق بقواعد الشريعة الإسلامية السمحاء بغية تحقيق مجتمع إسلامي متحضر ومتطور.
• أهدافها:
1- رفع مستوى الحسّ الجماعي لدى أفراد المجتمع .
2- النهوض بالأسرة المسلمة على الصعيد الثقافي والاجتماعي والتربوي والاقتصادي.
3- تعزيز النموذج الرسالي للمرأة المسلمة.
4- تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
• الشريحة التي تستفيد منها: 1- الأسرة والمرأة بشكل عام.
2- الأسر المستضعفة بشكل خاص.
3- طلاب الأسر المستضعفة.
• مشاريعها: 1- حضانة البتول النموذجية
. 2- موائد الرحمن.
3- التكفل الأسري.
4- الحد من عمالة الأطفال، عبر تأمين مقعد دراسي لطفل محتاج، ومتابعته.
5- تأهيل مرشدات اجتماعيات.
2- تجارب لها أثر تربوي، اجتماعي، ثقافي:
• برنامج اللجنة:
تربوياً: تم تسجيل حوالي 280 طالب وطالبة في المدارس ومتابعة أوضاعهم الدراسية والسلوكية (دروس تقوية).
اجتماعياً: تأهيل 20 مرشدة اجتماعية والتعاون مع العوائل؛ لحل مشاكلهم الاجتماعية.
ثقافياً: 1. تأمين درس ثقافي أسبوعي للنساء في العوائل المتابعة. 2. إقامة نادي ثقافي ترفيهي في الصيف لأولاد العوائل. 3. رحلات زيارة إلى مقام السيدة زينب (عليها السلام) لنساء العوائل وأولادهم.
3- إمكانية المشاركة في نشاطات الرابطة: 1- المساهمة في الإرشاد الاجتماعي: - الخضوع لدورات تدريبية. - الإرشاد الاجتماعي. 2- التطوُّع في دروس التقوية. 3- التطوُّع في المخيمات والنوادي الصيفية. 4- إعطاء دروس: روحية، ثقافية، عقائدية، فقهية... لنساء وأولاد العوائل المستضعفة. 5- إعطاء دروس:روحية، ثقافية، عقائدية، فقهية... للعاملات والمتطوعات والمساهمات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق