السبت، أكتوبر 19، 2013

من المفطرات للصائم وقول في العشق وحكم العاشق



من المفطرات للصائم وقول في العشق وحكم العاشق



انفردت الإمامية دون سائر المذاهب الإسلامية بِعَدِّ الكذب عمداً على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنسبة حكم أو حديث لم يصدر عنهما إليهما خلال النهار من المفطرات المبطلة للصوم . والقول يتفاوت عند المراجع بين الفتوى الصريحة والإحتياط.
ومناسبة التذكير بهذا الحكم من أحكام الصيام اليوم , أنني قرأت سَحَرَاً عند أحد الأصدقاء هذا البوست بنصه وصورته (إحتياطا) هكذا :

"
من احب وكتم ومات فهو شهيد
امير الكلام ع".
فتبسمت من احتياطه في نقل الحديث ومن ترك نسبته إلى الإمام علي باسمه .
وهذا الإحتياط احتملته لمعرفتي بتفقهه , وقد لا يكون قاصدا له لكنني فهمته هكذا . ثم توالت أمامي بوستات لأصدقاء كثر عن الحب وما فقهت لهذا التوارد تعليلا إلا أنهم آجرهم الله قد لطفت نفوسهم بعد انقضاء ليال وأيام طوال من شهر الصيام والقيام مما أثّرَ رِقَّةً في قلوبهم أطلقت "كيبورداتهم" في عناوين الحب والعشق.

والعشق يا سادة هو من مراتب الحب في اللغة إذ تتدرج هكذا الحب، الهوى، العشق، الود، الغرام، الهيام . وهولفظ ذو معنى يستدعي دلالات إشكالية في ثقافتنا الإسلامية فبين من قبله من القوم على إنسانيته وأنه شان فطري جبلي لا تنفك منه إلا النفوس الغليظة فأحاطوه بما يبقيه في بستان المباح المسيج بالعفة في النظر والقول والفعل استنادا إلى ما ورد في الحديث الشريف , وبين متلق له بالقبول في أجواء العبادة ورفعه إلى مصافها , وبين متوجس منه لاستدعائه عنده شطحات الصوفية.

ومن أهل القول الأول ما في ذاكرتي من محاورة قرأتها وقد حضرها المرحوم العلاَّمة السيد محسن الأمين العاملي جرى الاستشهاد فيها بقول الإمام الشافعي :
إذا انت لم تعشق ولم تدر ما الهوى == قم فاعتلف تبنا فأنت حمارُ
وينسب إلى الشيخ البهائي العاملي قوله :
كلّ من لم يعشق الوجهَ الحَسَنْ == قدّم الرَحْلَ إليه و الرَسَن

وبالعودة إلى ما احتاط في نسبته صديقنا فإنني لم أجده عن أمير المؤمنين عليه السلام بل وجدته في الحديث النبوي من طرق إخواننا بروايته هكذا :
من عشق فعفَّ فكتم فمات فهو شهيد
وفي رواية : من عشق فعف فكتم فمات مات شهيدا .
وفي رواية ثالثة : من عشق فظفر فعفَّ فمات مات شهيدا .
وفي رابعة : من عشق فعفَّ فكتم فصبر فمات فهو شهيد .

وفي الرد على تضعيف سند الحديث معارضتان الأولى بالتوثيق والثانية باعتضاد المعنى بألفاظ مختلفة في روايات أخرى .
أما المعارضة الأولى فقد قال ابن حزم في معرض الاحتجاج به في كتاب المقاصد الحسنة ج:1 ص:658 :

فان أهلكْ هوىً اهلك شهيداً
وإن تمننْ بقيتُ قرير عينِ
روى هذا لنا قومٌ ثقاتٌ
نأوا بالصدق عن كذب ومينِ .

وذكره نحوه منظوما أبو الوليد الباجي وأبو القاسم القشيري وغيرهما .

وأما المعارضة الثانية فمما عد من دلائله : عند الطبراني في الأوسط والنسائي فيما أورده البيهقي في آخر فتح مكة من حديث محمد بن علي بن حرب المروزي أنبأنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله بعث سرية فغنموا وفيهم رجل ( من الغنائم) فقال اللهم إني لست منهم (المحاربين وبيَّن سبب وجوده بقوله) عشقت امرأة فلحقتها فدعوني أنظر إليها نظرة ثم اصنعوا بي ما بدا لكم فنظروا فإذا امرأة طويلة أدماء فقال لها اسلمي حبيش قبل نفاد العيش , وأنشد شعرا

أرأيت لو تبعتكم فلحقتكم
بحبلة أو الفيتكم بالخوانق
أما كان حق أن يتولى عاشق
تكلف إدلاج السرى والودائق

قالت نعم فديتك .
فقدموه فضربوا عنقه فجاءت المرأة فوقفت عليه فشقهت شهقة أو شهقتين ثم ماتت. فلما قدموا على رسول الله أخبروه بذلك فقال رسول الله ( أما كان فيكم رجل رحيم ) وقال الطبراني لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الاسناد تفرد به محمد بن علي وهو في مصارع العشاق من طريق أبي نعيم عند الطبراني .

وأما أهل القول الثاني المتلقين له (لفظ العشق) بالقبول في أجواء العبادة ورفعه إلى مصافها فإنهم استندوا إلى ما في في الصحيح من الروايات ، عن يونس ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله (الإمام الصادق ) عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أفْضَلُ الناسِ مَنْ عَشَقَ العِبادَةَ فَعانَقَها وَأحَبَّها بِقَلْبِه وَباشَرَها بِجَسَدِه وَتَفَرَّغَ لَها فَهُوَ لا يُبالي ما أصْبَحَ مِنَ الدُّنيا عَلى عُسرٍ أوْ على يُسْرٍ .
هكذا أفهم بضميمة ما نقله الديلمي من حديث أبي سعيد مرفوعا :
"
العشق من غير ريبة كَفَّارة للذنوب ".
ويصير مفهوما إيراد العاشقين في عداد الشهداء بلا استغراب لما ورد من أن ألإمام علي وقف في كربلاء فقيل له : يا أمير المؤمنين هذه كريلاء ؟ قال ألإمام علي ذات كرب وبلاء ، ثم أومأ بيده إلى مكان ، فقال : ها هنا موضع رحالهم ، ومناخ ركابهم ، وأومأ إلى موضع آخر فقال : ها هنا مهراق دمائهم .
ألا ترون إلى الإمام الحسين وهو ينظر إلى مصارع عشاقها بين يديه ...
وهكذا كانوا بين يدي جده رسول الله وأبيه وهكذا هم ويكونون إلى خروج المهدي عجل الله فرجه.
وأما الحديث عن عشق الصوفية فله مقامات وأحوال أخرى
 

...

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور