الثلاثاء، أكتوبر 01، 2013

جمع المفكوك في أحكام وآداب استخدام الفيبر والواتس أب والسكايب والفايس بوك






جمع المفكوك في أحكام وآداب استخدام الفيبر والواتس أب والسكايب والفايس بوك


وضعت هذا العنوان على ما فيه من هَزْلِ السَجَعِ لموضوع أثار بين أفراد الناس أكثر من وجع ووصل حد تفريق بعض الأسر بالشقاق وبالطلاق وهو موضوع سؤ استخدام أدوات التواصل الإجتماعي على أنه ولله الحمد لم يصر ظاهرة بعد . 

وأردت على غرار ما وجدت له صدى إيجابيا عند القراء سابقا أن أسوقه على حلقات مُطَعَّمَةً بالحكايات الطريفة المفيدة والتذكير بأحكام الشريعة في موارد عديدة (انجر السجع من العنوان إلى هنا) , وفي أول الحلقات سأتحدث عن مرادي من جمع المفكوك الذي بدأ بالمال وانتهى بالشاي مرورا بحكم الصرف وربا النسيئة والربا المعاملي .

1- جمع المفكوك :


الفَكَّة في العملة النقدية عند المصريين والغزاويين من الفلسطينيين والخليجيين هي الفراطة من المصاري في بلاد الشام , والمصرية واحدة المصاري والمصريات هي العملة التي فرضها الوالي إبراهيم باشا المصري في بلادنا عندما حكمها (1831-1840), أما المغاربة فيقولون "الصْرْفْ" و لا تنطق كالعربية بل كل الحروف بالسكون أو يقولون "السوانت" التي تعني القطع المعدنية الصغيرة .

إصْرِفْ وبالعامية "فِك" أو "فْرُط" أو "صَرِّف" هي صيغة الطلب وليس "اصْرُفْ" لأنها باللبناني تعني استهلك ويقولون "عطيتو مصروفو " يعني ما يحتاجه لصرفه على حاجته .

والمراد من جمع المفكوك ليس صيغة الجمع منها وهي المفكوكات وإنما إجراء العملية العكسية فبدل فَكِّها أجزاء نعيدها صحيحة كما نقول عن أجزاء النقود عند تبديلها بالمساوية بالعدد والموحدة في قطعة كتبديل خمس ورقات من فئة الالف ليرة بورقة الخمسة آلاف ليرة .

وفي الحياة الإجتماعية العربية الإسلامية وفي اللغة وفي الفقه يعيَّر عن عمليتي الفك والتصحيح ب"الصَرْف" وهو من البيوع المذكورة في كتاب البيع من الموسوعات الفقهية .

من أمثلة ذلك في الحياة الإجتماعية العربية الإسلامية ما قاله أمير المؤمنين عن أهل العراق المقاتلين معه وأهل الشام المقاتلين مع معاوية " لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم ".

وقد استغربت من بعض أهل العلم من أحد المذاهب عَدُّ الفك أو "الصرف" في العملات الورقية بين فئات رقمية مختلفة أو تبديل الورقي منها بالمعدني الأقل فئة والمساوي عددا من الجنس الواحد صرفا بالمعنى الفقهي فحرَّموها (لجهة ربا النسيئة)وأفسدوا المعاملة بأن تأخذ خمسا وأربعين من الخمسين وتؤجل قبض الخمس الباقية فيما لو كنت محتاجا للفكة ولم تتوفر كاملة عند من فكها لك أو اشتريت شيئا ودفعت ورقة من قئة أكبر من الثمن ولم يجد اليائع ما يكفي لرده إليك , بل إنه نقل المبالغة عن أحدهم إن المعاملة لا تصح لو قام البائع إلى الخزنة ليأتيك بها معتبرا القيام تفارقا مفسدا للتقابض . والحكم في الصرف وجوب التقابض في مجلس البيع فيما لو كان المبيعان ذهبا بفضة أو العكس بقياسه الصحيح على الذهب والفكة على الفضة ,واشتراط عدم المفارقة قبل التقابض لأنه إنهاء للمجلس وعند عودة البائع يحصل مجلس جديد .

والرأي الراجح أن لا إشكال في ذلك طالما أنه عملية تبديل نفس العدد ضمن الوحدة النقدية ( ليرة لبنانية بليرة لبنانية )[1] و قبض البديل أو بعضه أو دفع الثمن من فئة كبيرة وترك الباقي أمانة عند من فك أو البائع إلى وقت آخر لأن القياس ليس له محل ولا موضوعية . وما لم يصل الأمر إلى تحوله ضمن الوحدة النقدية بيعا للعملة النقدية المعدنية أو الفئات الصغيرة بالعملة الورقية من الفئات الكبيرة مع فارق في العدد كما تشهده بعض الدول في مواسم معينة حيث تفقد الأسواق السيولة من الفئات الصغيرة فيشتريها التجار بأكثر من قيمتها بنفس العملة الوطنية فإنه لايجوز[2] لأنه من مصاديق أنواع الربا المعاملي مع وحدة الجنس وإن كان من المعدود لا من المكيل أو الموزون وبحثه ليس هنا محله.

ومن الطريف التعليمي المفيد في هذا الباب ما حكاه لنا في درسه أحد كبار أساتذتي فقد ذكر رحمه الله أنه في فنرة طلبه العلم في النجف الأشرف وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) حصلت ضائقة مالية في العراق قررت الحكومة جرائها توزيع إعاشة على الناس وكان فيها نوع ردئ من الشاي لا يستساغ طعمه قال الشيخ رحمه الله فأخذته إلى دكان أحد تجار الشاي المعروفين وطلبت بدله بشاي جيد فقال صَبِيُّ الدكان " يا مولانا ما يجوز هذا ربا " قال الشيخ فعجبت لفطنته وغفلتي عن الحكم الشرعي .فالربا كما يجري في القروض فإنه يجري في المعاملات إذا كان الثمن والمثمن من جنس واحد , وراجعوا الرسائل العملية.

الخلاصة أن مرادي من جمع المفكوك ضم متفرقاته المنتثرة إلى موضع واحد يمكن الرجوع إليه .

هل كانت هذه العبارة تحتاج إلى هذا التطويل ؟ ممكن للبعض ولا يحتاجه البعض فليسامحني على إضاعة وقته وشكرا لقراءته.

وإلى اللقاء التالي بإذنه تعالى عن الأحكام والآداب لنختم بعدها في عنوان الباب , أستودعكم الله..

الشيخ علي خازم ,‏الإثنين‏، 30‏ أيلول‏، 2013




[1] لا مع اختلافها (لبنانية بتركية) ) فللصرف هنا أحكام أخرى


[2] وقد يصح في ما لو عد بيعا أن يشتريها بالدولار مثلا

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور