شهر رمضان والتغيير
– 7 – والأخيرة.
هل انتبهتم
مرة إلى المقابلة بين القوم والأنفس في آيتي التغيير؟
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ
اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ
(11), الرعد
ذَلِكَ بِأَنَّ
اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا
مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53), الأنفال
قال صاحب كتاب
الصحاح في اللغة: "القَوْمُ الرجال دون النساء، لا واحد له من لفظه..قال تعالى:
"لا يسخر قومٌ من قومٍ" ثم قال سبحانه: "ولا نساءٌ من نساءٍ".
".
لا تفرح
النساء بظن خروجهن عن كون أفعالهن من أسباب تغيير النعم فإن صاحبنا قال بعد ذلك:
"وربَّما دخل النساء فيه على سبيل التبَع، لأن قوم كلِّ نبيّ رجالٌ ونساء.. والقَوْمُ
يذكَّر ويؤنث، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميِّين يذكر
ويؤنث، مثل رَهْطٍ ونَفَرٍ. قال تعالى: "وكذبَ به قومُك" فذكَّر وقال تعالى:
"كَذّبتْ قومُ نوحٍ" فأنث.".
موضع المقابلة
تعلق الحكم على الجماعة بالنعم استحقاقا وإدامة نتيجة التقوى, أو بإزالتها نتيجة
تغيير الأفراد لسلوكهم عنها:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ
الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ
أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا
مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
(99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ
نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ
(100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ
يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ
مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102), الأعراف
إن أدوات ضبط
سلوك الأفراد = الأنفس هي القيام بواجب البيان والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة,
وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأفراد ومن الهيئات الإجتماعية وهي من
التغيير بالقول, حتى تصل النوبة إلى استعمال السلطات المعنية ما توجبه عليها
القوانين من تصد للفساد ويقع تحت عنوان التغيير بالفعل.
وإذا صار
الفساد من هذه السلطات رجع الأمر في التغيير إلى الأفراد والهيئات الاجتماعية, قال
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا,
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ. وفي خطبة الإمام الحسين عليه السلام
في أصحابه وأصحاب الحر بن يزيد بالبيضة، بعدما حمد الله وأثنى عليه: "أيها الناس،
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم
الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان،
فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله".
ولنختم بحكاية عن أحد الصوفية العارفين بالله
فقد قال عندما علم بأن دار جاره قد سُرقت: "سُرِقَ جاري بذنبي, كنت ألبس
سروالي قائماً ", ولبس السروال من قيام مكروه وليس بحرام, فما بالنا لا نخاف
الله في أنفسنا وجيراننا وكلنا مسؤول عن كلنا ؟
ع.خ,الأحد،
12 حزيران، 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق