الاثنين، نوفمبر 04، 2013

لمحة عن حياة الأستاذ الفيلسوف العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي بمناسبة ذكرى مولده



هذه اللمحة عن العلاَّمة الطباطبائي كتبتها ونشرت في مطوية مستقلة للتوزيع  سنة 1981 ثم نشرت في مجلة الوحدة الإسلامية العدد- 57- 16 تشرين الثاني 1991

صورة الصفحة الأولى من البروشير


 

لمحة عن حياة



الأستاذ الفيلسوف العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي

ولد العلامة في نهاية العام الهجري، 1321 هـ في سنة 1902 م وسط عائلة علمية وذلك في مدينة تبريز، فَقَد أمه وهو في سن الخامسة من عمره، ومن ثم أباه في سن التاسعة، عاش وأخاه الأصغر منه سناً تحت إشراف أحد الخدم وإحدى الخادمات. أرسل إلى المدرسة وبعدها بدأ يأخذ دروساً خاصة في المنزل، وبقي على هذا الحال لمدة ست سنوات، ومن ثم تعلم اللغة الفارسية وأصولها، ودروساً في التحصيل الإبتدائي، ومنذ فترة 1911 إلى 1917 م قضى معظم أوقاته في قراءة القرآن الكريم وكتب تعليمية أخرى، مثل نصاب الصبيان، الأخلاق، أنوار السهيلي، تاريخ المعجم وغيرها.
وفي سنة 1918 م بدأ بدراسة العلوم الدينية والعربية وحتى سنة 1925 م كان مشغولاً بقراءة الشروح والتعليقات. وفي خلال هذه السنوات السبع قرأ عدة كتب منها : كتاب شرح اللمعة، والمكاسب، وكتاب المعالم والقوانين وغيرها.
انتقل إلى النجف وهو في الثانية والعشرين من عمره لأجل تكميل الدراسة الدينية في الحوزة العلمية. وبدأ بحضور دروس المرحوم آية الله الشيخ محمد حسين الأصفهاني وأنهى دورة كاملة في الأصول وفي البحث الخارج استمرت فترة ست سنوات، ومن ثم قضى أربع سنوات في دراسة الفقه وتتلمذ في علم الرجال عند المرحوم آية الله حجة كوه كمري. أما بالنسبة إلى الفلسفة فقد توقفت دراسته عند المرحوم الفيلسوف السيد حسين بادكوبي ومن ثم بدأ بدراسة الرياضيات وانتهى بدورة كاملة في الحساب الإستدلالي والهندسة المستوية والمجسمة والجبر الإستدلالي.
وفي سنة 1935 م نتيجة تدهور وضعه المعاشي، إضطر للعودة إلى موطنه الأصلي "تبريز" وقضى فيها عشر سنوات في وضع نفسي متأزم جداً. بينما كان يعمل مع عمه في الفلاحة لا يتعاطى من العلم والتعليم إلا الشيء القليل.
وبسبب الحرب العالمية الثانية ترك "تبريز" مرة أخرى وذهب إلى الحوزة العلمية في "قُمْ" حيث بدأ يدرِّس التفسير والحكمة.
وفي هذه المدارس لفت أنظار طلبة العلوم الدينية، فبدأوا يلتفون حوله، وينهلون من علمه، ويشربون من ثقافته ويتعلمون من تجاربه.
اشتهرت دروسه كثيراً بحيث تجاوزت نطاق مدينة "قُمْ" بل حدود إيران فتهافتت عليه أساتذة الجامعات يتزودون من علمه، كما أقبل عليه المستشرقون من خارج إيران أبرزهم "هنري كوربن" الذي وجد في العلّامة الطباطبائي الرجل الوارث لحكمة الفلاسفة المسلمين، وصاحب الرأي الإجتهادي في الفلسفة والرياضيات وعلم الكلام.

كلام للفيلسوف

"طبعاً كل شخص يعيش هذه الحياة، يمر بأدوار في حياته جميلة ولطيفة، وأدوار أخرى مرّة. ويتذكر خواطر كثيرة كذلك، بالنسبة لي. وخاصة أنني قضيت أكثر عمري يتيماً وغريباً ومفارقاً للأهل والأصدقاء والعيش بخشونة الحياة، فقد تعرضت وخلال مسيرة حياتي إلى ظروف وأجواء متنوعة، كانت بعضها مأساوية وبعضها الآخر خطراً، ولكني كنت أشعر بأنني كلما أصادف طريقاً خطراً فإن هناك يداً غير منظورة تنقذني وتخرجني من بين آلاف الموانع وترشدني إلى طريق الهداية والرشاد. في البداية لم أكن راغباً في الدراسة وبالخصوص عندما بدأت بقراءة الصرف والنحو، وقضيت فترة أربع سنوات على هذا المنوال ولم أكن أفهم الشيء الكثير من هذه الدروس.
وفجأة شملتني العناية الإلهية وأصبح عندي نوع من الرغبة والشوق للدراسة بحيث جعلتني أستمر منذ ذلك اليوم وحتى انتهاء فترة الدراسة التي استمرت 17 سنة بجد وإخلاص ولم أشعر بالتعب أو بالملل أبداً، وبالرغم من الصعوبات التي كانت تواجهني ، لملمت بساط المعاشرة ولم أعاشر إلا أهل العلم، وكنت قنوعاً جداً فيما يخص الأكل والشرب، وكنت أمضي أكثر أوقاتي بالمطالعة وخاصة في الربيع والصيف حيث كنت أقضي الفترة في الليل حتى الفجر ساهراً بالمطالعة، ودراسة درس اليوم الثاني، وعندما كنت أذهب إلى الدرس في صباح اليوم الثاني كنت أعرف كل ما سيقوله الأستاذ، ولم تواجهني أي صعوبة في هذا المجال".

كلام عن الفيلسوف

الشهيد مطهري :
"لعلامتنا الطباطبائي عدة نظريات في الفلسفة ولربما ستقيم نظرياته على الصعيد العالمي بعد 50 أو 60 سنة قادمة. إلا إننا لم نعرف قدر أنفسنا".
أحد تلاميذه :
"عاشرته سنوات طوال، فلم أجده يرتكب مكروهاً".
تلميذ آخر يقول :
"إنه حدّثني العلّامة مرة وقال : والله ما دعوت لنفسي قط، بل كلما رفعت يدي للدعاء، دعوت للآخرين".
تلامذة الفيلسوف
وكان من تلامذته كل من الشهيد آية الله بهشتي، والشهيد آية الله قدوسي والشهيد الدكتور باهُنر وكل من حجج الإسلام مهدوي كني، وجوادي أملي وغيرهم.

من آثار العلّامة الكير

1-             حاشية على أسفار صدر المتألهين الشيرازي.
2-             الميزان في تفسير القرآن.
3-             مقابلات ومباحثات مع البروفسور "هنري كوربن".
4-             رسالة في الحكومة الإسلامية.
5-             حاشية على كفاية الأصول (في أصول الفقه).
6-             رسالة في القوة والفعل.
7-             رسالة في إثبات الذات.
8-             رسالة في الصفات.
9-             رسالة في الأفعال.
10-        رسالة في الوسائط.
11-        الإنسان قبل الدنيا.
12-        الإنسان في الدنيا.
13-        الإنسان بعد الدنيا.
14-        رسالة في النبوة.
15-        رسالة في الولاية.
16-        رسالة في البرهان.
17-        رسالة في المشتقات.
18-        رسالة في المغالطة.
19-        رسالة في التحليل.
20-        رسالة في التركيب.
21-        عليّ والفلسفة الإلهية.
22-        القرآن في الإسلام.
23-        الشيعة في الإسلام.
ولم يكتف العلامة الكبير بتدوين الرسائل الفلسفية والعلمية، بل تصدى لكل مسألة معاشة مرتبطة بالإسلام ولا يفوتنا أن نذكر في نهاية هذه السطور جانباً هاماً عرف به العلامة الكبير هو التقوى.
هذا الرجل لم يتوقف لسانه عن ذكر الله حتى أحرج لحظات مرضه الأخير، ولم يتوان عن تذكير تلاميذه وزائريه بالتقوى وخشية الله، وكان يكرر دوماً أن الفلسفة الصحيحة تستطيع أن تعمق إتصال الإنسان بالله ومعرفته بربّ العالمين.
وفي النهاية : وفي التاسع من شهر صفر عام 1402 هـ / 1981 م / لبّى العلامة السيد آية لله محمد حسين الطباطبائي نداء ربّه. ورحل عنّا. وخلّف للجيل تراثاً علمياً عظيماً يفرض على أبناء الأمة مسؤوليتين، مسؤولية انتهال علوم "العلامة الطباطبائي" والإستفادة التامة منها، ومسؤولية مواصلة طريقه العلمي بمعاناة وصبر.

 

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور