لحظات في مطبخ الفقراء الصائمين
ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر فيما تتبارى التلفزيونات والإذاعات وربما الصحف اليومية والمجلات في استقدام أهم خبراء الطبخ لتعليم النساء أنواعا لا يحلم بها الفقراء, اليوم قررت حضور برنامج إحدى المحطات فبدأ بتحضير عجينة البانيه للسمك والقريدس والدجاج لتقديمها في إفطار اليوم ....
لم أر ولم ينقل إلي أحد أن تلفزيونا أو إذاعة تفضَّل بتعليم الفقراء طبخات تسد الجوع وغنية بما يجتاجه جسم الفقير وفي متناول جيبه أو يمكن عملها من المواد التي يجود الكرام بها عليه في شهر رمضان وغيره كالحبوب المجففة.
لم أر ولم ينقل إلي أحد أن تلفزيونا أو إذاعة تفضل بتعليم الفقراء كيفية التعامل مع الخبز البايت والرز بشعيرية البايت أو زوم أي نوع من الخضار المعمولة بالزيت والبصل ورب البندورة أو أي باق آخر.
سأعلمكم اليوم مما كانت أمي تصنعه:
فتة الحمص بطحينة التي تستهلك بعض ما يبس من الخبز
الحرإصبع التي تستهلك الرز البايت والخبز اليابس مع نعنع يابس ورب بندورة.
البرغل الخشن المفلفل بالزوم المحفوظ.
علب السردين بعد تتبيلها.
لم نكن نعرف في بيت أبي إلا نوعا واحدا يضاف إليه "إذا كان وللبد" سلاطة أو لبن أو كبيس ..
البطاطا المقلية وجبة كاملة مع الفتوش بالخبز اليابس, البطاطا المسلوقة مهروسة وبجانبها كبيس باتنجان, البطاطا المسلوقة مقطعة مكعبات ومتبلة بالبقدونس والثوم والحامض, بطاطا حرة, الحمص المتبل أو الباتنجان المتبل....
كل هذه وغيرها التي تقدم اليوم على أنها مقبلات المطبخ اللبناني كانت من وجبات مطبخ "الإنسان" اللبناني!.
نعم كنا نأكل دجاجا لكن باعتدال , ونأكل الدجاج لانه أرخص من الفروج, وكانت "فرحتنا توصل لقرعتنا " إذا وجدت بيضة أو أكثر في أحشاء الدجاجة لنقليها مع السودة والقوانص.
يا محبي علي عليه السلام تذكروا آخر إفطار لإمامكم: " قالت السيّدة زينب: لمّا كانت ليلة التاسع عشر من رمضان قدّمتً إلى أبي عند إفطاره طبقاً فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن ، وملح جريش ، فلمّا فرغ من صلاته أقبل على فطوره ، فلمّا نظر إليه حرّك رأسه وبكى وقال : ما ظننت بنتاً تسوء أباها كما أسأت إليّ. قلت" ما ذاك ؟" فقال :" تقدّمين إلى أبيك إدامين في طبق واحد ، أتريدين أن يطول وقوفي بين يدي الله تعالى يوم القيامة ؟ أنا أريد أن أتّبع أخي وابن عمّي رسول الله صلّى الله عليه وآله ما قدّم له إدامان في طبق واحد إلى أن قبضه الله تعالى...... ثمّ قال عليه السلام" : يا بنيّة ، الدّار دار غرور ، ودار هوان ، فمن قدّم شيئاً وجده. يا بنيّة ، لا آكل شيئاً حتّى ترفعي أحد الإدامين " ، فلمّا رفعته أكل قرصاً واحداً بالملح الجريش ، ثمّ حمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثمّ قام إلى صلاته..."
لن نكون مثله عليه السلام وهو القائل:
" أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ ، وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ ".
فيا إعلامنا أين أنت من الإعانة؟
رجاء عدم ذكر إسم أي مؤسسة إعلامية في التعليقات.