الجمعة، يونيو 10، 2016

شهر رمضان والتغيير – 5 –

شهر رمضان والتغيير – 5 –
قبل الدخول في الأسباب والمعالجة باتجاه التغيير, لا تظن أيها المظلوم بوقوع إحدى الجرائم عليك أنك برئ تماما, فإنك إن توهمت ذلك صار العلاج مستحيلا, وأدنى درجات الشك في البراءة احتمال أن يكون هذا الظلم بلاء نقمة لذنب ارتكبتَه ولم تستغفر منه ولم تؤد حقه فعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة", وعنه عليه السلام: "الكَيِّسُ من كان غافلاً عن غيره ولنفسه كثير التقاضي" وهذه بداية الصلة التي وعدت بها في نهاية المنشور الثاني.
وبالعودة إلى العناوين الثلاثة التي تجتمع لتكون السبب: الجهل والجهل المركَّب, غياب سلطة الدولة, غياب سلطة الرقابة الإجتماعية, لم أقصد بالجهل والجهل المركَّب ذلك الجهل الذي تغتفر معه بعض الخطايا أو الأخطاء, ولا الجهل مقابل العلم مطلقا فكثير من مرتكبي هذه الموبقات متعلمون وإن بدرجات متفاوتة, بل الجهل المقصود هو ما يقابل الكياسة التي امتدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أهلها من الصائمين والمفطرين كما مر في المنشور الثاني: : " كمْ مِنْ صائِمٍ ليْسَ لَهُ من صِيامِهِ إلا الجُوعُ والظَمَأ، وكمْ مِنْ قَائمٍ ليسَ لهُ من قِيامِهِ إلا السَهَرُ والعَناء، حَبَّذا نَوْمُ الأكياسِ وإفطارهم", والكيِّسُ في اللغة هو صاحب الفطنة والعقل ويقابله الأحمق, وقد قابله رسول الله صلَّى الله عليه وآله بالعاجز ففي الحديث الشريف : "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني".
قد نرتكب الخطأ بحق الآخر ونجهل أنه حرام حكما تكليفيا, وقد نجهل أنه قد يترتب على هذا الحكم التكليفي حكم وضعي يقضي بالتعويض المادي على المتضرر فتشتغل ذمتنا بحقين, وقد تتعدد مجهولاتنا فتتعدد أخطاؤنا, والأدهى أن لا نتدبر في آثارها السيئة فنكررها, والمصيبة العظمى أن تتشكل لدينا قناعة وقطع بأننا على حق والآخر على باطل فلا نتوقف ولا نتراجع, هنا صرنا بحاجة إلى طبيب نفسي وليس إلى واعظ أو مرشد اجتماعي فقط, وبغياب الرادع الذاتي من عقل وأخلاق ودين لا بد للسلطتين الإجتماعية والحكومية من التدخل الرادع.
وحتى لا يتشتت البحث نعود إلى التذكير بالغرض الأصلي وهو طلب التغيير في سلوكنا وعاداتنا نحو ما يجب والأحسن والمفيد شخصيا واجتماعيا, دينيا وحضاريا.
كيف نغيِّر ؟ مرَّة يأتي السؤال من الإنسان الذي التفت إلى أخطائه, ومرة من مجموع أفراد يخشون على مجتمعهم من زوال النعم, وللكلام صلة..
ع.خ,الجمعة، 10 حزيران،
2016 

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور