السبت، ديسمبر 07، 2013

أبو هادي بقلم شقيقه الأستاذ كريم مروَّة



أبو هادي بقلم شقيقه الأستاذ كريم مروَّة


 

‏"أبو هادي" هو شقيقي محمد حسين مروَّة ، شقيقي من الابوين الشيخ أحمد والحاجة خديجة. وكلاهما ينتميان الى عائلة مروَّة ‏الجنوبية، الشيعية الاثني عشرية التي تعود في جذورها التاريخية، مع عائلات لبنانية أخرى ، الى قبيلة همدان اليمنية.‏
ولد "أبو هادي" في عام 1923.هو واحد من ثلاثة أشقاء يكبرونني، واثنين آخرين يصغرانني. اثنان من الكبار، هما محمد علي (ابو جعفر) ‏ومرتضى ( ابو حسان) غادرانا منذ زمن طويل، بعد أن أرهقهما الاغتراب في غرب افريقيا السوداء. "أبو هادي"، إذن، ‏‏(أطال الله عمره) هو الآن في مرتبة العميد لآل مروة المتحدرين من صلب الشيخ أحمد، وعددهم يقترب من التسعين فرداً، ‏من الأولاد والأحفاد وأولاد الأحفاد. وهو، أي أبوهادي، اذ يبلغ هذا العام التسعين من عمره، فإنه ما يزال يتمتع بفتوة ‏الشباب، نشاطا ذهنيا، و نشاطاً جسدياً، في آن.‏
لم يتمكن محمد حسين من متابعة دراسته مثل سائر الأشقاء في المدرسة التي أنشأتها الجمعية الخيرية العاملية في بلدتنا حاريص في عام 1938. إذ قضى فيها عاماً واحداً. ثم غادر المدرسة والبلدة الى بيروت في أواخر ذلك العام، بالذات، لكي يمارس العمل في تلك السن المبكرة.
كانت ظروف العائلة صعبة على الدوام. وكان والدي الشيخ احمد رجل دين ودنيا. أي أنه كان في عقيدته، وفي ممارسته للشعائر الدينية، رجل دين بكل المعاني. في حين كان في  العمل لتأمين المداخيل لعائلته رجل دنيا، مثل سائر أهل بلدته ومنطقته. ولأنه كان كريماً ومضيافاً، ولأنه كان أبيّ النفس، فقد اضطر للاستعانة بالأبناء، عندما كان يرى أنهم أصبحوا في موقع القدرة على العمل، وذلك تجنباً منه للوقوع في العسر، وخشية أن تضطره الحاجة الى طلب المساعدة من الآخرين. وكان ذلك أبغض الأمور بالنسبة اليه.
وكان محمد حسين قد أقام، منذ وصوله الى بيروت في اول رحلة اليها، علاقة مع قريبنا كامل مروة، عندما كان هذا الاخير يصدر مجلة مصورة، متنقلاً بين "دار النهار" و"دار المكشوف". ولذلك فقد كان محمد حسين من اوائل مساعدي كامل عندما أصدر جريدة " الحياة" في عام 1946. وصار يتنقل في ادارة الجريدة من موزع، في البداية، واعمال اخرى بسيطة، الى أن أصبح واحداً من الاساسيين في الادارة ، في وظيفة أمين صندوق. وهي الوظيفة الصعبة التي كان فيها، على حد قوله، موزعاً بين دور الحارس على مصالح صاحب الجريدة، قريبه، وبين دور الحريص على مصالح العاملين في الجريدة، الذين كانت تربطه معهم علاقة ود وصداقة، محررين واداريين من اول الرتب الى اكثرها تواضعاً.
في عام 1976. وكان توقف الجريدة عن الصدور هو الزمن ذاته الذي توقف فيه أبو هادي عن العمل. وكان قد اصبح أبا لعائلة كبيرة. وكان بدأ يتقدم في السن، ولم يعد قادراً على العمل في مجال آخر. وكان الانتقال السريع من العمل اليومي الكثيف الى البطالة الكاملة، لا سيما في فترة اندلاع الحرب الاهلية، مصدر هم وقلق عنده. ولم يلبث أن وجد الحل، وجده في القراءة. وهو مجال رأى فيه متعة للنفس، وامتاعاً للآخرين. وما أكثر ما كان يحمل معه الينا، كلما كنا نلتقي في مناسبة عائلية، نتفاً من تلك الأخبار المتفرقة والطرائف والنوادر والنصوص الأدبية، التي كان يقتطعها من الصحف والمجلات والكتب، ما كان يصل اليه منها بالصدفة أم تلك التي كان يحرص على اقتنائها.
صدر له كتاب كشكول "أبو هادي" سنة 2003 وهذا كتابه الثاني موسوعة علماء الشيعة في لبنان , ويحضِّر الجزء الثاني من كشكوله الذي أتمنى له أن يبصره.
كريم مروَّة , بيروت , ‏25‏ تشرين الثاني‏، 2013

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور