الاثنين، ديسمبر 09، 2013

الخبز اللاطي وإنتاج النوابغ






الخبز اللاطي وإنتاج النوابغ
حفظنا من نقل والدتي اعتذار صديق خالي للأستاذ عن تأخره على الصف عبارة :"أي لشتت أي للطيت أي لصحيت أي لجيت" بمعنى أمطرت فاختبأت حتى صحيت فأتيت , وكانت كلمة "أي" مما يردده كما بعض الناس , الذين يملكون ما يعبر عنه بمحط الكلام وهو ما يرددونه بدون وعي ولا إرادة حتى يلقبون به , و أعرف وتعرفون أشخاصا بهذه الصفة .
أما الخبز اللاطي فهو الأرغفة لم تنتفخ بكاملها وبقيت أجزاء من وجهها ملتصقة بقفاها وهو نادر اليوم لمجموعة عوامل . هذا الخبز كان الفران يجمعه من الفجر إلى قريب الظهر ويوزعه مجانا أو بسعر زهيد للعائلات المعسرة.
وبين "اللطو" بمعنى الإختباء و "اللط" بمعنى الإلتصاق جامع هو الكمون في المكان واشتراك في الحرفين الأولين فأصلهما في اللغة لطا ولطَّ.
نرجع إلى العائلات المعسرة , هذه العائلات كانت أيضا تستفيد من "شروات" آخر النهار من بائعي الخضار والفاكهة المتجولين أو المحلات التي تهتم بنضارة بضائعها فتبيع ما تخلف لديها بربح قليل أو بسعر السوق لتأتي بالطازج اليوم التالي للزبائن الموسرين.
وكانت هذه العائلات المعسرة تكتفي بلحمة "الزور" وعظامه لرخصها , أو بما يخاف بائع السمك كساده من الظهر فما بعده حيث لا برَّادات يمكنه حفظها فيها , فتجده يلح في بيعه كيفما كان .وأظن أن وصف بعضهم ب"الزنخ" , وهو لغة الطعام فاسد الرائحة ,لا علاقة له برائحة السمك بل في طريقة عرضه البيع بحيث لا يمل ولا يكل حتى يبيعه , وعرفت أحدهم يكذب على النساء في البيوت بغياب أزواجها مدعيا أنهم أرسلوه إليهن .
من هذا اليسير الذي كانت توفره هذه العائلات تعلَّم أبناؤها وتقدموا في التعليم حتى نبغ منهم الكثير . وهذا التدبير كما لاحظنا لم يحرم الأسر من أصول التغذية وإن حرمها من بعض أشكالها أو أنها تأخرت في تذوق بعض الفاكهة أو الخضار عن أول موسمها .
بعض العائلات عاشت نفس الظروف لكن بسبب البخل وحيث أن البخل سار فإنه منع أبناءها من التعليم وحرم الأمة من بعض النوابغ .
لا للإسراف ولا للتبذير ولا للتقتير , نعم لتقدير المعيشة وتحقيق الكمال الإنساني لا الحيواني فقط.
والفارق كبير بين الكمالين وهو الفرق بين الحكمة في التصرف وبين الإسراف في التطرف.
عن داود بن سرحان قال : رأيت أبا عبدالله (الإمام جعفر الصادق) عليه ‌السلام يكيل تمرا بيده ، فقلت : جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك او بعض مواليك فيكفيك ، قال : يا داود إنه لا يصلح المرء المسلم إلا ثلاثة : التفقه في الدين ، والصبر على النائبة ، وحسن التقدير في المعيشة.
الشيخ علي خازم , ‏السبت‏، 07‏ كانون الأول‏، 2013



هناك 3 تعليقات:

Hassan Tarhini يقول...

تحياتي شيخنا الاديب

عطفا على (اللط) و(اللطو)، لم يسعفني الوقت لأبحث عن كلمة (لطلطة).

والعامليون يستعملونها في مقام وصف مَن خلط الطاهر بغيره كأن يدوس الطفل في المرحاض ثم يعدو في البيت فيقال له (لطلط) البيت.

مدونة الشيخ علي خازم يقول...

وتحياتي لك, راجعت قاموس رد العامي إلى الفصيح للشيخ أحمد رضا فوجدت فيه :"وقالوا لتَّ فلان ثوبه....إذا لطخه...والإسم اللتلتة وهي في اللغة "اللثلثة"..

Hassan Tarhini يقول...

شكرا على التوضيح ... أدامكم الله

ألبوم الصور