آخرة الكذب والأيمان
الكاذبة كذب وأيمان كاذبة حتى في الآخرة
كذّابون في الدنيا مع
الحلف بالله فهمناها, وفي الآخرة أيضا !
على المؤمنين فهمناها,
وعلى الله أيضا !
صعبة؟
لننظر في الآيات التالية
من سورة الانعام:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ
جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوٓا۟ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ
تَزْعُمُونَ
ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ
إِلَّآ أَن قَالُوا۟ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا۟
عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ
في الحديث الشريف عن
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: " .. وَمَا يَزَالُ
الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا
"[1] , الكتابة هنا بمعنى إثبات الحالة
وثباتها, وببساطة أن هذا الكذّاب المُصرّ سيبقى كذلك حتى الآخرة.
يقع في الكذب من يجد
لكل سؤال جوابا ويقدِّم على كل حدث تعليقا دون توقف ولا رويّة ولا تثبُّت ولا احترام
لعقل الآخر, والمصيبة الكبرى أن هذه الحالة سترافقه حتى الآخرة في الإسراع بالإجابة
محاولة لتبرير سلوكه واعتقاده, لنشاهد صورة ذلك ثانية:
يقول تعالى: وَيَوْمَ
نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوٓا۟ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ
ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ؟
(فيكون جوابهم الفوري):
... قَالُوا۟ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
فيقول الحق تعالى: ٱنظُرْ
كَيْفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ
إنهم لمّا تيقنوا من
قرب تحقق وعيد الله للمشركين قالوا على عادتهم بسرعة الإجابة: " وَٱللَّهِ رَبِّنَا
مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " جوابا للسؤال الإلهي " أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ
كُنتُمْ تَزْعُمُونَ؟.
ولكن هيهات فهنا مقام: {وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ
عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [الفرقان : 17]
" ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟
يَفْتَرُونَ " عندما تتوقف ألسنتهم عن طاعتهم لتشهد عليهم مع سائر جوارحهم حين
ينطقها الله:
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ
وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور : 24].
{وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ
لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ
وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت : 21]
هل لاحظتم نسبة الجواب
الفوري إلى الكذّابين أنفسهم ونسبة الشهادة للألسن والأيدي والجلود؟
وفي نفس المقام نرى
بالمقابل:
{قَالَ اللَّهُ هَذَا
يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة : 119]
ع.خ,الخميس، 29 آذار،
2018
[1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ
يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ
الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا،
وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ
يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ
حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق