بعون الله تعالى، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية في ذكرى ميلاد الرسول
الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام جعفرالصادق(عليه السلام)، عقد
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي السابع
والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران من ١٥-١٧ ربيع الأول ١٤٣٥هـ الموافق
١٧-١٩ يناير/كانون الثاني ٢٠١٤م بحضور اعضاء الجمعية العمومية للمجمع
العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ومئات الشخصيات الدينية والنخب
العلمية من الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن سائر أنحاء العالم. وقد خُصص
هذا المؤتمر لدراسة موضوع (القرآن الكريم ودوره في توحيد الأمة الإسلامية)
كما حرص المشاركون على لقاء قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي
(دام ظله الوارف) وتبادلوا الحديث مع سماحته والاستماع إلى حديثه التوجيهي
القيم، وافتتح المؤتمر فخامة حجة الاسلام والمسلمين الدكتور الشيخ حسن
روحاني رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية بكلمة جامعة.
وتدارس المؤتمرون موضوع المؤتمر على مدى ثلاثة أيام وفي عشرين جلسة عمل ومن خلال عرض مائة وعشرين بحثاً وكلمة.
وفي ختام جلساته أصدر المؤتمر بيانا تجده كاملا بالنقر هنا
نص المداخلة التي أعددتها للمؤتمر :
القرآن الكريم والوحدة الإسلامية تذكير بوقائع -
الشيخ علي خازم
بسم الله الرحمن
الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين ,
وبعد
يمكن الخوض في
الحديث عن القرآن الكريم والوحدة الإسلامية تحت عنوانين :
الأول القرآن
الكريم بما هو كلام الله الموحى به إلى سيدنا محمد صلَّى الله عليه وآله والعنوان
الثاني هو القرآن الكريم بما هوعليه بين أيدينا كمصحف مرسومة حروفه على الورق
ومجموع بين الدفتين.
فإذا اتجهنا إلى
العنوان الأول أمكن ملاحظة العلاقة الجدلية بين نص القرآن الكريم على وحدة الأمة
الإسلامية ووحدة المسلمين من جهة وبين وحدة الأمة الإسلامية وعموم المسلمين على
القرآن الكريم على أنه كتاب الله المنزل هداية لهم في حياتهم .
ويمكن تصنيف
دلالة القرآن الكريم على الوحدة أيضا تحت عناوين :
أ - الدلالة على
وحدة الأمة والدعوة إليها.
ب - الدلالة على
ذم الفرقة والتخالف .
ج - عناصر تشكيل الأمة الواحدة واستمرارها .
أما وحدة وحدة
الأمة الإسلامية وعموم المسلمين على القرآن الكريم على أنه كتاب الله المنزل هداية
لهم في حياتهم فيمكن ملاحظة ظهورها من خلال :
- إلتزام
المسلمين بقطعية صدوره عن الله تعالى بواسطة الوحي وتبليغه إلى النبي محمد صلَّى
الله عليه وآله.
- إلتزام
المسلمين بسلامة وصيانة القرآن الكريم عن التحريف بأشكاله .
- إلتزام
المسلمين بحفظ القرآن الكريم عن كل ما يتهدده وابتكارهم الوسائل العلمية الخاصة
بذلك وتفردهم بذلك من بين الأمم .
أما عن العنوان
الثاني الأساسي وهو أثر هو القرآن الكريم بما هوعليه بين أيدينا كمصحف مرسومة
حروفه على الورق ومجموع بين الدفتين فيمكن ملاحظة العناوين التالية :
- إعتباره
المرجعية اللغوية العربية لكل المسلمين عربا وعجما .
- استخدامه
وتضمين نصوصه في آداب لغات العالم الإسلامي كلها .
- نشؤ أنواع خاصة
من الفنون المتعلقة بالقرآن الكريم وكتابة آياته .
- استخدام شكل
المصحف في الفنون .
- التوافق على
أدوات خاصة لحفظ المصحف ككتاب بين الشعوب الإسلامية .
1 - بالرجوع إلى
العنوان الأول وهو القرآن الكريم بما هو كلام الله الموحى به إلى سيدنا محمد صلَّى
الله عليه وآله ونصه على وحدة الأمة الإسلامية فنقرأ في الدلالة عليها وفي الدعوة
إلى توحيد المسلمين وفي عناصر تشكيل الأمة واستمرارها :
أمة
واحدة
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ - الأنبياء - الآية - 92
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
- المؤمنون - الآية - 52
الدعوة
إلى الوحدة وعدم التخالف
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ
اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
- آل عمران - الآية - 103
إِلاَّ الَّذِينَ
تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ
مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا - النساء - الآية - 146
فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
- النساء - الآية - 175
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
- الأنعام - الآية - 153
وَأَطِيعُواْ اللّهَ
وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ
اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - الأنفال - الآية
- 46
فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - الروم - الآية - 30 مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ - الروم
- الآية - 31 مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ
وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ - الروم - الآية - 32
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ
دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى
اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ - الأنعام - الآية - 159
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ - الحجرات - الآية - 10
شَرَعَ لَكُم مِّنَ
الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا
بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ
مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
- الشورى - الآية - 13
عناصر
تشكيل الأمة واستمرارها
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ - آل عمران - الآية - 102 وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ
تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا
حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - آل عمران - الآية
- 103 وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ - آل عمران - الآية -
104 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ
وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ - آل عمران - الآية - 105
أما الكلام عن
جهة وحدة الأمة الإسلامية وعموم المسلمين على القرآن الكريم على أنه كتاب الله
المنزل هداية لهم في حياتهم فتظهر في أنهم مجمعون على قطعية صدوره عن الله عز وجل
وتحميله للنبي الخاتم محمد صلَّى الله عليه وآله من طريق الوحي وأنه قد بلَّغه
للمسلمين .
وإنَّ المسلمين
مجمعون على سلامة القرآن الكريم من التحريف والتغيير ولا يضر بهذا الإجماع شذوذ من
شذَّ أو الإختلاف المستند إلى القراءات المعتبرة
المتعددة , أو إلى ترتيب بعض الآيات في السور مع حفظها وما شابه ذلك .
وإن المسلمين قد
اجتمعت جهودهم وتضافرت عبر العصور لصيانة القرآن الكريم من تلاعب أعدائه فكانوا
أداة تحقيق وعد الله بحفظه.وقد استخدم المسلمون في كل عصر أحدث الوسائل لحفظ النسخ
الخطية السليمة للقرآن الكريم بحيث يعرض عليها اليوم كل مطبوع أو مسموع أو
مُشاَهَد لضمان سلامتها من التزييف أو التحريف.
ولا يكاد يخلوا قطر
من أقطار المسلمين من هيئة معنية متخصصة لذلك حتى في البلاد التي هم فيها أقليات ,
مضافا إلى استخدام التكنولوجيا المزامنة والمتطورة كما أشرت ومن ذلك قيام إذاعة
القرآن الكريم في القاهرة بعيد إنشائها مباشرة في أواخر خمسينيات القرن الماضي
بتسجيل كامل المصحف بأصوات كبار القراء وبأكثر من قراءة معروفة لتكون مرجعا صوتيا
.
2 - وبالإنتقال
إلى العنوان الأساسي الثاني وهو القرآن الكريم بما هوعليه بين أيدينا كمصحف مرسومة
حروفه على الورق ومجموع بين الدفتين فإننا نرى وحدة المسلمين متجلية بأنه الكتاب
الذي لا يخلو منه بيت مسلم في أنحاء الأرض إلا في ما ندر .
وإنه يتلى بلغة
واحدة صارت مرجعا للمسلمين كما أحكامه أيضا.ويمكن ملاحظة اشتراك اللغات الإسلامية
وهي اللغات التي تستخدمها شعوب الأمة الإسلامية في ما نسميه في البلاغة العربية
بالتضمين وهو استخدام جمل من القرآن الكريم في الشعر والنثر من آدابها.
كذلك نلاحظ من
مظاهر الوحدة الإسلامية على المصحف الشريف باعتباره ملهما في الإبداع بخطه وتزيينه
كاملا آيات مفردة .
بل يمكن ملاحظة
الإشتراك في كل الأدوات التي ابتدعتها شعوب العالم الإسلامي لتكريم نسخ المصحف في
كل بيت ومكان من محافظ وصناديق كما الإشتراك في ابتداع أدوات تعليمه وتحفيظه من
ألواح وكراسات وكتاتيب وخلاوي .
وليست نهاية
المطاف ملاحظة استخدام المصحف ككتاب مغلق أو مفتوح أو اختيار بعض آياته كرمز وشعار
للغالبية العظمى من شعارات (لوغو) الدول والمنظمات والأحزاب والجمعيات والمؤسسات
الإسلامية .
3 - هذا غيض من
فيض الواقع في أثر القرآن الكريم في تشكيل ووحدة الأمة ووحدة المسلمين , وهذا ما
يعرفه أعداؤنا جيدا بل ربما أكثر من بعضنا عنه ولذلك تراهم يعملون ليل نهار على
إبعادنا عنه وعنها ففي ترك ملاحظتها وبيانها يجد الشيطان فسحة لعمله في ذر التنازع
والتنابذ بين المسلمين .
أما المؤمنون
المطمئنة قلوبهم فموقنون بوعده تعالى عن القرآن الكريم في هذا المجال :
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ - الحجر
- الآية - 9
وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ
مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ
- الأحقاف - الآية - 12
إِنَّ الَّذِينَ
قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ - فصلت - الآية - 30
15 كانون الثاني،
2014
|
مع أية الله السيد عمار أبو رغيف |
|
مع مفتي تونس الشيخ حمدة السعيد |
|
آية الله السيد مجتبى الحسيني |
|
محي الدين كبيري أمين عام الحزب الإسلامي في طاجيكستان |
|
مع حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الصاحب الموسوي |