الأربعاء، أبريل 16، 2014

الضرب بين المنع والتشريع - 6 -‏ ضرب الزوجة : هل من سبيل لإعادة النظر؟ - ق4




الضرب بين المنع والتشريع - 6 -‏

ضرب الزوجة : هل من سبيل لإعادة النظر؟  -  ق4

1- معنى الخوف في الآية : جزم أكثر المفسرين والفقهاء بأن المراد من قوله تعالى "تخافون نشوزهن" هو تعلمون للظهور فيه وهو عجيب فكيف يساوي الخوف العلم ؟ حتى مع القول إن الخوف قطع للخائف فإنه لا يرتب أثر العلم في ما يتعلق بالغير لأنه حدس بلا برهان . أو لتضمن الخوف لمعناه , استدلالا بما فهموه من قوله تعالى :  فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  - البقرة - الآية - 182  , وهو أعجب استدلالا فإن السياق أيضا لا يدل عليه لإن الآية مسبوقة بقوله تعالى  : كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ  - البقرة - الآية - 180   فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  - البقرة - الآية - 181  .فالآية ترفع الإثم (أو رفع الجناح كما في آية نشوز الزوج) عن الخائف من وقوع الموصي في الظلم بإصلاح ما يراه فسادا للموصى إليهم بأن يبين له ذلك فيصلح بين الموصي والموصى إليهم أو أنه يدخل بين الموصى إليهم في صلح على الوصية لا يترك ضغينة بينهم . وإلا صار الخائف عالما ولا معنى لرفع الإثم عن العالم المبدِّل كما نصت الآية .
 فضلا عن السؤال من أين استظهرتم دلالة الخوف على العلم هنا لتستدلوا بها هناك وغاية الأمر أنها تجعل للخائف حق التدخل للصلح لا للتبديل في الوصية بعد ثبوتها وهو تزوير إرادة الموصي. وتعلق الصلح بالخوف من حيث الإباحة تدل عليه آية نشوز الرجل صراحة " وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا  - النساء - الآية - 128" 
وأغرب منه الإستدلال لتفسير الخوف بالعلم ببيتين من الشعر العربي وعلماء أصول الفقه يبحثون في الفروق بين المعنى اللغوي في بساطته والمعنى الشرعي في تشكيله ودلالاته.
والسؤال الأهم برأيي : لماذا لم يقدِّروا محذوفا هو" آثار " نشوزهن التي استدعت المرتبة الأولى ؟ وهي الوعظ لبيان ما سيترتب على آثار النشوز من إثم الناشز بارتكابها المعصية.
نعم إذا أبقينا الخوف على ظاهر المعنى لا يرتفع السؤال : هل مجرد الخوف يبيح الترقي في التأديب من الوعظ (وهو مباح في كل الأوضاع) إلى الهجر في المضجع ثم إلى الضرب أم أنهما وخصوصا الضرب يحتاجان إلى وقوع المعصية التي بها تستحق التأديب حيث لا عقوبة بدون بيان ؟
عدم الجواب على هذا السؤال بلا كما يفترض الأصل هو ما ألجأ المفسرين والفقهاء إلى القول بتفسير الخوف بالعلم . وهو إشكال باق .
قد يقال أنت بهذا تضع آية فيها أحكام خارج التطبيق حتى نجد الحل , أقول لو صح إشكالكم أليس هو الأحوط. وإلا فلنفتش عن مورد لنص بعقوبة بناء على خوف الوقوع في الحرمة ابتداء .
نعم المخرج هو تقدير الحذف كما ذكرت سابقا وبه يندفع الإشكال فتصير العبارة المفهومة من الآية هي والناشزات (فعلا) اللاتي تخافون آثار نشوزهن فعاملوهن بحسب الأثر المتوقع للفعل مترقين من الأدنى إلى الأقصى .
و مع ذلك يبقى تفسير الهجر والضرب معلقا وسيأتي الكلام عليهما .
للبحث صلة تتبع

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور