عاشوراء
ثورة التصحيح
الإنتصار هو حقيقة حركة الحسين عليه السلام إنه
التعبير القرآني عن الثورة، وإنه الواقع الذي آلت إليه شهادته وشهادة أهله وأصحابه
وأسر من بقي وسبي نسائهم.
ولقد كانت هذه الثورة استكمالاً لحركة التاريخ في مسار الرسالات التغييرية إلى النهاية : ثورة التغيير وثورة الردة وثورة التصحيح.
ولقد كانت هذه الثورة استكمالاً لحركة التاريخ في مسار الرسالات التغييرية إلى النهاية : ثورة التغيير وثورة الردة وثورة التصحيح.
ثورة
التغيير
جاءت رسالة الإسلام ثورة تغييرية لأسس المجتمع
الجاهلي كلها وكانت الملامح الأساسية لهذا التغيير :
على المستوى العقائدي بالدعوة إلى التوحيد الخالص
:"قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد".
وعلى
المستوى الأخلاقي الإجتماعي بتحريم المفسدات "قل إنما حرّم ربي الفواحش ما
ظهر منها وما بطن".
وعلى المستوى الإقتصادي بالدعوة ليكون العمل أساس
الثروة : "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"
وعلى المستوى الحربي يجعل الدفاع ونصرة المظلوم
أساساً للقتال : "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".
أما على
المستوى السياسي فقد استكملت عملية استبعاد القيم الجاهلية المادية بإعلان الولاية
لله وحده، ولمن يمثل دين الله : "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يؤتون الزكاة وهم راكعون"- "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم".
وقد صور الله تعالى نموذج المجتمع الإسلامي في آيات من سورة الشورى (36 إلى 43) بقوله تعالى : "فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون، والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل".
وقد عمل النبي (ص) على تثبيت دعائم هذه الثورة التغييرية بالحكومة الإسلامية التي كان هو رأسها إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.
وقد صور الله تعالى نموذج المجتمع الإسلامي في آيات من سورة الشورى (36 إلى 43) بقوله تعالى : "فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون، والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل".
وقد عمل النبي (ص) على تثبيت دعائم هذه الثورة التغييرية بالحكومة الإسلامية التي كان هو رأسها إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.
ثورة
الردة
الثورة التغييرية تعايشها أو تعقبها ردة على
المعطيات الجديدة كما حصل مع الرسالات الإلهية السابقة، وكما يعرف المتتبع لكل
الثورات التغييرية الأرضية فإن الثورة التغييرية تعايشها أو تعقبها ردة عن
المعطيات الجديدة. وغالباً ما تكون بذور هذه الردة موجودة في حياة القادة
المؤسسين.
كان ذلك على يد السامري في حياة سيدنا موسى (ع) إذ شكل لليهود عجلاً من ذهب ودعاهم لعبادته، وكانت الخيانة لسيدنا عيسى عليه السلام في حياته واستكمل التحريف بعد ارتفاعه إلى الله.
والأمر نفسه يلاحظ في الإتجاه الآخر مع الثورة الفرنسية والأميركية والروسية والعربية فقد انقلبت القيادات اللاحقة فيها على المبادئ التي انطلقت هذه الثورات لتطبقها، على الأقل في دعوى التحرر من الإستعمار إذ تحولت الثلاث الأول إلى استعمار الآخرين فيما انتقلت الثورة العربية على الترك لتسليم البلاد إلى مستعمر أجنبي.
وعلى أي حال فإننا بالعودة إلى موضوعنا نعرف ومن خلال التاريخ أن الردة بدأت على حياة النبي (ص) واستمرت بعده في الكفر والخروج العسكري، أو الإمتناع عن الطاعة لحكومة الخليفة الأول وهذان المظهران لوضوحهما وعلانيتهما تأثير محدود , ولكن المظهر الأخطر هو ردة النفاق حيث لا تمايز محدد بين المنافقين والمؤمنين فهم يتظاهرون بالشكل الإيماني فلا يعرفون إلا عند الإختبار وقد ظهرت كحالة مرضية بعد الهجرة وتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.
تستكمل ثورة الردة نجاحها بأسباب ثلاثة :
1- مراقبة العدو وسعيه لإفشالها.
2- حركة المنافقين والمتضررين منها (وما يسمى بلصوص الثورات).
3- الإنحراف الإجتماعي العام عن الإلتزام بالوعي بالمعطيات الأساسية.
وهذا السبب الأخير يكون على نحو العلة التامة كما يعبّر المناطقة ولكن الوصول إليه ليس بالأمر الهيّن فإنه يستدعي سنوات وسنوات من التغيير الثقافي والإجتماعي وهو ما تعهّد له حركة العدو وحركة النفاق.
إننا لا نستطيع تفسير حادثة كقتل الإمام الحسين سبط رسول الله الوحيد بعد ما يقارب السبعين سنة من البعثة بالإسلام، وما رافق هذه الجريمة الكبرى من سكون على مستوى قسم من الأمة، وقبول بالرضى من قسم آخر، واعتراض خجول من قسم ثالث إلا بأن نعتبر حركتي الردة والنفاق قد استكملتا شأنهما بالإمساك بالسلطة من جهة، وبتغيير البنية الثقافية للأمة في بعض مجالاته من جهة أخرى، فكيف مهدت حركة الردة والنفاق للوصول إلى هذه المرحلة؟
إن معالجة هذه النقطة من الحساسية بمكان حيث قد يصعب فهمها في وجهتها الموضوعية إذ هي تقتضي جمع أحداث وتغيرات في عالم الإسلام زمان الخلفاء الثلاثة، ومع معاوية في الشام وابنه يزيد، مما يوحي بالتركيز على الجوانب السلبية دون الإيجابية وتتبع العثرات زمن سلطة الخلفاء وهو غير مقصود فعلاً.
ولأن هذه الأمور من شكل التحول إلى نمط مخالف للمجتمع وقيمه على نحو فردي أو جزئي فإن النظر إليها بما هي لا يكفي لتحميلها مسؤولية الإنحراف الكامل، ولكن ذلك يكون صحيحاً إذا لاحظنا التسلسل والترابط فيها وهذا المعنى يشير إليه حديث رسول الله (ص) ".. من عمل سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
لذلك كله سنقصر المعالجة على إبراز صورة الإنحراف الإجتماعي في حدود سنة ستين للهجرة مقارناً بما قدمناه عن صورة المجتمع الإسلامي النموذجي الذي عمل رسول الله (ص) لإيجاده. فماذا نرى؟
أولاً : في المسألة العقائدية ظهرت فكرة الجبر وانتشرت وانعكاس هذه الفكرة في مجالات الحياة أمر معلوم.
ثانياً : في المسألة الأخلاقية والإجتماعية ظهر الفسق والفجور وعمت الفاحشة وما يعنيه ذلك من مخالفة أحكام الإسلام في الخمر والزنا وما إليهما.
ثالثاً : في المسألة الإقتصادية : تحول بيت مال المسلمين خزانة للسلطان وعمّت قضايا الرشوة.
رابعاً : في المسائل الحربية : تحولت الجنود إلى القتال الداخلي حتى وصل الأمر حد ضرب الكعبة الشريفة.
خامساً : على المستوى السياسي : تحولت ولاية أمر المسلمين من الفقيه الديّن الورع القادر إلى ملك وراثي، يتسنمه فاسق فاجر لاعب بالقرود آخر الأمر كيزيد.
فماذا بقي من ملامح المجتمع الإسلامي الذي وصفه الله كما أوردناه من سورة الشورى؟!
إنه الإنقلاب على الإسلام والبغي على المسلمين من جهة ,وزمان بقية الله، زمان الأتقياء المحافظين على روح الإسلام من جهة أخرى فحيث اكتمل البغي على المجتمع كان لا بدّ للثورة من نوعها الثالث أن تنطلق وهي ثورة للتصحيح وإعادة الوعي الإجتماعي إلى ما كان عليه.
كان ذلك على يد السامري في حياة سيدنا موسى (ع) إذ شكل لليهود عجلاً من ذهب ودعاهم لعبادته، وكانت الخيانة لسيدنا عيسى عليه السلام في حياته واستكمل التحريف بعد ارتفاعه إلى الله.
والأمر نفسه يلاحظ في الإتجاه الآخر مع الثورة الفرنسية والأميركية والروسية والعربية فقد انقلبت القيادات اللاحقة فيها على المبادئ التي انطلقت هذه الثورات لتطبقها، على الأقل في دعوى التحرر من الإستعمار إذ تحولت الثلاث الأول إلى استعمار الآخرين فيما انتقلت الثورة العربية على الترك لتسليم البلاد إلى مستعمر أجنبي.
وعلى أي حال فإننا بالعودة إلى موضوعنا نعرف ومن خلال التاريخ أن الردة بدأت على حياة النبي (ص) واستمرت بعده في الكفر والخروج العسكري، أو الإمتناع عن الطاعة لحكومة الخليفة الأول وهذان المظهران لوضوحهما وعلانيتهما تأثير محدود , ولكن المظهر الأخطر هو ردة النفاق حيث لا تمايز محدد بين المنافقين والمؤمنين فهم يتظاهرون بالشكل الإيماني فلا يعرفون إلا عند الإختبار وقد ظهرت كحالة مرضية بعد الهجرة وتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.
تستكمل ثورة الردة نجاحها بأسباب ثلاثة :
1- مراقبة العدو وسعيه لإفشالها.
2- حركة المنافقين والمتضررين منها (وما يسمى بلصوص الثورات).
3- الإنحراف الإجتماعي العام عن الإلتزام بالوعي بالمعطيات الأساسية.
وهذا السبب الأخير يكون على نحو العلة التامة كما يعبّر المناطقة ولكن الوصول إليه ليس بالأمر الهيّن فإنه يستدعي سنوات وسنوات من التغيير الثقافي والإجتماعي وهو ما تعهّد له حركة العدو وحركة النفاق.
إننا لا نستطيع تفسير حادثة كقتل الإمام الحسين سبط رسول الله الوحيد بعد ما يقارب السبعين سنة من البعثة بالإسلام، وما رافق هذه الجريمة الكبرى من سكون على مستوى قسم من الأمة، وقبول بالرضى من قسم آخر، واعتراض خجول من قسم ثالث إلا بأن نعتبر حركتي الردة والنفاق قد استكملتا شأنهما بالإمساك بالسلطة من جهة، وبتغيير البنية الثقافية للأمة في بعض مجالاته من جهة أخرى، فكيف مهدت حركة الردة والنفاق للوصول إلى هذه المرحلة؟
إن معالجة هذه النقطة من الحساسية بمكان حيث قد يصعب فهمها في وجهتها الموضوعية إذ هي تقتضي جمع أحداث وتغيرات في عالم الإسلام زمان الخلفاء الثلاثة، ومع معاوية في الشام وابنه يزيد، مما يوحي بالتركيز على الجوانب السلبية دون الإيجابية وتتبع العثرات زمن سلطة الخلفاء وهو غير مقصود فعلاً.
ولأن هذه الأمور من شكل التحول إلى نمط مخالف للمجتمع وقيمه على نحو فردي أو جزئي فإن النظر إليها بما هي لا يكفي لتحميلها مسؤولية الإنحراف الكامل، ولكن ذلك يكون صحيحاً إذا لاحظنا التسلسل والترابط فيها وهذا المعنى يشير إليه حديث رسول الله (ص) ".. من عمل سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
لذلك كله سنقصر المعالجة على إبراز صورة الإنحراف الإجتماعي في حدود سنة ستين للهجرة مقارناً بما قدمناه عن صورة المجتمع الإسلامي النموذجي الذي عمل رسول الله (ص) لإيجاده. فماذا نرى؟
أولاً : في المسألة العقائدية ظهرت فكرة الجبر وانتشرت وانعكاس هذه الفكرة في مجالات الحياة أمر معلوم.
ثانياً : في المسألة الأخلاقية والإجتماعية ظهر الفسق والفجور وعمت الفاحشة وما يعنيه ذلك من مخالفة أحكام الإسلام في الخمر والزنا وما إليهما.
ثالثاً : في المسألة الإقتصادية : تحول بيت مال المسلمين خزانة للسلطان وعمّت قضايا الرشوة.
رابعاً : في المسائل الحربية : تحولت الجنود إلى القتال الداخلي حتى وصل الأمر حد ضرب الكعبة الشريفة.
خامساً : على المستوى السياسي : تحولت ولاية أمر المسلمين من الفقيه الديّن الورع القادر إلى ملك وراثي، يتسنمه فاسق فاجر لاعب بالقرود آخر الأمر كيزيد.
فماذا بقي من ملامح المجتمع الإسلامي الذي وصفه الله كما أوردناه من سورة الشورى؟!
إنه الإنقلاب على الإسلام والبغي على المسلمين من جهة ,وزمان بقية الله، زمان الأتقياء المحافظين على روح الإسلام من جهة أخرى فحيث اكتمل البغي على المجتمع كان لا بدّ للثورة من نوعها الثالث أن تنطلق وهي ثورة للتصحيح وإعادة الوعي الإجتماعي إلى ما كان عليه.
ثورة
التصحيح
لهذه الثورة عادة صورة البلاغ- الرسالة أو صورة
الدم- الشهادة ولا نستبعد صورة الغلبة- السلطة إلا لكون الواقع الذي تنطلق فيه هذه
الثورة- الواقع الآني كما وصفناه سابقاً- هو زمان استكمال الردة على المعطيات
والقيم التي جاءت بها الثورة التغييرية، فلن تخلو حركة تصحيحية تصل في هذه اللحظات
لأن تتغلب على سلطة الردة مع استمرار المعطيات الإجتماعية مقلوبة إلا أن تضطر إلى
شيء كثير من القمع والدم في تركيز موقعها في الداخل، ولن يكون العدو الخارجي في
موقع يصعب عليه العمل على الإيقاع بها واغتيال الرسالة مرة ثانية.
وهكذا نفسّر سلوك الإمام علي عند تسلمه الخلافة بعد كل ما جرى في زمان عثمان بن عفان وكيف انتهت تجربته في الحكم.
لم يسع الإمام علي إلى الخلافة وإنما انهال الناس عليه كما عبّر في إحدى خطبه فلم يجد والحال كذلك من بد إلا قبول بيعتهم له فكان أول الأمور التي بادر إليها عزل بعض الولاة واسترجاع الأموال والأرضين المعطاة بغير وجه شرعي إلى ما هو معروف من أمور كثيرة يعتبر بعض مؤرخي السياسة أنها كانت السبب في اضطراب حكمه فيما الواقع أنه كرجل تصحيح لم يكن أمامه من طريق آخر لإعادة وعي الأمة إلى سابق عهد النبوة والخلافة المتابعة.وإلا فإنه سيسهم في استمرار زاوية الإنحراف بالإتساع ولهذا لاحظنا أنه والإمام الحسن عليهما السلام لم يعمرا طويلاً في السلطة وانتهت حياتهما بالشهادة مع أنهما لم يصلا إلى السلطة بخوض الدم بل جاءتهما وهما حاجة المرحلة فلا يقال عن مرحلة حكمهما أنها كانت بالغلبة على السلطنة القائمة لكن النتيجة التي تحدثنا عنها وهي ائتلاف الداخل والخارج من الأعداء في ظل استمرار الردة توصل إلى إنهاء هذه الثورة التصحيحية بشهادتهما.
إن ثورة التصحيح التي قادها الإمامان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن بن علي أخذت شكل الحكومة المؤقتة وانتهت بقيام حكومة الظلم سريعاً لتمحو آثار التصحيح. وفيما اتخذ الأئمة بعد الإمام الحسين وجه البلاغ- الرسالة بالتعليم والتوجيه لتنهي حكومات الظلم حياة كل منهم- عدا الحُجَّة (عج)- بالسم فإن ثورة الإمام الحسين بظروفها الموضوعية أخذت الوجهين معاً وجه الدم- الشهادة الصاعق ووجه البلاغ- الرسالة الذي اكتمل بدور السيدة زينب والإمام زين العابدين.
هكذا كانت ثورة الإمام الحسين نصراً وانتصاراً وهما التعبيران القرآنيان عن إعانة المظلوم والإنتصاف من الظلم وأهله.
ألم يقل الله تعالى في آخر وصفه للمجتمع النموذجي "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" (42) الشورى.
لقد عم بغي يزيد وفساده وجعل الإمام الحسين وهو عنوان الرسالة الإسلامية بين السلة والذلة، بين الموت وذل تسليم الرسالة إلى الإنحراف الكامل فانحاز الإمام الحسين إلى جانب الموت على تلك الصورة المروّعة، موت الشهادة الذي اختطف أهله، وأصحابه وانتهى إلى أسر وسبي وللشهادة هنا معنى البلاغ ومعنى الرسالة ووجه الدم الزاكي وقد حفظت السيدة زينب هذا المعنى مع الإمام زين العابدين في حمل دور الرسالة والبلاغ من كربلاء إلى الكوفة إلى الشام إلى المدينة وتابعهما الأئمة بعد ذلك.
وهكذا نفسّر سلوك الإمام علي عند تسلمه الخلافة بعد كل ما جرى في زمان عثمان بن عفان وكيف انتهت تجربته في الحكم.
لم يسع الإمام علي إلى الخلافة وإنما انهال الناس عليه كما عبّر في إحدى خطبه فلم يجد والحال كذلك من بد إلا قبول بيعتهم له فكان أول الأمور التي بادر إليها عزل بعض الولاة واسترجاع الأموال والأرضين المعطاة بغير وجه شرعي إلى ما هو معروف من أمور كثيرة يعتبر بعض مؤرخي السياسة أنها كانت السبب في اضطراب حكمه فيما الواقع أنه كرجل تصحيح لم يكن أمامه من طريق آخر لإعادة وعي الأمة إلى سابق عهد النبوة والخلافة المتابعة.وإلا فإنه سيسهم في استمرار زاوية الإنحراف بالإتساع ولهذا لاحظنا أنه والإمام الحسن عليهما السلام لم يعمرا طويلاً في السلطة وانتهت حياتهما بالشهادة مع أنهما لم يصلا إلى السلطة بخوض الدم بل جاءتهما وهما حاجة المرحلة فلا يقال عن مرحلة حكمهما أنها كانت بالغلبة على السلطنة القائمة لكن النتيجة التي تحدثنا عنها وهي ائتلاف الداخل والخارج من الأعداء في ظل استمرار الردة توصل إلى إنهاء هذه الثورة التصحيحية بشهادتهما.
إن ثورة التصحيح التي قادها الإمامان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن بن علي أخذت شكل الحكومة المؤقتة وانتهت بقيام حكومة الظلم سريعاً لتمحو آثار التصحيح. وفيما اتخذ الأئمة بعد الإمام الحسين وجه البلاغ- الرسالة بالتعليم والتوجيه لتنهي حكومات الظلم حياة كل منهم- عدا الحُجَّة (عج)- بالسم فإن ثورة الإمام الحسين بظروفها الموضوعية أخذت الوجهين معاً وجه الدم- الشهادة الصاعق ووجه البلاغ- الرسالة الذي اكتمل بدور السيدة زينب والإمام زين العابدين.
هكذا كانت ثورة الإمام الحسين نصراً وانتصاراً وهما التعبيران القرآنيان عن إعانة المظلوم والإنتصاف من الظلم وأهله.
ألم يقل الله تعالى في آخر وصفه للمجتمع النموذجي "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" (42) الشورى.
لقد عم بغي يزيد وفساده وجعل الإمام الحسين وهو عنوان الرسالة الإسلامية بين السلة والذلة، بين الموت وذل تسليم الرسالة إلى الإنحراف الكامل فانحاز الإمام الحسين إلى جانب الموت على تلك الصورة المروّعة، موت الشهادة الذي اختطف أهله، وأصحابه وانتهى إلى أسر وسبي وللشهادة هنا معنى البلاغ ومعنى الرسالة ووجه الدم الزاكي وقد حفظت السيدة زينب هذا المعنى مع الإمام زين العابدين في حمل دور الرسالة والبلاغ من كربلاء إلى الكوفة إلى الشام إلى المدينة وتابعهما الأئمة بعد ذلك.
المصير
استسلمت الأمة للموت الأسود عندما نسيت الشهادة
وجلست للعزاء في المقابر، واستسلمت للموت الأسود عندما نسيت التشيع لعلي والحسن
والحسين وزينب وجلست تتقبل التعازي بهم في مأتم دائم كما قال جلال آل أحمد.
ولكنها عندما لبّت نداء هل من ناصر ينصرني صارت بين الموت الأحمر وبين الإحياء في الدنيا والآخرة وستستمر هكذا حتى ظهور الإسلام على الدين كله.
ولكنها عندما لبّت نداء هل من ناصر ينصرني صارت بين الموت الأحمر وبين الإحياء في الدنيا والآخرة وستستمر هكذا حتى ظهور الإسلام على الدين كله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق