بمناسبة أسبوع المطالعة الوطني الذي يحييه لبنان في الأسبوع الأخير من شهر نيسان - أبريل
هنا تابع لما بدات بنشره وهي مجموعة مقالات تحت عنوان :
المطالعة
وأثرها في بناء الذات وتطوير القدرات
3 /6
الإنقطاع عن المطالعة:
من الممكن أن يكون الإنسان من
المطالعين عادة لكنه يصل في لحظة من اللحظات الى حالة الملل .هنا لابد من أن نفتش في أنفسنا عن السبب. يعني لا يكفي أن يكون الواحد منا متدينا حتى يهتم بالمطالعة و لا يملها ,
التدين يلزم بالمعرفة من حيث المعنى الأخلاقي العام للإلزام, التدين يطلب من
الإنسان أن يتفكر. التدين يطلب من الإنسان أن ينظر في أثار السالفين . التدين يطلب
من الإنسان أن يحضر نفسه للرد على شبهات المعارضين .
التدين يطلب من الإنسان أشياء كثيرة في عالم المطالعة لكن هذا الطلب قد يصطدم بوقائع
متعددة تحيل وتمنع الإنسان من الاستمرار, فعلى الإنسان أن يلاحظ في نفسه هذه
الأمور التي توقفه عن التحصيل :مرةً يكون المانع مؤقتا والانقطاع خاصا ومؤقتا,
ومرة يكون الانقطاع عاما, يعني مرةً أثناء مطالعة هذا الكتاب الخاص يحصل عندي مانع
من الاستمرار بالمطالعة, ومرةً اخرى يحصل عندي مانع أعم يعني أنقطع عن المطالعة
لفترة زمنية طويلة.
ينبغي أن ننظر في أنفسنا ما هو السبب ؟ وبطبيعة
الحال إذا تعرفنا على الأسباب سنتمكن من مواجهة هذا الواقع الذي يطرأ علينا . كثير
من الهموم كثير من المشاغل تطرأ على
الإنسان . قد يحصل مع الانسان كسر في بعض الأعمال تضطره إلى الاهتمام بأشياء دون
أشياء ,لكن ينبغي عندما يلتفت هذا الإنسان أن يعيد ترتيب المسائل وفق سلم اولويات,
لأننا بالابتعاد عن المطالعة نخسر فعلاً . بمعنى اننا عندما ننشغل بأداء الكثير من
المهام الأخرى وخاصة بالنسبة للعاملين في مجالات لها علاقة بالفكر وبالثقافة
العامة أو تحتاج إلى الاستفادة من تجارب الآخرين نجد أننا نخسر في تركنا للمطالعة
وفي تركنا للاستفادة من الكتاب .
معالجة الانقطاع الخاص:
تحدي الكتاب:
نبدأ بمعالجة العائق الذي يطرأ علينا أحياناً
أثناء قراءة كتاب محدد وهو أصعب الأمور. نحن الآن مثلاً أمام برنامج لمطالعة في
كتاب محدد فكيف يمكن لي أن أقرأ هذا الكتاب كله لكي أتمكن من الحديث عنه أو لأتمكن
من الكتابة عنه. ها هنا أول مسألة أشير إليها مسألة تحدي الكتاب .
يجب أن اطالع هذا الكتاب لا مطالعة المستسلم بل اطالعه
وأنا أتحدى كل شيء فيه. أتحدى الكتاب من الغلاف إلى الغلاف , اتحدى
الكتاب سطرا سطرا وفكرة فكرة. هناك عدة ملاحظات يمكن أن نستفيد منها ويمكن لنا أن
نشكل أيضاً طريقتنا الخاصة بالاستفادة .
لا يعقل أن نفرض على أنفسنا منهجاً معيناً في المطالعة و في الاستفادة من الكتاب , لكننا يمكن أن
نستفيد من أكثر من منهج ومن أكثر من طريقة ومن أكثر من تجربة لنشكل طريقتنا الخاصة
بالاستفادة من الكتاب . (عندما أتحدث عن تحدي الكتاب فهو ما لم يكن كتاب الله عز
وجل القرآن الكريم لان الذي احتاجه معه هو تحدي نفسي أو تحدي الناسخ).
كل كلام غير معصوم يمكن مناقشته وبالتالي نبدأ
بالمناقشة من الشكل إلى المضمون من اللغة إلى الطباعة إلى الحرف إلى أي شيء إذا لم
يحصل عندي حالة تحدي للكتاب لن أتمكن من فهم الكتاب. لنجرب مع الكتاب الحاضر بين
ايدينا ولنفتحه بشكل عشوائي نمسك الكتاب ونبدأ بالقراءة ونقرأ "وأن لك
محبوباً سمة إحاطته": المفروض انها سعة . هذه أول غلطة في الكتاب نرجع
الى الكتاب,خطأ جديد مثلاً "وأن لك محبوباً سعة إحاطته لو دليتم
بحبلٍ إلى( الأراضين) السفلى" :المفرزوض أنها تكتب "الأرضين" هذه القدرة على استكشاف الأخطاء الإملائية
والبديل لها هي مهارة نكتسبها وهي من جهة اخرى واحدة من العوامل التي تعيننا على
أن نقرأ أو ان نهجر القراءة لاننا إذا لقينا في كتاب عشرات الاغلاط في كل صفحة فلن
نتعب انفسنا بقراءته لكن إذا كانت غلطة او
غلطتين فهي محمولة . اكتشاف الاخطاء يحتاج الى مهارة تنشأ عن المطالعة وتساعد هي في
تفس الوقت على المطالعة.
عندما اكتشف خطأ يعني ذلك أنني اقرأ بشكل سليم
قراءة سليمة وعندما أقرأ بشكل سليم يعني أنني أستفيد وهو مما يشجعني لاستمر
بالمطالعة والانتقال من صفحة إلى صفحة فإذا
عجزت عن اكتشاف او الاحساس باي غلطة وبدا الكتاب كله صحيحا يكون الامر غير
طبيعي ويجب عندها التوقف للتساؤل: .هذا الكتاب
إما أني كاتبه أو أن غيري قد كتبه فإذا كان كاتبه غيري فاللازم ان أتوقف أنا واياه عند الشكل أوعند المضمون أوعند أي
مسألة من المسائل وإلا لما كانت القراءة قد
تمت قراءة سليمة ولا المطالعة كانت مطالعة
سليمة.
هذا العنوان الذي كنا نعالجه عنوان التحدي للكتاب
هو واحد من الأمور التي تدفعنا لنستمر في المطالعة وتجاوز العوائق المؤقتة.
الاخطاء الفنية نموذج آخر للتحدي:
أذكرً مثالا لطيفا ومهما لليقظة والتحدي اثناء
المطالعة. كتاب القراءة السريعة, واحد من
الكتب التي ذكرت في بداية الكلام أنها تساعد على تطوير مهارة القراءة السريعة.ففي
كتاب القراءة السريعة المترجم من الإنكليزية إلى العربية الصفحة 65 نلاحظ الشكل
التالي:
نموذج الخطأ الفني في كتاب القراءة السريعة |
الأسئلة الموضوعة على يمين الصفحة: "ما هو
خط سير أفكاره ؟ وكيف يدعم هدفه؟" وفي الكادر الذي تحته: هل استنتاجاته صحيحة
حسب تجاربك؟ سؤالان على يمين من يقرأ
قراءة سريعة للكتاب يصدمانه فيتوقف " ما هو خط سير أفكاره! "أفكار من؟
قلنا ان القراءة السريعة مع المهارة توقف القارئ عند كلمات مميزة, ووجود الضمير
على يمين الصفحة يحتاج القارئ معه الى مرجع لهذا الضمير,اذن ها هنا غلطة فما
هي؟اذا اكملنا القراءة في الكادرين على يسار الصفحة وجدنا: "ما هي خطة المؤلف؟
وما هو هدفه؟""ما هي الاستنتاجات التي توصل اليها؟" هنا نكتشف
الغلطة .هل اكتشفت الغلطة؟ الغلطة فنية و
السبب أنه عوضا من ان يتم تنزيل الترجمة وفقا للكتابة العربية من اليمين الى
اليسار أخذت اللوحة من الكتاب الأصلي الأجنبي كما هي و انزلت الترجمة مطرح الأسئلة
الأجنبية , وبالأجنبية نقرأ الكتابة من الشمال إلى اليمين : ما هي خطة المؤلف؟ وما هو
هدفه؟ ما هو خط سير أفكاره؟ تصير الاسئلة طبيعية. السؤال المتضمن لضمير هو السؤال
الثاني ومعروف لمن يرجع. فهذا مثلاً خطأ
فني ملفت يتوقف عنده, وهو واحد من الأشياء التي تساعدنا على البقاء في حالة الرغبة
بالمطالعة.
هذا نمط مما اردناه عندما قلنا أن القراءة نفسها
كمهارة تطور لنا قدراتنا وفي نفس الوقت تساعدنا على الاستمرار فيها. يعني لا يمكن أن نستمر في المطالعة بدون تطوير
مهارة القراءة وهي النقطة الأساسية التي ذكرت
في بداية الكلام اننا سنتعرض لها لاحقا.
ترتيب المطالعة وتقديم بعضها على بعض:
الجهل ببعض مقدمات العلوم التي يدور
حولها مضمون الكتاب من الموانع عن اتمام المطالعة والحل يكون باللجوء الى احد
المختصين نستشيره بماذا يجب ان نقرأ تاسيسا لفهم صحيح,لاننا ان لم نفعل نكون كمن
يقرأ بلغة اخرى لايفهمها.
معالجة الانقطاع العام:
الاسباب:
اشرنا بشكل اجمالي الى بعض الاسباب التي
تؤدي الى الانقطاع العام عن المطالعة
ونصنفها هنا بطريقة موضوعية لنتمكن بالتالي من تحديد ما يعترينا منها ومعالجته,
وسنتعرض لبعضها في عنوان"التحضير الفني":
تربويا:
غياب التوجيه
والهدف,الامراض الاخلاقية والنفسية,ضعف المستوى التعليمي.
اقتصاديا:
الاستغراق في تحصيل المعاش,تقديم الامور الحياتية
على الفكرية بسبب الفقر.
اداريا :
تداخل الاهتمامات وغياب التخطيط للاولويات.
المعالجة بالكتابة وتبديل نوع القراءة:
ونختم بالتأكيد على ماذكرناه سابقا من اهمية الكتابة
في عملية المطالعة كمعالجة للمشترك بين نوعي الانقطاع , فتلخيص المقروء او تنظيم
بطاقات بما نستحسنه من معلومات للاستفادة اللاحقة من اهم الامور التي تنفع في
انتظام المطالعة. والتلخيص او تلخيص الكتب وعرض الكتب فنان لهما اسسهما وقواعدهما
.
كذلك
مما يساعد على تجاوز الملل والانقطاع عن القراءة تبديل نوع القراءة السليمة وفق
التقسيمات التي تحدثنا عنها وعدم الاصرار على اكمال المطالعة وفق نوع واحد فيمكن
الانتقال من القراءة المتانية الى السريعة ومن الجهرية الى الصامتة وهكذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق