كيف نوظف القرآن الكريم في تربية التلميذ؟
الشيخ علي حسن خازم
نص محاضرة في لقاء أساتذة التعليم الديني في مدارس المصطفى صلى الله عليه وآله - صيف 2008
المسؤول عنه هنا عمل أفراده الظاهرة ثلاثة : نحن والتلميذ والقرآن الكريم , والمضمرة:الاستفادة والتوظيف والتربية .
والهدف النهائي من المحاضرة الوصول الى كيفية الاداء الناجح فيهما , هل يمكن ذلك؟.
السؤالان ليسا سواء :
ففي الأول مادة الجواب هي المفاهيم والقيم المستخلصة والاسلوب الذي قدم له القرآن الكريم أكثر من نموذج . وفي الثاني هي القرآن الكريم نفسه كشئ قابل لأن يكون أداة وهو المصحف .
كيف نستفيد من القرآن الكريم في تربية التلميذ؟
هل يمكن حصر البحث في القرآن الكريم بالنسبة للسؤال الاول؟ألا يضعنا ذلك أمام اشكالية القيام بالتأريخ للعمل التربوي دون الصياغة المنظومية للتربية الاسلامية كعملية والتي لايجوز أن تنفك عن السنة الشريفة ولا عن نتائج التجارب في موارد متجددة؟
والتأريخ جامد بجماد الصورة التي يرسمها والخلاصات التي يؤدي بنا اليها,لايقال انك بذلك تنفي الحيوية والاستمرار عن النص القرآني وتقف مع الدعاة الى النظر اليه كمعطى تاريخي فما أقصده هو:
ان النص القرآني يقدم صورا:
حكاية تاريخية كما في موعظة لقمان لابنه أو ابراهيم لأبيه أو قصة موسى مع بنات شعيب والقصص الأخرى, وعلى أهمية الصورة في البرمجة العصبية الميلتونية وامتياز القرآن الكريم بالاعجاز في أدائها قبل اكتشافها كما يقال, الا انها تقع أداة في الاستخدام العقلي والاداة بهذا المعنى تعني الجماد وهو ما قصدته.
ويقدم النص القرآني أيضا دعوات واوامر تحتاج ايضا الى الدافع والالزام بالفعل والترك وبهذا نفسر تقسيم الامام امير المؤمنين القرآن الى ناطق هو هو وصامت هو المصحف وقد قال عنه ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن والصامت هو الجماد وبذا نستكمل الدفع للاشكال لنعود الى الاشكالية الاصلية:
التأريخ للعمل التربوي هو فعل مختلف عن الصياغة المنظومية للتربية الاسلامية كعملية والتي لايجوز أن تنفك عن السنة ولا عن نتائج التجارب وأحكامها في موارد متجددة اضافة الى عناوين أخرى
ماذا تم على هذا الصعيد وهل تم استكمال هذه العملية؟
الجواب المؤسف أنه لا على الصعيد الأول: أقصد التأريخ للعمل التربوي ولا على الصعيد الثاني: أقصد الصياغة المنظومية للتربية الاسلامية قد تم انجاز يحيط بهما , وانما هناك محاولات يمكن وصفها بالالتقاطية والانتقائية فيهما على السواء , وتظهر على الشكل التالي :
- محاولات انتزاع نظرية تربوية بالاقتصار على سورة من القرآن الكريم وحتى من بعض سورة أحيانا أو التلفيق بين بعض الآيات وروايات,أو من كل سورة على حدة , ولهذه كلها عناوين كتب معروفة تراثية ومتأخرة وحتى معاصرة.
- دراسات في التراث التربوي للقدماء ودراسات مقارنة بين تربويين اسلاميين او بينهم وبين آخرين في معرض بيان الرؤية الاسلامية حينا وبيان صوابيتها أوأسبقيتها بالنسبة الى ما قدمه الآخر غير المسلم . وهذه على أهميتها الا انها وبصورة اجمالية كانت تعالج القضية التربوية في بعض نواحيها وليس على الاساس المنظومي الذي يعني الاحاطة الكاملة.
- دخول العامل المذهبي (السلفيون الوهابيون خصوصا) على خط التوجيه لتفسير الآيات المستخدمة في البحوث التربوية :لاحظ التوسع والاستطراد في قضية النهي عن الشرك في موعظة لقمان لابنه عند التربويين السلفيين.
ومما يؤكد هذه الدعوى تتابع الدراسات الحديثة التي ظهر فيها الاتجاه المقارن حتى بلغ الأمر حد أن أحد محاور مؤتمر اعجاز القرآن الكريم الذي كان مقررا اقامته في جامعة الزرقاء بالاردن في آب الماضي (2008) كان مصطلح (الإعجاز التربوي في القرآن) حيث استندوا الى أن المقارنة بين النظريات والمناهج التربوية صارت ممكنة أكثر منها في مجالات العلوم التجريبية , فيما نحن ما زلنا نصيح ونتدافع في قضية الالزام الأمريكي بتغيير المناهج والمقررات في المعاهد الاسلامية لأنها بزعمهم تربي على العنف والارهاب وبعض المتشددين في السعودية يقولون نعم لتغيير المناهج ولا لتغيير المقررات فأي منظومة تربوية سيقدمون لتكون مظهرا للاعجاز أو كم منظومة سيقدمون؟.
ولمزيد من التدليل على ما ذكرته فانني أنقل اليكم خلاصة دراسة للأستاذ شريف حماد حول الاساليب الشائعة في تدريس مادة التربية الاسلامية في المرحلة الأساسية العليا بمحافظات غزة[i] حيث أحصت ثلاث وعشرون أسلوبا وصفتها كلها بالاسلامية واستدلت لأكثرها بأنها مما استخدمه القرآن وورد في السنة , ومع تسليمي بأن التربية يجب أن تلاحظ موضوعها وهو المتلقي: فتنوع الاساليب باعتباره مرة , وباعتبار المفهوم أو القيمة التي يراد تنشئته عليها مرة أخرى . الا أن ذلك لاينبغي الوصول معه الى حدي الافراط والتفريط اذ مع وحدة المقرر استخدامه لاحظت الاستبانة أن اسلوب الاقتناع الذي حظي بالدرجة الاولى من اهتمام الاساتذة 92,20% قابله في الدرجة الثالثة والعشرين أسلوب التعلم الذاتي 55,20% . وأسلوب ايصال المعلومة هو جزء هام من المنظومة التربوية الاسلامية واكدت الدراسة عليه كما لاحظنا وصفها للأساليب كلها بالاسلامية فماذا نقول مع اتجاه أكثر وزارات التربية في عالمنا العربي الى توجيه النظام التربوي نحو التعلم بدل التعليم ؟.
كيف نوظف القرآن الكريم في تربية التلميذ؟
اذا كانت التربية هي الرعاية والتنشئة للوصول الى الهدف المنشود , فان تنمية مهارات التلميذ – الانسان المتعلم – وبالتجانس مع كل مرحلة عمرية وقابلياتها وحاجياتها وبالاسلوب المتناسب مع المحطة العمرية التي يراد تخطيها معه , تعد أولى الاهتمامات التي ينبغي العناية بها,وعلى ضوء ما ذكرنا من ضرورة التجانس في منظومة التربية الاسلامية بين القيم التربوية والاحكام الشرعية وأساليب ترسيخها في السلوك الانساني عبر اعادة ترتيبها بما يساعد على التدرج في تقديمها حسب الحالة العقلية العمرية وبالاسلوب الذي يقتضيه الهدف المنشود فان توظيف القرآن الكريم كشئ نتعاطى معه كما أشرنا في بداية الكلام يمكن ان يكون نموذجا في مجال تنمية مهارات الحواس (المعافاة منها) والارتقاء بها الى أقصى ما يمكن من تجريد معنوي وروحي في تكوين المهارات العقلية والروحية والعملية:
بدون مقدمات عن أهمية التربية والعلاقة بالقرآن الكريم فان الحواس الخمس هي الاداة الاولى لتشكيل معرفة التلميذ بالعالم المحيط به :
1 – اللمس
2 – السمع
3 – البصر
4 – الذوق
5 – الشم
كيف يمكن استخدام هذه الحواس مع القرآن الكريم وكيف يمكن تطوير مهاراتها من خلال التعاطي مع القرآن الكريم ؟
اللمس
تبدأ حاسة اللمس بالتعاطي مع القرآن الكريم بشكل مباشر عند وضع الاصبع على الكلمة في حال قرائتها للمتابعة بين السمع والرؤية أو بين الرؤية والقراءة , ونبدأ تشكيل مهارة اللمس باستخدام اليد في الكتابة للآيات وينطلق عالم تطوير هذه المهارة من تصحيح الرسم الاملائي الى تحسين الخط , فالخط وفق الانواع المشهورة الى الابداع التشكيلي في لوحات فنية وما يتعلق بها من زخارف .
السمع
وتبدأ من سماع القرآن الكريم وهو يتلى وتبدأ المهارة بالتطور مع الارشاد الى لزوم الاستماع والانصات والتعويد على متابعة القارئ لتصحيح القراءة وتجويدها وفقا للاحكام والتفريق بين الترتيل والتجويد وصولا الى معرفة القراءات المختلفة ومعرفة المقامات التي يستخدمه القراء المشهورون والتلذذ بالاستماع المعين على التدبر.
البصر
النظر في المصحف عبادة وتبدأ الحاسة من ادراك تفاصيل صورة الكلمات المرسومة وملاحظة التشكيل والتزيين والنماذج الورقية والالكترونية المختلفة وتتطور الى الاحاطة بالاختلاف في مرسوم مصاحف اهل الامصار والتمتع بملاحظة النسخ الخطية القديمة وتزييناتها ومعرفة الطرق المختلفة في عمل الخطاطين والمطابع في المصاحف الى حالة الفلاح الايراني الامي الذي كان يميز آيات القرآن الكريم عن غيرها من الكتابة في أي نص يراه بأنها مضيئة وغيرها أسود.
الذوق
يكون باللسان ولا نريد هنا الاستخدام المجازي فقط للأنتقال الى الفم , نتذكر كلنا طاسة الرعبة النحاسية المكتوب فيها آية الكرسي وغيرها من الأذكار ويصب فيها الماء للشرب على نية المعافاة وهو تذوق يمكن استخدامه وربطه بالطهارة والتطييب بالسواك المطلوبة في فم القارئ .
الشم
كلنا أو أكثرنا يذكر طريقة وضع المصحف في المنزل حيث كان يخاط له حافظة قماشية من المخمل وتستخدم ريشة نعام في الدلالة على الموضع الذي انتهي اليه في القراءة وكان يعلق على أحد جدران غرف الاستقبال , فيحفظ من الغبار والروائح فضلا عن أنه عادة كان يستخدم في طباعته أجود أنواع الورق وذو رائحة عطرية تحتفظ بها الى الآن الكتب القديمة .ومؤخرا انتشرت في السعودية ظاهرة اقتناء المصاحف الفاخرة، من البازارات الخيرية والمهرجانات النسوية. وتأتي هذه المصاحف بأسماء مختلفة حسب خامتها ولونها، منها المصحف التوتي، الحريري، المخملي، المعتق وغيرها. و تترافق مع هذه المصاحف شرائح عطرية خاصة كبديل عن الشريط القماشي، تتباين بين روائح الورد والمسك واللافندر والفانيلا، بحسب الطلب .
ولانغفل هنا أهمية التطهر والتطيب لقراءة القرآن الكريم وأثرذلك في تطوير مهارة الشم .
ولا احتاج للتأكيد هنا على أن تطوير المهارات الحسية يشكل عاملا مهما في تطوير شخصية التلميذ عقليا وروحيا وعمليا ولكنني اؤكد على عدم قصر ذلك التطوير واختزاله بمصدر واحد من مصادر الثقافة الاسلامية .
بهذا يمكن القول ان الاجابة على السؤال الثاني كانت ممكنة الى حد ما واما الاجابة على السؤال الأول فمازالت تحتاج الى جهود مؤسسات ومؤتمرات لا على شاكلة مؤتمر الزرقا فما زلنا نحتاج الى مقدمات كثير قبل الوصول اليه ,وهذا ما اختم بالتوصية به الى جمعية التعليم الديني الاسلامي .
وعلى أمل أن لايسبقنا اليه الاسرائيليون كما فعلوا في مشروع ”قرآنت“[ii] .
[i]-
[ii] -
/الشرق الأوسط الصفحة الرئيسية
1701 (GMT+04:00) - 19/07/08
المشرف على "قرآنت" يدعو الخليج لتمويله بدلا من مهاجمته
المحاضر اليهودي يقول إنّ المشروع يقدم وجها عمليا إنسانيا مشرقا للقرآن
دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- أثار مشروع أعلنت عنه وزارة الخارجية الإسرائيلية، أطلقت عليه اسم "قرآنت"، يهدف إلى جعل "الذكر الحكيم وسيلة تربوية"، جدلا واسعا لدى أوساط علماء المسلمين، في الوقت الذي دعا فيه المشرف اليهودي عليه، الدول الإسلامية، ولاسيما الخليجية، إلى تمويل عمله بدلا من مهاجمته.
وأعلنت الخارجية الإسرائيلية، مؤخرا، عن إصدار مشروع إلكتروني، بعد أن أصدرت كتابا تضمن عمل الأستاذ الجامعي عوفر غروزبرد مع طلبته، معتبرة ذلك بمثابة همزة وصل بين العالم الإسلامي والغرب.
وجاء على موقع الوزارة، أنّ "مجموعة من الطلاب البدو الإسرائيليين، بادروا مع محاضرهم اليهودي إلى مشروع فريد من نوعه، "قرآنت"، يجعل الذكر الحكيم وسيلة تربوية يستخدمها كل مربٍّ ورب عائلة. ويبحث المستخدم في " الفهرست" لقرآنت عن المسألة التربوية التي تعنيه، وعندها يحصل على الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته."
وأضاف الموقع "بعد ذلك تُعرض أمامه قصة قصيرة من وحي الحياة اليومية، حيث يكون في نهايتها دليل حسي أمام المعلم أو رب العائلة ليستخدم الآية القرآنية الواردة، ويعي رسالتها في خطابه للطفل."
وأوضح الموقع قائلا: "في الختام يحصل المستخدم على توضيح أو تعليل سيكولوجي - تربوي موجز، يبين سيرورة ما جرى."
ووفق الموقع، فقد تم تطوير المضامين التي يستخدمها "قرآنت" باللغة العبرية من قبل مجموعة من الطلاب البدو ممن يواصلون تحصيلهم العلمي للحصول على شهادة الماجستير، وذلك بإرشاد محاضر المادة، غروزبرد.
وقد صدر الكتاب مؤخرًا في جامعة بئر السبع، وحظي بثلاث مقدمات كتبها ثلاثة من الشيوخ الأجلاء المعروفين، وفق الوزارة.
غير أنّ فقهاء وعلماء رفضوا الفكرة، معتبرين المشروع "تكرارا لمحاولات إصدار نسخ محرفة من القرآن الكريم في صورة جديدة."
وعدد من الذين اتصلت بهم CNN بالعربية أنّ أكثر ما يخيف المخاوف هو تاريخ العلاقة بين إسرائيل والعرب والإسلام، حيث أنّه لا يمكن "إغفال التضليل اليهودي الذي طال الإسلام على مرّ التاريخ"، وفق ما قال الإمام الجزائري المقيم في سويسرا، عبد الله بن جمعي.
وقال بن جمعي: "لم أطلع على المشروع برمته، وكلّ ما عرفته أنّ هناك نية لإطلاق موقع إلكتروني إسرائيلي يتناول قضايا إسلامية. وهذا بحدّ ذاته مثير للمخاوف."
وأضاف: "كلّ ما أستطيع أن أكون متأكدا منه في اللحظة الراهنة هو أنّ الأمر لن يكون بريئا بالنظر لما درج عليه اليهود في علاقتهم بنا."
وفي الوقت الذي تعذّر فيه الحصول على موقف من دار الإفتاء المصرية، وكذلك من المملكة العربية السعودية(وهما المصدران الأساسيان للإفتاء في العالم الإسلامي)، نقل موقع "إسلام أونلاين" عن شوقي عبد اللطيف، نائب وزير الأوقاف ورئيس قطاع شؤون الدعوة الدينية في مصر، قوله: "إن ما يهدف إليه هذا المشروع هو استقطاب المسلمين وإيقاعهم في فخ الخديعة الإسرائيلية، حيث اخذ من القرآن الكريم ما يتناسب مع أفكارهم ومشاريعهم."
وأكد عبد اللطيف أن وزارة الأوقاف ستصدر خلال الأيام القليلة القادمة ردا واضحا تجاه هذا المشروع، وما يحتويه من أكاذيب وأفكار مسمومة.
كما أن الوزارة ستقوم باتخاذ خطوات ضده لمنع التعامل معه في العالم الإسلامي، وإصدار بيان للتحذير مما يحتويه من تفسير ملفق على القرآن الكريم ومعانيه، سيتم نشره على موقع الوزارة على شبكة الانترنت لكي يطلع عليه الجميع.
كما قال أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر، منيع عبد الحليم: "من المعروف عداوة إسرائيل وباحثيها للإسلام، وبالتالي تصبح تلك الفكرة المقترحة هدفها تحطيم هذا الدين، لأنّ انتفاء النية الحسنة من الأساس يجعل الأمر مشكوكا فيه."
ويوضح عبد الحليم أن محاولة التفسير النفسي للقرآن هو في حد ذاته خطأ كبير، حيث سيحول النص الإلهي إلى نص بشري، حيث إن القرآن نزل من لدن الله بلغة عربية معجزة لقوم عرب يدركون هذا الإعجاز.
كما أوضح الباحث التونسي المختص في دراسة القرآن واللسانيات، احميدة النيفر، في تصريحات لـCNN بالعربية أنّ الأمر ينطوي "بغضّ الطرف عن تفاصيل المشروع، على خطورة كبيرة لأنّه يتعلق أولا بالتعامل مع نصّ إلهي، وثانيا لأنه ورد باللغة العربية."
وقال إنّ "القرآن لدى المسلمين نصّ منزل من الله، لم يتعرض إلى تحريف، على خلاف النصوص الدينية الأخرى."
وقال "إنّ علاقة لغتنا بالعبرية، رغم قربهما من بعضهما البعض، صعبة جدا تاريخيا، وحتى اللغات الأخرى، مثل الفرنسية والإنجليزية، عاشت تجارب مريرة في بعض الأوقات معنا. هذا على افتراض أن الأمر يتعلق بترجمة للقرآن."
وقال النيفر إنّه "عموما مثل هذه المشاريع عادة ما كان مآلها الفشل، مثل القناة التلفزيونية الإسرائيلية العربية التي انتهى بها المطاف إلى الفشل الذريع."
لكنّ النيفر اعترف بأنّه لم يطلّع على تفاصيل المشروع، قائلا إنّ ردوده هي وفق ما يتوفر لديه من معلومات الآن، لا غير.
وفي تصريحات لـCNN بالعربية، عبّر صاحب فكرة المشروع، عوفر غروزبرد، عن "اندهاشه" من انتقاد المشروع من قبل علماء مسلمين، "رغم أنّهم لم يطلعوا عليه، مادام الأمر لم يتعدّ بعد طور المشروع أو الفكرة."
وقال: "أعرف أنّه في كثير من الأحيان يلجأ البعض إلى نظرية المؤامرة لتفسير أو مهاجمة بعض الأفكار، ولكن أؤكّد لكم أنّ الأمر لا ينطوي على أي مؤامرة، ناهيك عن أنّ مشروع طلبتي لا يتضمن إفتاء، ولا تفسيرا للقرآن، وإنما فقط هو جعل القرآن وسيلة تربوية يستخدمها كل شخص في مختلف أنحاء العالم."
وردا على سؤال عمّا يجعل من هذا المشروع فريدا من نوعه، قال عوفر: "فرادة المشروع تكمن في أسلوبه الحديث ومنهجية تقديم مواقف يمكن أن نجد لها جوابا في القرآن. وأنا أعرف أنّ هناك الكثير من الأعمال المشابهة، لكنّ لا أعتقد أنّ هناك مشاريع تمّت بدقة وبحرفية مثلما تمّ في مشروع قرآنت."
وقال إنّ وزارة الخارجية لا تقف وراء المشروع، حيث أنّ مشاركتها تقتصر فقط على تبني عمل حصل على إعجاب الجميع ضمن معرض "آفاق الغد"، الذي شهد تقديم 60 اختراعًا وتجديدًا إسرائيليًا، قد يؤدي إلى تغيير المستقبل في مجالات الطبّ والزراعة والتكنولوجيا والبيئة والتقنية العالية وعلوم الحواسيب والمجتمع، والذي أقيم في إطار مؤتمر دعا إليه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز."
وأضاف: "كما ترون فإنّ الهدف تعليمي بالأساسي، وليس سياسيا، رغم أنني أعترف أنّه ينطوي على جانب حضاري، حيث أننا نريد منه أن نقدّم أو أن نربط بين الإسلام والغرب."
وقال إنّ في هذا المشروع "فائدتين لكلا الطرفين: فالقرآن يقدّم نفسه بوجهه الأصيل الإنساني للغرب، والغرب يجد في الكتاب فرصة للتعرف على هذا الوجه الجميل. إنّه جسر بينهما."
وأوضح أنّ الفكرة انبثقت عندما "هزّتني إحدى طالباتي في فرع علم النفس التطوري بقولها إن كل ما تعلمناه لا يجدي، متساءلة، ‘كيف العمل إذا سألني أحدهم عن كيفية معالجته من الإصابة بالجنّ أو ما يتردد في مجتمعنا ومعتقداته؟‘ مؤكدة أنّ الإجابة عن ذلك تكمن في القرآن، حيث أنّ اقتباس آية من القرآن في سياقها، وفي إبّانها، يترك تأثيرًا عظيمًا."
في المحاضرة التالية أحضر عوفر لطلبته أجزاء القرآن الثلاثين، ووزعها عليهم داعيا إياهم إلى استخراج الآيات التي تتطرق إلى الناحية التربوية العلاجية، "مما نتج عنه 300 نصّ ممتاز قدمه الطلبة، وتشكّل مجتمعة منهاجا تعليميا يمكن أن تقنع به ابنتك الغاضبة لسبب ما أو غيرها من المواقف."
وأضاف: "لقد بوبنا ما كتبه الطلبة وما اختاروا له من قصص معيشية ضمن فهرس، وإذا أردت الاستعانة بالكتاب لحلّ موقف ما يعترضك في الحياة فما عليك إلا أن تنظر في الفهرس والأبواب، ومن ثمّ ستجد وسيلة تتيح لك التعامل مع هذه المواقف."
وقال: "كما ترون فإننا لم نترجم ولم نختلق ولم نفت في أي أمر، وإنما وضعنا بيد العالم وسيلة سهلة وجميلة ومفيدة."
وقال عوفر في تصريحاته لـCNN بالعربية إنّه يأمل أن يتمّ لاحقا ترجمة المواد من العبرية إلى العربية، وإلى لغات أخرى تشيع في البلاد الإسلامية مثل التركية، الفارسية، الإنجليزية، والفرنسية.
ودعا الدول الإسلامية، وخاصة الخليجية، إلى أن ترحّب بمشروعه بدلا من مهاجمته، لأنّه لا يتضمن أي أمر مسيء للإسلام، "بل على العكس فإنّه يعطي الصورة الصحيحة للإسلام، والقرآن الجميلين الذين تعاملا بكثير من الإنسانية مع المسائل التي تهمّ البشر."
وقال: "بدلا من الحديث عن نظرية المؤامرة، لماذا لا تساهم أموال الخليج في إعطاء المشروع ما يستحق من عناية، بغضّ الطرف عن كوني شاركت فيه أو أقف وراءه؟ فمن قام بالعمل طلبة مسلمون من البدو، يستحقون أن يروا مشروعهم يجد الاهتمام الملائم."
وحول ما اكتشفه في القرآن بصفته يهوديا، قال عوفر: "صدقني لقد وجدت فيه أكثر النصوص التي تعاملت بشكل إنساني ممتاز مع البشر، وربما أكثر من التوراة والإنجيل."
وأضاف:" لذلك فإنّ ترجمة الكتاب إلى لغات كثيرة، وكذلك تحويله إلى موقع إلكتروني، سيكون أمرا على درجة عالية من الأهمية."
اليهود و "قرآن نت"
كثرت المواقع والمنتديات التي يبثها اليهود على الشبكة العالمية " الإنترنت " باللغة العربية ، وكثر معها كذلك المقالات لكتّاب يحملون أسماء عربية !! جندوا أنفسهم لخدمات يعجز عنها كتّاب الصحف العبرية!! ويكفيهم فخراً أنها موضع اهتمام موقع وزارة الخارجية اليهودية الذي ينشر مقالاتهم بكل فخر !!
كثرت المواقع والمنتديات التي يبثها اليهود على الشبكة العالمية " الإنترنت " باللغة العربية ، وكثر معها كذلك المقالات لكتّاب يحملون أسماء عربية !! جندوا أنفسهم لخدمات يعجز عنها كتّاب الصحف العبرية!! ويكفيهم فخراً أنها موضع اهتمام موقع وزارة الخارجية اليهودية الذي ينشر مقالاتهم بكل فخر !!
وقد درج اليهود في الآونة الأخيرة في تصميم مواقع على شبكة الإنترنت تهدف - كما يقول مصمموها - إلى نشر الدعوة الإسلامية ومناقشة القضايا المتعلقة بالشريعة ومعرفة رأي المتصفحين في المسائل الفقهية الخاصة بالإسلام !! وتلك المواقع والمنتديات اليهودية الناطقة باللغة العربية زادت وتيرتها منذ عام 2006م وبشكل ملحوظ ، وأغلب تلك المواقع تعطي الحرية للمتصفح في الاشتراك مجانًا بخدمات الموقع ، فهذه تعد الوسيلة الأسهل لتجميع أكبر عدد من الأصدقاء في منطقة المشرق العربي كي يحكوا عن مشاكلهم والعقبات التي تقف في حياتهم وبالطبع سيكون من ضمن تلك العقبات معلومات مباشرة وغير مباشرة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول!!
"قرآن نت " المشروع الجديد :
وزارة الخارجية الصهيونية، ووسائل الإعلام العبرية تحدثت مؤخراً عن نشر مشروع قام به مجموعة ممن وصفتهم بالأكاديميين، والطلاب البدو قاموا بإعداد مشروع أسموه (قرآن نت) في إطار دراستهم لنيل درجة الماجستير في مجال الاستشارات التربوية ، والمشروع تحت إشراف الأستاذ الجامعي اليهودي "عوفر غروزيرد" وزعمت الخارجية بأن المشروع يعد "همزة وصل بين العالم الإسلامي والغرب"!! الأمر الذي حذر منه علماء مسلمون داخل فلسطين وخارجها وعدّوه محاولة لإيجاد جيل من المسلمين يفهم القرآن على النمط الذي يريده الأعداء.
وتم الإعلان عن إصدار النسخة الأولى من المشروع في هيئة كتاب طبعته جامعة بئر سبع، وستجري ترجمته أيضاً إلى العربية وإلى لغات أخرى تشيع في البلاد الإسلامية، مثل التركية والفارسية والإنجليزية والفرنسية !!
والمشروع شارك في مؤتمر (آفاق الغد) الذي أقيم تحت رعاية الرئيس الصهيوني شيمون بيريس في مركز المؤتمرات الدولي في القدس في الفترة ما بين 13 و15 من مايو الماضي بعد أن تم اختياره كواحد من أفضل 60 اختراعًا وتجديدًا إسرائيليًا قد يؤدي إلى تغيير المستقبل ؟!
اليهود وتراجم معاني القرآن من العربية إلى العبرية :
تعد الترجمة المعلن عنها أخيراً ( وهي لا تعد ترجمة كاملة ) هي خامس ترجمة عبرية للقرآن، سبقتها ثلاث ترجمات منها مطبوعة ومتداولة ، والآخر (مخطوط) وغير متداول.
آخرها كمطبوع تمت على يد أوري روبين الأستاذ في جامعة تل أبيب – وهو باحث كبير متخصص في اللغة العربية والقرآن الكريم والتفسير والسيرة النبوية والحديث الشريف - لافتاً إلى أن الترجمة استغرقت خمس سنوات، قبل أن تدرج ضمن سلسلة كتب ودراسات متخصصة في علوم الأديان تتبناها دار نشر جامعة تل أبيب، ويشرف عليها الدكتور "أفيعاد كلينبرج" المستشرق والمؤرخ والمتخصص في علوم الأديان.
وكان أول من ترجم معاني القرآن إلى اللغة العبرية، هو الحاخام "يعقوب بن يسرائيل" إذ أصدر مخطوطاً في القرن السادس عشر، إلا أنه لم يحظ بالنشر ولا بالتداول. وتمتلك مكتبة المتحف البريطاني نسخة منه، ويتضمن ثلاثة أجزاء تسرد حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتاريخ الإسلامي حتى نهايات العصر الأموي، إلى جانب ترجمة معاني لـ 118 سورة.
في حين أصدر المستشرق الألماني اليهودي "ريكندورف" أستاذ اللغات السامية في جامعة هايدلبرج بألمانيا في القرن التاسع عشر ثاني ترجمة للقرآن بالعبرية وأول ترجمة تحظى بالنشر والتداول.
وفي عام 1936 أصدر المترجم "يوسيف يوئيل رفلين" ثالث ترجمة عبرية للقرآن وثاني ترجمة تنشر وتتداول، وكانت ترجمة مستساغة لتمكنه من اللغة العربية كتابة وتحدثا. وفي عام 1971م أصدر المترجم هارون بن شيميش رابع ترجمة عبرية للقرآن وثالث ترجمة تحظى بالنشر مكتفياً بتقديم المعنى الكلي لخمس آيات من دون الحفاظ على تسلسل الآيات القرآنية.
ردود الأفعال:
أثار إطلاق وزارة الخارجية اليهودية موقع «قرآن نت» لتفسير ونشر آيات القرآن الكريم جدلاً واسعًا حول الأسباب الخفية لمثل هذا المشروع، والذي يهدف - حسب زعم مصممه - إلي جعل «الذكر الحكيم وسيلة تربوية»، وجاء على موقع الوزارة أن «مجموعة من الطلاب البدو الإسرائيليين، بادروا مع محاضرهم اليهودي إلي مشروع فريد من نوعه، يجعل الذكر الحكيم وسيلة تربوية يستخدمها كل مرب ورب عائلة». ويبحث المستخدم في الفهرست لـ«قرآن نت» عن المسألة التربوية التي تعنيه، وعندها يحصل علي الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته.
ولكن الدكتور "عوفر غروزيرد" سرعان ما نفى أن يكون المشروع الذي قام بالإشراف عليه يهدف إلى تفسير القرآن، وقال إن المشروع "عبارة عن بحث قام به 15 طالباً للحصول على درجة الماجستير في مجال الاستشارات التربوية، وقاموا بتناول تأثير الجانب النفسي في القرآن الكريم في إيجاد إجابات على الأسئلة التربوية". حيث إنه كيهودي يرى "جمال وقوة القرآن كمادة تربوية"!! وأنه وتلاميذه قاموا بإصدار النسخة الأولى من المشروع في هيئة كتاب طبعته جامعة بئر سبع، وأنهم فازوا بمشروعهم البحثي هذا في مسابقة تحت رعاية الرئيس اليهودي شيمون بيريز حول أفضل 60 عملاً تساهم في التقارب بين الثقافات !!
وكانت ردود الفعل سريعة من فقهاء وعلماء مسلمون حيث رفضوا ما أعلنته مصادر بحثية صهيونية عن إطلاق موقع إلكتروني (يهودي) لتفسير القرآن الكريم تحت عنوان "قرآن نت". واعتبروا تلك المحاولة تكراراً لمحاولات إصدار نسخ محرفة من القرآن الكريم في صورة جديدة، ومحاولة لإقناع العالم الإسلامي بالتطبيع الثقافي مع الكيان اليهودي.
الشيخ عكرمة صبري مفتى القدس وخطيب المسجد الأقصى قال إن هناك الكثير من الشكوك التي تحيط بهذا المشروع ، خاصة ما يتعلق بإعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية عنه وهو ما أضفى بعداً سياسياً عليه. وحذر من الكيفية "التي يتم بها تفسير الآيات القرآنية في أغراض هذا البحث" خاصة أن فتح موقع يحمل اسم" قرآن نت" ينطوي على "قدر كبير من الإيهام للمتلقي أن فيه تفسير للقرآن الكريم".
لماذا الدعوة لدول الخليج بالخصوص ؟!!
وقد دعا "عوفر غروزيرد" المشرف اليهودي على مشروع " قرآن نت" الدول الإسلامية، وخاصة الخليجية، إلى الترحيب بمشروعه بدلاً من مهاجمته، لأنّه – كما يزعم - لا يتضمن أي أمر مسيء للإسلام، مشيراً إلى أنه يعطي الصورة الصحيحة للإسلام. وطالبهم بالكف عن استخدام نظرية المؤامرة، داعياً لغض النظر عن كونه المشرف على المشروع لأن من قام بالعمل طلبة مسلمون من البدو، يستحقون أن يروا مشروعهم يجد الاهتمام الملائم . واعتبر أن ترجمة الكتاب إلى لغات كثيرة، وتحويله إلى موقع إلكتروني، سيكون أمراً على درجة عالية من الأهمية!!
"الجامعات العبرية" و "جيش البروفسورات" :
وعودة على دور "جيش البروفسورات" وهم هؤلاء الأساتذة والأكاديميين الذين كلفوا من المؤسسة العسكرية اليهودية بتأدية مهمات مباشرة للبحث والكتابة في الشئون العربية والفلسطينية وقضايا الصراع في المنطقة ، وكذلك التحقيق في كتبنا التراثية والمخطوطات التي سرقوها من المكتبات الفلسطينية العريقة بعد أن تمكنوا من احتلال أرضها ، وترجمة معاني القرآن ... والظهور بمظهر الحرص على إظهار الكنوز من كتاب ربنا سبحانه ، ومن كتب الحديث والسير الفقه!!
فمن المتعذر التمييز بين أكاديمي أو باحث مدني وآخر عسكري في الكيان الصهيوني، من ناحية الارتباط بالمؤسسة العسكرية ، فيغلب على العملية البحثية في الكيان اليهودي طابع "العمل المؤسسي" المرتبط وظيفياً بأداء الدولة وتوجهاتها.
وهذا ما دعا نقابة الجامعات والمعاهد ببريطانيا «يو سي يو» كبرى نقابات التعليم العالي في بريطانيا الذي يضم في عضويته أكثر من 120 ألف منتسب ، تبني قرار مقاطعة الجامعات العبرية . بل طالب القرار الاتحاد الأوروبي العمل على مقاطعة المؤسسات الأكاديمية العبرية ووقف الدعم المالي لها. لأن الاستقلالية المعرفية للأبحاث الصهيونية ذابت ، وتستخدم في حقيقتها كوسيلة صراعية، أي كسلاح في مواجهة الأمة العربية والإسلامية ، والجامعات العبرية تعد الأطر الأكثر اتساعاً في العملية البحثية داخل فلسطين المحتلة، إذ تتوفر لها وفيها الكفاءات والخبرات العلمية والظروف الأكاديمية، فضلاً عن توفر الإمكانات المادية والمعنوية اللازمة لعمليتي التدريس والبحث !!
وفي الختام نقول : هل يمكن أن يتصور أن المشروع هو كما قالوا محاولة لإيجاد جسر للتواصل بين الكيان العبري والعالم الإسلامي، وأن المسلم المتلقي لهذا المشروع لا بد أن ينظر إليه بمعزل عن السياسة والصراع على الأرض!!
فعلى الرغم من أن الترجمة وسيلة مهمة من وسائل الاتصال مع الآخر، إلا أن الترجمات لمعاني القرآن لها خصوصية لا بد من توافرها ، فالترجمات اليهودية السابقة والمتضمنة مغالطات عديدة لم يكن لها أي تأثير على القارئ اليهودي ولم تقرب أحداً منهم من المسلم العربي، بل رسخت التباعد والعدائية ، مع الأخذ بالاعتبار أن العداء موجود أصلاً نتيجة لموقفهم من الإسلام منذ عهد النبوة إلى الآن ، هذا بالإضافة للصراع واحتلالهم أرض فلسطين والمسجد الأقصى وتشتيت شعبها ، وتدنيس مقدساتها وإذلالهم أشد إذلال .
فنداءنا العاجل إلى القطاعات الإسلامية المعنية بالترجمة والطباعة بالتحرك السريع لإصدار نسخة خالية من التحريف والتأويل، من خلال تخصيص فريق عمل إسلامي يجيد الترجمة إلى العبرية، ليعكف على إصدار نسخة إسلامية تشرح القرآن من دون زيادة أو نقصان، وتصحح ما تضمنته ترجمات بعض المستشرقين من المغالطات؛ فهذا مشروع في مقدمة الأولويات ... نسأل الله تعالى أن يرى النور .
عيسى القدومي
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيق – نسخة مسحوبة في 23-10-2008
الثلاثاء 13 جمادى الثانية 1429هـ - 17 يونيو 2008م
العربية – أخبار الأخيرة
أعده أكاديميون بدو وحذرت منه القيادات الإسلامية
إطلاق مشروع إسرائيلي "لتفسير القرآن للعالم" عبر "قرآنت"
تفاصيل الكتاب
كيف بدأت الفكرة؟
أهداف المشروع
اعتراضات مسلمي فلسطين
تحذير من الأوقاف المصرية
الشك طريق الوصول إلى الحقيقة
وزارة الأوقاف الفلسطينية استبعدت صحة التفاسير
القاهرة- منى مدكور، القدس - منى جبران
أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن إصدار مشروع إلكتروني لتفسير القرآن الكريم قام بإعداده أكاديميون من عرب إسرائيل معتبرة ذلك همزة وصل بين العالم الإسلامي والغرب، وهو ما حذر منه قيادات إسلامية داخل إسرائيل وخارجها واعتبروه محاولة لإيجاد جيل من المسلمين يفهم القرآن على النمط الذي تديره إسرائيل والولايات المتحدة.
وأعد المشروع الذي حمل اسم "قرآنت" 15 أكاديميا من المسلمين البدو في إسرائيل في إطار دراستهم لنيل درجة الماجستير في مجال الاستشارات التربوية تحت إشراف الأستاذ الجامعي اليهودي عوفر غروزيرد وراجعه 3 من المشايخ المسلمين، وتم إصدار النسخة الأولى منه في هيئة كتاب طبعته جامعة بئر سبع، كما شارك المشروع في مؤتمر (آفاق الغد ) الذي أقيم تحت رعاية الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس في مركز المؤتمرات الدولي في أورشليم القدس في الفترة ما بين 13 و15 من مايو/ايار الماضي بعد أن تم اختياره كواحد من أفضل 60 اختراعًا وتجديدًا إسرائيليًا قد يؤدي إلى تغيير المستقبل.
تفاصيل الكتاب
واعتبر موقع الخارجية الإسرائيلية أن "قرآنت" مشروع فريد من نوعه يجعل الذكر الحكيم وسيلة تربوية يستخدمها كل مربٍّ ورب عائلة. ويبحث المستخدم في "الفهرست" لقرآنت عن المسألة التربوية التي تعنيـــه، وعندها يحصل على الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته. بعد ذلك تُعرض أمامه قصة قصيرة من وحي الحياة اليومية، حيث يكون في نهايتها دليل حسي أمام المعلم أو رب العائلة ليستخدم الآية القرآنية الواردة، ويعي رسالتها في خطابه للطفل. وفي الختام يحصل المستخدم على توضيح أو تعليل سيكولوجي – تربوي موجز يبين سيرورة ما جرى.
ويهدف المشروع إلى تقديم خدماته للمسلمين باللغات العبرية والتركية والفارسية والإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلى العربية.
وفي نموذج تجريبي لتفسير آية عبر "قرآنت" عرض موقع الخارجية الإسرائيلية الآية ٣٤ من سورة « فصلت » " (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
وصاحبها التفسير الإسرائيلي قائلا: "إنه من الممكن أن يتحول العدو إلي أفضل الأصدقاء في يوم ما".
كيف بدأت الفكرة؟
قصة إطلاق المشروع رواها موقع الخارجية الإسرائيلية على لسان الطالبة البدوية بشرى مزاريب التي كانت صاحبت فكرته، قالت: "درسنا في السنة الماضية – نحن خمسة عشر طالبًا بدويًا – موضوع الاستشارة التربوية، بهدف الحصول على شهادة الماجستير.
وكان ضمن هذه الدراسة مساق "علم النفس التطوري" الذي يحاضر فيه د. عوفر غروزبرد. وبينما كانت المحاضرات تمضي كالمعتاد، توجهتُ للمحاضر، وقلت له: "أتريد أن أقول لك الحقيقة؟! إن كل ما تعلمناه لا يجدي ولا يساعدنا". سألني متعجبًا: "ولماذا؟" فأوضحت له أنه ربما سيأتيني أحدهم غدًا -وأنا المستشارة التربوية-، وهو يقول لي مؤكدًا: "مسني الجن"، أو يقول شيئًا من هذا القبيل مما يتردد في مجتمعنا (المسلم) ومعتقداته. فكيف -بالله عليك- تفيدني موادك هذه التي تعلمنا إياها?".
تقول: سألني عوفر: "إذن، ما الذي يساعد؟" فأجبته: "إنه القرآن الكريم"، فسألني أن أوضح له جلية الأمر. فقلت له إن "اقتباس آية من القرآن في سياقها، يترك تأثيرًا عظيمًا على جماعة المسلمين لا يضاهيه تأثير آخر".
وفي المحاضرة التالية -حسبما قالت الطالبة- حضر عوفر إلى قاعة الدراسة وهو يحمل أجزاء القرآن الثلاثين. ووزعها فيما بيننا ودعانا لأن نستخرج الآيات التي تتطرق إلى الناحية التربوية العلاجية في كل جزء من القرآن، وسرعان ما اتضح لنا أنها كثيرة في القرآن، وذلك على غرار الآيات التي تدعو الإنسان إلى أن يتحمل المسؤولية، أن يقول الحق ويصدُق، أن يحترم الآخرين ...إلخ.
وتضيف: "ثم دعانا عوفر إلى أن نؤلف قصة قصيرة تلائم كل آية من الآيات التي اخترناها، وتكون القصة من وحي حياتنا اليومية، بحيث تمثل صورة يعرضها الأب أو المعلم (المربي)، ومن خلالها يتم نقل رسالة الآية أو فحواها.
لقد جمعنا معًا أكثر من ثلاثمائة قصة، وكان أن أضاف عوفر بعد كل قصة تعليلاً سيكلوجيًا- تربويًا، يسيــرًا وقصيرًا، ومن هنا كان الاسم.. قرآنـِت.
أهداف المشروع
وبحسب موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية، فإن الكتاب يقدم لمستخدمه المسألة التربوية التي تعنيـــه، وعندها يحصل على الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته، بعد ذلك تُعرض أمامه قصة قصيرة من وحي الحياة اليومية، حيث يكون في نهايتها دليل حسي أمام المعلم أو رب العائلة ليستخدم الآية القرآنية الواردة، ويعي رسالتها في خطابه للطفل، وفي الختام يحصل المستخدم على توضيح أو تعليل سيكولوجي – تربوي موجز يبين أسباب ما جرى.
وعددت الخارجية الإسرائيلية بين مميزات المشروع أنه يحول ما وصفته بـ"الذكر الحكيم" إلى وسيلة تربوية يستخدمها كل مربٍ وكل رب عائلة "وبذا يظهر عظمة القرآن المجدية لتكون في خدمة كل البشر – الأمر الذي لم يتحقق من ذي قبل".
وأضافت أنه يدمج القرآن مع التوجهات التربوية الحديثة ويبني جسرًا ذا اتجاهين بين العالم الإسلامي وأبناء الحضارة الغربية، كما "يعكس جمال الذكر الحكيم، حيث يعرض كرامة الإنسان، ويجعلها في مركز اهتمامه، وبذلك يكون ردًا قاطعًا على من يدعي أنه يمكن أن يُستخدم القرآن لأهداف من شأنها أن تحفز على الإرهاب".
اعتراضات مسلمي فلسطين
من جانبه حذر الناطق باسم الحركة الاسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948م الشيخ زاهي نجيدات في تصريحات لـ"العربية.نت" من خطر المشروع الإسرائيلي لتفسير القرآن الكريم الذي أعلنته وزارة الخارجية الاسرائيلية واكد ان الهدف من ورائه هو ايجاد جيل على النمط الذي تريده اسرائيل وامريكا.
كما أكد أن محاولة وضع القرآن الكريم في القالب الذي يروق لاسرائيل وامريكا يكون بالتعامل الانتقائي مع آيات القرآن الكريم بل التعامل التحريفي لانشاء جيل بعيد كل البعد عن هذه العقيدة السمحة.
وقال الشيخ نجيدات ان الموضوع بحاجة الى بحث كبير وتدقيق مؤكدا ان عمل المؤسسة الاسرائيلية لا يدل على انها فعلا تعاملت مع شيوخ معتمدين كمرجعية للقرآن الكريم واصفا ذلك بالخديعة الإسرائيلية.
ومن جانبها استبعدت وزارة الأوقاف الفلسطينية أن تكون التفاسير التي يقدمها مثل هذا المشروع صحيحة، مؤكدة انه لا يوجد سبب مقنع لإطلاق مثل هذا المشروع في هذا الوقت والزمان، خاصة وان هناك من المسلمين من قام بتفسير القرآن بالطريقة الصحيحة، وان اصدار كتاب من هذا القبيل يثير الشكوك حول تلك التفسيرات.
وتعليقا على نموذج التفسير الذي قدمته الخارجية الإسرائيلية لآية سورة فصلت اعتبرها الشيخ حسين ابو أرميله للعربية.نت دليلا على التزوير والتحريف الذي تهدف إليه المؤسسة الإسرائيلية المعادية للإسلام والمسلمين مؤكدا أن التفسير الصحيح للآية هو ان على الناس جميعا ان يدفعوا الصدقات حتى لا يبقى أي شخص فقيرا، وبالتالي تسود المحبة بين الناس.
تحذير من الأوقاف المصرية
وبدورهم حذر مسؤولون في وزارة الأوقاف المصرية من المشروع الإسرائيلي، حيث قال الشيخ د.شوقي عبد اللطيف نائب وزير الأوقاف ورئيس قطاع شؤون الدعوة الدينية لـ"العربية.نت" إن ما يهدف له هذا المشروع هو استقطاب المسلمين وإيقاعهم في فخ الخديعة الإسرائيلية، حيث اخذ من القرآن الكريم ما يتناسب مع أفكارهم ومشاريعهم.
وأكد د.عبد اللطيف أن وزارة الأوقاف ستصدر خلال الأيام القليلة القادمة ردا واضحا تجاه هذا المشروع وما يحتويه من أكاذيب و أفكار مسمومة، كما أن الوزارة ستقوم باتخاذ خطوات ضده لمنع التعامل معه في العالم الإسلامي، و إصدار بيان للتحذير مما يحتويه من تفسير ملفق على القرآن الكريم ومعانيه سيتم نشره على موقع الوزارة على شبكة الانترنت لكي يطلع عليه الجميع .
الشك طريق الوصول إلى الحقيقة
وعلق د.إبراهيم البحراوي أستاذ الإسرائيليات في جامعة عين شمس لـ"العربية .نت" قائلا: "لا نستطيع أن نثق في وجود نوايا حسنة تجاه هذا التفسير، ولا يمكن الأخذ في الاعتبار أي نوايا حسنة يحاولون الترويج لها، ولنا الحق تماما في استخدام قاعدة (الشك طريق الوصول إلى الحقيقة).
وأضاف البحراوي: هناك عدة نقاط لابد من استيفائها، من أهمها الإطلاع على نسخة الكتاب المتداولة، ومراجعة النص القرآني وتفسيره المقدم من جانب علماء التفسير في الجامعات الاسلامية المتخصصة، ونوعية الآيات القرآنية المختارة دون سواها من القرآن، ووقتها نستطيع ادارك الحقيقة الكامنة وراء هذا الكتاب".
ويفسر البحراوي كلام الباحثة الإسرائيلية حول أهمية تفسير القرآن لعلاج المس والجان بأنه اهتمام جاء في سياق عرف اجتماعي عربي عند المسلمين والمسيحيين بالتداوي بالرموز الدينية بغض النظر عن طبيعة الديانة، بمعنى أن المسلمين يذهبون في مصر مثلا إلى كنيستي العذراء وما جرجس، والمسيحيون يذهبون إلى مسجد السيدة زينب للتداوي برموز الطرف الآخر، إلا انه ليس مبررا على الإطلاق لكي يكون علاج المس والجان سببا لتفسير القرآن على الهوى الإسرائيلي، لأن القرآن كتاب عبادة يحتوى على كافة مناحي الحياة، ولا يمكن الاعتماد علي تفسيره لأجل هذه الزاوية فقط.
جدير بالذكر أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة كان قد قام بإعداد ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية في يونيو من عام 2001 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق