مسألة اختلاف رسم
بعض الكلمات في المصحف
يُتداول على وسائط
التواصل الإجتماعي رسائل مجهولة المصدر فيها محاولة لتفسير اختلاف كتابة اللفظة
الواحدة في المصحف الشريف بين مورد وآخر وخلاصتها السؤال بمثل ما الفرق بين رحمت
الله ورحمة الله؟ وبين امرأة وامرأت؟
والإتيان بالجواب إن رحمت بالتاء المفتوحة تدل على البسط والفتح والسعة أما بالتاء
المربوطة فتدل على المقبوضة والمرجوة،كما في قوله تعالى:
( فَٱنظُرۡ إِلَىٰۤ
ءَاثَـٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَیۡفَ یُحۡیِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤ إِنَّ
ذَلِكَ لَمُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ) [ الروم 50]
( أَمَّنۡ هُوَ
قَـٰنِتٌ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ سَاجِدࣰا وَقَاۤئِٕمࣰا یَحۡذَرُ الاخِرَةَ وَیَرۡجُوا۟
رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ ) [ الزمر 9]
ومثل هذا في اختلاف رسم امرأة وامرأت في القرآن
الكريم وتأويل الرسم الثاني بأنه يأتي مع مضاف اليه يعرفها كامرأت فرعون والأول
يأتي نكرة مطلقا،كما في قوله تعالى:
( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) [ النساء 128]
( إِذْ قَالَتِ
امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا
فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ) [ آل عمران 35].
تعليقي:
هذا الكلام يرجع الى البحث في علوم القرآن عن توقيفية أو
اجتهادية الرسم العثماني وما فيه من مثل هذه الاختلافات الواردة في المصاحف
المكتوبة بالرسم العثماني والتي لا توجد في المكتوبة بالرسم القياسي الإملائي
كمصحف ابن البواب المكتوب سنة 391 هـ ،
وقد جرى البحث فيها وخلاصته: قال بعضهم إن العرب لم تعرف تقنين الكتابة
والإملاء إلا في وقت متأخر جدا عن توحيد كتابة المصحف، وعليه قال البعض إن كتابة
المصحف لم يكن لها ضابطة، فيما قال آخرون إنه كتب كذلك بتوقيف النبي صلى الله عليه
وآله وأن الجمع والتوحيد راعياه.
وعلى كل الأقوال
يكون تفسير اختلاف الرسم بهذه الصور المعروضة
تأويلا بلا دليل توقيفي إلا لجهة النص على الكتابة دون إرادة تمييز المعنى،
وهذا التأويل للمعنى المراد ناشئ عن تتبع اللفظ واقتناص معاني له وجمعها وتفريقها
بحسب المتتبع، فلو فرض انتقاض الاطراد في معنى بطل جميعا وفي هذا من تقحم الشبه ما
يكفي للردع عنه إن لم نقل إنه قول في القرآن بلا دليل شرعي.
وعلى كل حال فإن ممن
أرَّخ للبحث في هذا المجال وتناول مسائله بشئ من التفصيل لمن يرغب في المطالعة هو
العلاّمة الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن (745- 794هـ / 1344 –391 م) قال[1]: " اختلاف رسم الكلمات في المصحف والحكمة فيه: واعلم أن
الخط جرى على وجوه فيها ما زيد عليه عَلَى اللَّفْظِ وَمِنْهَا مَا نَقَصَ
وَمِنْهَا مَا كُتِبَ عَلَى لَفْظِهِ وَذَلِكَ لِحِكَمٍ خَفِيَّةٍ وَأَسْرَارٍ
بَهِيَّةٍ تَصَدَّى لَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُرَّاكِشِيُّ الشَّهِيرُ بِابْنِ
الْبَنَّاءِ فِي كِتَابِهِ عُنْوَانُ الدَّلِيلِ فِي مَرْسُومِ خَطِّ التَّنْزِيلِ[2] وَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ
الْأَحْرُفَ إِنَّمَا اخْتَلَفَ حَالُهَا فِي الْخَطِّ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ
أَحْوَالِ مَعَانِي كَلِمَاتِهَا
وَمِنْهَا التَّنْبِيهُ عَلَى الْعَوَالِمِ الْغَائِبِ وَالشَّاهِدِ وَمَرَاتِبِ الْوُجُودِ وَالْمَقَامَاتِ وَالْخَطُّ إِنَّمَا يُرْتَسَمُ عَلَى الْأَمْرِ الحقيقي لا الوهمي.".وأبو العباس المراكشي الشهير بابن البناء عاش في نهاية القرن السابع وأواخر القرن الثامن الهجري (654 هـ - 721 هـ / 1256 - 1321م).
وَمِنْهَا التَّنْبِيهُ عَلَى الْعَوَالِمِ الْغَائِبِ وَالشَّاهِدِ وَمَرَاتِبِ الْوُجُودِ وَالْمَقَامَاتِ وَالْخَطُّ إِنَّمَا يُرْتَسَمُ عَلَى الْأَمْرِ الحقيقي لا الوهمي.".وأبو العباس المراكشي الشهير بابن البناء عاش في نهاية القرن السابع وأواخر القرن الثامن الهجري (654 هـ - 721 هـ / 1256 - 1321م).
ع.خ،الجمعة، 24
كانون الثاني، 2020