الدرس الحوزوي: المراحل الدراسية والكتب المعتمدة
تمهيد
يقف التعليم الديني في الحوزة[1]
مقابل التعليم العادي والتعليم المهني والتعليم الخاص وإن اشترك معها في ما يمكن عده
من أساسيات التعليم كاللغة, وهو يختلف عن هذه الأقسام باعتبار الغاية منه والسقف الذي
يمكن للطالب أن يبلغه في الدراسة وفرص العمل التي تتيحها له المستويات العلمية التي
حازها.
وعمدة التعليم الديني الحوزوي الفقه وأصول الفقه وما كان مقدمة لهما كعلوم
اللغة العربية والمنطق, أو ما يداخلهما كعلوم القرآن الكريم والحديث الشريف, أما
الكلام والفلسفة والحساب والفلك وما استجد من علوم كعلم النفس وعلم الإجتماع فهي
اختيارية.
ينتظم التعليم الديني عند المسلمين الشيعة
اليوم في أسلوبين :
الأول الدرس الحر وهو النظام التقليدي التاريخي
في الحوزة الذي ما زال سائدا, ويرجع إليه الأكاديميون في مرحلة البحث الخارج, وهو
حر بالكامل من اختيار الإنسان طلب العلم إلى اختيار المدرس والكتاب, إضافة إلى أنه
غير مقيد بامتحانات إلا في ما يخص الشهرية المالية والتشرف بارتداء العمامة, وهي (الامتحانات)
كانت أبرز عناوين الإصلاح[2]
التي لحقته على يد الإمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء[3]
, والسيد محمد كلانتر[4] في مدرستيهما, حتى أقرها الإمام السيد محسن الحكيم[5]
في حوزة النجف عموما بربط الشهرية التي كان يقدمها للطلبة بالخضوع للامتحان وحذا
سائر المراجع حذوه.
الثاني هو الدرس الأكاديمي على نمط التدريس
الجامعي, وشهدت بدايته حوزة النجف الأشرف في العراق على يدي العلم الكبير المجدد
الشيخ محمد رضا المظفر[6]
مؤسس "كلية الفقه
في النجف الأشرف" ويجري اليوم في حوزة قم.
تنقسم دراسة العلوم
الدينية إلى ثلاث مراحل: المقدمات والسطوح والبحث الخارج, ولكل منها كتب مقررة ويتسامح
في عد الفترة الأخيرة من دراسة السطوح مرحلة مستقلة باعتبارها السطوح العالية.
تتميز مرحلة المقدمات بدراسة كتب المتون مجردة
عن المقارنة والأدلة, أما كتب مرحلة السطوح فتتدرج من مجرد عرض الخلافات في
الأقوال حتى إيراد الحجج ومناقشتها في السطوح العالية, أما مرحلة البحث الخارج في
الفقه واصول الفقه وإن سميت كذلك لتحررها من كتاب يقرأ (الدرس خارج الكتاب) فتعتمد
على ترتيب فهرست للمسائل الخاصة بهما في أكثر الكتب تفصيلا لها بحسب اختيار المدرس,
وتتم فيها مناقشة الأدلة والاستدلال لما يذهب إليه الأستاذ.
تعتبر المدارس الدينية مساكن للطلاب العزاب
وبعضها خصصت قاعات للتدريس ما قبل مرحلة البحث الخارج, ويتعيش طالب العلوم الدينية
المتفرغ للتحصيل من منح شهرية بسيطة يقدمها المراجع .
[1] "الحوزة" مصطلح
حديث يدل على مكان تقام فيه الدراسات الشرعية الحرة فيجري على المدينة التي تكثر
فيها المدارس والأساتذة, كما يطلق على نفس المدرسة, أو على حلقة الأستاذ حيثما أعطى
درسه, ويغلب أن يكون الدرس في المقامات أو المساجد الكبيرة على شكل حلقات على
الأرض.
[2] وأضافا تعيين
وتوزيع الكتب الدراسية التقليدية على سنوات وفق جداول منتظمة, وفيما اهتم السيد
كلانتر بتحقيق وتنسيق طباعة الكتب التقليدية ونقلها من الطباعة الحجرية إلى
الحروفية, زاد الإمام الحكيم مواد دراسية غير تقليدية كالفلسفة والإقتصاد
والإجتماع في مدرسته"مدرسة العلوم الإسلامية" التي أسسها (1383 ه / 1963
م).
[3] من كبار فقهاء الشيعة (1294 هـ / 1876م - 1373هـ / 1953), جاهد بنفسه ضد القوات الإنكليزية وشارك في المؤتمر الإسلامي في
القدس (1350هـ - 1931م) الذي
دعى إليه المفتي الشيخ أمين الحسيني, اشتهر بكتابيه أصل الشيعة وأصولها والمثل العليا في الإسلام لا في بحمدون.
[4] محمد سلطان مصطفى
كلانتر فقيه شيعي مجدد ( 1335 هـ / 1916 م
- 1420 هـ / 1999م), مؤسس "جامعة النجف الدينية".
[5] من كبار فقهاء الشيعة (1306 هـ / 1889م - 1390 هـ / 1970م) امتازت
مرجعيته بتنظيم الوكلاء وإيفاد المبلغين ومواجهة الأفكار المعادية للإسلام.
[6] أسسها سنة 1376 ه
/ 1956م واعترفت بها وزارة المعارف العراقية
سنة 1377 ه/ 1958 م, كانت مواد الدرس فيها: الفقه الإمامي ، والفقه المقارن وأصول الفقه
، والتفسير وأصوله ، والحديث وأصوله ( الدراية ) ، والتربية ، وعلم النفس ، والأدب وتأريخه ، وعلم الاجتماع ، والتاريخ
الاسلامي ، والفلسفة الإسلامية ، والفلسفة الحديثة ، والمنطق ، والتاريخ الحديث ، وأصول
التدريس ، والنحو والصرف ، وإحدى اللغات الأجنبية .