الاثنين، مايو 24، 2010

يوم القدس يوم إحياء الإسلام

يوم القدس يوم إحياء الإسلام

على عتبة الذكرى السادسة لإعلان الإمام الخميني يوم الجمعة الأخير من شهر مضان المبارك يوماً للقدس .

مجلة الوحدة الإسلامية , العدد 140 , 4 شوال 1405 – 22 حزيران 1985

[وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا – 4 فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً – 5 ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا - 6 إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا – 7 عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا - الإسراء - الآية - 8 ]

إعلان يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك يوما للقدس لم يكن بدعا طارئا ولا موقفا استعراضيا او محاولة للإطلال على العالم باستغلال واحدة من أشد قضاياه تعقيدا, لأن الوهج الذي اتسمت به الثورة الإسلامية في إيران كان من القوة بحيث شغل الناس وملأ الدنيا .

قبل انتصار الثورة الإسلامية

هذا الإعلان من قائد الثورة ومؤسس الجمهورية ومرجع الأمة الإسلامية الإمام الخميني كان خطوة متقدمة في مسيرته الطويلة , والتي منذ أن بدأها لتحرير ايران لم تغب عنه فيها خطورة الإحتلال اليهودي لفلسطين وللقدس بالذات كأرض إسلامية , وهو الذي افتى للمسلمين في رسالته العملية بقوله :

"لو غشي بلاد المسلمين أو ثغورها عدو يخشى منه على بيضة الإسلام ومجتمعهم يجب عليهم الدفاع عنها بأية وسيلة ممكنة من بذل الأموال والنفوس .".

ولم يغب عنه ما لهذا الإحتلال من خطر على مجمل أوضاع الأمة الإسلامية العقائدية والسياسية والإقتصادية , فعمل سماحته منذ بدأ حركته على زرع هذه المخاطر والهموم في نفوس وعقول وقلوب المسلمين عامة وفي إيران خاصة , فصارت القدس – ومازالت – جزءا من الهم الثوري الإسلامي يتفاعل يوميا بين ساحات طهران وقم وإصفهان ومشهد : في الحوزات العلمية وفي الجامعات وحتى في البازار( السوق التجاري) .فإن الإحساس بالظلم الواقع على مسلمي فلسطين كان يأخذ بشغاف قلوب إخوانهم في إيران , بينما كانت سلطة الشاه المقبور تبذل جهدها وطاقتها للتعتيم على قضية فلسطين والخطر الإسرائيلي على المسلمين .

وفي نفس الوقت بدأ التسلط الإسرائيلي على مقدرات إيران يظهر إلى العلن شيئا فشيئا , سيما بعد سقوط حكومة مصدِّق الوطنية ( 1373 – 1959) وعودة الشاه إلى إيران بدعم امريكي إسرائيلي . وبمواجهته إنطلقت الثورة الإسلامية راسمة شعاراتها الأساسية الثلاثة :

الإستقلال , الحرية , الجمهورية الإسلامية , دون أن تغيب قضية فلسطين ومواجهة إسرائيل الغاصبة عن المسيرات المليونية المجاهدة والثائرة . فبعد المجزرة البشعة التي ارتكبها جلاوزة الشاه بحق طلاب العلوم الدينية في المدرسة الفيضية (1383 – 1963 ) جرت في العاشر من شهر محرم في طهران وبعد إحتفال حاشد في مسجد أبو الفتوح مسيرة ضخمة كان شعارها الرئيسي :

" فليسقط الديكتاتور فلتسقط إسرائيل "

وهذا الموقف الجماهيري يعكس الموقف العظيم , بإعلان المواجهة مع إسرائيل كأحد الأهداف الأساسية التي تبناها الإمام الخميني ذلك العام (1383 – 1963 ) بعد إطلاق سراحه من المعتقل حيث تحدث سماحته في الطلاب الجامعيين قائلا :

" إن من أهدافنا :الإسلام والإستقلال , وتطهير إيران من رجس إسرائيل والوحدة مع العالم الإسلامي."

ويتبلور هذا الإعلان سنة (1384 – 1964 ) في الذكرى الأولى للمجزرة المذكورة والتي عرفت لاحقا بمجزرة 15 خرداد , حيث قال سماحته :

"منهجنا الإسلام وأهدافنا : وحدة كلمة المسلمين ووحدة العالم الإسلامي والتآخي مع كافة فصائل المسلمين في أرجاء العالم وتأسيس تحالف رصين مع جميع الدول الإسلامية في العالم للوقوف صفا متراصا في وجه الصهيونية وإسرائيل وكل الدول الإستعمارية"

وعلى ما في هذه الأهداف من دقة وبعد نظر , فإن موقف الإمام يصل إلى القمة في تحديده نقطة البدأ وعامل الضمانة للمسيرة باتجاه هذه الأهداف فيوضِّح ما لعلماء الإسلام أمناء الرسل من دور عظيم وجسيم الأمانة التي يحملونها في أعناقهم , فيقول في نفس بيانه هذا :

" إن الدفاع عن إستقلال الأقطار الإسلامية وشجب الظلم والتعسف واستنكار التحالف مع أعداء الإسلام والتبرؤ من إسرائيل وعملائها أعداء القرآن المجيد هي من صلب واجبات رجال الدين وعلماء الإسلام "

بعد انتصار الثورة الإسلامية

تنتصر الثورة الإسلامية (1399 – 1979 ) وتسقط أكبر قلاع الإمبريالية الأميركية , وتكون القدس حاضرة في هذا الإنتصار العظيم بالشعار الكبير :

" اليوم إيران وغدا فلسطين "

وتندفع الجماهيرالمؤمنة تحرق السفارة الإسرائيلية وتطلب من المقاومة الفلسطينية استلامها وتحويلها سفارة لفلسطين وإلى تعيين أول سفير لفلسطين في العالم .

إنَّ فلسطين حاضرة في إيران الثورة قبل إرساء معالم النظام أو شكل السلطة وقبل أي إستفتاء أو إنتخابات ويتجلى ذلك بإعلان الإمام الخميني ومجلس قيادة الثورة :

- قطع العلاقات مع إسرائيل

- قطع النفط عن إسرائيل

- إعلان إيران دولة مواجهة مع إسرائيل

-السعي مع المقاومة الفلسطينية ودول جبهة الرفض لأخذ مواقع قتالية ضد إسرائيل

وينطلق الإمام الخميني عام الانتصار من واجبه الشرعي كمرجع إسلامي ومن ثقته بوعد الله أنَّ القدس يحررها عباد الله المخلصين , وتوحيدا لكلمة المسلمين ودفعا للجهاد ضد إسرائيل من موقع الإسلام لا من موقع الأمم المتحدة او غيرها ليعلن نداءه الشهير يإعلان يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان كل عام يوما للقدس الشريف لتكون قلوب المؤمنين وأفكارهم موحدة بإتجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين , وليكون هذا اليوم محركا للهمم والسواعد نحو الجهاد في سبيل الله ضد اليهود ودولتهم الغاصبة .

العارفون بالإسلام يدركون أهمية هذا الإختيار ففي يوم القدس تأتلف مجموعة من القيم الإسلامية :

الأرض التي باركها الله وما حولها

الجهاد الأصغر والأكبر

الشهادة في سبيل الله

فأيُّ مصادر لإرعاب اليهود الغاصبين وأسيادهم وعملائهم هي هذه القيم مجتمعة في يوم القدس .

...

هذه هي ملامح يوم القدس العالمي: دعوة للجهاد والتحرير

أمَّا في المقابل وقبل مرور سنة على إعلان الإمام الخميني يوم القدس قام النظام العراقي بقيادة صدَّام حسين - ودعم دول الخليج العربي المقرة والنادمة لاحقا- بشن ما أسماه ( قادسية صدام ) لعرقلة استقرار النظام الإسلامي ومنعه من الوصول إلى القدس خدمة للقوى الكبرى وإسرائيل , وتردُّ الجمهورية الإسلامية بتسمية معاركها معه معارك الدفاع المقدس و(الطريق إلى القدس) .

وفي هذه الأثناء تنكشف أوراق كامب ديفيد وقمة بغداد ومشاريع أخرى , هذه الأوراق التي سعت للإعتراف باسرائيل , وتقع مع الأسف قوى وطنية وتحررية فلسطينية وعربية في فخ الألاعيب السياسية , بل وتوشك شعوب أن تقع أسيرة الإعلام المضلل وما زلنا نعاني من هذا الإنقسام رغم كل الوضوح في الإفتراق بين ملامح المعسكرين معسكر القدس ومعسكر اليهود الغاصبين لها .

وهكذا تظهر ملامح يوم القدس العالمي دعوة للجهاد والتحرير والوحدة على اساس الإسلام, ولهذا يجب إحياء هذا اليوم بكل الوسائل الممكنة وعلى صعيد عالمي لتجديد العهد مع الله على الدفاع عن حرمات الإسلام كلها.

وقد بين الإمام الخميني هذا المعنى في بياناته بالمناسبة في السنوات اللاحقة :

" إن يوم القدس يوم عالمي وليس يوما يخص القدس فقط بل هو يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين "

"يوم القدس هو يوم الإسلام ويوم إحياء الإسلام فلا بد من إحيائه والسعي لتنفيذ قوانين الإسلام وأحكامه"

" يوم القدس يوم نحذِّر فيه القوى العظمى بأن الإسلام لن يقع بعد هذا تحت سلطتكم بواسطة عملائكم الخبثاء"

ويشدِّد الإمام القائدعلى مسلمي العالم في إحياء هذا اليوم لمعانيه القيِّمة وآثاره العملية فيقول:

" إذا رفعت الجماهير المسلمة البالغة مليارا شعارها فإن إسرائيل ستهاب حتى من صياح هذه الجماهير. عندما يخرج المليار مسلم هاتفين في يوم القدس الموت لأمريكا الموت لإسرائيل فإن هؤلاء سيموتون"

واليوم (1985) ونحن على مشارف الإنسحاب الإسرائيلي الثالث من لبنان , نستطيع وبوضوح أن تلمس

آثار موقف الإمام الخميني ودعوته بهذا الخصوص في موقف العلماء المجاهدين والشباب المؤمن الثائرين يوم السابع عشر من أيار في مسجد الإمام الرضا – بئر العبد في بيروت , وتتجسد آثار موقف الإمام في اعتبار "التبري من إسرائيل وعملائها أعداء القرآن المجيد هي من صلب واجبات رجال الدين وعلماء الإسلام" بالشهادة الصارخة للشهيد السعيد الشيخ راغب حرب الذي أطلق شعاره " الكلمة موقف والمصافحة إعتراف" .

وبانطلاق فصائل المقاومة الإسلامية تزرع الأرض وتجوس خلال الديارليطير صواب العصابات الصهيونية فتعتقل العلماء العاملين والشباب المجاهدين ثم ها هي تطلقهم صاغرة وعلى جباههم سيماء المجد والفخار .

إن المسيرة التي إنطلقت كان ليوم القدس على مدى السنوات الست الأخيرة وخاصة منها سنوات الإحتلال لأرضنا الحبيبة أثر إيجابي هام في التحرير فندعوكم لإحياء هذا اليوم بما يسهم إن شاء الله في تحرير بقية الأرض الإسلامية من خلال تعميق الإلتزام بالطاعة لله عز وجل في مواجهة إسرائيل كموقف شرعي عبر المسيرات والندوات والتدريبات راجين من المولى عز وجل دوام التوفيق لأمتنا الإسلامية وإطالة عمر إمامنا الخميني حتى تقر عينه بحكومة العدل الشاملة على يد الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف .

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور