نماذج استخدام المصحف في غير القراءة التعَبُديّة:
أدوات الاستشفاء[1]
بالقرآن الكريم هي قسم من أقسام متحف صُحُف القرآني،
ومن نماذج استخدام المصحف وآياته في غير القراءة
التعَبُديّة[2]، وهو (الإستشفاء) سُنّة نبوية أصلها
قرآني.
توجد
روايات عن أهل البيت عليهم السلام بكتابة آيات معيّنة على رقعة وتعليقها على
البدن، أو بكتابتها بمداد (حبر) طاهر مثل المركّب من الزعفران وماء الورد على
السطح الداخلي لإناء أو على ورق ومحو المكتوب بالماء وشربه وهي ما تعرف
بـ"آيات المحو"[3].
ويكون الإستشفاء
أيضاً بالتلاوة وهي "الرُقية"، وقد ورد في الحديث الصحيح أن سورة
الفاتحة فيها الشفاء فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) أنّه قال لجابر بن عبدالله الأنصاري: "ألا أُعَلّمُكَ أَفْضَلَ سُورَة
أَنْزَلَهَا اللهُ في كِتَابِهِ؟ قَالَ جَابرُ: بَلى بِأَبي أَنْتَ وَأُمّي يَا
رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِيهَا. فَعَلَّمَهُ الْحَمْدَ أُمَّ الْكِتَابِ، وَقَالَ:
هِي شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاء، إِلاّ السَّامَ، وَالسَّامُ الْمَوْتُ"[4]، وكذلك آية الكرسي، وسورة الإخلاص،
والمعوذتين.
يمتلك معرض ومتحف صُحُف مجموعة من هذه الأدوات مصنوعة في عدد من الدول الاسلاميّة مع الخصوصية الثقافية للمجتمعات التي أنتجتها تَظْهَرُ مجتمعة في الصورة الأولى.
مما عَرَفَتْه المجتمعات الإسلامية من نماذج
استخدام الآنية الاستشفائية المكتوب عليها كان "الطاسة" أو "طاسة
الرَعْبَة"؛ وهي عبارة عن إناء مُقَعّر من نحاس أو من معدن آخر، تُنقَش على
جوانبه الداخلية آية الكرسي والمعوذتين، ويزيّن الإناء أو الطاسة بزوائد كهلال ونجمة خماسية ومجموعة مفاتيح كما في الصورة الثانية، ويختلف التزيين
من مجتمع لآخر.
وقد
وَجَدْتُ في مصر ما يدعى "ملعقة الشفاء" محفوراً على موضع الأكل منها
ظَهراً وبَطناً آيات الشفاء القرآنية.
أمّا
الصورة الثالثة فهي لإناء خزفي مُزجّج[5]
مصنوع لنفس الغرض وهو من مقتنيات متحف الآغا خان. تمّ تشكيل الإناء على شكل أحد
جانبي صَدَفة اللؤلؤ واستخدم التزجيج لإضافة لمعية الصدفة الداخلية، وجاء في
تعريفه أنّ الفنّان صمّم ثماني دوائر انطلاقاَ من نقطة مركز مشترك في وسط الإناء،
لكنني أرى - رغم وجود خصوصية مُدّعاة للرقم ثمانية في القرآن الكريم[6] - أنّها قرص كامل تامّ
باستيفاء الفراغ بالكتابة في قعر الإناء أحاطت به سبعة أشرطة دائرية كأنها الأرض
تحيطها سبع سماوات، وكتب صانعها فيها الآيات القرآنية التي يُرجى بها الشفاء بخطوط
النسخ والكوفي المورّق، وقد أبْرَزَ خط النستعليق بصورة أوضح.
جعل
الصانع لهذا الإناء في طرفه العلوي طيّةً تشبه طرف التصاق جانبي صدفة اللؤلؤ
كَسَرت الإستدارة، لكنه وظّف هذه الطيّة لتستعمل كموضع للشفتين، وهذ التفسير أخَصّ
وأقرب إلى الثقافة الإسلامية القائلة بتنزيل الماء من السماء طهوراً وشفاء من
عَدّها ثمانية التي يُراد منها الإعجاز أو التحدي إذ لا معنى لهما هنا.
أمكن التعرّف على أكثر السور والآيات المكتوبة
وهي:
تمام سور(الكافرون – الإخلاص – الفلق - الناس) ، ومن
سورة التكوير: الآية 17، ومن سورة القلم الآيتان 51-52، وبداية سورة الفتح.
جديدنا في هذا القسم من متحف صحف القرآني هو من
إيران: مجموعة أواني زجاجية للشرب (أكواز وكؤوس[7]
مختلفة الأحجام والأشكال)، يجعل فيها الماء بنية تحصيل بركة مجموعة من السور
والآيات التي حُفِرَت عليها يدوياً من الداخل بخط نستعليق تحريري ، وهي:
سورة الحمد.
سورة التوحید.
سورة الکافرون.
سورة الفلق.
سورة الناس.
سورة القدر.
آیة
الکرسي (الأيات 255 و256 و 257 من سورة البقرة على القول بوحدتها).
الآية 35 من سورة النور اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ
كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا
شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ
نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
الآية 28 من سورة النور الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ
بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
الآية 82 من سورة الاسراء وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ
وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا.
الآيتان 2 و 3 من سورة
الطلاق وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ
لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ
بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.
اوّل سورة مريم.
الشيخ علي خازم، الإثنين، 13 ذو القعدة،
1443 - 13 حزيران، 2022 .
[1]
وفي عالم الاستشفاء بالقرآن الكريم ما يُعْرَف
بـ "آيات الشفاء"؛ ستّ آيات ذُكرت فيها كلمة (شفاء) وما اشتُقّ منها،
تُقرأ على المريض رجاء أن يشفيه الله تعالى وهي:
-
(وَيَشْفِ
صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) التوبة/14.
-
(وَإِذَا
مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء/80.
-
(قَدْ
جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) يونس/57.
-
(يَخْرُجُ
مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ)
النحل/69.
-
(وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء/82.
[2] والمقصود منها التلاوة الواجبة في الصلاة
والتلاوة التدبّرية المستحبّة في ذاتها بدون أي غرض غير القربى الى الله.
[3]
آيات "المحو":
" • بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم
الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ *
الرّحْمنِ الرّحِيمِ * مَلِكِ
يَوْمِ الدّينِ * إِيّاكَ نَعْبُدُ
وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا
الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ
الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ
الضّآلّينَ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ
الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الأرْضِ مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ
مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ
إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيمُ.
وتكتب معها الآيات التي تتناسب مع الحال مثل:
" قَاتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ
وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مّؤْمِنِينَ يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ
مّوْعِظَةٌ مّن رّبّكُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِي الصّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ
لّلْمُؤْمِنِينَ وَأَوْحَىَ رَبّكَ إِلَىَ
النّحْلِ أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ وَمِمّا
يَعْرِشُونَ * ثُمّ كُلِي مِن كُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً
يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ
إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا
هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظّالِمِينَ إَلاّ
خَسَاراً وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ
يَشْفِينِ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً
أعْجَمِيّاً لّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ قُلْ
هُوَ لِلّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيَ
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مّكَانٍ
بَعِيدٍ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ
الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُواً أَحَدٌ قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا
خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي
الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ
الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنّةِ
وَالنّاسِ" وتختم بـ "اللهم رب الناس أذهب البأس واشف انت الشافي ، لا
شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما".
[4]
مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، مقدمة
سورة الحمد.
[5] تزجيج الخزف عبارة عن عملية إضافة كمية من
المينا المزجج (مزيج زجاجي مسحوق قابل للتذويب والتلوين) إلى الخزف وصهرها معه
بحيث تتشكل طبقة لمّاعة على السطح.
[6] مع الرقم ثمانية (بحث إعجازي
عددي) : أبو الخير عماري https://www.yabeyrouth.com/4308-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85-%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A5%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9%8A-%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D9%8A
وانظر
أيضاً: الرقم المعجزة -
إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي https://quranway.com/article/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A9
[7] الكوز ما له عروة يمسك بها بخلاف الكأس.