توفيق رباني يساعد في محاولة تحديد عمر مخطوطة برمنجهام القرآنية
كتبت سابقا تحت عنوان "تعريف مخطوط برمنجهام القرآني - لأول مرة على
النت الصفحات الأربع مقارنة مع ما يماثلها بالرسم العثماني" [1] وهذه متابعة له بعد أن وفقني الله الى نص يتحدث عن السلسلة التي تفصل بين سورتي مريم وطه كما تلاحظونها في الصورة:
قراءة البروفسور ديفيد توماس للورقتين
في محاولة لتأريخهما:
أحد الدارسين وهو البروفسور ديفيد توماس ، الأستاذ المختص في المسيحية
والإسلام قال في مقابلة مع البي بي سي: "هذه الأجزاء من القرآن التي كتبت على
هذه الرقائق، يمكن، وبدرجة من الثقة، إعادة تاريخها إلى أقل من عقدين بعد وفاة
النبي محمد، إذ تشير السيرة النبوية إلى أن الوحي أنزل على الرسول محمد بين 610
و632 ميلادي، وهو تاريخ وفاته". ويضيف البروفيسور توماس أن "العمر
التقديري لمخطوط برمنغهام ( برمنجهام) يعني أنه من المحتمل جدا أن كاتبه قد عاش في
زمن النبي محمد".
ملاحظاتي:
تم جمع القرآن الكريم وتوحيد المصحف العثماني سنة 30 هجرية أي سنة 650 ميلادية وهذه نقطة أساسية في محاولة التأريخ.
الصفحات مكتوبة بالخط الحجازي الاول وبالرسم المعروف لاحقا بالرسم العثماني
على رق من جلد حيوان وبالحبر الاسود الذي تغيّر لونه بعض الشئ.
تتميز الصفحة الثالثة بالفصل بين سورتي مريم وطه باستخدام اللون الأحمر في
رسم الفاصل (السلسلة والخط المتعرج) وكذلك في كتابة السطر الأول من سورة طه.
وجدت نصا لأبي عمرو الداني في كتابه المحكم في نقط المصاحف يصرح فيه عن
عبدالله بن الحكم بأنه رأى نسخة تعود لجد الإمام مالك بن أنس[2] فيها وصف السلسلة : ".. مُصحفا محلى
بِالْفِضَّةِ ورأينا خواتمه (بعد ختام كل سورة) من حبر على عمل السلسلة فِي طول
السطر، قَالَ ورأيته معجوم الْآي بالحبر وَذكر أَنه لجده وانه كتبه إِذْ كتب
عُثْمَان الْمَصَاحِف"[3].
النَقْطُ لبعض الحروف والفصل بين الآيات بخمس نقاط مجتمعة قد تكون إضافات
متأخرة عن الزمن التقديري للنسخة، لأنهما كما هو معلوم أمران متأخران في كتابة
المصحف عن هذه الفترة الزمنية، إلا أن ننسف فكرة تأخر النقط والفصل من أساسها
لنقول إن تأريخ عمر الرق يدل على تأريخ الكتابة وأن هذه الإضافات أصلية ومزامنة
للمتن وأن بقاء الرق والكتابة عليه بعد زمن طويل امران عاديان وثابتان بالوجدان
فلا مانع من كونها (النقط والفصل) أصلية، خاصةً مع اكتشاف كتابات مبكرة (موازية
زمنيا) منقوطة.
وأقول باعتبار أن اكتمال تنزل القرآن الكريم بوفاة النبي صلى الله عليه
وآله كان سنة 11 هجرية 632 ميلادية، وباعتبار ان التتابع بين سورتي مريم وطه يجري
وفق ترتيب المصحف العثماني وبلا فاصل يعتد به يسمح باضافة ما كان صلى الله عليه
وآله يأمر باضافته من آيات عند نزولها الى موضعها من السور كما نعرف من السيرة، وباعتبار
أن سنة 11 هجرية شهدت نزول الآيتين 58 و79 المدنيتين من سورة مريم المكية أَستظهرُ
انّ تأريخ نسخة برمنجهام ب 645 ميلادية هو الأقرب وهي سنة 25 هجرية أي بعد وفاة النبي
صلى الله عليه وآله ب 14 سنة في أيام ولاية الخليفة عثمان بن عفان، بل ربما يمكنني
القول انها بعد هذا التاريخ بما لايقل عن خمس او ست سنين لأن أمره بتوحيد المصحف
وتوزيع نسخته على الامصار وحمل الناس على قراءة واحدة كان في سنة 30 هجرية 650
ميلادية. وبذلك تعد من أقدم نسخ أوراق المصحف الشريف وما يعرف اصطلاحا
ب"المصاحف المُبَكِّرة" ، لتكون بذلك مزامنة لمصحف عثمان الذي أتمته
الجماعة التي كلفها بذلك بناء على نص عبدالله بن الحكم عن الإمام مالك :" وَذكر أَنه لجده وانه كتبه إِذْ كتب عُثْمَان
الْمَصَاحِف" فهل تكون هذه الصفحات من تلك النسخة؟ .
[3] " قَالَ عبد الله بن عبد الحكم وَأخرج إِلَيْنَا مَالك مُصحفا محلى
بِالْفِضَّةِ ورأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة فِي طول السطر قَالَ ورأيته
معجوم الْآي بالحبر وَذكر أَنه لجده وانه كتبه إِذْ كتب عُثْمَان الْمَصَاحِف
": أبو عمرو الداني:المحكم في نقط المصاحف ، ج1 ص 17 ، تحقيق د.عزة حسن، دار
الفكر ،دمشق 1407 هـ.