الاثنين، أبريل 09، 2018

التنميط والتصفيت والتسفيط


التنميط والتصفيت والتسفيط
"مَرّة من زمان شافتني إمي بالصاية[1] في الطريق  فسألتني وين عبايتك؟ قلتلها تركتها بالسيارة, قالتلي لَهْ يا إمي عيب ! ما بقا تضهر بلاها".
أمي لا تعرف التنميط ولا الصورة النمطية ولم تسمع بهما ولو ذكرتهما لها لظنت على المحمل الحسن أنني أتحدث عن التصفيت وهو في العامية كما في الفصحى النظم في صفوف, ولم تسمع بالتسفيط كما الكثير وهو تطيين الحوض وإصلاحه, فسكتُّ ووعدتها ألا أفعلها ثانية حتى لا تذهب إلى محمل آخر وقد صار سمعها خفيفا مع تقدمها في السن.
أمي تعرف صورة لعالم الدين ولا ترضى بتعديلها, وهي تعرف ما ينبغي أن يكون منطقه وسلوكه بقياسه على علماء جاوروا بيت أبيها في برج البراجنة أمثال الشيخ محمود عباس (1867م – 1935م) والقاضي السيد محمد ابراهيم الحسيني (كان في منصب مستشار منتدب في المحكمة الشرعية الجعفرية العليا سنة 1931, لم أصل إلى سنتي ولادته ووفاته)  والسيد محمد حسن فضل الله (1893م. - 1973م) رحمهم الله وكانوا من العلماء المجتهدين البارزين ومن الزهّاد الورعين, كما أنها تعرف وتذكر بعض من لم يحتط لسمعته في تلك الفترة.
لن تقبل أمي كلاما عن تغيير في صورة عالم الدين ولا في تركه الاحتياط لصورته وأنا لن أقبل.
اليوم صباحا سألتني وقد صرت في غرفتها "ليش مش لابس عبايتك ؟ ثم علَّقَتْ: بَرْدْ يا إمي".
اختلف الموضوع فاختلف الحكم والتكليف: في الطريق عيب ولا تعد لمثلها أما في البيت فبرد.. انتبه لصحتك.
"هلقد الشغلة".
ع.خ,‏الأحد‏، 08‏ نيسان‏، 2018

==========================
[1] من الزي الديني لعلماء المذهب الشيعي مثل الجبة لكن مفتوحة عند الصدر وأشبه بما يعرف بالقمباز, كانت تُلبس تحت الجبة وفوقهما العباءة المناسبة للفصل من السنة حتى بدأ التخفف في ستينيات القرن الماضي وصار العالِم يكتفي بإحداهما مع العباءة ويقال إن أول من قام بذلك من كبار العلماء في العراق هو الشهيد السيد محمد باقر الصدر, وقد تجرأ المرحوم الشهيد الشيخ راغب حرب فكان أول من تركهما صيفا مكتفيا بالدشداشة والعباءة طبعا مع العمامة التي لا يترك اعتمارها.


ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور