عصا المارشال
عرفها العرب
باسم المِخْصَرَةُ, وهي قَضِيبٌ يُشار به في أَثناء الخَطَابة والكلام ، جاء في معجم تاج العروس : المِخْصرَة : كانَت من شِعَارِ المُلُوكِ والجَمْعُ
المَخَاصِرُ .
اتخذها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وأهداها إلى أحد الصحابة, لكنني وجدت تعريفها
في معاجم اللغة العربية القديمة بما لا يمكن معه تمييزها عن غيرها من العصي رغم
أنهم أجمعوا على كونها " شِعَارِ المُلُوكِ ", واختص الجاحظ العصا بفصل في كتابه البيان
والتبيين.
جاء في القرآن الكريم عن النبي سليمان عليه
السلام وكان ملكاً: فَلَمَّا قَضَيْنَا
عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ
مِنْسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ, سبأ[14]
فللآية دلالتها التأريخية ولعل
استعمال المنسأة دون العصا كما في قصة النبي موسى عليه السلام دلالة على أنها كانت
من آدوات الملك وكان يشير بها إلى الجن في تكليفهم بأعمالهم.
وقد أتاحت لنا الدراسات التاريخية المعاصرة ل"عصا
المارشال" معرفة أنها عصا يحملها الضباط
رفيعو المستوى العسكريّ, عُرفت عند الفرس والرومان والمصريين وجاءت
صورها ووصفها بما يدل على أنها قصيرة لا تصل إلى الأرض بل تبقى مرفوعة عنها وممسوكة
عند الخصر , فهي غير العصا العكاز وعصا الراعي وما إليها.
حملها الضباط رؤساء
وأعضاء مجالس الثورة مع الإنقلابات العسكرية في أكثر الدول العربية بعد أن اتخذوا
رتبا عسكرية لا وجود لمقابلها في أعرق الجيوش ك"المشير", وأشاروا بها
فكانوا كما قال الشاعر:
يَكادُ يُزِيلُ
الأَرْضَ وَقْعُ خِطَابِهِمْ
... إذَا وَصَلُوا أيْمَانَهُم بالمَخَاصِر
لكنهم لم يتجاوزوا عن "يكاد" فسَلَبَنا
الصهاينة فلسطين ولم ينفعنا " وَقْعُ خِطَابِهِمْ" : ولا إشارتهم " بالمَخَاصِر".
عصا المارشال ليست عصا سحرية, العزيمة هي
السحر كله.
ع.خ,الجمعة، 04 تشرين الثاني، 2016