فرقعة إعلانية زعمتها إحدى الفضائيات العربية فيما الكثيرون من اللبنانيين فاجأهم الخبر وغالبيتهم لم يعرفوا مفاعيله فضلا عن أن يسعدوا به وهذه جملة من الملاحظات حوله :
أولا : إن ذكر طائفة أو مذهب اللبناني لايظهران إلا على سجلات قيد النفوس وبالتالي فإنهما يظهران على نموذج إخراج القيد الذي يطلبه المواطن لتقديمه الى الجهات المعنية التي تصر عليه في لبنان: لبنانية كانت أو أجنبية ,حتى للإستحصال على فيزا عربية أو غربية فلا تكتفي السفارات ببطاقة الهوية أو جواز السفر اللذان لا يوجد عليهما خانة للدين أو المذهب.
ثانيا : اين هو الإنجاز في هذه الخطوة وبديلها بسيط: الإمتناع عن تقديم اخراج القيد أو إصدار قانون بإلزام الجهات المعنية التي لامبرر لديها للتعرف على مذهب الشخص بالإكتفاء ببطاقة الهوية أو جواز السفر كالسفارات مثلا عربية وأجنبية.
ثالثا : أين هو العيب في إبراز دين الشخص أو مذهبه إلا أن يكون الشخص نفسه يتعيب من دينه ومذهبه الموروث واذا كان الأمر كذلك فهي مشكلته.لأن الطرف المقابل إن كان طائفيا فلن يصعب عليه معرفة ذلك من اسم عائلته وبلدته.
رابعا : كما قال الوزير بهيج طبارة " إنَّه (القرار) يطرح بالمقابل إشكاليات عديدة على مستوى التطبيق، فهو لا يسري على المرشحين للانتخابات النيابية، ولا التعيينات الإدارية ، ولا على الزواج ، ولا على الإرث " .
خامسا : المشاكل الإجتماعية في لبنان كثيرة ومتنوعة واللبنانيون من كل الطوائف ضحاياها دون استثناء وهي أعقد وأبعد عن أن تحل بالفرقعات الإعلانية .
سادسا : إن المشكلة الحقيقية هنا تكمن في التعصب نفسه وهذا مظهر جديد له فالتعصب لادين له والإنجاز الجديد إيجاد متعصبين ضد ذكر الدين في إخراج القيد ....هكذا وبكل بساطة سينتقل اللبنانيون الى خلاف سخيف جديد وينسون الفقر والمرض والتعليم وفرص العمل التي تسوي بينهم حقيقة.
سابعا : يقال في ضرب المثل الفرنسي : "إن أعماق جهنم مملؤة بالأشخاص حسني النية" فيما نعرف في تراثنا الإسلامي أنه إذا ساء الزمان فسؤ الظن من محاسن الفطن , ولنذكر بعض ما يدعوا الى الريبة في خلفيات هذا القرار:
أ - لبنان قادم بناء لطلب من الهيئات الدولية على إنجاز إحصاء سكاني رسمي يلغي كل التكهنات الرقمية والمبالغات فلماذا يستبعد أن يكون هذا القرار استباقا للنتائج؟
ب - يجري الإعداد لتحريك مشروع إقرار الزواج المدني الإختياري برلمانيا , وكانت ثمة دعوة لتنفيذ مرحلة تجريبية أوضحنا مخاطرها في حينه وأنها من الألاعيب السياسية اللبنانية الممجوجة على طريقة فرض الأمر الواقع , وهي من الألاعيب القاتلة هنا لأنها تتعلق بالحياة الزوجية ومفاعيلها على أجيال يحرم التجريب بمستقبلهم إرضاء لشهوات وأمزجة بعض الأشخاص .
ج - للتذكيرفقط فإن الطوائف المسيحية في لبنان تملك سجلات نفوس خاصة بها تحت عنوان تسجيل عمادة الأطفال(تنصيرهم وفقا للطقوس الكنسية الخاصة بكل طائفة ) أو التزويج والوفيات ويرجع إلى هذه السجلات في حالات معينة مثلا عندما ينتقل أحد المسيحيين الى الدين الإسلامي فإنه لا يتم شطبه منها وتترك الفرصة لإستعادة أبنائه لاحقا وبحسب ما نعرفه فإن إرثه من أهله يبقى معلقا على عودته أو عودة أحد أبنائه .
كونوا حسني النية ولكن لاترتبوا عليها أثرا عمليا إلا بعد إعمال عقولكم , وانتبهوا أنتم في لبنان ولستم في السماء!
الخميس 17 صفر 1430هـ - 12 فبراير 2009م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق