شعر عن
كتابة القرآن الكريم يدل على نسخة مصحف مخطوط في القرن السابع الهجري
قرأت
ان عبد الله بن عبد الظاهر الجذامي المصري (620 هـ / 1223 م - 692 هـ - 1292 م) كتب
مصحفا، وكان بارع الكتابة في قلم الرقاع (أصل خط الرقعة)، فلما انتهى كتب في جلد
المصحف :
إنّي كتبتُ
خَتمةً حرّرتُها كما ترى
لله قد
نذرتُ ما في بطنها مُحرّرا.
قال
عنه الصفدي في كتابه الوافي بالوفيّات:" الكاتب الناظم الناثر شيخ أهل الترسل
ومن سلك الطريق الفاضلية[1]
في إنشائه"، و"الكاتب" صفة حسن الخط، وكان من فرط علاقته بالخط
يعتبره وأدوات الكتابة مقياساً للجمال فمن ذلك إدراجه مفردات أنواع الخط والكتابة
وأدواتها في شعره الغزلي وقد جَعَلْتُها بين مزدوجين:
"مُفْرَدٌ"[2]
في جَمالِهِ إن تَبدّى خَجِلَتْ منهُ "جُمْلَةُ"[3]
الأقمارِ
كيف
أرجو الوفاء منه وعاملــتُ غَريماً من لحظِهِ "ذا انكسارِ"[4]
ذو
"حَواشِ"[5]
تلوحُ من "قَلَمِ الريــحانِ"[6]
في خَدّه فَجَلَّ "الباري"[7]
فيه
وَجدي "مُحَقَقٌ"[8]
وسلوي وكَلامُ العذولِ ِمثلُ "الغُبارِ[9]"
فلساني
في وَصفِه "قلمُ الشَعْــرِ"[10]
و"رَقّيَ"[11]
المكتوبُ ب"الطومارِ"[12]
.
وكان
عبد الله بن عبد الظاهر يتولى ديوان الإنشاء للظاهر بيبرس الأوّل وكتب عنه "
الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر " (ولد بيبرس الأول نحو عام 620 هـ /
1223م وتوفي يوم الخميس 27 محرم 676 هـ / 2 مايو 1277 م ).
توجد
نسخة مصحف خطية مشهورة باسم مصحف الظاهر بيبرس في المكتبة البريطانية (الصورة)
لكنها ليست له بل لمحمد بن الوحيد كتبها في القاهرة بين 704- 705 هجرية / 1304 –
1305 ميلادية للظاهر بيبرس الثاني وقام بتذهيبها أبو بكر محمد بن المبادر المعروف
بصندل وآيدغدي بن عبدالله البدري.
أمّا
مصحف عبدالله بن الظاهر الذي ذُكِرَ في البيتين فلم أصل اليه، ولعلَه يوجد في
"المخطوطات الأزهرية" فمن استطاع ذلك وأتحَفَنا به كان أجره على الله.
الشيخ
علي خازم، الخميس، 19 جمادى الأولى، 1443 - 23 كانون الأول، 2021 .
[1] الطريق الفاضلية في الإنشاء" تنسب
إلى عبد الرحيم البيساني، المعروف بالقاضي الفاضل (526هـ - 596هـ) أحد الأئمة
الكتَّاب، ووزير السلطان صلاح الدين الأيوبي، وهو صاحب المقولة المشهورة التي تنسب
خطأ إلى العماد الأصفهاني:" إنِّي رأيْتُ أنَّهُ لَا يَكتُبُ إنْسانٌ كِتَابًا
فِي يَوْمِهِ إلَّا قالَ فِي غَدِهِ : لوْ غُيِّـرَ هذَا لكَانَ أَحسَنْ، وَ لوْ
زِيدَ هذا لَكَانَ يُسْتَحْسَنْ، وَ لَوْ قُدِّمَ هَذَا لَكَانَ أفْضَلْ، و لَو
تُرِكَ هَذَا لَكَانَ أَجْمَلْ، و هَذا مِن أعظَمِ العِبَرْ، و هوَ دَليلٌ علَى
استِيلَاءِ النُّقْصِ علَى كافَّةِ البَشَرْ".
[2] مفرد: الحرف مستقلاً.
[3] جملة: الحرف مضافاً إلى غيره.
[4] ذا انكسار: صفة للخط وللقلم.
[5] ذو حواشِ: حواش أو حواشي جمع حاشية وهي البياض في أطراف
الصفحة.
[6] قلم الريحان: نوع من أنواع الخطوط"، و"القلم"
يقال للخط ولما يُكْتَبُ به سواء بسبب اختلاف الأقلام في كتابة بعض الخطوط.
[7] الباري: مشترك لفظي بين صفة الله تعالى البارئ وبين اسم
الفاعل من بري القلم.
[8] خط المُحَقّق من أشكال خط الثُلُث.
[9] الغبار: خط دقيق جداً يشبه الغبار في دقته كتبت به
الرسائل التي كان يحملها الحمام الزاجل، واستخدمه بعض الخطاطين لإبراز مهارته
كالكتابة على حبّة الرز.
[10] قلم الشَعْر: القلم الدقيق كالشعرة ويُسْتَخدمُ في
التزيين والتذهيب.
[11] الرَق : ما كان يكتب عليه من جلود الحيوانات بعد
إعداده لذلك.
[12] الطومار: من أنواع الخطوط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق