مقابلة مجلة أجيال المصطفى مع سماحة الشيخ علي خازم أمين سر مجلس الأمناء - تجمع العلماء المسلمين في لبنان – 22-5-2009
تجمع العلماء المسلمين في لبنان أول هيئة علمائية في عالم الإسلام ضمت علماء سنة وشيعة قادوا معاً عملاً سياسياً وجهادا
الوحدة الإسلامية هدف ينبغي استكمال تحققه في حياة الأفراد والمجتمعات ومنهج عمل في الوقت نفسه
بناء الإنسان المثقف صناعة إلهية
نحن بحاجة إلى مبدعين كما أننا بحاجة إلى منتجين
كما شاهدنا صورة إقفال الجنديين الإسرائيليين لآخر بوابة بين لبنان وفلسطين المحتلة سنشهد صورة إقفال آخر باب لآخر وسيلة نقل تحمل المحتلين الصهاينة إلى البلاد التي دفعتهم إلينا
أدعو للإستفادة من سُنَّة المؤاخاة النبوية بعقد مؤاخاة بين مواطني العالم العربي والإسلامي ومؤسساته مع ابناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته
من كان بلا صديق فلسطيني فليراجع نفسه في صدق تبنيه للقضية الفلسطينية
1- بداية هل لنا سماحة الشيخ بفكرة عن دور التجمع والأهداف التي يسعى لتحقيقها؟
تجمع العلماء المسلمين في لبنان هو أول هيئة علمائية في عالم الإسلام ضمت علماء سنة وشيعة قادوا معاً عملاً سياسياً وجهاداً , كان هو محور تأسيس حركتهم هذه ونشأت إثر الإجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 .
يهدف التجمع إلى ترسيخ مفهومي الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية والدفاع عنهما وإلى توحيد العمل الإسلامي، والعمل على بناء شخصية العالم والعامل المجاهد والمخلص وإبراز دوره القيادي في جهاد الأمة وإرادة التحرر وإبلاغ كلمة الله تعالى وحث الأمة على الانقياد له من هنا يتعاظم دورالتجمع في تبني القضية الفلسطينية وقضية المقاومة حيثما وجدت .
يعمل التجمع على سد الثغرات الثقافية في برامج العاملين وثقافة المسلمين، واتخاذ المواقف المناسبة من كل ما يهم الناس مما يراه التجمع مناسباً للمصلحة الإسلامية ، سواء من خلال عمله الخاص أو بالمشاركة مع الجهات الأخرى :
يظهر عمل التجمع المؤسساتي في مجموعة من الأنشطة المنتظمة , أهمها:
- لقاء دوري لأعضائه الذين يزيدون عن مئة وثلاثين عالما من مختلف المناطق اللبنانية ومن مواقع عمل متعددة كالقضاء الشرعي والتدريس وإمامة الجمعة والجماعة , حيث يتدارسون شؤون وشجون المسلمين محليا وعالميا ويتخذون منها المواقف المناسبة.
- "اللقاء الروحي التشاوري" الذي نشأ بمبادرة من التجمع ويضم ممثلين عن العائلات الروحية اللبنانية يجتمعون لتدارس قضايا تهم اللبنانيين في المفاصل المهمة من الوقائع والمجريات المحلية والاقليمية والعالمية.
- "مركز دراسات الوحدة الاسلامية" الذي يرصد القضايا والمسائل التي تهم المسلمين ويهيئ لدراستها وقد عقد فعلا عددا من الندوات والمؤتمرات صدرت أبحاثها في مجموعة من الكتب.
- عمل لجنة الثقافة والاعلام التي أصدرت مجموعة من الكتب وتشرف على صدورر مجلة "الوحدة الإسلامية" الشهرية وهي تعنى بالمواضيع الفكرية والإستراتيجية ويسهم في تحريرها أعضاء التجمع ونخبة من كتاب العالم العربي والاسلامي, ولها موقع الكتروني على شبكة الانترنت.
- موقع تجمع العلماء المسلمين الالكتروني الذي يعرض أخبارالتجمع وبياناته وكتبه .
كما إنه يعد لمجموعة من المؤسسات منها معهد دراسات الوحدة الاسلامية الأكاديمي المتخصص .
والتجمع عضو وشريك أساسي في مجموعة من المؤسسات والمؤتمرات الدائمة كمؤسسة القدس والمؤتمر القومي الإسلامي , إضافة إلى التزامه ببروتوكولات عمل مشترك مع مؤسسات عالمية , فضلا عن مشاركاته في الأنشطة العامة على الساحة اللبنانية.
2- ما هو دور الوحدة الإسلامية اليوم وكيفية تحقيقها وسط التحديات الكثيرة؟
تتجه أغلب دول العالم إلى الإعتماد على التشكيلات التي توحد الجهود في أكثر من إتجاه : ماليا وإقتصاديا وأمنيا وصولا إلى إلى العولمة الكاملة , وفي مقابل هذه التشكيلات تعتبر الوحدة الإسلامية الحصن الأساسي لحفظ دول ومجتمعات العالم الإسلامي وإلا فإنها ستجد نفسها تابعا أو فريسة . وعلى ذلك فإنَّ الوحدة الإسلامية هدف ينبغي استكمال تحققه في حياة الأفراد والمجتمعات ومنهج عمل في الوقت نفسه , أما كونها هدفا فمن حيث أن الله عز وجل بيَّن لنا في القرآن الكريم أننا أمة واحدة وأكدت على ذلك السنة المطهرة لكننا نعيش كمسلمين واقعا تتعدد فيه تشكيلاتنا كدول غيرمتحدة بل متخاصمة في أكثرمن اتجاه فما قصدته باستكمال تحقق الوحدة كهدف يعني السعي لتحقيقها كما أرادها لنا الله عزوجل , وأمَّا كونها منهجا فمن حيث أمرنا الله بذلك بقوله تعالى :( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا - النساء - الآية - 146 ) وقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا - النساء - الآية - 175 ) وقد بيَّن لنا نتائج إعتماد منهج مخالف بقوله تعالى :(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - الأنفال - الآية - 46 ). والمسؤولية عن ذلك تقع على عاتق الأفراد والمجتمعات والحكومات.
تحديات الوحدة كثيرة ومتعددة المصادرفمنها الخارجي ومنها الداخلي , والله عز وجل بيَّن لنا أنَّ سُنَّة الإصلاح تكمن في معادلة قوامها : (.. إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ - الرعد - الآية - 11)
3- ما هي نظرتكم للعمل الثقافي- التربوي وكيف يمكن بناء الانسان المثقف الذي يعيش هم أمته؟
العمل الثقافي - التربوي في لبنان عموما ذو طابع تعليمي نظري أكثر منه تأهيلي – عملي الذي هو الأصل في الثقافة لأنَّ المطلوب من المثقف غير المطلوب من المتعلم , فالمثقف سواء كان متعلما أكاديميا أو بالتحصيل الذاتي أو بهما معا هو القادر على مواجهة قضايا محيطه , بينما المتعلم تقتصر قدرته على خبرته الشخصية من تعليمه مما يجعل كفاءته محصورة في مواجهة ما تعلم مواجهته من قضايا , الأمر الذي يضعف عنده قدرة الابتكار . الاسلام يطلب منا التعلم ويطلب منا التعقل وبمفردة اسلامية موازية يطلب منا التفكر الذي يصل إلى مستوى العبادة.
إنَّ بناء الإنسان المثقف صناعة إلهية كما قال الله عز وجل عن سيدنا موسى عليه السلام (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي - طه - الآية – 39).
الثقافة عملية استمرارية بمعنى أنها استيعاب مستمر للخبرات العلمية والعملية لتوليد مهارات تؤهل للعيش كبشر مسؤولين في محيطنا المتنوع .
4- ما هو دور الفتاة المسلمة اليوم وكيف يمكن أن تؤديه وسط المغريات والأجواء الفاسدة والميوعة؟
الفساد على تنوع أشكاله طارئ على مجتمعنا وبذور الخير فضلا عن سنابله هي الأصل . من هنا فإنَّ للفتاة المسلمة المعتصمة بدينها دور حساس في حفظ صورة هذا المجتمع الأصيلة بما تمثله من أسوة لمثيلاتها وبتفهمها للواقع الذي يحاول أن يضغط على المجتمع ككل لتحويله عن الإلتزام بالقيم الدينية والأخلاقية إلى السعي خلف المنفعة العرضية.
إنَّ الحجاب والعفاف والمعرفة والإرادة القوية هي عناوين الفتاة المسلمة التي تحفظها وتحفظ المجتمع ككل من خلالها كأم وأخت وزوجة وصديقة من جهة أنها مفاتيح العلاقات الإجتماعية الأساسية إضافة إلى موقعها العملي .
وإنَّ الثقافة تؤهلها لتمييز الخادع من الواقع مما تدعى إليه , وتؤهلها للرأفة بالمخدوعات من محيطها فتعمل على ردهنَّ بالحكمة والموعظة الحسنة وأهمها أن تتمثل في حياتها سيدات بيت النبوة وفي مقدمتهن السيدة الزهراء عليها السلام .
5- بعد انتهاء الدراسة الثانوية يقف الطلاب أمام مفترق طرق,ماهي الاختصاصات التي ترى أنها حاجة للمجتمع ومصلحة للطالب؟
هذا السؤال يستطيع الإجابة عليه المعنيون في عدد من المراكز المتخصصة بالتوجيه العلمي , ولكنني أحب التذكير ببعض الضوابط التي ينبغي الإلتفات إليها والإعتناء بها ومنها :
- إنَّ رغبة الأهل بإختصاص معين تستحق من الأبناء الدرس , خاصة إذا كان باستطاعتهم مراكمة الخبرة العملية لولدهم التي تؤهله للتميُّز.
- نحن بحاجة إلى مبدعين كما أننا بحاجة إلى منتجين .الجمع بين الإختصاصات النظرية والأخرى التي تؤهل لسوق العمل أمر مطلوب ممن يجد القدرة في نفسه على ذلك .
- ينبغي الاطلاع على مستجدات سوق العمل فقد قرأت عن آلاف المهن التي انتفت وأخرى على الطريق والباقي يحتاج أربابها إلى تأهيل بمهارات جديدة , وهناك أعداد كبيرة من المهن المستجدة.إضافة إلى الفائض الكبير عن الاستيعاب في لبنان في بعض المجالات .
6- على أبواب ذكرى المقاومة والتحرير ماذا تمثل هذه الذكرى في وجدان اللبنانيين والعرب والمسلمين؟
عيد المقاومة والتحرير في 25 أيَّار نصر إلهي على طريق النصر النهائي , هكذا تختصر صورة النصر الذي تحقق عام 2000 بالانسحاب الاسرائيلي , وقد تأكدت هذه الصورة لاحقا في حرب تموز 2006 على لبنان وفي حرب غزة 2008 . كما شاهدنا صورة إقفال الجنديين الإسرائيليين لآخر بوابة بين لبنان وفلسطين المحتلة سنشهد صورة إقفال آخر باب لآخر وسيلة نقل تحمل المحتلين الصهاينة إلى البلاد التي دفعتهم إلينا .هذه الذكرى تهتف بنا إنَّ التوكل على الله والإستعداد بكل الاستطاعة من قوة والطاعة للقيادة تؤذن بالنصر النهائي القريب إن شاء الله.
7- في ذكرى النكبة تظل فلسطين والقدس القضية المركزية للأمة , كيف يمكن ترجمة هذه الرؤية إلى واقع؟
قضية تحرير فلسطين كلها قضية الأمة وقد استعيدت من أدراج العجز واندفعت بها الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية على طريق الجهاد . واليوم بعد الصمود الإستثنائي للفلسطينيين في وجه عملية الرصاص المصبوب نشهد محاولات إخماد هذه الإنتفاضة على أكثر من صعيد وبالتالي فإنَّ على الأمة أن تترجم التزامها في كل اتجاه سواء بالدعم المباشر أو غير المباشر , وبالضغط على الحكومات , وبالتشدد في مقاطعة بضائع ومنتجات الدول الداعمة لاسرائيل.
وإنني أدعو للإستفادة من سُنَّة المؤاخاة النبوية التي عقدها رسول الله صلَّى الله عليه وآله بين المهاجرين والأنصار في يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجة إلى عقد مؤاخاة بين مواطني العالم العربي والإسلامي ومؤسساته مع ابناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته في الداخل المحتل وفي الخارج . وكما قلت في مناسبة يوم القدس من كان منا في لبنان بلا صديق فلسطيني فليراجع نفسه في صدق تبنيه للقضية الفلسطينية .
بإمكانكم في مدرستكم عقد مؤاخاة مع أقرب مدرسة للاجئين الفلسطينين كما يسمونها .كذلك المستشفيات وما إليها وبهذه العلاقة تبقى القضية الفلسطينية واقعا نابضا بالحياة حتى التحرير الكامل إن شاء الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق