الأحد، يونيو 18، 2017

شهر رمضان والتغيير --- الشيخ علي خازم 1437 – 2016


شهر رمضان والتغيير
            الشيخ علي خازم 1437 - 2016

‏شهر رمضان والتغيير - 1 –

فرض الله الصوم وجعله طريقا للتقوى التي هي أساس الفضائل, لكنه تعالى نبهنا إلى أن الصوم قد لا يوصلنا إليها حيث قيَّدها بقوله تعالى "لعلَّكم" وهو يفيد الإحتمال بالحصول وبعدمه, الصوم عمل عبادي والتقوى أثر لأعمال عبادية (الصوم منها) وغير عبادية (كإزالة ما يؤذي الناس من الطرقات) .
 التقوى حالة نفسية ينبغي تحصيلها ليكون ما نفعله وحتى ما نترك فعله محاطا بها. مجتمعنا بصورته العامة حقق نقلات عظيمة وناجحة لكنه يحتاج إلى الكثير من التغيير ليطابق الصورة النموذجية عن المجتمع الإسلامي كما أراده الله تعالى. الصوم لا يكفي وحده لتحصيل التقوى ولا للاتصاف بالإيمان الذي هو أعلى مراتب الإسلام.
 أيها الصائم: صومك بينك وبين ربك, وعملك كذلك لكنه هو ما يعني الناس. قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبة استقبال شهر رمضان:
" أيها الناس، من حَسَّن منكم في هذا الشهر خُلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ".
تعالوا نستفيد من شهر رمضان لتغيير بعض السلوكيات السيئة على المستوى الفردي : بعضها نفعله فيؤذينا في أنفسنا أو يؤذي من حولنا, وبعضها لا نفعله فيؤذينا تركه ويؤذي من حولنا, وبعضها يجب تركه وفعل الأصلح في بابه, وهذه جميعها تدل على غياب حالة التقوى.
ع.خ,الإثنين، 06 حزيران، 2016‏
           

شهر رمضان والتغيير - 2 –

تضمن منشور الأمس ست قضايا لكن الغرض الأصلي كان طلب التغيير في سلوكنا وعاداتنا نحو ما يجب والأحسن والمفيد شخصيا واجتماعيا, دينيا وحضاريا.
فماذا يعني الناس من صيامي إذا كنت أؤذي جاري بوضع كيس الزبالة الذي يرشح سوائل الطبخ وبقايا الطعام عند مدخل شقتي لتصل إلى بابه وتسيل على الدرج بانتظار الناطور؟
وماذا يعني الناس من صيامي إذا كنت أؤذيهم بالتسبب في عرقلة السير بالتجاوز الممنوع الذي يسد السير المقابل؟
و وماذا يعني الناس من صيامكَ أنت سيادة مدير المكتب أوالمصنع أو السوبرماركت المؤذي للخادم فيها؟
وماذا يعني الناس من صيامكِ سيدتي الجميلة إذا كنت تؤذين خادمتكِ خصوصا الأجنبية الغريبة عن أهلها وتحملينها فوق طاقتها في شهر الصيام؟
صحيح أن صومنا قائم ولا يجب علينا القضاء, لكن السؤال الحقيقي هل هذا الصوم مقبول عند الله أو مردود؟ الجواب البسيط العامي: لو كان الأمر لي ما قبلته, وهو جواب النبي صلى الله عليه وآله عن الله, لنتدبر في المشهد التالي ولاحظوا معي الاهتمام بالخادمة والخادم في هذا الشهر:
" سمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تساب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله بطعام فقال لها: كلي! فقالت: أنا صائمة يا رسول الله! فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك؟! إن الصوم ليس من الطعام والشراب، وإنما جعل الله ذلك حجاباً عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم، ما أقل الصوام وأكثر الجواع " . وروي عن الإمام الصادق عليه السلام :" إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك من الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم ".
ولنقرأ بفهم الحديث القدسي : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ".
والحديث التالي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ والعطش، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ".
وعن الإمام علي علي السلام: " كمْ مِنْ صائِمٍ ليْسَ لَهُ من صِيامِهِ إلا الجُوعُ والظَمَأ ، وكمْ مِنْ قَائمٍ ليسَ لهُ من قِيامِهِ إلا السَهَرُ والعَناء ، حَبَّذا نَوْمُ الأكياسِ وإفطارهم" .
ولهذا الحديث الأخير صلة.
ع.خ,الثلاثاء، 07 حزيران، 2016

شهر رمضان والتغيير – 3 –

فلنراجع أنفسنا ليحسن صومنا إذا كنا من هؤلاء:
1. يرمي هو أو أهل بيته الأوساخ من البراندة على براندات الجيران والسيارات والطريق.
2. لا يمنع أولاده من التدبيك على الجيران الذين يسكنون تحته.
3. يستعمل الصوت العالي للتلفزيون والمسجلات.
4. يتسلبط على مواقف سيارات الجيران.
5. لا يستجيب لطلبات الجيران بإصلاح تمديدات الصحية في منزله ما يخرب بيوتهم.
6. لا يدفع ما يجب عليه اشتراك خدمات البناية فيحرم الناطور بمقدار حصته ويستفيد حراما من الخدمات.
7. يسرق الماء وبالشفاط بل لا يتورع عن السرقة من خزانات الجيران إلى خزانه.
8. يسرق الكهرباء ويعلق الخط البارد على حنفية الماء ما يشكل خطر اندلاع الحرائق من غرفة الكهرباء إلى بيته وبيوت الجيران.
9. يأتي إلى أولاده بالمفرقعات النارية ويستعملها معهم مزعجا ومشكلا خطرا على بيوتهم وسياراتهم وأنفسهم.
10. يستخدم سيارته أو فانه أو الموتوسيكل وكأن الطريق ملك أبيه ولا قانون يحكمه.
11. يزمر بنص الليل للحكي مع صاحبه.
عندكم غيرها؟ زودوني بها في تعليقاتكم.
ع.خ, الأربعاء، 08 حزيران، 2016
           

'‏شهر رمضان والتغيير – 4 –

استعرضنا معا بالأمس مجموعة من أشكال السلوك السئ وأضفتم الكثير من معاناتكم التي أحزنتني,وقد يكون صحيحا أنها بأفرادها لا تعد ظاهرة إجتماعية لكنها بمجموعها تعبر عن ظاهرة إجتماعية سلبية عنوانها انتشار الروح العدوانية الظالمة, وتتمثل في الإعتداء على حقوق الناس وعلى البيئة الطبيعية والإجتماعية التي هي حق الناس, وفي إظهار صورة مشينة عن مجتمعنا, وهي بعد ظالمة لنفسها أولا وأخيرا. ولو أردنا تصنيفها لوجدنا هذه الممارسات تقع باختصار وبساطة تحت عناوين :
 1 - ما نفعله أو نتركه ويؤثر على أنفسنا فقط.
 2 - ما نفعله أو نتركه ويؤثر على أسرتنا وغيرها من حيث نكون مثالا تربويا سيئا للأولاد.
 3 - ما نفعله أو نتركه ويؤثر على حقوق الجيران والمحيط أفرادا وبيئة في الحي والبلدة.
 بحثنا سيكون في العنوان الثالث وهو يشمل الثاني ضمنا لأنه يقع بمرأى ومسمع الأولاد, وسيشمل الأول حتما لأنه ذنب مؤثر في أنفسنا دنيا وآخرة, ومنه يمكننا القول إننا مجتمع مريض من هذه الجهة, وإن كنت مصرا على كونه منعما سليما من جهات أخرى, لكن النعم لا تدوم وهي عرضة للزوال بما تقتضيه السنن الإلهية لسوء الاستفادة البشرية: " ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ".
 القصد من اختياري الثالث للبحث دون الأول والثاني لأنهما لا يظهران للناس غالبا وأن الوصف والحكم على شخص بأنه عَدْلٌ ينشأ مما يظهر منه في ادائه الواجبات وتركه المحرمات ولكننا عرفنا أن هذه لا توصل للتقوى قهرا وحتما, أرأيت لو انكشف لك أن من كان ظاهره عدل ولكنه يرتكب إحدى هذه الموبقات أليس يسقط عن المروءة والعدالة؟ وما ذلك إلا لأن التقوى هي التي تحول بينه وبين اقترافاته تلك فلو امتلكها ما أتاها.
 طيِّب, السؤال البديهي بعد هذه الصورة البانورامية التي لم نوردها لمجرد "النق" أو "فشة الخلق" بل للإستفادة من شهر رمضان للتغيير : ما هو السبب؟, والسؤال الثاني ما العمل؟ الجهل المركَّب, غياب سلطة الدولة, غياب سلطة الرقابة الإجتماعية, ثلاثة عناوين تجتمع مع بعضها لتكون السبب, وهي مداخل للمعالجة.
  ع.خ, الخميس، 09 حزيران، 2016‏'

شهر رمضان والتغيير – 5 –

قبل الدخول في الأسباب والمعالجة باتجاه التغيير, لا تظن أيها المظلوم بوقوع إحدى الجرائم عليك أنك برئ تماما, فإنك إن توهمت ذلك صار العلاج مستحيلا, وأدنى درجات الشك في البراءة احتمال أن يكون هذا الظلم بلاء نقمة لذنب ارتكبتَه ولم تستغفر منه ولم تؤد حقه فعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة", وعنه عليه السلام: "الكَيِّسُ من كان غافلاً عن غيره ولنفسه كثير التقاضي" وهذه بداية الصلة التي وعدت بها في نهاية المنشور الثاني.
وبالعودة إلى العناوين الثلاثة التي تجتمع لتكون السبب: الجهل والجهل المركَّب, غياب سلطة الدولة, غياب سلطة الرقابة الإجتماعية, لم أقصد بالجهل والجهل المركَّب ذلك الجهل الذي تغتفر معه بعض الخطايا أو الأخطاء, ولا الجهل مقابل العلم مطلقا فكثير من مرتكبي هذه الموبقات متعلمون وإن بدرجات متفاوتة, بل الجهل المقصود هو ما يقابل الكياسة التي امتدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أهلها من الصائمين والمفطرين كما مر في المنشور الثاني: : " كمْ مِنْ صائِمٍ ليْسَ لَهُ من صِيامِهِ إلا الجُوعُ والظَمَأ، وكمْ مِنْ قَائمٍ ليسَ لهُ من قِيامِهِ إلا السَهَرُ والعَناء، حَبَّذا نَوْمُ الأكياسِ وإفطارهم", والكيِّسُ في اللغة هو صاحب الفطنة والعقل ويقابله الأحمق, وقد قابله رسول الله صلَّى الله عليه وآله بالعاجز ففي الحديث الشريف : "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني".
قد نرتكب الخطأ بحق الآخر ونجهل أنه حرام حكما تكليفيا, وقد نجهل أنه قد يترتب على هذا الحكم التكليفي حكم وضعي يقضي بالتعويض المادي على المتضرر فتشتغل ذمتنا بحقين, وقد تتعدد مجهولاتنا فتتعدد أخطاؤنا, والأدهى أن لا نتدبر في آثارها السيئة فنكررها, والمصيبة العظمى أن تتشكل لدينا قناعة وقطع بأننا على حق والآخر على باطل فلا نتوقف ولا نتراجع, هنا صرنا بحاجة إلى طبيب نفسي وليس إلى واعظ أو مرشد اجتماعي فقط, وبغياب الرادع الذاتي من عقل وأخلاق ودين لا بد للسلطتين الإجتماعية والحكومية من التدخل الرادع.
وحتى لا يتشتت البحث نعود إلى التذكير بالغرض الأصلي وهو طلب التغيير في سلوكنا وعاداتنا نحو ما يجب والأحسن والمفيد شخصيا واجتماعيا, دينيا وحضاريا.
كيف نغيِّر ؟ مرَّة يأتي السؤال من الإنسان الذي التفت إلى أخطائه, ومرة من مجموع أفراد يخشون على مجتمعهم من زوال النعم, وللكلام صلة..
ع.خ,الجمعة، 10 حزيران، 2016

شهر رمضان والتغيير – 6 –

تعالوا لا نكذب على أنفسنا : بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ. جعل الله العبادات طريقا للتقوى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ, إضافة لما قدمناه عن الصوم من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ, فإن وفقنا الله للإلتفات إلى أننا نرتكب الذنوب مع كوننا نؤدي العبادات الواجبة المطلوبة فهذا يعني أننا لم نصل إلى حال الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ.
لنتدبر في قوله تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ, فهذه الآية تشملنا كمسلمين مع المسيحيين واليهود في أن نفس الصلاة إلى جهة معينة ليست البر, كذلك في الأضحية من أعمال الحج: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37).
وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة".
فلننظر في بعض طرق التوصل للتقوى الباقية وحالنا معها :
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ – البقرة - (177)
وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138) آل عمران.
الصدقة المعبَّر عنها مرة بإيتاء المال على حب الله ومرة بالإنفاق وهو أعم من المال فيشمل العمل التطوعي في وجوه ما ينفع الناس, والإستغفار , والصبر ,وكظم الغيظ ,والعفو عن الناس من طرق الوصول إلى التقوى والتقوى غاية العبادة, ولو راجعنا أنفسنا لاكتشفنا المسافة بيننا وبينها, فلنعمل على تقصيرها بالمبادرة.
ويأتي الكلام على التغيير العام..
ع.خ,السبت، 11 حزيران، 2016

 

شهر رمضان والتغيير – 7 – والأخيرة.

هل انتبهتم مرة إلى المقابلة بين القوم والأنفس في آيتي التغيير؟
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11), الرعد
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53), الأنفال
قال صاحب كتاب الصحاح في اللغة: "القَوْمُ الرجال دون النساء، لا واحد له من لفظه..قال تعالى: "لا يسخر قومٌ من قومٍ" ثم قال سبحانه: "ولا نساءٌ من نساءٍ". ".
لا تفرح النساء بظن خروجهن عن كون أفعالهن من أسباب تغيير النعم فإن صاحبنا قال بعد ذلك: "وربَّما دخل النساء فيه على سبيل التبَع، لأن قوم كلِّ نبيّ رجالٌ ونساء.. والقَوْمُ يذكَّر ويؤنث، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميِّين يذكر ويؤنث، مثل رَهْطٍ ونَفَرٍ. قال تعالى: "وكذبَ به قومُك" فذكَّر وقال تعالى: "كَذّبتْ قومُ نوحٍ" فأنث.".
موضع المقابلة تعلق الحكم على الجماعة بالنعم استحقاقا وإدامة نتيجة التقوى, أو بإزالتها نتيجة تغيير الأفراد لسلوكهم عنها:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102), الأعراف
إن أدوات ضبط سلوك الأفراد = الأنفس هي القيام بواجب البيان والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة, وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأفراد ومن الهيئات الإجتماعية وهي من التغيير بالقول, حتى تصل النوبة إلى استعمال السلطات المعنية ما توجبه عليها القوانين من تصد للفساد ويقع تحت عنوان التغيير بالفعل.
وإذا صار الفساد من هذه السلطات رجع الأمر في التغيير إلى الأفراد والهيئات الاجتماعية, قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا, فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ. وفي خطبة الإمام الحسين عليه السلام في أصحابه وأصحاب الحر بن يزيد بالبيضة، بعدما حمد الله وأثنى عليه: "أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله".
ولنختم بحكاية عن أحد الصوفية العارفين بالله فقد قال عندما علم بأن دار جاره قد سُرقت: "سُرِقَ جاري بذنبي, كنت ألبس سروالي قائماً ", ولبس السروال من قيام مكروه وليس بحرام, فما بالنا لا نخاف الله في أنفسنا وجيراننا وكلنا مسؤول عن كلنا؟
ع.خ,الأحد، 12 حزيران، 2016

شهر رمضان والتغيير – حلقة استثنائية ما بعد الأخيرة

ساءني جدا أن أفتح الفايس بوك لأجد كما من التعليقات على تفجير الأمس[1] ولم أر فيها دعاء للجريح بالشفاء وللمتضررين بتعويض الله عليهم وللمروعين بالأمن. أليس لهذا الشاب الواقف حارسا في الطريق عائلة ترتزق من تعبه والحلال الذي يجهد لتحصيله, ولربما كان ما يزال صائما, وأليس أكثر المتضررين سيصعب عليهم إصلاح ما تضرر ؟
بعض الخجل !
حدث بمستوى تفجير الأمس كان حقه التوقف عنده بالجدية والعقلانية والأخلاق اللائقة بالصائمين فلا يستدعي هذا الكم من التسخيف والتنكيت والتنطح للتحليل من كل من هب ودب حد اللامبالاة بمشاعر الناس ومخاوفهم وبجهود المعنيين بحفظ الأمن والاستقرار في كل المواقع.
يا رب ارحم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) الأحزاب.
ع.خ,الإثنين، 13 حزيران، 2016



[1] انفجار عبوة ناسفة قرب بنك لبنان والمهجر في بيروت.. وسقوط جريح 12 حزيران 2016

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور