الشيخ محمد جواد مغنية
( 1322 \ 1904 - 1400 \ 1979 )
أحد كبار علماء المسلمين الشيعة في لبنان , تفرَّغ للكتابة والنشر بعد عمل طويل في التدريس والتبليغ والقضاء الشرعي , ووفَّقه الله لإنجاز مكتبة متكاملة في مختلف العلوم والمعارف , من آثاره في تفسير القرآن الكريم كتابان مفصَّل هو "تفسير الكاشف" في سبعة مجلدات , و "التفسير المبين" موجز في مجلد واحد.والشيخ من الذين أبدعوا في شتى الميادين الإسلامية والاجتماعية والوطنية ، توجه بإنتاجه وأفكاره بصورة خاصة إلى جيل الشباب في المدارس والجامعات والحياة العامة، فكان يعالج في كتبه المشاكل والمسائل التي تؤرقهم وتثير قلقهم كمسائل العلم والأيمان، ومسائل الحضارة والدين ، ومشاكل الحياة المادية والعصرية، وكان يقضي في مكتبته بين 14 إلى 18 ساعة من اليوم والليلة ،وله أيضاً الكثير من المقالات والنشرات.
=========================================================================
السلام عليكم سماحة الشيخ علي خازم: في البداية أرجوا المعذرة علي إزعاجكم، اليكم هذه الاسئلة التي تدور حول الآراء العقلية والفقهيه للعلامه مغنيه في تفسير الكاشف والمبين وأتمني أن تتفضلوا علينا بالرد عليها مع كل إمتناني وشكري لحضرتكم
. 1 . ماذا يقصد ب «اللون الإقناعي» في تفسير الكاشف للعلامه مغنيه وهل هذا التفسير استطاع أن يرد علي متطلبات العصرالحاضر وإقناع الجيل الجديد؟
جواب الشق الأول من السؤال تكفَّل به المرحوم الشيخ مغنية في مقدمة الكتاب في النقطة الثالثة عند كلامه عن المنهج قال رحمه الله : " إذا كان لكل تفسير لون يغلب عليه فإن اللون الذي يغلب على تفسيري هذا هو عنصر الإقناع , إقناع القارئ بان الدين بجميع أصوله وفروعه , وسائر تعاليمه يستهدف خير الإنسان وكرامته وسعادته , وان من انحرف عن هذا الهدف قد انحرف عن حقائق الدين وصراط الحياة القويم .. وكي أصل إلى هذه الغاية حاولت جهدي أن يجئ الشرح سهلا بسيطا واضحا , يفهمه القارئ في أي مستوى كان . " .
والحق إن الشيخ مغنية في كل ما كتب ومهما كان صنف المعرفة الذي تصدى له قد غلَّب جانب إيصال المعرفة إلى القارئ على جانب إبراز إمتلاكه لناصية اللغة المعقدة أو المركَّزة الذي عُدَّ علامة على علمية صاحبه وميَّز كتابات أساتذته وأقرانه , خاصة وأنه كان رحمه الله يعمل على توسيع قاعدة قرائه , لا حصرها بالحوزويين الشيعة كما نعرف ذلك مثلا من خوضه عالم النشر في المجلات عبر التأليف للمقالة وهي نوع غير مألوف من معاصريه من العلماء بل مستهجن.
وهو إلى جانب دقته العلمية - الذاتية المنشأ - قد استفاد حتما من تجربته القصيرة في التعليم الجامعي حيث درَّس مادة أصول الفقه في قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية أواخر الستينات مع إنشغاله بالتفسير , كما استفاد من توسعة إطلاعاته ومعارفه حيث "هضم" كل الإشكالات والمعوقات التي أثَّرت في إبعاد الشباب عن الدين الأمر الذي عكسته لغة أو خطاب كتاباته التي تتصف بالثورية وهي روحه الحقيقية التي واجه بها الإقطاع والإستبداد السياسي وكان ختامها تبنيه للثورة الإسلامية الإيرانية كما ظهر ذلك بقبوله ألقاء كلمة في أربعين الشهيد السيد مصطفى الخميني فيما تحفَّظ الكثير ممن طلب منهم ذلك.
وجواب الشق الثاني من السؤال هو نعم على الأقل بالنسبة للشباب المعاصرين له رحمه الله وضمن أفق الإشكالات التي عاصرها وتصدى لها واستمرت إلى فترة زمنية قريبة , و هذا الكلام لا يعني أن تفسيره قد فقد موقعه العلمي لكن المقصود وكما صرَّح هو نفسه " إنَّ التفسير تماما كالفن ينبع من ظروف محلية " وبهذا يمكن فهم رواج وتداول تفسير بعينه دون غيره في كل مرحلة زمنية مع إحتفاظ القديم بمرجعيته وصيرورته جزءا من تاريخ التفسير.
. 2. كيف رأى العلامه مغنيه في تفسيرالكاشف توقعات ومتطلبات الجيل الجديد في مجال التعاليم والمبادئ القرآنية؟
اولا , في تقويمه اعتبر المرحوم الشيخ مغنية " الجيل الجديد" الذي توجه اليه بتفسيره وكتاباته "نتاجا للأوضاع الفاسدة التي نشا فيها" وهو بهذا التقويم يبرز تفهما للجيل الجديد يقربه منه وهو شأن العلماء الرساليين لا على طريقة الإقصائيين الذين كانوا وما زالوا يتفننون في إبعاد الناس عن الدين .
ثانيا نص الشيخ مغنية على انه " من الخطأ أن ننظر إلى الجيل مستقلا عن مجتمعه وبيئته" , و لذلك لم يغامر رحمه الله بالتصدي منفردا لدراسة ظاهرة الانحراف عن المبادئ الدينية وكيفية معالجتها , ولم ير أنها مهمة يقوم بها مثقف واحد بل دعا لتكون هذه المهمة مسؤولية جماعية مشتركة بين اكثر من اختصاصي .
ثالثا اعتبر الشيخ مغنية حياة الإنسان وحاجاته الروحية والمادية وعلاج مشاكله التي تبعده عن السعادة هي محور الدين وأن القرآن الكريم تكفل بها قال رحمه الله : " من تتبع آي الذكر الحكيم,وتدبر معانيها يجد واءها مقسما مشتركا ,وإطارا عاما يربط ين جميع قواعده ومبادئه ,وسوره وآياته , وهذا الرابط هو الدعوة إلى أن يحيا الناس كل الناس حياة طيبة يسودها الأمن والعدل ,ويغمرها الخصب والسلام : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ - الأنفال - الآية - 24 " ولذلك راى مهمة المفسر ربط الدين بالحياة الإنسانية وإيجاد حلول لمشاكلها وإقناع القارئ بالقيم الدينية لا إيجاد الحلول للمشاكل والتعقيدات اللغوية التي أثارها بعض المفسرين فبدا القرآن الكريم للذين طلبوا تفسيره معهم عسيرا على الفهم بخلاف ما أراد الله له من تيسير .على انه رحمه الله برر لهؤلاء المفسرين ذلك بأنهم كانوا بعيشون عصرا " لم يكن عصر التهاون والاستخفاف بالدين وشريعته".
. 3. لماذا يُسمون تفسير الكاشف للعلامه مغنيه بالتفسير بالرأي والتفسيرالعقلي والإجتهادي وبالمنهج الترتيبي؟
انطلاقا مما تقدم في تحديده لمهمة المفسر اعتبر الشيخ مغنية "العقل الواعي" مقابل "العقل القارئ" آلة أساسية في الإتيان بجديد في التفسير وهو ضروري عنده ولو في موضع واحد من القرآن الكريم إذ أي معنى للعمل على تفسير يكرر ما قاله السابقون , وأكد أيضا على أهمية الفهم الخاص للمفسر المتحصل من الجمع بين المعرفة والتقوى وهو بذلك اقترب الى ما يعرف بمحاولة استبطان النص على طريقة العرفاء ثم التعبير عنه , على أنه قد نص على التزامه بما صح من حديث في تفسير آية وتقديمه قبل أي فهم لأن السنة ترجمان القرأن . ومع الإسف فقد أسئ فهم محاولة الشيخ واعتبرت مخالفة للتفسير بالمأثور وقول في القرآن بالرأي وهما وصفان سلبيان وهما قطعا لا يصحان في منهج الشيخ ولا في تفسيره ولو راجع هؤلاء مقدمة "الكاشف" وكلامه عن المنهج لما قالوه.
أما عن اعتماده المنهج الترتيبي فيستند فيه إلى قضية التوقيف في ترتيب الآيات والسور إذ إنه رحمه الله كان يرى أن لهذا الترتيب هدفا وإن لم ينص عليه ولذلك لم يشغل نفسه" ولا القارئ بذكر العلاقة والمناسبة بين الآيات واتصال بعضها ببعض كما فعل المفسرون , لأن القرآن لم يوح إلى النبي(ص) جملة واحدة" . وينقل متبنيا عن الشيخ محمد عبده ما ذكره صاحب تفسير المنار :" ليس القرآن كتابا فنيا , فيكون لكل مقصد من مقاصده باب خاص به , وانما هو كتاب هداية ووعظ , ينتقل بالانسان من شأن من شؤونه إلى آخر....حتى لا يمل تاليه وسامعه من المواظبة على الإهتداء" .
ولكنه رحمه الله لم يسر بالتفسير الترتيبي بمعنى التفسير التجزيئي المقتصر على الآية دون غيرها من نظائرها , ولم يبتعد عن التفسير الموضوعي لكنه تعرض لها في سيره مع الآيات ولم يجعلها غرضه من التفسير كما يلاحظ القارئ , وكما قاله بنفسه : " ولا يعني هذا أني أغفلت الجهات النافعة التي تعرض لها المفسرون الكبار ..كلا , فإني لخصتها وعرضتها بأوضح بيان , بل وابديت رأيي فيها , بخاصة المشكلات الفلسفية , مثل الجبر والإختيار , والهدى والضلال , والإمامة وعصمة الأنبياء....".
. 4. كيف ترون مكانة الأصول والآراء الفقهيه في تفسيرالكاشف؟
يظهر الفقه في تقسير الكاشف كما أراده الشيخ في خدمة الحياة الإنسانية كما في مباحث الزكاة والقرض على هامش تفسير آياتها من سورة البقرة ومنهج الشيخ أن يعرض الآراء المقارنة في المسألة واستفادة وجوهها من القران الكريم والروايات والسنة وأن يقدم إجماع الفقهاء على الظاهر القرآني كما يلاحظ من مثال تفسيره للآية282 و283 من سورة البقرة وهو عمل على منهج فلسفة الفقه وان لم يصرح به أو يكثر منه . والمميز عنده أنه يقتصر في تفسير آيات الأحكام على القدر الذي يخدم غرضه من التفسير ويكثر من الإحالات إلى كتب الفقه التفصيلية.
. 5. كيف تقيمون الإستناد بالروايات وبالمأخذ الروائيه في التفسير المبين؟
يستفيد المفسر من الروايات في أكثر من اتجاه أولها تحديد سبب النزول , ثانيها التفسير , ثالثها تفصيل المجمل وتبيين المبهم وقد نص رحمه الله في مقدمته على أنه تجاهل أكثر روايات أسباب النزول لأن العلماء لم يمحصوا أسانيدها. وصرّح التزامه بما صح من حديث في تفسير آية وتقديمه قبل أي فهم لأن السنة ترجمان القرآن أما في تفصيل المجمل من القصص التاريخية وتبيين المبهم من الشخصيات والأقوام والأعداد والتواريخ وما إليها فمن حيث غلبة الإسرائيليات فيها فإنه لم يهتم بها وأهملها .
ختاما أسأل الله تعالى أن يحشر شيخنا العلامة الشيخ محمد جواد مغنية مع النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين وأن يجزيه عن القرآن والإسلام خير الجزاء والحمد لله رب العالمين .
( 1322 \ 1904 - 1400 \ 1979 )
أحد كبار علماء المسلمين الشيعة في لبنان , تفرَّغ للكتابة والنشر بعد عمل طويل في التدريس والتبليغ والقضاء الشرعي , ووفَّقه الله لإنجاز مكتبة متكاملة في مختلف العلوم والمعارف , من آثاره في تفسير القرآن الكريم كتابان مفصَّل هو "تفسير الكاشف" في سبعة مجلدات , و "التفسير المبين" موجز في مجلد واحد.والشيخ من الذين أبدعوا في شتى الميادين الإسلامية والاجتماعية والوطنية ، توجه بإنتاجه وأفكاره بصورة خاصة إلى جيل الشباب في المدارس والجامعات والحياة العامة، فكان يعالج في كتبه المشاكل والمسائل التي تؤرقهم وتثير قلقهم كمسائل العلم والأيمان، ومسائل الحضارة والدين ، ومشاكل الحياة المادية والعصرية، وكان يقضي في مكتبته بين 14 إلى 18 ساعة من اليوم والليلة ،وله أيضاً الكثير من المقالات والنشرات.
=========================================================================
السلام عليكم سماحة الشيخ علي خازم: في البداية أرجوا المعذرة علي إزعاجكم، اليكم هذه الاسئلة التي تدور حول الآراء العقلية والفقهيه للعلامه مغنيه في تفسير الكاشف والمبين وأتمني أن تتفضلوا علينا بالرد عليها مع كل إمتناني وشكري لحضرتكم
. 1 . ماذا يقصد ب «اللون الإقناعي» في تفسير الكاشف للعلامه مغنيه وهل هذا التفسير استطاع أن يرد علي متطلبات العصرالحاضر وإقناع الجيل الجديد؟
جواب الشق الأول من السؤال تكفَّل به المرحوم الشيخ مغنية في مقدمة الكتاب في النقطة الثالثة عند كلامه عن المنهج قال رحمه الله : " إذا كان لكل تفسير لون يغلب عليه فإن اللون الذي يغلب على تفسيري هذا هو عنصر الإقناع , إقناع القارئ بان الدين بجميع أصوله وفروعه , وسائر تعاليمه يستهدف خير الإنسان وكرامته وسعادته , وان من انحرف عن هذا الهدف قد انحرف عن حقائق الدين وصراط الحياة القويم .. وكي أصل إلى هذه الغاية حاولت جهدي أن يجئ الشرح سهلا بسيطا واضحا , يفهمه القارئ في أي مستوى كان . " .
والحق إن الشيخ مغنية في كل ما كتب ومهما كان صنف المعرفة الذي تصدى له قد غلَّب جانب إيصال المعرفة إلى القارئ على جانب إبراز إمتلاكه لناصية اللغة المعقدة أو المركَّزة الذي عُدَّ علامة على علمية صاحبه وميَّز كتابات أساتذته وأقرانه , خاصة وأنه كان رحمه الله يعمل على توسيع قاعدة قرائه , لا حصرها بالحوزويين الشيعة كما نعرف ذلك مثلا من خوضه عالم النشر في المجلات عبر التأليف للمقالة وهي نوع غير مألوف من معاصريه من العلماء بل مستهجن.
وهو إلى جانب دقته العلمية - الذاتية المنشأ - قد استفاد حتما من تجربته القصيرة في التعليم الجامعي حيث درَّس مادة أصول الفقه في قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية أواخر الستينات مع إنشغاله بالتفسير , كما استفاد من توسعة إطلاعاته ومعارفه حيث "هضم" كل الإشكالات والمعوقات التي أثَّرت في إبعاد الشباب عن الدين الأمر الذي عكسته لغة أو خطاب كتاباته التي تتصف بالثورية وهي روحه الحقيقية التي واجه بها الإقطاع والإستبداد السياسي وكان ختامها تبنيه للثورة الإسلامية الإيرانية كما ظهر ذلك بقبوله ألقاء كلمة في أربعين الشهيد السيد مصطفى الخميني فيما تحفَّظ الكثير ممن طلب منهم ذلك.
وجواب الشق الثاني من السؤال هو نعم على الأقل بالنسبة للشباب المعاصرين له رحمه الله وضمن أفق الإشكالات التي عاصرها وتصدى لها واستمرت إلى فترة زمنية قريبة , و هذا الكلام لا يعني أن تفسيره قد فقد موقعه العلمي لكن المقصود وكما صرَّح هو نفسه " إنَّ التفسير تماما كالفن ينبع من ظروف محلية " وبهذا يمكن فهم رواج وتداول تفسير بعينه دون غيره في كل مرحلة زمنية مع إحتفاظ القديم بمرجعيته وصيرورته جزءا من تاريخ التفسير.
. 2. كيف رأى العلامه مغنيه في تفسيرالكاشف توقعات ومتطلبات الجيل الجديد في مجال التعاليم والمبادئ القرآنية؟
اولا , في تقويمه اعتبر المرحوم الشيخ مغنية " الجيل الجديد" الذي توجه اليه بتفسيره وكتاباته "نتاجا للأوضاع الفاسدة التي نشا فيها" وهو بهذا التقويم يبرز تفهما للجيل الجديد يقربه منه وهو شأن العلماء الرساليين لا على طريقة الإقصائيين الذين كانوا وما زالوا يتفننون في إبعاد الناس عن الدين .
ثانيا نص الشيخ مغنية على انه " من الخطأ أن ننظر إلى الجيل مستقلا عن مجتمعه وبيئته" , و لذلك لم يغامر رحمه الله بالتصدي منفردا لدراسة ظاهرة الانحراف عن المبادئ الدينية وكيفية معالجتها , ولم ير أنها مهمة يقوم بها مثقف واحد بل دعا لتكون هذه المهمة مسؤولية جماعية مشتركة بين اكثر من اختصاصي .
ثالثا اعتبر الشيخ مغنية حياة الإنسان وحاجاته الروحية والمادية وعلاج مشاكله التي تبعده عن السعادة هي محور الدين وأن القرآن الكريم تكفل بها قال رحمه الله : " من تتبع آي الذكر الحكيم,وتدبر معانيها يجد واءها مقسما مشتركا ,وإطارا عاما يربط ين جميع قواعده ومبادئه ,وسوره وآياته , وهذا الرابط هو الدعوة إلى أن يحيا الناس كل الناس حياة طيبة يسودها الأمن والعدل ,ويغمرها الخصب والسلام : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ - الأنفال - الآية - 24 " ولذلك راى مهمة المفسر ربط الدين بالحياة الإنسانية وإيجاد حلول لمشاكلها وإقناع القارئ بالقيم الدينية لا إيجاد الحلول للمشاكل والتعقيدات اللغوية التي أثارها بعض المفسرين فبدا القرآن الكريم للذين طلبوا تفسيره معهم عسيرا على الفهم بخلاف ما أراد الله له من تيسير .على انه رحمه الله برر لهؤلاء المفسرين ذلك بأنهم كانوا بعيشون عصرا " لم يكن عصر التهاون والاستخفاف بالدين وشريعته".
. 3. لماذا يُسمون تفسير الكاشف للعلامه مغنيه بالتفسير بالرأي والتفسيرالعقلي والإجتهادي وبالمنهج الترتيبي؟
انطلاقا مما تقدم في تحديده لمهمة المفسر اعتبر الشيخ مغنية "العقل الواعي" مقابل "العقل القارئ" آلة أساسية في الإتيان بجديد في التفسير وهو ضروري عنده ولو في موضع واحد من القرآن الكريم إذ أي معنى للعمل على تفسير يكرر ما قاله السابقون , وأكد أيضا على أهمية الفهم الخاص للمفسر المتحصل من الجمع بين المعرفة والتقوى وهو بذلك اقترب الى ما يعرف بمحاولة استبطان النص على طريقة العرفاء ثم التعبير عنه , على أنه قد نص على التزامه بما صح من حديث في تفسير آية وتقديمه قبل أي فهم لأن السنة ترجمان القرأن . ومع الإسف فقد أسئ فهم محاولة الشيخ واعتبرت مخالفة للتفسير بالمأثور وقول في القرآن بالرأي وهما وصفان سلبيان وهما قطعا لا يصحان في منهج الشيخ ولا في تفسيره ولو راجع هؤلاء مقدمة "الكاشف" وكلامه عن المنهج لما قالوه.
أما عن اعتماده المنهج الترتيبي فيستند فيه إلى قضية التوقيف في ترتيب الآيات والسور إذ إنه رحمه الله كان يرى أن لهذا الترتيب هدفا وإن لم ينص عليه ولذلك لم يشغل نفسه" ولا القارئ بذكر العلاقة والمناسبة بين الآيات واتصال بعضها ببعض كما فعل المفسرون , لأن القرآن لم يوح إلى النبي(ص) جملة واحدة" . وينقل متبنيا عن الشيخ محمد عبده ما ذكره صاحب تفسير المنار :" ليس القرآن كتابا فنيا , فيكون لكل مقصد من مقاصده باب خاص به , وانما هو كتاب هداية ووعظ , ينتقل بالانسان من شأن من شؤونه إلى آخر....حتى لا يمل تاليه وسامعه من المواظبة على الإهتداء" .
ولكنه رحمه الله لم يسر بالتفسير الترتيبي بمعنى التفسير التجزيئي المقتصر على الآية دون غيرها من نظائرها , ولم يبتعد عن التفسير الموضوعي لكنه تعرض لها في سيره مع الآيات ولم يجعلها غرضه من التفسير كما يلاحظ القارئ , وكما قاله بنفسه : " ولا يعني هذا أني أغفلت الجهات النافعة التي تعرض لها المفسرون الكبار ..كلا , فإني لخصتها وعرضتها بأوضح بيان , بل وابديت رأيي فيها , بخاصة المشكلات الفلسفية , مثل الجبر والإختيار , والهدى والضلال , والإمامة وعصمة الأنبياء....".
. 4. كيف ترون مكانة الأصول والآراء الفقهيه في تفسيرالكاشف؟
يظهر الفقه في تقسير الكاشف كما أراده الشيخ في خدمة الحياة الإنسانية كما في مباحث الزكاة والقرض على هامش تفسير آياتها من سورة البقرة ومنهج الشيخ أن يعرض الآراء المقارنة في المسألة واستفادة وجوهها من القران الكريم والروايات والسنة وأن يقدم إجماع الفقهاء على الظاهر القرآني كما يلاحظ من مثال تفسيره للآية282 و283 من سورة البقرة وهو عمل على منهج فلسفة الفقه وان لم يصرح به أو يكثر منه . والمميز عنده أنه يقتصر في تفسير آيات الأحكام على القدر الذي يخدم غرضه من التفسير ويكثر من الإحالات إلى كتب الفقه التفصيلية.
. 5. كيف تقيمون الإستناد بالروايات وبالمأخذ الروائيه في التفسير المبين؟
يستفيد المفسر من الروايات في أكثر من اتجاه أولها تحديد سبب النزول , ثانيها التفسير , ثالثها تفصيل المجمل وتبيين المبهم وقد نص رحمه الله في مقدمته على أنه تجاهل أكثر روايات أسباب النزول لأن العلماء لم يمحصوا أسانيدها. وصرّح التزامه بما صح من حديث في تفسير آية وتقديمه قبل أي فهم لأن السنة ترجمان القرآن أما في تفصيل المجمل من القصص التاريخية وتبيين المبهم من الشخصيات والأقوام والأعداد والتواريخ وما إليها فمن حيث غلبة الإسرائيليات فيها فإنه لم يهتم بها وأهملها .
ختاما أسأل الله تعالى أن يحشر شيخنا العلامة الشيخ محمد جواد مغنية مع النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين وأن يجزيه عن القرآن والإسلام خير الجزاء والحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق