ذكرى وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم 28 صفر سنة 11 هجرية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين,اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد , ايها السادة العلماء
ناقل التمر الى هجر قد يجد غريبا يتجر به بينهم, اويجد غريبا بينهم يتاجر معه. اما الواقف بين ايدي العلماء فغاية ما يأمله عرض بضاعته للتقويم فلا يكون في اسواق غيرهم من الخاسرين.
ولولا انها فرصة سانحة وفضل اعطيته ليكون لي سهم في بيان نذر يسير من الشمائل المحمدية لخير البرية صلوات الله عليه وآله لكان اللازم علي الاكتفاء باستعراض الجواهر المبثوثة والتشبع من انوارها المتقدة من بعض ضوء سراجه صلوات الله عليه وآله في هذه الحضرة المباركة والمرحومة باذن الله.
العدل في الاسلام من المفاهيم المركبة فهو موجود في الكلام والاخلاق وفي الفقه, وقبلها في اللغة بما هي تعبير عن معان اجتماعية.وقد حملت النصوص القرآنية والسيرة النبوية وتاريخ المسلمين من تقسيماته واحكامه ما يساعد على اعتباره قيمة اجتماعية اسلامية ببعديها الاخلاقي والقانوني طولب المسلمون بتحقيقها كخصلة نفسية من موارد تحصيل التقوى من جهة وطولبوا بتحقيقها كمسلك اجتماعي يحفظ لتطبيق الاحكام والقوانين صورتها وصبغتها الالهية من جهة اخرى. فالعدل بهذا المعنى هو الروح العامة بل مجموع القواعد السلوكية الملزمة لافراد المجتمع بتطبيق القوانين الاشتراعية التفصيلية , وهو المقصود بالبحث هنا دون غيره من المعاني.
عرف العرب العدل بانه الحكم بالحق ونقيضه الجور (وسنعود الى بعض المعاني المقابلة له في آخر الكلمة) .ويقال عدل على الرعية.
وقالوا العدل القصد في الامورومنه قوله تعالى:
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ {لقمان/19}
وقوله تعالى:
وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ {النحل/9}
. وقالوا العدل هو لزوم الوسط والاجتناب عن جانبى الافراط والتفريط في الامور وهو من قبيل التفسير بلازم المعنى فان العرب استعملوا الوسط مرادفاً لمعنى العدل. فقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) في تفسيره لقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {البقرة/143} ، قال: (عدلاً، والوسط هوالعدل).
وعبروا عن العدل بالفاظ اخرى منها القسط قال الراغب في مفرداته والعدل التقسيط على سواء قال تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات/9}.
ومن هذه المعاني يجتمع المعنى الذي اشرنا البه وهو ضمان احقاق الحق وتنفيذ الاحكام بالقسط الامر الذي يشيع الاطمئنان الاجتماعي الباعث على الازدهار الاقتصادي والرفاه.
اشرت في المقدمة الى ان العدل هو الروح العامة بل مجموع القواعد السلوكية الملزمة لافراد المجتمع بتطبيق القوانين الاشتراعية التفصيلية . واضيف هنا انه يساوق العدالة في المصطلح القانوني الحديث و الباحثون في القانون عرفوا العدالة بأنها: ((القواعد القائمة إلى جانب قواعد القانون الأصلي مؤسسة على وحي العقل والنظر السليم وروح العدل الطبيعي بين الناس)).
والشرائع القديمة استقت مبادئ العدالة من هذا المصدر الذي هو العقل وشعور العدل في النفس. ولكن هذا المصدر اتخذ صوراً مختلفة تبعاً لاختلاف الشعوب، فكان مصدر العدالة عند الرومان (قانون الشعوب)، وعند اليونان (قانون الطبيعة)،وعند الإنكليز (ضمير الملك). أما مصدر العدالة بهذا المعنى في الشريعة الاسلامية فهو في القرآن الكريم والسنة المطهرة
ويتمثل في اصول مستفادة منهما ومن سلوك وتطبيقات النبي صلى الله عليه وآله ولاحقا من اكابر اهل البيت والصحابة الاجلاء الثابتة وفق القواعد المعروفة.
وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا {النساء/105} وهو الاصل الاول في هذا المجال والمعبر عنه ب "حكم القانون". وفي السيرة في جوابه صلى الله عليه وآله لمن شفع في قضية المرأة المخزومية: " أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " وقوله صلى الله عليه وآله:" ايما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود الله ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع". وقد ورد عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه ، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يستشفعونه ، فأبى عليهم ، فانطلقوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فسألوه فقال : لا تسألونني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه ، فخرجوا مسرورين فمروا بالحسين ( عليه السلام ) فأخبروه بما قال ، فقال : إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل أمره قد قضي ، فانصرفوا إليه فوجدوه صلوات الله عليه قد أقام عليه الحد ، فقالوا : أولم تعدنا يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : قد وعدتكم بما أملك وهذا شئ لله لست أملكه.
وهكذا في الاصول الاخرى التي تحكم علاقة الفرد بمحيطه او العلاقات الاجتماعية ليقدم الاسلام بذلك قواعد للعدالة الفردية والعدالة الاجتماعية.
وبعيدا عن مسائل علم الكلام وان العدل من اسمائه تعالى وما فيه من مباحث نجد القرآن الكريم يؤكد على العدل بالبعدين المذكورين :الاخلاقي والفقهي او القانوني , ومن تلك الاصول:
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل/90}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء/59}
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات/9} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات/10}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء/59}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة/282}
يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ {المائدة/106} فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ {المائدة/107} ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {المائدة/108}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء/135}
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا {الطلاق/1} فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {الطلاق/2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق/3}
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ {الأعراف/29}
وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {هود/85}
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {الإسراء/35}
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ {الشعراء/181} وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ {الشعراء/182} وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ {الشعراء/183}
} وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا {النساء/2} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء/3}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58}
وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء/129}
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة/8}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ {المائدة/95}
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {الأنعام/152} وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {الأنعام/153}
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف/159}
وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف/181}
} وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {النحل/76}
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ {الشورى/13} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ {الشورى/14} فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ {الشورى/15}
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة/41}
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {المائدة/42} وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ {المائدة/43} إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ {المائدة/44} وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {المائدة/45}
{الممتحنة/7} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة/8} إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
لم يتمثل العدل ولا تمثلت العدالة في شخص باي مستوى الا ورسول الله صلى الله عليه وآله قدوته واسوته في التشريع والتطبيق.
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - في عيادته عليا وهو يشتكي ويصيح من عينه - : أجزعا أم وجعا يا علي ؟ قال : يا رسول الله ، ما وجعت وجعا قط أشد منه ، قال : يا علي إن ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه بسفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم ! ، فاستوى علي ( عليه السلام ) جالسا ، فقال : يا رسول الله ، أعد علي حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت ، فهل يصيب ذلك أحدا من امتك ؟ قال : نعم ، حكاما جائرين ، وآكل مال اليتيم ، وشاهد الزور.
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين ، فقيل : يا رسول الله ، وما الذبح ؟ قال : نار جهنم
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عج حجر إلى الله فقال : إلهي وسيدي ، عبدتك كذا وكذا سنة ، ثم جعلتني في أس كنيف ! فقال : أما ترضى أن عزلت بك عن مجالس القضاة.
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن القاضي العدل ليجاء به يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أن لا يكون قضى بين اثنين في تمرة قط.
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتغى القضاء وسأل فيه الشفعاء وكل إلى نفسه ، ومن اكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده .
عنه ( صلى الله عليه وآله ) : من سأل القضاء وكل إلى نفسه ، ومن اجبر عليه نزل عليه ملك يسدده.
عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى أن يتعرض أحد للإمارة والحكم بين الناس وقال : من سأل الإمارة لم يعن عليها ووكل إليها ، ومن أتته من غير مسألة أعين عليها.
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده ومجلسه.
و عنه ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلى بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لم يرفع على الآخر.
عن الإمام علي ( عليه السلام ) : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليمن قاضيا ، فقلت : يا رسول الله ! ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء . قال : فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد
و عنه ( عليه السلام ) : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما وجهني إلى اليمن قال : إذا تقوضي إليك فلا تحكم لاحد الخصمين دون أن تسمع من الآخر . قال : فما شككت في قضاء بعد ذلك.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - لعلي ( عليه السلام ) - : إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر ، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء . قال علي ( عليه السلام ) : فما زلت بعدها قاضيا ، وقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم فهمهالقضاء.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان.
عنرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان .
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنه نهى أن يقضي القاضي وهو غضبان أو جائع أو ناعس .
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يقضي القاضي بين اثنين إلا وهو شبعان ريان .
وروي : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى أن يحابي القاضي أحد الخصمين بكثرة النظر وحضور الذهن ، ونهى عن تلقين الشهود.
واما في التطبيق فقد ذكرنا قصة المرأة المخزومية , ولو شئنا الاستقصاء لطال بنا المقام ولكننا نتخير قال ابن إسحاق : وحدثني حبان بن واسع بن حبان ، عن أشياخ من قومه ، أن / رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفى يده قدح ( سهم ) يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بنى عدى بن النجار وهو مستنتل ( متقدم ) من الصف . فطعن في بطنه بالقدح وقال : " استو يا سواد " . فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدنى . فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال : استقد . قال : فاعتنقه فقبل بطنه ، فقال : ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال : يا رسول الله حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير.
أبو سعيد الخدري قال: بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر، الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان ، فغضبت قريش، فقالوا : أتعطي صناديد نجد وتدعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم ، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس ، فقال اتق الله يا محمد ، قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ، ولا تأمنوني ) رواه البخاري و مسلم.
وهكذا كان يجمع بين العدل والحلم عمن يظلمه حتى اورد ابن كثير في السيرة النبوية جملة احاديث فيها ذكر اعتراض بعض الجهلة من أهل الشقاق والنفاق على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القسمة العادلة بالاتفاق
قال البخاري : حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن الاعمش ، عن أبى وائل ، عن عبدالله قال : لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة حنين قال رجل من الانصار : ما أراد بها وجه الله . قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فتغير وجهه ثم قال : " رحمة الله على موسى ، قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " . ورواه مسلم من حديث الاعمش به . ثم قال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبى وائل عن عبد الله قال : لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناسا : أعطى الاقرع بن حابس مائة من الابل ، وأعطى عيينة مثل ذلك ، وأعطى ناسا فقال رجل : ما أريد بهذه القسمة وجه الله فقلت : لاخبرن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " . وهكذا رواه من حديث منصور عن المعتمر به . وفى رواية للبخاري فقال رجل : والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله . فقلت : والله لاخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأتيته فأخبرته فقال : " من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله ؟ ! رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " .
وقال محمد بن إسحاق : وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن مقسم أبى القاسم مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل قال : خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثى حتى أتينا عبدالله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده ، فقلنا له : هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين ؟ قال : نعم جاء رجل من بنى تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف عليه وهو يعطى الناس فقال له : يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجل فكيف رأيت ؟ " قال : لم أرك عدلت . قال : فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ! " فقال عمر بن الخطاب : ألا نقتله ؟ فقال : " دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يوجد شئ ثم في القدح فلا يوجد شئ ثم في الفوق فلا يوجد شئ سبق الفرث والدم " .
وقال الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبى الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال : أتى رجل بالجعرانة النبي صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين وفى ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطى الناس ، فقال : يا محمد اعدل ، قال " ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل " فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق ؟ فقال : " معاذ الله أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابي ، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية " . ورواه مسلم عن محمد بن رمح ، عن الليث .
وقال أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا قرة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مغانم حنين إذ قام إليه رجل فقال : اعدل . فقال : " لقد شقيت إذا لم أعدل " . ورواه البخاري عن مسلم بن إبراهيم عن قرة بن خالد السدوسى به .
وفى الصحيحين من حديث الزهري ، عن أبى سلمة ، عن أبى سعيد قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة رجل من بنى تميم فقال : يا رسول الله اعدل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويلك ومن يعدل إن لم أعدل لقد خبت وخسرت ، إذا لم أعدل فمن يعدل ؟ " فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله إيذن لى فيه فأضرب عنقه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شئ ثم إلى رصافه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى نضيه - وهو قدحه - فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شئ ، قد سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدى المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس " . قال أبو سعيد : فأشهد أنى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشهد أن على بن أبى طالب قاتلهم وأنا معه ، وأمر بذلك الرجل فالتمس ، فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى نعت . ورواه مسلم أيضا من حديث القاسم بن الفضل عن أبى نضرة ، عن أبى سعيد به نحوه .
فسلام الله عليك يا سيد العدل ما احلمك في امتك ,واي امن واطمئنان اشعت في امتك وآه على بقية هؤلاء المعاندين اليوم اذ يعيثون فسادا واضلالا عن نهجك السوي المرضي .
ومن هنا اعود الى اللغة لاختم ونحن في ندوة للوحدة الاسلامية ربطا بين العدل والوحدة
ان العرب كانت تقول : كل مثقف معتدل و قالت العدل : الطريق . ويقال : الطريق يعدل إلى مكان كذا ، فإذا قالوا ينعدل في مكان كذا أرادوا الاعوجاج . وفي حديث عمر : " الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني ، كما يعدل السهم في الثقاف .
وقالوا: العنيد هو الجائر عن القصد الباغي الذي يرد الحق مع العلم به ، يقال عند يعند بالكسر عنودا : أي خالف ورد الحق وهو يعرفه ، فهو عنيد وعاند .
والعنيد والعنود والمعاند واحد ، وهو المعارض لك بالخلاف عليك . ومنه الخبر ( سترون من بعدي ملكا عضوضا وملكا عنودا ) أي عنيدا .
وعند عن الطريق يعند - بالضم - : عدل عنه . والعنود بالضم : الجور والميل .
اللهم خذ بايدينا في صراطك المستقيم ولا تجعلنا من المنعدلين المعوجين ولا من المعاندين الضالين فانك قلت وقولك الحق: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {الأنعام/153} .وقلت وقولك الصدق:
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {الأنعام/159}.
اللهم احينا على سبيل رسول الله التي خطها بيمينه وامتنا على تعهدها برحمتك يا ارحم الراحمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ علي حسن خازم
امين سر مجلس الامناء في تجمع العلماء المسلمين في لبنان
عدل رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين,اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد , ايها السادة العلماء
ناقل التمر الى هجر قد يجد غريبا يتجر به بينهم, اويجد غريبا بينهم يتاجر معه. اما الواقف بين ايدي العلماء فغاية ما يأمله عرض بضاعته للتقويم فلا يكون في اسواق غيرهم من الخاسرين.
ولولا انها فرصة سانحة وفضل اعطيته ليكون لي سهم في بيان نذر يسير من الشمائل المحمدية لخير البرية صلوات الله عليه وآله لكان اللازم علي الاكتفاء باستعراض الجواهر المبثوثة والتشبع من انوارها المتقدة من بعض ضوء سراجه صلوات الله عليه وآله في هذه الحضرة المباركة والمرحومة باذن الله.
مقدمة
العدل في الاسلام من المفاهيم المركبة فهو موجود في الكلام والاخلاق وفي الفقه, وقبلها في اللغة بما هي تعبير عن معان اجتماعية.وقد حملت النصوص القرآنية والسيرة النبوية وتاريخ المسلمين من تقسيماته واحكامه ما يساعد على اعتباره قيمة اجتماعية اسلامية ببعديها الاخلاقي والقانوني طولب المسلمون بتحقيقها كخصلة نفسية من موارد تحصيل التقوى من جهة وطولبوا بتحقيقها كمسلك اجتماعي يحفظ لتطبيق الاحكام والقوانين صورتها وصبغتها الالهية من جهة اخرى. فالعدل بهذا المعنى هو الروح العامة بل مجموع القواعد السلوكية الملزمة لافراد المجتمع بتطبيق القوانين الاشتراعية التفصيلية , وهو المقصود بالبحث هنا دون غيره من المعاني.
العدل في اللغة العربية:
عرف العرب العدل بانه الحكم بالحق ونقيضه الجور (وسنعود الى بعض المعاني المقابلة له في آخر الكلمة) .ويقال عدل على الرعية.
وقالوا العدل القصد في الامورومنه قوله تعالى:
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ {لقمان/19}
وقوله تعالى:
وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ {النحل/9}
. وقالوا العدل هو لزوم الوسط والاجتناب عن جانبى الافراط والتفريط في الامور وهو من قبيل التفسير بلازم المعنى فان العرب استعملوا الوسط مرادفاً لمعنى العدل. فقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) في تفسيره لقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {البقرة/143} ، قال: (عدلاً، والوسط هوالعدل).
وعبروا عن العدل بالفاظ اخرى منها القسط قال الراغب في مفرداته والعدل التقسيط على سواء قال تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات/9}.
ومن هذه المعاني يجتمع المعنى الذي اشرنا البه وهو ضمان احقاق الحق وتنفيذ الاحكام بالقسط الامر الذي يشيع الاطمئنان الاجتماعي الباعث على الازدهار الاقتصادي والرفاه.
العدل والعدالة:
اشرت في المقدمة الى ان العدل هو الروح العامة بل مجموع القواعد السلوكية الملزمة لافراد المجتمع بتطبيق القوانين الاشتراعية التفصيلية . واضيف هنا انه يساوق العدالة في المصطلح القانوني الحديث و الباحثون في القانون عرفوا العدالة بأنها: ((القواعد القائمة إلى جانب قواعد القانون الأصلي مؤسسة على وحي العقل والنظر السليم وروح العدل الطبيعي بين الناس)).
والشرائع القديمة استقت مبادئ العدالة من هذا المصدر الذي هو العقل وشعور العدل في النفس. ولكن هذا المصدر اتخذ صوراً مختلفة تبعاً لاختلاف الشعوب، فكان مصدر العدالة عند الرومان (قانون الشعوب)، وعند اليونان (قانون الطبيعة)،وعند الإنكليز (ضمير الملك). أما مصدر العدالة بهذا المعنى في الشريعة الاسلامية فهو في القرآن الكريم والسنة المطهرة
ويتمثل في اصول مستفادة منهما ومن سلوك وتطبيقات النبي صلى الله عليه وآله ولاحقا من اكابر اهل البيت والصحابة الاجلاء الثابتة وفق القواعد المعروفة.
وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا {النساء/105} وهو الاصل الاول في هذا المجال والمعبر عنه ب "حكم القانون". وفي السيرة في جوابه صلى الله عليه وآله لمن شفع في قضية المرأة المخزومية: " أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " وقوله صلى الله عليه وآله:" ايما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود الله ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع". وقد ورد عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه ، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يستشفعونه ، فأبى عليهم ، فانطلقوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فسألوه فقال : لا تسألونني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه ، فخرجوا مسرورين فمروا بالحسين ( عليه السلام ) فأخبروه بما قال ، فقال : إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل أمره قد قضي ، فانصرفوا إليه فوجدوه صلوات الله عليه قد أقام عليه الحد ، فقالوا : أولم تعدنا يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : قد وعدتكم بما أملك وهذا شئ لله لست أملكه.
وهكذا في الاصول الاخرى التي تحكم علاقة الفرد بمحيطه او العلاقات الاجتماعية ليقدم الاسلام بذلك قواعد للعدالة الفردية والعدالة الاجتماعية.
القرآن الكريم والعدل:
وبعيدا عن مسائل علم الكلام وان العدل من اسمائه تعالى وما فيه من مباحث نجد القرآن الكريم يؤكد على العدل بالبعدين المذكورين :الاخلاقي والفقهي او القانوني , ومن تلك الاصول:
العدل في الحكم والقضاء:
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل/90}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء/59}
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات/9} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات/10}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء/59}
العدل في التوثيق للحقوق:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة/282}
يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ {المائدة/106} فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ {المائدة/107} ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {المائدة/108}
العدل في الشهادة على الحقوق:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء/135}
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا {الطلاق/1} فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {الطلاق/2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق/3}
العدل في اداء الحقوق:
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ {الأعراف/29}
وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {هود/85}
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {الإسراء/35}
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ {الشعراء/181} وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ {الشعراء/182} وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ {الشعراء/183}
العدل في الاسرة وفي العلاقة الزوجية:
} وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا {النساء/2} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء/3}
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء/58}
وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء/129}
العدل في حالتي الرضا والسخط:
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة/8}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ {المائدة/95}
العدل في القول ومنه التوجيه الى الحق في الاعتقاد والسلوك:
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {الأنعام/152} وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {الأنعام/153}
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف/159}
وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف/181}
} وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {النحل/76}
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ {الشورى/13} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ {الشورى/14} فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ {الشورى/15}
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة/41}
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {المائدة/42} وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ {المائدة/43} إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ {المائدة/44} وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {المائدة/45}
العدل في العلاقة مع المخالف:
{الممتحنة/7} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة/8} إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
النبي صلى الله عليه وآله والعدل:
لم يتمثل العدل ولا تمثلت العدالة في شخص باي مستوى الا ورسول الله صلى الله عليه وآله قدوته واسوته في التشريع والتطبيق.
اما في التشريع فدونكم بعض مقاله في القضاء:
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - في عيادته عليا وهو يشتكي ويصيح من عينه - : أجزعا أم وجعا يا علي ؟ قال : يا رسول الله ، ما وجعت وجعا قط أشد منه ، قال : يا علي إن ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه بسفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم ! ، فاستوى علي ( عليه السلام ) جالسا ، فقال : يا رسول الله ، أعد علي حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت ، فهل يصيب ذلك أحدا من امتك ؟ قال : نعم ، حكاما جائرين ، وآكل مال اليتيم ، وشاهد الزور.
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين ، فقيل : يا رسول الله ، وما الذبح ؟ قال : نار جهنم
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عج حجر إلى الله فقال : إلهي وسيدي ، عبدتك كذا وكذا سنة ، ثم جعلتني في أس كنيف ! فقال : أما ترضى أن عزلت بك عن مجالس القضاة.
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن القاضي العدل ليجاء به يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أن لا يكون قضى بين اثنين في تمرة قط.
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتغى القضاء وسأل فيه الشفعاء وكل إلى نفسه ، ومن اكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده .
عنه ( صلى الله عليه وآله ) : من سأل القضاء وكل إلى نفسه ، ومن اجبر عليه نزل عليه ملك يسدده.
عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى أن يتعرض أحد للإمارة والحكم بين الناس وقال : من سأل الإمارة لم يعن عليها ووكل إليها ، ومن أتته من غير مسألة أعين عليها.
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده ومجلسه.
و عنه ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلى بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لم يرفع على الآخر.
عن الإمام علي ( عليه السلام ) : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليمن قاضيا ، فقلت : يا رسول الله ! ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء . قال : فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد
و عنه ( عليه السلام ) : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما وجهني إلى اليمن قال : إذا تقوضي إليك فلا تحكم لاحد الخصمين دون أن تسمع من الآخر . قال : فما شككت في قضاء بعد ذلك.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - لعلي ( عليه السلام ) - : إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر ، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء . قال علي ( عليه السلام ) : فما زلت بعدها قاضيا ، وقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم فهمهالقضاء.
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان.
عنرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان .
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنه نهى أن يقضي القاضي وهو غضبان أو جائع أو ناعس .
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يقضي القاضي بين اثنين إلا وهو شبعان ريان .
وروي : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى أن يحابي القاضي أحد الخصمين بكثرة النظر وحضور الذهن ، ونهى عن تلقين الشهود.
واما في التطبيق فقد ذكرنا قصة المرأة المخزومية , ولو شئنا الاستقصاء لطال بنا المقام ولكننا نتخير قال ابن إسحاق : وحدثني حبان بن واسع بن حبان ، عن أشياخ من قومه ، أن / رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفى يده قدح ( سهم ) يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بنى عدى بن النجار وهو مستنتل ( متقدم ) من الصف . فطعن في بطنه بالقدح وقال : " استو يا سواد " . فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدنى . فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال : استقد . قال : فاعتنقه فقبل بطنه ، فقال : ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال : يا رسول الله حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير.
أبو سعيد الخدري قال: بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر، الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان ، فغضبت قريش، فقالوا : أتعطي صناديد نجد وتدعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم ، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس ، فقال اتق الله يا محمد ، قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ، ولا تأمنوني ) رواه البخاري و مسلم.
وهكذا كان يجمع بين العدل والحلم عمن يظلمه حتى اورد ابن كثير في السيرة النبوية جملة احاديث فيها ذكر اعتراض بعض الجهلة من أهل الشقاق والنفاق على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القسمة العادلة بالاتفاق
قال البخاري : حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن الاعمش ، عن أبى وائل ، عن عبدالله قال : لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة حنين قال رجل من الانصار : ما أراد بها وجه الله . قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فتغير وجهه ثم قال : " رحمة الله على موسى ، قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " . ورواه مسلم من حديث الاعمش به . ثم قال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبى وائل عن عبد الله قال : لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناسا : أعطى الاقرع بن حابس مائة من الابل ، وأعطى عيينة مثل ذلك ، وأعطى ناسا فقال رجل : ما أريد بهذه القسمة وجه الله فقلت : لاخبرن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " . وهكذا رواه من حديث منصور عن المعتمر به . وفى رواية للبخاري فقال رجل : والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله . فقلت : والله لاخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأتيته فأخبرته فقال : " من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله ؟ ! رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر " .
وقال محمد بن إسحاق : وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن مقسم أبى القاسم مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل قال : خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثى حتى أتينا عبدالله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده ، فقلنا له : هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين ؟ قال : نعم جاء رجل من بنى تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف عليه وهو يعطى الناس فقال له : يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجل فكيف رأيت ؟ " قال : لم أرك عدلت . قال : فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ! " فقال عمر بن الخطاب : ألا نقتله ؟ فقال : " دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يوجد شئ ثم في القدح فلا يوجد شئ ثم في الفوق فلا يوجد شئ سبق الفرث والدم " .
وقال الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبى الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال : أتى رجل بالجعرانة النبي صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين وفى ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطى الناس ، فقال : يا محمد اعدل ، قال " ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل " فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق ؟ فقال : " معاذ الله أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابي ، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية " . ورواه مسلم عن محمد بن رمح ، عن الليث .
وقال أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا قرة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مغانم حنين إذ قام إليه رجل فقال : اعدل . فقال : " لقد شقيت إذا لم أعدل " . ورواه البخاري عن مسلم بن إبراهيم عن قرة بن خالد السدوسى به .
وفى الصحيحين من حديث الزهري ، عن أبى سلمة ، عن أبى سعيد قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة رجل من بنى تميم فقال : يا رسول الله اعدل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويلك ومن يعدل إن لم أعدل لقد خبت وخسرت ، إذا لم أعدل فمن يعدل ؟ " فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله إيذن لى فيه فأضرب عنقه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شئ ثم إلى رصافه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى نضيه - وهو قدحه - فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شئ ، قد سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدى المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس " . قال أبو سعيد : فأشهد أنى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشهد أن على بن أبى طالب قاتلهم وأنا معه ، وأمر بذلك الرجل فالتمس ، فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى نعت . ورواه مسلم أيضا من حديث القاسم بن الفضل عن أبى نضرة ، عن أبى سعيد به نحوه .
ختام:
فسلام الله عليك يا سيد العدل ما احلمك في امتك ,واي امن واطمئنان اشعت في امتك وآه على بقية هؤلاء المعاندين اليوم اذ يعيثون فسادا واضلالا عن نهجك السوي المرضي .
ومن هنا اعود الى اللغة لاختم ونحن في ندوة للوحدة الاسلامية ربطا بين العدل والوحدة
ان العرب كانت تقول : كل مثقف معتدل و قالت العدل : الطريق . ويقال : الطريق يعدل إلى مكان كذا ، فإذا قالوا ينعدل في مكان كذا أرادوا الاعوجاج . وفي حديث عمر : " الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني ، كما يعدل السهم في الثقاف .
وقالوا: العنيد هو الجائر عن القصد الباغي الذي يرد الحق مع العلم به ، يقال عند يعند بالكسر عنودا : أي خالف ورد الحق وهو يعرفه ، فهو عنيد وعاند .
والعنيد والعنود والمعاند واحد ، وهو المعارض لك بالخلاف عليك . ومنه الخبر ( سترون من بعدي ملكا عضوضا وملكا عنودا ) أي عنيدا .
وعند عن الطريق يعند - بالضم - : عدل عنه . والعنود بالضم : الجور والميل .
اللهم خذ بايدينا في صراطك المستقيم ولا تجعلنا من المنعدلين المعوجين ولا من المعاندين الضالين فانك قلت وقولك الحق: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {الأنعام/153} .وقلت وقولك الصدق:
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {الأنعام/159}.
اللهم احينا على سبيل رسول الله التي خطها بيمينه وامتنا على تعهدها برحمتك يا ارحم الراحمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ علي حسن خازم
امين سر مجلس الامناء في تجمع العلماء المسلمين في لبنان