الثلاثاء، يونيو 22، 2010

تعقيبا على مقالة جهاد الزين التوجهات الدينية الثلاثة لدعم " الدولة غير الدينية "[المقدمة و القسم الأول]


تعقيبا على مقالة جهاد الزين التوجهات الدينية الثلاثة لدعم " الدولة غير الدينية "[1]
" انها المرحلة التالية بدون لبس:
مرحلة دور أو أدوار التيارات المتدينة في عملية إعادة ما لفصل الدين عن الدولة.
"الدينيون الجدد" هم الذين يستطيعون في ظل الاكتساح الاصولي اعادة الاعتبار لفكرة الدولة غير الدينية.
هذا ليس زمن غير الدينيين في صناعة العلمانية الجديدة. هذا زمن الدينيين في اعادة "علمنة" الحياة السياسية. ومفاهيمها"
هكذا يختم الأستاذ جهاد الزين مقالته قبل سطرها الأخير, والتي فسَّرت لي- محليا - الإصرار والإلحاح الذي يمارسه بعض "الدينيين الشيعة" - خصوصا وغيرهم أيضا - على تناول نظرية ولاية الفقيه وكأنها مطروحة كبديل للنظام اللبناني , حيث أجهدني البحث عن فذلكة شخصية تدفع أحدهم ليدور على قواعد بعض القوى السياسية اللبنانية غير المسلمة أصلا, شارحا ومفندا ورافضا , أو لتقوم مجموعة منهم بزيارات إلى الولايات المتحدة والمشاركة في دورات بحثية يعودون بعدها لإقناعنا أنهم كانوا بصدد تقديم محاضرات في دورات عن التعايش والحرية والديمقراطية تبين للأميركيين ما ينبغي عليهم فهمه للتعامل مع الساحة اللبنانية .
والبحث عن فذلكة شخصية لباحث ما في قضية معيَّنة له مبرراته العلمية: فهي كما تعلَّمنا من أساتذتنا في دراسة منهجية البحث العلمي جزء أساسي على الباحث أن يقدمه في مخطط البحث لإقناع الأستاذ المشرف بالرضى بموضوع البحث العلمي الذي اختاره الباحث , من جهة ولإقناع المتلقي للبحث بأهمية الإطِّلاع عليه من جهة أخرى , وانا في القسم الأخير كنت لا أجد ما يقنعني بأهمية ما يقومون به .
الآن صار عندي - برأيي على الأقل - فذلكة غير سياسية استهلاكية تثير رغبتي بمتابعة ما يقوله هؤلاء الدينيون الشيعة في الموضوع الذي ذكرت.
وقد أرسلت للأستاذ جهاد الزين على بريده الإلكتروني في يومها تعقيباً أوليا ً على مقالته ووعدته بإستكماله إذا تم نشره وبانتظارإشارة منه أتريث قليلا قبل نشره في غير النهار. :
الأستاذ جهاد الزين المحترم
تستحق مقالتك مناقشة تفصيلية ومطوَّلة فأرجو أن يتسع صدركما انت والنهار لهذه المناقشة التي ستسير مع تقسيمك لها :
أولاً في الشخصيات :
عدم " وضوح المشهد على كونه حقيقيا وفاعلا " كان يقتضي منك التروي قبل إقحام " السيد علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى " في ثلاثية قلت عنها في مقدمة مقالك إنَّها "يمكن اعتبارها الآن، بل جعلها، قوة دفع فكرية وبالتالي سياسية، لبلورة شخصية "الدولة غير الدينية"
والفرق كبير يا أستاذ جهاد بين "الإعتبار" و"الجعل" في علم السياسة كما في علم أصول الفقه كما تعرف , وهذا الفرق هو السبب الأول الذي دفعني للرد على مقالتك لإنني لاحظت في تعبيرك السابق دعوتك لتوظيف سياسي لموقع آية الله العظمى السيد السيستاني في قالب فكري , ومقالتك تناقش في غرضها الأصلي كما في إستخداماتك الذكية لمعلوماتك المنظمة والموظفة جيدا لخدمة الغرض الأصلي وهو الدعوة إلى "الدولة غير الدينية" .
السبب الثاني المثير للإستغراب هو إنتقاء شخصية دينية سنية مثيرة للجدل في دولة تركيا وخارجها "دوناً عن" – كما يقول إخواننا المصريون - من يمكن إستخدامه في مشروعك الفكري السياسي كشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عضو الحزب الحاكم في دولة مصر التي تعترف ب "دولة إسرائيل" دون أن يكون الشيخ الطيب متورطا في إعطاء شرعية " إسلامية " لهذا الكيان كما يلتزم "الإمام فتح الله غولن" حسبما يسميه أتباعه وليس "الداعية " أو ما يفضله هو "معلم غير سياسي" " an apolitical teacher" فهو إبن المؤسسة الدينية التركية وليس متطفلا عليها .
ومنشأ الإستغراب هذا التوقيت المتقارب - قد يكون غير مقصود - بين مقالتك هذه وبين مقالة الوول ستريت جورنال التي تضمنت مقابلة معه في الرابع من الشهر الحالي حزيران تحت عنوان " إمام تركي معتزل ينتقد أسطول غزة " http://online.wsj.com/article/SB10001424052748704025304575284721280274694.html?mod=googlenews_wsj
والتي جاء فيها على لسانه عن أسطول الحرية رغم وصفه "ما شاهده بالبشع": " فشل المنظمين في السعي إلى اتفاق مع إسرائيل قبل محاولة ايصال المساعدات هو مؤشر على تحدي السلطة ، ولن يؤدي إلى مسائل مثمرة".
والتي يتطابق أكثر ما وصفته به مع نصها الإنكليزي لمحرر المقابلة - ربما صدفة - لكنك لم تلتفت - وأنصحك بقراءتها - خصوصا ما عبَّر به "غراهام فولر " ضابط السي آي أي السابق عن تناقض الولايات المتحدة في الموقف من "غولن" بحيث اضطر هو وثمانية وعشرون أمريكي آخرين إلى توجيه رسائل توصية ودعم لإبقائه في الولايات المتحدة بعدما كان مهددا بالترحيل جرَّاء تُهَم توظيف مالي وسياسي ناشئة عن ميل لدى بعض الجهات لدعم علمانيي تركيا اتباع اتاتورك كما رأى "فولر".
ثم إنَّ الرجل تعهد أمام السلطات الأميركية بعدم القيام بأي نشاط وقال في المقابلة إنه لا يوجه رسائل أو تعليمات بل يجيب على أسئلة غير سياسية فقط.
وإنَّ ما أوردته عنه صار من التاريخ وقد تجاوزه الأتراك اليوم حتى موضوع العلويين يا أستاذ جهاد منذ 2003 أعلن رجب طيب أردوغان أن العلوية ليست دينا والعلويون مسلمون والموضوع هو اليوم أداة سياسية بيد الإتحاد الأوروبي الذي اشترط مؤخرا على تركيا إلغاء خانة الديانة من الهوية التركية لرفع العقوبات التي كانت مقررة وفقا لدعوى لدى الإتحاد الأوروبي - سنصدقها بسذاجة - تقدم بها احد العلويين الأتراك لشطب خانة مسلم عن هويته وإستبدالها ب "علوي" وكانت السلطات التركية رفضت ذلك .
أقول لو التفتَّ إلى هذا الجانب من شخصية المعلم الثالث من ثلاثيتك هل تبقيه فيها او تفتش عن غيره ؟
أو هل تبقي "السيد السيستاني" فيها أم تفتش عن غيره؟
على أنَّ لي ثانيا وثالثا ورابعا في الشأن الإسلامي التركي وفي العلمانية الأميركية "الإيجابية" وفي البابا بنيدكتوس كلاما مفصَّلا في مقام آخر إن نشرتم هذا , مع خالص إحترامي . الشيخ علي حسن خازم - بيروت.



[1] - : التوجهات الدينية الثلاثة لدعم " الدولة غير الدينية ", النهار الجمعة 18 حزيران 2010 - , السنة 77 - العدد 24077

ليست هناك تعليقات:

ألبوم الصور